رواية قصر الاحلام

رواية قصر الاحلام

0 المراجعات

الملخص

 

أمضت عمرها ضعيفة الشخصية قليلة النضوج لا صديق ولا صديقة لها من سنها فلها جسد طفلة وشخصيتها ..لكن "جيمت ماك كاي " كبرت في غفلة من الزمن دون ان ينتبه لهذا سيد القصر الكونت " راؤول كونسويك تيمبيرا " السيد الارستقراطي الذي اخذها الى قصره لتكون رفيقة لعب لابنة اخيه الصغيرة وحين انتبه لهذا التطور كانت هلين الفاتنه وصديقة جيما التى تكرهها منذ الصغر قد استولت على لبه فالي اين ستصل كرهية هلين لها واى دور لراؤول في مايجري؟ .

 

كنز الشاطئ المهجور

خاتم الزواج كان طوقا عريضا من البلاتينيوم الى جانبه خاتم الخطبة القديم جدا والجميل جدا دائرة من اللآلئ البراقة تشبه الدموع المتجمدة نقي ثمين ليس فيه شائبة مثله مثل كل عروس كان لها شرف ان تنتقي كعروس للكونت ليندرو تيمبيرا عبر القرون انه خاتم الطهارة والعفة يتطلب ممن تضعه في اصبعها نفس الطهارة والعفة ولو ان اى من رجال العائلة منح شرف لمن لا تستحقه فانتقام التنين سيتصاعد كل شيئ او لا شيئ هذا هو شعار عائلة تيمبيرا صلب لا يلين ولا يتنازل مثل الرجال الذين يحملون الاسم.

"اتمانعين " صوت رجالي أجش عميق اعاد الفتاه الى حاضرها يطلب اذنا باشعال سيكارة رفيع أسود طويل للحظات عكست عيناها التحفظ تردد بديهي امام التعامل مع الغرباء ثم احمرت وجنتاها وهى ترد على زوجها الذي تزوجته منذ ساعة "اوه طبعا ارجوك افعل ما تشاء"!

الصالون الرئيس للكاستيل كان يضج بالضيوف كلهم بثياب فاخرة النساء السود العيون القاتمات الشعر كن يتهامسن سرا وراء أيديهن التى تزينها الحلي الفاخرة وأزواجهن الأقل فضولا منهن بكثير كانوا يحاولوان عبثا كبح جماح زوجاتهم الثرثارات.

وضع راؤول يده تحت مرفقها قائلا “ أظن حان الوقت للاختلاط بالضيوف”

وبدأ يقودها نحو اقرب مجموعة من الضيوف لساعة كاملة تحملت كرب تقدبم الموجودين وتلقي أطيب التمنيات لكن كل هذا لم يخدعها فللكلمات المنمقة وقع فارغ والابتسامات التى رافقتها كانت باردة انها دخيلة كلهم يعرف هذا كيف لا تكون وراؤول كويسويك فيرديناند كونت لبثروتيمبيرا كان يصرح في أكثر من مناسبة عن كرهه للنساء ..خاصة الأمريكيات ؟

تحركت تحت قيادته تحو صفوف من أحست انهم أعداء لها تحت قماش فستانها الناعم الرقيق كان قلبها يخفق خوفا لكن وجهها كان يعكس نوعية من الصفاء والسكون مكنت الكونت من الاسترخاء وتخفيف حدة قبضته عليها.

بعد قليل حان وقت الذهاب الى قاعة الطعام حيث طاولات ضخمة طويلة مغطاه بقماش حريري فاخر مليئة بأفخر انواع الكريستال والفضة الأنيقة وتنسيقات تخطف الأفناس من الزهور والورود تنتظر تقديم غذاء الزفاف ، هذا الجزء كان أسهل لها ربما لانها أخذت تتكيف مع ما حولها او لان راؤول كان مسترخي تالاعصاب تماما وقد توقف عن مطالبتها بان تظهر الوقار المتوقع منها وهو طلب كانت ردة فعلها عليه مقهورة في البداية لكن الان في مزاج رقيق فمه يلتوي بخطوط التساهل لقد أرضته اذن لقد انتهى الاسوأ الان وسرعان ما يسمح لها بالعودة الى تفاهة الذكر التى جاءت منه.

لم يكن كل الضيوف متباعدين عنها فالدون دياغو خال راؤول الجالسي الى يمينها ومحط اهتمام النبيبلات اللواتي كانت عيونهن الخبيثة تضيئ ببسمة مفتعلة كلما التقين بعيونها وكانت تقطع القرديس في طبقها دون تركيز حين التفت اليها “ الم يعجبك الانغوستبوي كارا ؟”

سقطت الشوكة من أصابعها المرتجفة فارتفع حواجب الاقرب منها على الفور تحول اهتمام راؤول اليها لكن خاله سارع لاصلاح الخطأ الذي سببه بدون قصد " على فكرة راؤول لماذا لم تحضر كارلا الصغيرة هذه المناسبه الهامة ؟"كنت اتصور انها متشوقه لحضور زفاف عمها مع صديقتها هذا الاتفاق لا بد أسعدها جدا على ما أظن ؟"

سرت همهمة خفيفة بين الحضور فكلمة اتفاق لم تكن أفضل كلمة منتقاه والتواء الشفتين السريع فضح تبرم الدون دياغو وسخطه لكن رد راؤول الموجز جعل الدم يتصاعد الى وجنتي جيما

“ميل كارلا للتصرفات السيئة دفعني مرة اخري لعقابها هذا الصباح لم يكن امامي خيار سوي نفيها الى غرفتها لما تبقي من اليوم ربما تبدأ ان تلاحظ ان التفاسير التى تقدمها مهما كانت عفوية لن تكون عذرا للعصيان ”

كادت جيماتصرخ استلزمها جهد كبير من ارادتها كي لا ترد على الكونت المستبد وتتهمه بالقساوة المتعمدة نحو الطفلة الحساسة المرتبكة التى حرمت منذ مدة قصيرة من الأبوين نعم ابوان كانت غلطتهما الوحيدة خلال سبع سنوات من ابوتهما السعيدة اختيار وصي خاطئ لابنتهما الوحيدة

وكأنما احس بثورتها فالتفت راؤول اليها ثم هز كتفيه دون اكتراث وصرف النظر عن موضوع ابنه اخيه واستدار الىمن كان الى جانبه ليكمل الحديث السخط دفع بالجفاف الى حلق جيما لتجد ازدراء الطعام صعبا فالطفلة كانت مغتبطة بجنون حول توقعها اخذ دور لها في مراسم الزفاف ولايام لم تتكلم الا عن واجباتها التى ستقوم بها.

بعد الغذاء اخذ الضيوف بالانصراف تدريجيا وكان راؤول يقول مبتسما وهو يشكرهم لحضورهم “ أجلنا شهر العسل بسبب ضغط العمل دون شك سنحدد موعدا لا حقا هذه السنة”

دون دياغو كان اخر المودعين سيارته الفاخرة والسائق كانا بالانتظار امام الباب لكنه تردد حين سمع راؤول يهمس لعروسه بتهذيب رسمي “ للساعات القادمة سأكون في المكتبه لانهي بعض الأعمال ارجو ان تتأكدي من ان لا يزعجني احد”

ردهاالبارد دفع دياغو لرفع حاجبيه حين سمع وقع اقدام ابن اخته تتراجع الى الداخل عاد الى ردهة القصر حيث لا زالت جيما تقف حيث تركها عريسها طيف نحيل مستوحش رأسه محني تتساقط عليه أشعة الشمس المتسللة من النوافذ لتشكل هالة حول شعرها الكستنائي في ثوبها الابيض النقي كانت تذكره براهبة تتحضر لتقديم التضحية على مذبح الواجب.

 

تقدم نحوها " يا ابنتي ايمكن ان نتمشي قليلا في الحديقة ؟" ردت متلعثمة تكاد تبتسم “ سأحب هذا كثيرا دون دياغو”

سارا عبر الحديقة نحو مؤخرة القصر يمران بمساكب الورود التى تستحم في أشعة الشمس ثم الى المروج المقصوصة العشب الي ان وصلا الى أرض أقل رعاية وأقل خضر حيث توقفا عند حافة جرف صخري يطل على مجموعة صخور شديدة النتوؤ تصل الى خليج صغير حيث الرمال الذهبية ترتمي تحت أقدام أمواج البحر وكأنه عباءة حورية البحر باتفاق غير ملفوظ جلسا معا علىمقعد وضع بكل عناية منذ سنوات طويلة على يد محب لما يحيط به من جمال والتفتت الى الخلف من على كومة الضخور التى تشكلت منها حجارة القصر فلاحق الدون ياغو نظرتها ومد يده ملوحا " قصر التنين كما اعتقد هو طراز انجليزي أصيل "الم تخافي قليلا عزيزتي من انضمامك بالزواج من رجل كان يشير اليه أعداءه باسم " الحاكم المتوحش “ ”

كان متحضرا لرد ضاحك لكن حين تلاشي اللون من وجنتيها وانخفضت رموشها متاخرة لكشف الخوف تحتها اخذ يتمتم حانقا وحاول التخفيف من هول كلماته " اختي الراحله والدة راؤول كانت تتلقي مني المزاح المزعج دائما في الهذا الامر كنا دائماأشك ان رجال عائلة تيمبيرا يتمتعون بسمعة اسمهم وطبعا كانت وسامتهم السمراء اضافة الى ميلهم المورث الى العاطفةالكئيبة لم تبعدهم كثيرا عن هذه الصورة طوال قرون بقيت نساؤهم وفيات ومحبات ولم يسجل في تاريخهم زواج محطم او تعس واحد هذا ما يؤكد لي افتراضا خاصا بان هؤلاء النسوة كانت لهم الحظوة في مشاهدة زاوية مخبئة من رجال العائلة لم تكن معروفة سوي للقليل من الناس وهذا ما برهنته لي شقيقتي مرة حين دافعت عن زوجها بعناد ظاهر ففي مرة خلا لموجة سخط أشرت اليه باسم الوحش لاتلقي صدا منها “ اللوم عليك لانك اثرت غضبه فالعظيم لا يروض بالقوة بل بالمداهنة فقط ومن يتقبل هذا الواقع وحده سينال شرف سماع هرير الدراغون”

ابتسمت جيما فالصورة التى رسمها لهرير راؤول كانت حلما خاليا بعيد جدا عن ان ينظر اليه بجدية “ لا بد ان شقيقتك كانت غارقة في حبه عزيزي لذلك من الممكن فهم سبب نظرتها المثالية لزوجها”

تبع كلماتها صمت حزين واعتبره الاثنان اعترافا بالحقيقة وهو دون دياغو كتفيه بقلق كبير ازداد عمقا حين شاهد دمعتين كبيرتين عالقتان في رموشها

“انا كبير جدا في السن لأشعر بالفضول لكن اذا كان الكلام يساعدك فانا مستعد للاصغاء”

لدقائق قليلة غير واثقة نظرت اليه حين لم يحرك نظره عنها همست “ لقد ارتكبت غلطة فادحة دون دياغو لكن لاجل كارالا يجب ان استمر فيها حتى النهاية”

قال لها بلطف “ ابداء منذ البداية”

في البداية تلعثمت تفتش عن الكلمات ثم بعينين مثلتين على الأفق المحدب للبحر بدأت تكشف عن سلسلة من الاحداث قادتها الى حالتها الحاضرة

“ابتدأ كل شيئ من نيويورك كنت اعمل هناك في مكتب محاماه في مواجهة مكتب سفريات عالمية كانت نوافذه دائما براقة بملصقات تظهر الشواطئ الذهبية والسماء الزرقاء والناس السعداء وتلك الملصقات هى التى جعلتني أقرر لقد عشت معظم حياتي مع جدتي والداي ماتا حين كنت صعيرة وهى من رباني الى ان ماتت منذ ستة اشهر فطباعة الوصيا والعقود يوما بعد يوم ممله حتى الموت ولكي أغير الجو قليلا كنت أذهب الى وكالة السفر لاتفرج وأحسد الزبائن الذين يجدون صعوبة في انتقاء مكان سفرهم فهذه صعوبة لم اواجهها مطلقا منذ البداية كانت جزيرة لانزاروت مثالي الاعلي للسياحة ومع انني لم اكت اتصور يوما انني قد اتحمل مصاريف زيارة لها الا انني كنت امضي ساعات اختار المنتجع والفندق الذي أفضل ..ثم .. عرفت بالمال الذي تركته لي جدتي مبلغ بسيط حسب مقايسكم لكنه كان يكفي لاحول الحلم الى حقيقة”

“ أرجوا ان لا تكون جزيرتنا خيبت أملك ؟ ”

“لا ليس الجزيرة التى خيبت املي لكن بعض الرجال في الفندق الذي نزلت فيه”

هز رأسه متفهما “ طبعا وماذا كنت تتوقعين ؟ فتاه صغيرة لوحدها في جزيرة للرومانسية اى رجل يمكنه مقاومة هذا الاغراء ؟”

“كنت اختبئ منهم لك تكن لي خبرة مع الرجال ما عدا رب عملي العجوز وهكذا كل يوم بعد الافطار اركب الباص الى مونتاناس دل فيغو لافتش عن فسحة من شاطئ استطيع ان أمضي النهار فيه لوحدي”

“اه هذا يفسر خيال كارلا في ايجاد كنز على الشاطئ ، انت اذن منك ان يمضي الساعات تلعبين مع الصغيرة انت من أضاء ايامها لدرجة دفعتها لان تستعجل فطارها كي تصل الى الشاطئ بينما كانت من قبل تجبر على مرافقة احد الخدم”

لم اكن اعرف ان الشاطئ خاص في البداية بدا لي مهجورا و "

"آمنا

"ربما " وتنهدت كأنها تقرأ مايفكر فيه وتعطيه الرد “ في يوم اكتشف الكونت سرنا كان في طريقة ليسبح حين سمع ضحكنا في البداية ظننته غاضبا ليجد ابنة اخيه تلعب مع غريبة متطفلة على املاكه لكن بعد عدة اسئلة حادة سمح لي بالبقاء بعد ايام طلب من كارلا ان تدعوني الى القصر للغذاء في نفس اليوم عرض علي عملا قال انني سأحصل على منزل جميل فخامة في العيش وأمالن مدي الحياه مقابل مرافقتي لكارلا اضافة الى زواج مصلحة يتم عقده لغرض واحد هو ابعاد الشبهة ومنع اقاويل الجيران ”

“ زفر الدون دياغو أنفاسه بغضب عبر اسنانه يا لهي لا يمكنني ان اصدق حتى ان راؤول قادر على اظهار قلة الاحساس هذه”

حين اجفلت ازداد قلقه كانت لا تزال طفلة ومجر التفكير بان ترتبط مدي الحياه بوعد لن يتحقق اثاره وأغضبه

" ولماذا قبلت مثل هذا الاقتراح بحق الله ؟ لماذا لم ترفضي العرض البارد بكلمات تترك راؤول دون شك من القرف الذي لابد أحسست به ؟

احمرت وجنتاها وهى ترد " كنت وحيدة وكارلا تحتاجني وانا اعرف جيدا معني التشوق للحب والتفهم ثم اضافة الى هذا ......وتلاشي صوتها الى همس وكأنها تحس بالخجل بان تعترف بعوزها للاستقلالية في حياتها

“الصمت قد يصيب امراة مستوحشة بالصم الكامل ”

 

 

                                                      الفصل الثاني: 

 

وخز الضمير

دخلت جيما الحمام لتستحم الماء بارد ولذيذ أنعشها أبعد الاكتئاب الذي احنا كتفيها فاستعادت ببطء روحها المعنوية قد لا تكون الامور بهذا السوء لقد وعدها راؤول بالامان والفخامة في الحياة ابعد بكثير من اى شيئ عرفته وحتىالان وعوده باقية بالامس استدعيت الى مكتبته وفي حضور محاميه راقبته يسجل توقيعه على تسوية الزواج الكريمة بيما يكفي لتؤمن له الامان المالي لما تبقي من حياتها ، عادت الى غرفة النوم لتجلس على كرسي طاولة الزينة تحدق مفكرة بصورتها ف يالمراة كم انه حصته من هذا الاتفاق قليلة ثروته كان يمكن ان تشتري له مضيفة لها وزنها وثقتها بنفسها محدثة لبقة محنكة لا عيب في وججها او جسدها وتذكرت الاسم المستعار الذي كان رفاقها في المدرسة يطلقونه عليها فاحمرت عيناها وتولاها الجهوم جيما مام كاي السمراء كان الاسم المزاجي المزعج يصدمها دائما عينان بنيتان تتحولان الى الذهبيتان فقط حين تلمعان بالسعادة او يصيبهما النور شعر بني مرشح هنا و هناك بالاحمر والكستنائي وسخرت من نفسها مضيفة وشخصية بنية قاتمة كذلك وعادية جدا لدرجة الملل ! في ظرف دقائق كانت قد ارتدت فستانا قطنيا دون اكمام اخضر اللون كالبراعم الخضراء وخرجت الىالممر نحو غرفة كارلا وترددت خارج الباب كارلا مثلها لا تحب قيلولة بعد الظهر لكن الصغيرة كانت تبكي ولابد ان تكون مرهقة ولا ترغب جيما في ان تزعجها لو انها نائمة بالكاد كانت تتنفس وهى تخطو ببطء الى الداخل لكن الاحساس اعطي انذار لكارال انها لم تعد لوحدها فسألت “ من هنا ؟ ”

“ لا يمكن ان تحزري ؟ ”

"جيما ..جيما ..! " ورفعت ذراعيها في اندفاع للسعي وراء الراحة فضمتها جيما بين ذراعين محبوبتين “ اوه يا للطفلةالمسكينة لا تبكي حبيبتي انا الان معك وسأبقي دائما او الى اى وقت احتجتني فيه”

“ اذن سيكون هذا للابد عديني جيما عديني ! ”

ضحكت جيما “ اعدك اجل اعدك اكثر ماتحتاجينه الان هو الاغتسال هيا اخرجي من الفراش وبينما تقررين اى فستان سترتدين سأفتح لك ماء الدوش بسرعة لا وقت كثير قبل العشاء”

للساعة التالية أمضتا وقتهما على الشاطئ تبنيان القصور من الرمال تتمتعان بريح ساخنة يدهونها اهل الجزيرة أنفاس الدراغون ثم لعبتا بالوثب فوق فسحة ناعمة من الشاطئ وكانت كارلا نشيطة سعيدة حين عادتا الى القصر لكن كارلا تعثرت حينما وصلت الى الردهة ووقعت الكرة التى كانت تحملها على الارض ضحكها الحاد وهى تلاحق الكرة كانت كافية لتصل أذني كل من في المنزل ولابد انها اخترقت الببا الضخم الخشبي المحفور المغللق على غرفة مكتب راؤول فقد انفتح الباب بيد نافذة الصبر وقال مقطبا “ كارال لماذا لست في غرفتك ؟”

.

وقفت الصغيرة دون حراك لكن ذقنها ارتفع متحديا الططفلةلم تكن طائشة ولكنها ورثت مايكفي من أطباع عمها لترد عليه ردا وقحا اذا اثارها لكن قبل ان ترد تدخلت جيما “ ليس من الجيد لطفلة ان تبقي وحيدة في غرفة خانقة لذلك قررت ”

“ قررت ؟ اتركينا قليلا يا فتاه ”

حين اختفت وقع اقدام كارلا التفت الى جيما " قبل ان يتقدم هذا اليوم أكثر يجب ان نصل الى تفاهم سأراك في مكتبتي قبل نصف ساعة من موعد العشاء كي اعطيك التعليمات عن كيفية تنفيذ أوامري المستقبلية بدقة" أقفل باب بالغرفة وتركها واقفة حاجظة العينين مرتبكة في الردهة الكبيرة التى بدت وكأنها مليئة بضحك صامت

أخذت وقتا طويلا تقرر ماسترتدي للعشاء هذا المساء خيارها كان محدودا فتركة جدتها لم تكن كبيرة ما يكفي لتسمح لشراء اكثر من ثزبين سهرة لكنهما لا زالا جيددان والاثارة في امتلاكهما لا زالت تتمكلكها ثم اختارت الفستان القطني الأخضر بدلا من المخمل البرونزي خطوات الفستان القليلة التفت حول جسدها النحيل تزيد من نحول الخصر وتحدد لها الصدر الصغير كل النتيجة كانت بسيطة من نوعية قديمة تتناسب مع ما يحيط بها ستحتاج الى مزيد من الثياب قال لها راؤول ببرود وكأنه يناقش امرا تغير زي الخدم، جلست على كرسي طاولة الزينة تضع يديها الباردتين على وجهها الساخن تنظر برعب الى ذراعي الساعة يزحفان ببطء وفي الوقت المحدد بدأت تسير الى الطابق الأسفل لتقدم نفسها الى المكتبة.

ارتجفت جيما وهى تدخل الى المكتبة استجابه لامره بالدخول وحياها بصوت بارد حاد كالفولاذ “ يونايس تارديس دقة مواعيدك تسعدني فانا استهجن تفاهة بنات جنسك اللواتي يعانين من وهم ان اهتمام الرجال بهن يزيد اكثر اذا انتظروا طويلا”

ارتفع حاجبه وهى تبتسم لترد “ كطفلة لم يكن يسمح لي بارتكاب اي هفوة تافهة لهذا انت امن من هذه الناحية لن افترض وجود اهتمام حيث اعر انه لا يمكن ان يكون موجودا!”

"لا يمكن ؟ " تنفس سريع أظهر دهشته بالتدريج وهو يراقب حطبة تتفتت في نار المدفئة اعترف “ انت تظلمين نفسك جيما فجمالك واضح لكن من يسعي الى البحث في العمق لن يجد شيئا يثير اهتمامه”

اجفلت للهجة الكياسة في صوته بالنسبة له هى شيء تافه لا يستحق حتى جهد في القاء اطراء لها صب لها كوب عصير بارد وأشار اليها بالجلوس ثم جلس قبالتها وبدأ يتفرس فيها وهى تشرب العصير

“يبدو لي ان لدي طفلتان تسكنان القصر لم اكن ادرك انك ناقصة النضج ومع ذلك ربما ليس هذا بالأمر السيئ حين استخدمتك لتسلية كارلا وابعادها عن طريقي كنت اعي حاجة الطفلة الملحة كانت الرفقة لمن يقارب سنها ومع ذلك لم اكن مستعدا ان ينقلب حال القصر رأسا على عقب على ايد أولاد مزعجين متي تقبلت ان اوامري يجب ان تطاع بالمطلق ستتمكني من الحصول على الاحترام المفروض لشخص كبير من كارلا اكثر مما تحصلين علية من رفيقة لعب”

ردت بصوت ضعيف بارد “ من دواعي السرور اكتشاف ان لك روح مرحة سنيور حتى ولو كانت قاسية ولها نوعية خاصة لا تسر احد سواك قد تكون محقا في التلميح الى ان لي عقل طفلة لكن على الاقل لن تعاني كارلا من النوعية المحنكة للتعذيب الذي سمح لك ان تنتزع من بين يدي طفلة ما كانت تتوق اليه ..على سبيل العقاب على امر في الواقع هو مجرد جنحة صغيرة لا ذكر لها”

احست بقلبها يخفق حين رفع رأسه بحدة والغضب باد من فتاحات انفه المتعجرف “ اتسمين العصيان المتعمد جنحة صغيرة ؟”

كانت مهتاجة لانها انتظرت طويلا موعد الزفاف بالنسبة للطفلة قد يبدو الاسبوع سنة وهى حقا نسيت في غمرة فرحتها انك حرمت عليها ايقاظي باكرا كما انني لم أكن نائمة"

“ هذا يكفي ”

"لماذا لا تحاول التصادق مع كارلا ؟ انها فتاه مسكينة ووحيدة انها تستفقد لابويها اكثر مما تعتقد الا يمكنك ......" صمتت لحظة وقد غصت الكلمات في حنجرتها وأكملت بصوت متهدج “ الا يمكنك اخذ مكان ابيها شقيقك ؟ فعلا اى حال لابد ان تشعر بشيئ من الحب لطفل قبلت ان يكون تحت رعايتك”

ترجع في مقعده الى الخلف حتى انه اختفي في الظل ولم تستطيع قراءة تعابير وجهه ولكن شيئا ما في مظهره حذرها من انها تجاوزت حدودها في الكلام امام الكونت المتحفظ بالرغم من النار المتأججة بدت الغرفة لها باردة فارتجفت ثم أجفلت حين خرق صوته الصمت المعتم " الطفلة موجوده هنا بالاكراه ليس بدافع أحاسيس او عطف لكن لمجرد استرضاء وتهدئة وخز الضمير " تردد قليلا ثم أكمل ببرود “ انا واثق انك ستوافقين على ان هذا اقثل ما استطيع ان أفعله نظرا الى انني كنت مسؤولا عن موت والديها!”

 

 

                                                     الفصل الثالث: 

 

 

تحدي اللؤلؤ

حين تلقت جيما رسالة من الفندق الذي كانت تنزل فيه تخبرها ادارته ان هناك بعض الأشياء المتبقية لها تنتظر من يأخذها وضع دون دياغو نفسه وسيارته تحت تصرفها المنتج الذي كانت تنزل فيه في الاحية الاخري من الجزيرة على بعد ساعتين باليارة من أعلي الجبل الذي يتربع القصر فيه بعزلته كارلا التى رافقتها كانت تثرثر دون توقف الى ان ادخل السائق السيارة في الطريق الخاص المحاطة بأشجار النخيل الموصلة الىالفندق وتوجهت جيما لوحدها لتأخذ أغراضها وكانت على وشك العودة حين سمعت صوتا يناديها " ايتها السمراء البنية جيما “! اهذا حقا انت ؟”

" هيلين تينسون ؟ " اهي حقا زميلة دراستها القديمة ؟

“بلحمها وشحمها انت لم تتغيري ياسمراء بنية اتعرف على وجهك الصغير في اى مكان!”

حاولت جيما التفتيش عن عذر للتهرب من نهر الذكريات الذي يهدد بالتدفق “ يجب ان أسرع يا هلين”

“سأسير معك حتى نهاية الممر لا يجب ان ابتعد عن فناء الفندق فانا اعمل هنا وهذا أول أسبوع لي كرافقة للزوار ولا أجرؤ ان اخذ حريتي الى ان اعرف كيف تجري الامور في الواقع اتوقع ان يقودني هذا الى زوج وسيم وثري لطالما حلمت به”

شهقت جيما “ وهل تتزوجين لاجل المال ؟”

“ طبعا عزيزتي وانت كذلك لو سنحت لك الفرصة ”

“جيما عزيزتي كنت على وشك التفتيش عنك لقد أطلت الغياب اكثر من اللازم”

شهقت هلين حين نزل دياغو من السيارة الفاخرة ليمسك ذراع جيما وسارع السائق يأخذ الحقيبة من يدها وتعال صوت كارلا الطفولي من داخل السيارة “ جيما لقد غبت طويلا لقد افتقدناك”

"لا تبالغي صغيرتي لقد التقيت صديقة دراسة وتحدثا قليلا لن اتركك تنتظري اكثر"" وداعا هلين وارجوا ان تتمتعي بعملك" "

تدخل الدون دياغو بحماس " يا الله اذا كانت هذه كما تقولين صديقة قديمة ضائعة فانا أصر ان تقديمنا لبعضنا كي اتمكن من دعوتها لمشاركتنا الغذاء "!

“اناأسفة سنيور انا اعمل الان حتى الثامنة مساءا لكنني سأكون حرة طوال يوم الغد وسأحب ان اقابلكم في الغد”

"للأسف نحن نادرا مانزور هذاالجزء من الجزيرة ولولا ان الكونت كان مشغولا لم يتمكن من مرافقة زوجته الكونتيسة الى هنا

“ ومن هى الكونتيسة ؟ ليست جيما ...؟”

اخذت كارلا تقفز على المقعد مهتاجة “ سي ..سي اليس هذا مثيرا الزفاف تم منذ أيام في كنيسة خاصة كان يجب ان اكون مرافقة العروس لكن عمي ”

“ هذا يكفي كارلا ”

ضحك دون دياغو “ طالما انكما صديقتان قديمتان ولا بد ان يكون بينكما الكثير تقولانه فهذا ما سأقترحه ..سنذهب الان لكن عند الثامنة سنعود لأخذك معنا الى الكازا حيث تقيمين الليل ثم نعيدك في اليوم التالي في موعد عملك اعرف ان راؤول يحس بالقلق لان ضغط العمل يضطره لترك جيما لوحدها كثيرا وسيكون مسرورا لاستقبال صديقة قديمة لها تسليها في وحدتها ما رأيك جيما أليست فكرة رائعة ؟”

ابتسامة هلين الشريرة كانت تتحدي جيما ان تفسد سعادة دياغو فهزت رأسها موافقة وقال دياغو “ عظيم اديوس سنيوريتا حتى المساء”

“ الف شكر سنيور سأعد الساعات ”

بعد الغذاء أحست كارلا بالنعاس مدير الفندق المتفهم أشفق على الطفلة وأجاب طلب دياغو ليجد لها غرفة هادئة تنام فيها وهكذا كانت جيما لوحدها مع الدون دياغو حين طلبا القهوة وشرباها بصمت لكن جيما اخذت تدير في رأسها الطرق المختلفة لتصيغ السؤال الذي ترغب في طرحه على الدون دياغو اخيرا خرج السؤال فجأة يخلو من اى تصنع حتى ان الرجل المسن أجفل

“ كيف اصبح راؤول مسؤولا عن موت اخيه وزوجته ؟ ”

“ ديوميو ..! يا لهي ماذا تقولين ؟ ”

“قال لي هذا بنفسه قال انه مسؤول وانه يسمح باقامة كارلا معه لان وجودها يهدئ ضميرةالمضطرب اريد معرفة السبب أرجوك راؤول رفض مساعدتهما هذا ما أعرفه أما مالا أعرفه كيف يعتبر نفسه مسؤولا عن حادث موت على بعد أميال من الكازا وفي سيارة سريعة كان يقودها شقيقه الذي تلقي اكثر من انذار حول تهوره في قيادة السيارات لا أفهم كيف يلوم نفسه ؟ ”

لكن ماسمعته جيما من أقسام الأحجية بدأت تنطبق لتشكل شيئا ما ....وقع راؤول في حب انجليزية تركته لتتزوج من أخيه الأصغر رجل مع كرامة عادية كان سيجد هذا صعب الغفران لكن رجلا تتملكه اطباع ال تيمبيرا سيجد الغفران مستحيلا وتوسل الحبيبان الشابان للمساعدة عبثا وحين أكل أعصابهما القلق حدث الخطأ المميت!

واكمل الدون دياغو “ حسنا الا توافقين معي ان راؤول ادان نفسه متسرعا ”

ادركت الان ان كلمات راؤول كان يقصد منها ان تصدمها فهمست “ اجل بالتأكيد اري هذا الان”

من طبيعة الوحش الذي يفتقر الشفقة يفضل السير في طريق وحيد متظاهرا بعدم الاكتراث لأصابع الاتهام في وقت يتظاهر بالصلابة ويلعق سرا جروحه.

طعام العشاء كان يقدم عند العاشرة من كل مساء وكان الوقت يقارب العاشرة حين توقفت السيارة امام الكازا كانت كارلا ناعسة وتمسكت جيما بذريعة التأكد من راحة الفتاه لتهرب من وجود راؤول و من مقابلته مع الضيفة فهى لم تكن تشارك دياغو تفائله الذي أرادها أن تصدقه بان اى صديقة لها ستلاقي الترحيب

مرت نصف ساعة أحست بعدها انها مستعدة للانظمام الى الموجودين بالطابق الأسفل لتجد الباب مفتوحا قيد أنملة وأصوات الضحك تتعالي من الداخل دفعت الباب في الوقت المناسب لتسمع هيلين تقول “ بالطبع كنا مرعوبين ونحن صغار لكن دون خبث في مزاحنا اؤكد لك كنا جميعا نحبها سميناها السنجاب ، الفأرة ، قفة العظام كلها كانت تجارب لكن لم يناسبها شيء الا حين فكرنا باسم السمراء البنية وهذا ماكانت بالنسبة لنا حتى يومنا هذا”

الم قديم مؤلوف تحرك داخل نفس جيما ذلك الالم الذي أحست فيه يوما تلك الفتاة التى كانت بطيئة النمو العالقة وسط رفاق تمتليء نفوسهم بشرور المراهقة اما متعصبين جدا واما لا يهمهم ان يحسوا بالشفقة على صديقة كانت رفيقتها الوحيدة خارج المدرسة امراة عجوز لها دماغ مبرمج على عادات قرن منصرم ضحكت هلين ادارت السكين في جرح بقي قابعا لسنوات مع ذكري ايام أمضتها تتوسل جدتها لتحصل على جوارب النايلون بدلا من الجوارب البيضاء حتى الركبة.

كان دياغو اول من لاحظ وقوفها بالباب والعذاب يبدو على وجهها الصغير المرتفع الى اعلي مما دفعه الى مقابلتها بسرعة وتساءل في نفسه عما اذ كانت هلين يوما صديقة لهذه الفتاة التى تبدو أخلاقها ومظهرها عكسها تماما " اه برينساسا دولوس اوجوس دواورو ! كلماته كانت لطيفة رقيقة لكن بوجود هلين المذهلة الجمال بدا وصفه لها بأميرته ذات العينين الذهبيتين وصفا عتيق الزي لكن بسمته كانت تشجعها لتتقدم

قالت هلين بسرور واضح بما يحيط بها وبمضيفها “ حبيبتي كنا نتحدث عنك غريب انك لم تخبري زوجك الوسيم الكثير عن نفسك انه لا يعرف شيئا عن ماضيك!”

لدهشتها سارع راؤول لنجدتها كادت تجفل الى الوراء حين التفت ذراعه حول خصرها ثم أمسك ذقنها بيده وضحك بنعومة امام وجهها المجفل “ أرفض ان أصدق ان من كان له اسم السمراء البنية يمكن ان يكون لها ماضي!”

بدا على هلين الغيرة من مظاهر البراءة على جيما “ لا أوافق معك فلدينا قول مأثور في بلدنا المياه الهادئة تكون عميقة عادة ويجب ان تعترف سنيور ان زوجتك حتى الان لم تخالط دوائر تسمح لها بان تواجه اى اغراء فاحذر ! يوم ما ستجد نفسك تواجه ثورة!”

طوال فترة العشاء حافظت هلين على اهتمام راؤول بها وأحست جيما بحريق الاذلال وهو يتجاهلها ويهتم بهلين لكنها أحست بالراحة حين خرج راؤول مع هلين يتمشيان في الحديقة وتركاها لوحدها مع دياغو الذي قال اخيرا " من حسن الحظ ان جزء كبير من الحدائق يغمره النور فانا لا أثق في تلك المرأة مع اى رجل تحت الستين وفوق السادسة عشر “عزيزي تبدو عليك الغيرة”

ابتسم بحياء “ ربما أحسست بالتعلق بها في البداية وانا السخيف العجوز لكنني لم اعد هكذا جيما اؤكد لك فتحت ذلك البرود الجميل برود اكبر من النوع المتجمد انها تفتقد لصدقك الدافئ وقلبك الحنون”

سمعا صوت هلين وهى تقترب مع راؤول الى الصالون طبقته الحادة كانت تلامس خيطا من الاثارة

“أرجوك راؤول سيكون هذا شرف لي منذ سنوات يحاول منظمو رحلات السياحة أخذ الاذن بزيارة مصنعك فاذا استطعت ان أكون الاولي في المعدل على هذا التنازل فسيعني هذا لي الكثير في عملي ضمن المؤسسةاضافة الى علاوة كبيرة في المرتب”

أجفلت جيما لسماع اسم زوجها الاول يخرج بسهولة من فم هلين وبشكل الي نظرت الىوجنه حال دخولهما كان فمه متسامحا مثل كلماته حين رد “ لن أزعج عمالي بقطعان من السياح”

“لكن ليس بالضرورة ازعاجهم مجموعتنا دائما تتصرف جيدا والرحلات منظمة كي لا يخرج بها سوي من له اهتمام خاص بصناعة اللآلئ ارجوك راؤول الن تعدني على الأقل بدراسة طلبي قل الحكم عليه ؟”

هز رأسه فأحست جيما بموجه غيرة تقبض خناقها كان مرحا مع هلين اكثر مما كانت تصدق انه ممكن وهذا يدل عى انه بالرغم من كراهيته للأجنبيات فهو عرضة لسحر بعضهن

سارع دياغو للتدخل يقول لجيما “ في الغد عزيزتي اذا سمح راؤول سأخذك في جولة على المصنع وأعدك ان تجدي الرحلة ممتعة هل سمعت عن منتجاتنا عزيزتي جيما ؟”

“ لا ”

شهقت هلين وقالت ساخرة “ لا ؟ لكن الجميع يعرف صناعة الآلئ في هذه الجزيرة الاحجار لا يمكن تميزها عن الحقيقة الا بعين خبير حتى الخبراء كانوا يختلفون في أيها الحقيقة وأيها الصناعية”

نظر راؤول الى جيما مبتسما “ بدأت التجارب مع أول كونت في العائلة بالنسبة له كانت ندرة الآلئ تحديا والجاذبية التى لها بالنسبة للنساء جعلته يصمم على صنع لؤلؤ صنع يدوي له جمال يماثل أغلي لؤلؤ العالم لكن بثمن يجعلها في متناول الناس الأقل حظا”

مالت جيما الى الأمام في مقعدها متلهفة لسماع المزيد فاكمل راؤول " استمرت الاختبارات سنوات عديدة لكن الفشل كان يلي الفشل حتى دفعه هذا الى التخلي عن الفكرة بالرغم من ان بعض التجارب كانت جيدة الا انه لم يكن يرضي بأقل من الكمال وكان قد أصبح عجوزا حين حقق هدفه وحصل على لؤلؤة كاملةالشكل لا عيب فيها وكانت الأولي في أعداد هائلة تعطي ممتلكيها مصدر سعادة لم يعرفها من قبل سوي الأثرياء " أطبقت أصابعه على يد جيما الصغيرة البيضاء “ لؤلؤة صناعية واحدة فقط كانت ضمن مجموعة تيمبيرا وهى الأكثر قيمة ضمن خاتم العفة حيث وضعت تلك الؤلؤة الأولي المكتملة والتى جاءت معها بالامل ورفض الرجل لليأس أمام مصاعب لا تصدق”

تنفست جيما بجهد فكرة انها تحمل في اصبعها وأسابيع أثمن ممتلكات العائلة اخافتها حتى الموت ماذا لو أضاعتها ؟ الخاتم واسع على اصبعا وأكثر من مرة اضطرت الى شد قبضتها عليه لمنعه من الوقوع لكن سرعان مانسيت جيما كل هذا حين عادت هيلين الى محاولة اقناع راؤول وقالت تتوسل “ الا يمكنك ان تفكر بالأمر راؤول ؟”

“حسنا لأجل زوجتي التى تعتز بصداقتك سأسمح لسواحك ان يزوروا مصنعي”

"اوه شكرا لك " قفزت راكضة نحوه فقاطعها

“ لمرة واحدة فقط واذا نجحت التجربة ربما سأسمح بتكرارها ”

صاحت تبدو على استعداد لان تلف ذراعيها حول عنقه وهو يقف في مواجهتها “ اعدك ان تكون ناجحة ”

لكن شيئا في عينيه المتعجرفيتين وفمه المشدود الذي بالكاد كان يبتسم منعها من التهور على الأقل في الوقت الحاضر

تصاعدت غصة في حلق جيما بعد ان ادركت الخطر وراء انتصار هيلين مرة اخري كانت تستعد لسلب غنيمة لكن مايهمها ماتخسره مع راؤول كل همها ان لا تخسر محبة دون دياغو والصغيرة كارلا ، وقفت بسرعة حتى ان كوب العصير في يدها اهتز وانقلب ليسكب محتوياته من سائل احمر على تنورة فستانها فارتفت يدها الى حنجرتها مرتعبة شاهدت السائل يتغلغل ببطء وكأنه يسري سريان السم وتقدم راؤول نحوها لكنها تراجعت الرعب ف يوجهها ظاهر حتى انه شهق وبقي مكانه ويده تمسك منديلا انزله ببطء الى جانبه ورن جرس انذار قوي في رأسها يحذرها ان تتصرف هكذا لصالح هيلين لكن الرسالة كانت متأخرة بصرخة سخط مكتومة ركضت الى غرفتها وبيدين مرتجفتين مزقت الثوب الذي أصبح الان يمثل لها رمز انتصار هلين عن جسدها ثم رمت بنفسها فوق السرير وتركت لنحيبها ان يهز جسدها النحيل بؤسها كان غامرا حتى انها لم تسمع الطرق على الباب بل سمعت صوتا قلقا بشكل غريب وعرفت انها لم تعد لوحدها

" "انه فستان جميل دون شك لكن بالامكان الحصول علي غيره

استدارت جيما دموعها تنهمر على خدها ورفرفت لتزيل الغشاوة عن عينيها كان ينحني فوق السرير فجلست غير قادرة على ايقاف شهقة نحيب اخيرة وجذبت الغطاء العاجي اللون للسرير فوقها لتغطي كتفيها العارين دهشته من احساسها بضرورة هذااعمل سبب لها احمرار اضافيا فضح اذلالها وتابع بهدوء “ كما قلت لك لقد وعدت بزيادة عدد ثيابك لذلك خسارة فستان واحد لا يجب ان تسبب لك لك هذا الالم سأعوض لك عنه في اقرب وقت ممكن”

ردت ساخطة “ كجزء من مرتبي كما اعتقد ؟ دفعه يمليها عليك ضميرك للتعويض عن الاذلال الذي سببته لي بعنايتك بامرةاخري ؟”

اخذت فتحات انفه تتسع انها تبدو كزوجة تغار غضب التنين يتصاعد وقف متوترا عيناه تقذفان الشرر شفتاه بالكاد يتحركان حين صبت كلماته النار عليها “انت تنسين ان مركزك في هذا القصر هو مركز موظفة لكنه مركز مميز بطريقةما مع ذلك وضعك هو سيبقي وضع خادمة”

لو انه ضربها لما تالمت هكذا العنف الجسدي ماكان سيسبب لها هذاالالم في قلبها الذي احست به ينعصر حتى تكاد الحياة تتركه شهقت جيما للألم ثم لاثارتها التى تحتملها تجرأت على الرد “ هذا شيئ لا يمكن ان انساه ابدا لكن هل لي أن أذكرك سنيور ان حتى للخدم بعض الامتيازات المعينة وأنا لا اذكر انني دعوتك لتشاركني خلوتي في غرفة نومي”

 

         

                                                    الفصل الرابع: 

 

 

جذور البداية

الزيارة لمعمل الؤلؤ لم تكن زيارة تنتسي تمت بجو مرضي لهلين محير لدياغو غير مكترث لكارلا واختبأت جيما بين كارلا ودياغو ولم تظطر لادعاء الاهتمام بمراحل التصنيع الاولي بل ركزت على الاهتمام ببعض التفاصيل الدقيقة التى ساعدتها على التغاظي عن النظرات الثلجية التى كانت تقول لها مدي سخط الكونت من مهاجمتها له .أحست جيما بالذهول امام مراحل التصنيع الاخيرة والقبضة للود الذي أظهره العاملون والعاملات حتى ان دياغو علق ضاحكا على تبادلها ما تعرفه من اسبانية معهم “ الأسبانيولية في دمها اليس كذلك راؤول ؟”

تشدقت هلين تظهر الغيرة " انا كذلك اجد سهولة في فهم الأسبانية لكن في وقت أفضل انا منه الاختلاط بالطبقة الراقية تجد جيما نفسها اكثر ارتياحا مع عامة الشعب " الرأى هذا قالته بصوت مرتفع ليصل أسماع جيما التى تلاشت السعادة عن وجهها وعادت الى تحفظها وارتباكها ولسبب ما ظهر الانزعاج على راؤول “ هل لنا ان نعود الان الى الكازا ؟ سنترك ما تبقي من الزيارة ليوم اخر”

ارجع كم سترته الى الوراء ينظر الى الساعة “ انا اسف لم اتوقع ان تطول هذه الزيارة هكذا لدي موعد عمل هام في القصر بعد ساعة”

سارعت جيما تقف في صفه علها ترضيه قليلا “ لن أمانع فرأسي يؤلمني وسيأتي معنا دون دياغو فيما بعد لاكمال الزيارة”

غمز دون دياغو لها والمكر يلمع في عينيه “لدي اقتراح أفضل بما ان هيلين والصغيرة متشوقتان لاكمال الزيارة اقترح ان تذهبي مع راؤول بينما نبقي هنا وبهذا لن يخيب امل احد موافقون ؟”

انطلق راؤول بالسيارة من أبواب المصنع بسرعة المتسابق الذي يسعي للوصول الى الهدف وأخذ يطلق زمور سيارته بغضب والحاح في وجه اى سائق يقوده سوء طالعه ان يظهر في طريقه سارا على طريق ساحلية تتصاعد على كتف تلة مليئة بأشجار الصنوبر والى يمينها منظر مذهل للبحر من بعيد ولم يكن هناك اثر للغضب في عينيه حين التفت اليها وتلاقت عيونهما “ انا مدين لك بالاعتذار أرجوك سامحيني لما أظهرته من غضب صامت لا مبرر له”

“لم أكن خائفة أحب السرعة تعطيني احسسا عظيما بالحرية وكأنني الطير كالصقر مثلا يجوب السماء”

رد ببطء يصحح ماقالته “ لا لست كالطير انت كسنجاب يبحث عن مكان يؤسس فيه لنفسه مكانا فوق ارض غريبة وأظن انني الوحش الذي أظهر امام عينيك الجميلتان شبح الخوف والقسوة”

ردت بخجل “ لكني لست خائفة منك راؤول”

ارتفع رأسه بحدة وكبرياء وكأنه أحس انها استشفت منه ضعفا لكن حين تابعت النظر اليه بثبات رافضة ان تخاف ظهرت اول بوادر ذوبان البرود في وجهه على شكل التواء اتسع ليصبح ابتسامة “ اصدقك جيما ربما لو وجدت من الضرور ي ان اوجه غضبي عليك ثانية لن أشعر انني ارهب طفلة”

أفلتت منها ضحكة “ هل حقا جعلتك تشعر بهذا ؟ مسكين راؤول!”

لكن الضحكة ماتت حين مد يده يلامس انحناءة خدها لمسته تلامس بشرتها برقة وكأنها لم تكن مع ذلك فقد تركت اثرا عميقا في قلبها وتابع كلامه

انت طفلة متسامحة قليل من النساء يغضضن النظر عن الاهانات التى اعتذرت عنها أتظني اني لو حاولت ثانية سأحصل منك على الغفران الكامل "

المودة الحميمة التى احاطت بها لم تستطيع تحملها شيء ما في أعماقها قال لها ان هذا لا يمكن ان يدوم هذه اللحظات السحرية من التقاهم الفكري هذا الاحساس الثمين الغالي انه لاول مرة يراها كأمراة وليس كطفلة

“ماذا تريد مني حقا راؤول ؟ كل ما في المرة أنني لا اريد اغضابك لا اريد تجاوز حد أبعد مما ترغب في السماح به قد يساعدني لو تضع لي خطوط دليل كي يتوضح مركزي!”

للحظات بدي غير واثق مما يقول منذ دقائق كان يمكنه ان يوضح على الفور ماهى واجباتها ولكن هناك تغير لا تعرف كنه حدث ومدهش لكليهما وأحست انه يحاول ان يكون منصفا في رده

“اول وهل كان هدفي ينحصر في اراحة نفسي من حمل كارلا لكنني الان الان ادركت كم ان مثل هذا الدور ظالم بالنسبة لك في المستقبل يجب ان تشعري بحرية كاملة في طرح اى اقتراح تظنين انه منصف بالنسبة لتربية كارلا وادارة المنزل سأعطي تعليماتي للخدم ان أوامرك يجب ان تنفذ دون نقاش اما بالنسبة لك ولي ...سيبقي الوضع دون تبديل ماعدا انك بدلا ان تنظري الى كرب عملك احس الان اننا متفاهمان بما يكفي لنكمل الطريق كصديقين”

صديقان ! فجأت بدت لها الكلمة كريهة ! صداقة مع راؤول ! ستكون صداقة فاترة تقربيبا لا وجود لها بالكاد تكون خطوة الامام من مرحلة الخادم والمخدوم لكنها أجبرت نفسها علىاظهار السرور “ هذا رائع لي شكرا لك على تفهمك”

.

خلال ماتبقي من الطريق أخذ تفكيرها يتلاعب لعبة خطيرة في تصور كيف ستكون الحياة لو ان اهتمامه وتساهله نميا على عاطفة أكثر دواما وأكثر مكالبة الحب ! الكلمة قدمت نفسها وكأنها الثلج فوق قلبه االدافئ لكنها واجهت لحظة حقيقية واجهت صدق واقع بقي مدفونا تحت حجج مختلفة لم تقنعها ولا أقنعت الدون دياغو حين حاولت تبرير قبولها لطلب راؤول بالزواج لكن هذا الواقع تحب مواجهته الان احست بالراحة والسعادة لادراكها ان القسم الذي أقسمته في الكنيسة والوعود التى قطعتها لك تكن وليدة اكاذيب بل من حب عميق تحس به اى عروس تجاه عريسها حينا وصلا الى القصر شاهدا سيارة سبور امام الباب فقالت “يبدو ان زائرك وصل راؤول”

“عملنا لن يستغرق كثيرا سأتخلص منه بسرعة ثم اذا لم يكن صداعك يؤلمك قد تنضمين لي للغذاء”

“ طبعا سأفعل سأصعد لأغير ثيابي ”

حبها الذي استيقظ حديثا كان غامرا بحيث لن تندهش لو شاهدت كلمة احبه مرسومة على وجهها سارعت نحو المراة وتنهدت ارتياحا لا شيئ يظهر على وجهها ماعدا الاحمرار ، كان ضيف راؤول على وشك المغادرة حين عادت الى الطابق الارضي وانقطع الحديث بين الرجلين فجأة ليقول الضيف “ يا الهي جيما لقد بحثت عنك المنتجه كله”

“ دايفد ..سيد باستر .... كم رائع ان اراك ثانية ”

لكن راؤول سأل ببرود “ اتعرف زوجتي سنيور ؟”

“ زوجتك ؟”

“ اجل اتعرفان بعضكما ؟”

رفعت رأسها غاضبة من دايفد تكره عجرفة راؤول

“أمضيت وكارلا ساعة ممتعة برفقته حين جرفناالبحر فوق طوافة وجاء بكل لطف لانقاذنا فتعارفنا”

التفت اليه ببرود جليدي “ اناشاكر لك سيد باستير لتخليصك زوجتي من نتيجة عملها الاحمق ربما يمكن التساهل بما حدث نظرا لاختلاف جنسيتنا ولجهلك بعداتنا وارجو ان لا تحس الاهانة لو حذرتك من تكرار ما حدث نساء بلادي لسن معتادات على مخالطة الغرباء ولولا ان زوجتي امريكية المولد لوجدت عملك مهينا لها”

مضامين كلامه واضحة لم تجعل بشرة دايفد البيضاء وكأنها اللحم المحمر بل كان من الواضح كذلك ان جيما بحاجة الى تدقيق في التفككير مامن شك الان ان عرض صداقته قد انسحب ومعه الوعد بان تكون حرة اليد مع كارلا وادارة المنزل زلم تكن تتعرف عى صوتها حين قالت " لماذا لا تبقي معنا يومان ديفيد ؟ بما ان زوجي لا يستطيع توفير وقت يكفي من عمله نبقي انا وكارلا وحيدتين وسيكون من الرائع احياء تعارفنا القصير

"

حتى ديفد المليئ بالثقة بنفسه اجفل وهو يتردد ملأ هدير مخيف تردد في الممرات يهز التماثيل فوق قواعدها ويحرك السلك ويثير رنين الاجراس كل عضلة في جسد جيما أجفلت تصلبت للصوت واتجهت عيناها الواسعتان الى وجه راؤول وكأنها تتوقع ان تري النار تخرج من فتحات انفه وتقدم دايفد نحوها خطوة “ لا تخافي جيما اذا اردتني حقا ان ابقي فسأبقي”

لكن صوته تلاشي امام صوت الرعد المرعب ولم تسمعه مع اخر نظرة يائسة الى وجه راؤول ضمت يديها على اذنيها وركضت لتنجو من وجود ماكانت مقتنعة انه تعبير الغضب وعدم الرضي من الوحش المطلق العنان.

استمرت العاصفة طوال المساء أصوات الرعد كانت تهز أسس القصر وسيوف من البرق تشق الظلام تشكل زوايا غامضة والريح يمزق كل ما يوجد ف يالخارج يتنهد ويتأوه بين الممرات مدينا اعادة قوى مظلمة طال هجوعها الى الحياة كيف تجرأت وتحدت سلطته ؟ انها مجرد موظفة عنده مع ذلك تجرأت على ان تدعو الى منزله رجلا تصادم معه لتوه وبهدد بالتصادم معه بعد.

استلقت هلين تمام فوق أريكة زرقاء كلون عينيها وأخذت تتشدق “ يجب ان اعترف انني شاكرة لهذه العاصفة التى أجبرتني على اطالة زيارتي لن يجرؤ رب عملي مهما كان صارما ان يجبرني على سلوك طريق تسده ”

السيول لاصل الى الفندق ابتسم راؤول “ لكن الا تعلمي انني أمسك بالعوامل الطبيعية بين أصابعي ؟ افرقع باصبعي فأسبب البرق ! احرك يدي فيحدث الرعد”

ضحك عاليا حين اطاع البرق والرعد أمره سخريته أشعلت ذهول جيما أكثر ثم انحني نحوها قاصدا الشر وهمس بصوت كالفحيح " نفخة صغيرة ترفع الريح بقوة وجنون لتدمر كل من يخالف ارادتي " قفزت واقفة تصرخ حين انفتح الباب بقوة مرسلا ريحا باردة فوق وجهها المحترق وصاحت “ توقف عن هذا ؟”

كانت خائفة لدرجة الهستريا ثم انكمشت محرجة حين بدأ الجميع يضحك ويصفق استحسانا لاداءه الدامي الواقعي

وارزت هلين مدي غباءها “ حقا يا سمراء بنية انك ساذجة”

وحده ديفد كان يحس بمدي خوفها وحين اجبرها ضعف ساقاها الى السعي للراحة مد يده ليجذبها الى قربه يخفف من ارتجاف يديها بيديه ووجه نظرو كراهية لراؤول وهو يحاول تهدئتها

" ليس من الجريمة اظهار المشاعر حبيبتي الواقع انه نوع مريح من التغير ليكتشف المرء ماهو مخبأ في أعغماقه دون اخفاء حقيقة مشاعره كما يفعل من هم أدني أخلاقا " كان يتعمد رفع صوته متحديا واكمل “ انت خلاصة نظرتي الى المرأة المثالية أنثوية بالكامل ومحبوبة جدا ”

نظر الى راؤول نظرة فولاذية لكنه أصيب باحباط حين رد الكونت ببرود " أشفق عليك سنيور لماذ لا ينظر الناس الى ماهو ممكن دائما يسعون الى المستحيل ؟ على اى حال لا تكتئب فانا واثق ان هناك في مكان ما في العالم هناك نسخة ثانية من المثال الذي تسعي لتجده ووجدته متأخرا نحنحة الدون دياغو كانت اشارة لطلب الاسترخاء وكان المرؤ باستطاعته الاحساس بانخفاض غضب راؤول وهو يسير بخفة الفهد نحو هلين التى كان جسدها يكاد يذوب وكأنه دون عظام امام ابتسامته فمررت جيما يدها فوق جبينها المبلل بالعرق وأحست بالتعب الشديد وكأنها كانت تقف منذ أسابيع وسمعت دياغو يسأل بأدب عن نوع عمل ديفيد

“ أعمل في مجال السينما سنيور منتج اهتم أساسا بالوثائق وهذا سبب مجيئ الى الجزيرة فكهوف قصر تيمبيرا لها جمال اسطوري مكلف ان أنقله الى فيلم”

“ وهل وافق راؤول ”

“ الاتفاق هنا موقع مع الكونت نفسه منذ بضع ساعات ”

“ حسنا سنكتشف مدي قدرتك مع الوقت العديد من المحاولات جرت لالتقاط جمال الكهوف وماحولها لكن مع انها جميلة لم يتمن احد حتى الان تجسيد هذا الجمال ”

طوال الوقت كان راؤول يوجه نظرات نارية الى جيما وكأنه يحذرها من نار غضبه نار الديابلو اى الشيطان نفسه فوقفت لتتخلص من جو التوتر “ ارجو عذري يجب ان أري كارلا من عادتها ان لا تنام ق4بل ان اقبلها واتمني لها ليلة سعيدة ”

وقفت هلين عن الاريكة “ اتمانعين لو جئت معك ؟ ”

“ لا ابدا ”

ليس من عادة هلين هجر صحبة ثلاثة رجال ساحرين لمرافقة امراة وطفلة اظهرا حتى الان قلة اهتمام بمرافقتها اكتشفت ان شكوكها محقة حين خرجت من غرفة الطفلة النائمة الى الممر الخارجي بصمت حيث كانت هلين تنتظرها وسألتها " هل لي ان ألقي نظرة على غرفتك ؟ " وتوجهت دون انتظار الرد الى الباب المزخرف على بعد قليل من الممر لكن جيما ثائرة أكثر من ان تستطيع التظاهر بالادب فصاحت

“ أفضل الا تفعلي هذا الان ”

لكن هلين كانت قد فتحت الباب ودخلت عيناها الجشعتان تستوعبان بسرعة الاطار العاجي والؤلؤي للغرفة محاولة تقييم الأشياء التى لا تقدر بثمن المنتشرة دونما ترتيب حول المهج الزواجي بلمعان الحسد أخذت عينماها تتجولان مرة الى السرير المنمق ثم بسرعة الى الباب المتصل بغرفة راؤول وبدا ان المنظر أغاظها فاستدارت تقول

“ماذا وراء كل هذا سمراء بنية ؟ هل لجأت الى الابتزاز ؟ ام انه اضطر لهذا بسبب اندفاع ضعف مؤقت ؟ اضطر للزواج منك ليحمي اسمك الطيب الذكر ؟”

السؤال الوقح الفج دفع بالدم الى وجه جيما ولم يعد هناك مجال للتظاهر بود الصاداقة كراهية هلين أصبحت ملموسة بشعة كريهة حاسدة وأحست بالاشمئزاز لقذارتها وباحسسا غثيان ردت القدر الكافي من الوقار

“راؤول لن يسمح لنفسه بأن يجبره احد تقدم بطلب يدي وقبلت لانني أحبه وليس لاى سبب اخر”

“أصدق جزءا من كلامك واضح انه طلبك للزواج ومن الطبيعي ان تقع فتاة غبية بلهاء مثلك في حبه لكن لابد ان هناك أسباب اخري حين اكتشفها ستحتاجين الى الكثير من الحذر يا صديقتي القديمة فرجل له دماء حارة يحتاج الى شريكه تستأهل كثافة دمه سرعانما سيسأم من عدم نضجك وحين يحدث هذا سأكون بالانتظر لاقدم اليه البديل الذي يفتقد اليه دون شك ”

حين خرجت من الغرفة وجدت جيما انها لن تستطيع النزول ومواجهة احد والتصرف وكأن شيئا لم يحدث وعلى اى حال بوجود هلين تجذب الانظار اليها لن ينتبه احد لغيابها ، كانت تزيل الاغطية عن الفراش استعدادا للنوم حين دخل راؤول نظرت اليه تود لو تستطيع ان تسأله لماذا يغز غرفتها دون مقدمات لكنها فضلت الصمت وتقدم نحوها " بما ان الصغيرة نائمة تظنين نفسك بحل من واجباتك الاخري وتبررين بهذا نومك ؟" “ أجل ولماذا لا ؟ ”

“وماذا عن واجباتك الاخري ؟ لقد اخذت على نفسك دور ربة المنزل ودعوت اثنين من أصدقاءك للبقاء في القصر”

“انا لم ادع هلين دون دياغو دعاها وانا اسفة بخصوص ديفيد ولكني ما كنت لاتصرف هكذا لولا انك قفزت الى استنتاجات خاطئة واتهمتني بنقص في الادب والاحتشام”

أشعل نار غضبها ببدئه بتقييم لها من قمة رأسها ببطء حتى الأسفل ثم قال ببرود “مهما كانت مبرراتك يبقي الواقع انك رضيت بتحمل أكثر مما تعرفين نفسك قادرة عليه حين قبلت راحتي من بعض سلطتي لقد اصريت على مشاركتي السيطرةلذلك يجب ان أصر على تنفيذ واجباتك كزوجة والنزول حالا للاهتمام بالضيوف”

استدارت مبتعدة عنه بخوف وقالت

“ حين تنتهي من السخرية مني سنيور أريدك ان تخرج من هنا ”

المسافة التى أوجدتها بينهما امتلأت بخطوة واحدة

“سترتدين ملابسك مجددا وتقديم نفسك في الأسفل في الصالون بعد خمس دقائق تماما والا ساضطر الى مرافقتك بنفسي وانا لا أشك أنك ستجدين هذا تجربة غير سارة”

التوبيخ تركها وكأنه لسوط طفلة وأحست بهذا عاطفيا وجسديا نظر اليها كحد السيف

“هناك ربما واجب زوجي اخر قد أطلبه يا صغيرتي لو حاولت مرة اخري ان تعصي اوامري عرائس تيمبيرا كن جميعا طاهرات لكن انت يجب ان تطالبي بتسجيل اسمك في تاريخهن لبقاءك اطول مدة زوجة عذراء على كل حال احذرك اذا رغبت ان تحافظي على هذاالتميز لا تثيري غضبي اكثر يجب ان لا تخافي من طغيان شخصية هلين الشرسة عليك ايتها السنجاب الصغير فمزاياك المريحة تحمل جاذبية مدهشة للرجل الذي طالما عاني من تخمة الزخرفة التى تدور في دوائر لمجرد اخفاء الفتنه ...في الواقع عزيزتي بطريقتك الهادئة انت مثيرة للاضطراب اكثر منهن ولن اتردد في اكتشاف مايكمن تحت هذا البرقع البارد اتفهمين ما اعني جيدا”

توجه نحو الباب يتركها لصراع عواطفها ثم رفع معصمه لينظر الى ساعته

" "خمس دقائق ثم سأفسر غيابك انه تحد لي ودعوة

ماكاد يقفل الباب حتى اخذت تتعثر في ارتداء ملابسها حتى ان الازرار رفضت ان تثبت مكانها والسحابات لم تستجيب لاصابعها المرتجفة لكنها تمكنت من انهاء كل شيء خلال الدقائق الثمينة

اكان هناك ذرة من الحقيقة في كلامه ؟ هل استطاعت دون وعي منها ان تشق طريقها الى حياته كشيئ ثمين اشتهاه الاخرين وان يكون عبث دايفد معها وغزله اثار الاهتمام في نفس راؤول ؟ ، خرجت مسرعة من الغرفة الى الممر وكادت تصطدم بارؤول الذي كان يستعد للدخول ، مظهرها المرتبك فاجأه وأزال التجهم من حول فمه وقال ساخرا

" يا للأسف بدأت أحس بالاثارة " وتظاهر بخيبة امل فتجنبت ذراعيه الممدودتين لتمر من امامه وراسها مرفوع الى الأعلي لكنها في الداخل كانت ترغي وتزبد مشمؤزة من موجة الشوق القوية التى لم تجرؤ على تحليلها عن كثب ولا التفكير بجذور بدايتها

 

 

                                                       الفصل الخامس: 

 

 

زهرة الربيع

خلال الأسابيع التى سهلت للربيع افساح المجال للصيف بالتقدم سارت الحياة بسرعة مدهشة موسم العمل بدأ بالنسبة لهلين وأفواج السياح المتدفقين الى الجزيرة ابوقوها مشغولة دائما كذلك غاب ديافيد عن الأنظار بعد ان غاص في العمل بالكاد يصعد من الكهوف ليستنشق الهواء النظيف ثم يعود للغوص تحت الأرض مرة ثانية ينقل الجمال الى الأفلام والجو الأثري الذي بدأ يحدد نفسه على انه مهمة شاقة التحقيق

جزء من مهمتها كان ردم الهوة بين الطفلة وعمها اذا لم يكن على شكل صداقة فليكن على شكل تستمح بينهما ، تجرأت صباح يوم من الاقتراب منه كان يتمتع بافطاره على الشرفة المسقوفة يقرأ الجردية ويبدو انه لم يلاحظ محاولاتها لجذب انتباهه لكنه فجأة قال “ توقفي عن التنقل من قدم الى اخري واجلسي لتناول فنجان قهوة معي”

“ شكرا لك لقد أخذت قهوتي في الصباح الباكر ”

“ لا أصدق انك تسعين الى لمجرد الرفقة ؟ ”

علمت ان صبره قد اخذ ينفذ ينقر صحنه بطرف السكين فابتعلت بصعوبة وقالت

“ اردت ان أطلب منك ...كارلا ترغب .. انا أرغب ...”

“ نعم ؟ ماذا تردين ؟”

“ أرغب ان تأتي معنا الى الشاطئ اعلم انك مشغول جدا لكن يجب ان يكون هذا اليوم في اى وقت يناسبك ”

ارتفع حاجباه “ غريب كان لدي انطباع ان نساء منزلي يفضلنني بعيدا بدلا من أن أكون مقربا ..فهل انا مخطئ ؟”

بحذر أخذت تفتش عن رد دبلوماسي " كارلا لا تعرف السباحة ، اتعلم هذا

وكنت اتسائل ما اذا كنت تمانع في ان تعلمها ... فليس هناك غيرك "

“ اه ..اذن انا الملاذ الاخير لقد حاولت كل الطرق وبحثت كل الامكانيات قبل ان تلجئي الى ..انا أسف ليس لدي الوقت عليك ان تعليمها بنفسك”

“ لكنني لا اعرف السباحة أيضا ”

هل من الغريب هكذا ان لا تكون تعرف السباحة أطلق تنهيدة ثم وقف يمد يده ليجذبها واقفة الى جانبه كانت تحس بصغر حجمها ثم قال بابتسامة “ حسن جدا يا سنجابي الصغير اذا وافقت ان تكوني تلميذة كذلك سأعلمكما السباحة معا”

لكن كارلا لم تظهر الحماس بل قالت وفمه مكور “ لا اريد عمي راؤول ان يرافقنا سيفد علينا مرحنا حتى انه لا يحبني فلماذا يريد تعليمي السباحة ؟ ”

“عمك رجل مشغول كارلا لذلك فقواع انه اعطاك وقتا لتعليمك السباحة ليبرهن انه يحبك ويجب ان تتقبلي هذا العرض بامتنانا فهذا يمكنه ان يساعده”

“ وكيف اساعده ؟ ”

“حسنا ..تعرفين كم يعمل حتى وقت متأخر كل ليلة في مكتبته ونادرا ما يحظي بساعة راحة خلال اليوم وقد نلعب لعبة صغيرة عليه بقبولنا عرضه قد نمنعه من العمل المرهق لكنه لن يفعل هذا الا اذا بدونا اننا يائستان لمن يساعدنا”

“ اتعني انه سيظن انه يصنع معنا معروفا بينما نكون نحن من يساعده ؟ ”

“ أجل ”

“ فلنفعل هذا جيما لنخدع عمي ”

بداالعجب على راؤول للترحيب الذي لاقاه من ابنه اخيه حين انضم اليهما بعد ساعة عند الشاطئ ولم تظهر اى تردد : اللعبة المثيرة على وشك أن تبدأ ! ، وبسعادة ركضت الفتاة لتلقاه فحملها بين ذراعيه يطوحها عاليا فوق رأسه أحست جيما بفرح لا يوصف هى تراقب الطفلة الضاحكة تتمرغ بين ذراعي الرجل الذي انبسطت اساريره المتجهمة دوما ومن فوق رأس كارلا أخذ يفتش عن جيما يبتسم لها ببساطة جعلتها تنسي حيائها منه وسارعت الى مساعدته وقالت له " سأسابقك حتى البحر " وبدأت تركض وثوب البحر البكيني يزيد الهزال الى مظهرها وأطرافها الذهبية اللون وصاحت كارلا “ بسرعة بسرعة عمي لا يجب ان تتركها تكسب اركض أركض!!!”

كارلا لا زالت بين ذراعية تحثه على الركض لحق بجيما التى أحست بالاثارة المجنونة حين تخطاها جسده القوي الى البحر ولحقته الى الماء تصطدم بالماء البارد الذي تركها مقطوعة الأنفاس لكن حين وقفت كوفئت على مجهودها برؤيتها لكارلا تشد ذراعيها حول عنق عمها تشهق من الفرحة “ لقد ربحنا عمي ربحنا وكانت جيما تسبقنا بكثير ”

للحظات طافت عيناه في أساريرها الضاحكة قبل ان يقول بجفاء " لست واثقا من ان جيما لا تتمتع الان بنصر خاص لها “ وأرسل اليها ابتسامة صاعقة قبل ان يتجه الى مياه اعمق يحمل كارلا نصف مهتاجة نصف خائفة ليبدأ التعليم”

وجدت جيما ان الأمر سهلا حين جاء دورها ونسيت خجلها لتتقبل لمسته الخفيفة الطبيعية على كتفيها وذراعيها وهو يصحح وضع جسدها في الماء ويدفعها الى تحريك الذراعين ولكن حين أبدت جزعا في التقدم الى العمق اكثر رمي رأسه الى الخلف وضحك فأحست بانها طفلة ومدللة كانت كل حركة وحصاه متبلورة تظهر من خلال المياه الصافية كالكريستال حتى اطراف أصابعها كانت بادية انتفاخ أمواج البحر كان كالوسائد له اغراءه الأزرق يختلف كثيرا وكثيرا عن أمواج المحيط العارمة التى كانت تشاهدها على شواطئ بالدها تضرب الصخر الرمادي وتهمس بجنون فوق الشواطئ الصخرية اشارت اليها برأسها كانت كارال تبني قصرا من الرمال قانعة بعد نجاح درسها الاول كانت جيما تعلم ان عليها ان تطيع نصائح من برهن بشكل قاطع عن مهارته .

“حاوللي العوم استلقي على ظهرك استرخي تماما بينما أمسك رأسك بيدي ..مستعدة ؟”

وكأنها في الجنة مثل اكليل من الزهر مريم فوق الامواج جسدها أخذ يعلو ويهبط مع حركات البحر ويد راؤول وسادة الطمأنينة صوتها يهمس بالتشجيع وهى مستلقية تتأمل رحابة السماء الناصعة ماعدا من الشمس وبضع غيمات

“ انت رائعة هكذا ؟ ”

جاء صوته من بعيد فالتفتت نحوه لقد تركها استرخائها كان كاملا حتى انها لم تلاحظ انه سحب يده من تحت رأسها وتصاعد الذعر الى حلقها فقدت توازنها وبدأت تتخبط في الماء فتحت فمها لتصرخ فاصمتها اندفاع الماء المالح الى فمها

“ لا تقاوميني انت سالمة امنة انا ممسك بك الان ! ”

وتمسكت به تقاوم جهوده في ايصالها للشاطئ بشدها على عنقه بذراعيها وحين كاد يختنق وأخذا يغرقان معا تركت عنقه فتمسكت في تلك اللحظة من الغطس ليبتعد عن قبضتها المميتة بالكاد تنفس حين عادت تتمسك به لكن قبل ان تقبض مجددا على خناقه أحست بضربة جعلت كل ما حولها ظلاما

“ عزيزتي افتحي عينيك اتسمعين ؟ يا الهي يجب ان تتقيأ بقدر ما ترغبي بالقوة الى تستطيعين ”

وهذا مافعلته بعنف تركها منهكة غير قادرة على الاحتجاج حين حملها بين ذراعية وبدأ السير بها نحو الكازا هناك استعدي الخدم بسرعة ليأخذنها للاستحمام ، استدعاء الطبيب ، العناية بكارلا التى أصيبت بالخوف الهستيري فيما بعد حين دخل راؤول الى غرفتها كان يرافقه الطبيب الذي كانت أصابعه باردة مهدئة لأعصابها وهو يتفحصها وسأله راؤول بحدة “ حسنا دكتور كيف حالها ؟. ”

“ بقية اليوم في الفراش وطعام خفيف حتى الغد ستكون على أفضل حال ”

" ماذا ؟ دون ادوية ؟ لا تعليمات خاصة ؟ سامحني لكنن ياري رأيا اخر

"

هز الطبيب كتفيه لكن ابتسامته تضيف دون ظهور غضب “ طبعا اذا رغبت لكنن ياؤكد ان هذا غير ضرورري ”

قالت جيما ساخطة “ بكل تأكيد ”

نظر راؤول اليها فانكمشت لم تكن لتظن يوما انها قد تثير اهتمامه الى هذه الدرجة وانحني يتفرس وجهها الصغير بعد خروج الطبيب سرعان ما انفتح الباب ثانية ودخلت كارلا كالعاصفة “ جيما هل انت حقا بخير ؟ ايقول الطبيب الحقيقة ؟ ”

التفتت الى عمها الذي جلس على حافة السرير وقالت “ ابتعد عن السرير عمي كيف تجرؤ على عدم التفكير ف يراحة المريضة ؟ ”

نظر راؤول الى كارلا عبر السرير وبدأ عليه الغضب ونفاذ الصبر مع طفلة كانت تربيتها المتراخية سببا في تصرفها الدائم بطريقة تخرج عن الأصول المقايس المتوقعة من طفل اسباني واكملت متحدية “ جيما صديقتي الممميزة وما حصل لها غلطتك بالكامل نحن لم نرغب في ان تعلمنا السباحة كنا نتظاهر بهذا لانها اقترحت ان نفعل كنا نخدعك سيدي لكنني لا اريد ان ألعب هذه اللعبة مرة ثانية اذا كانت تعني ان تفسد بحضورك مرحنا اكرهك وكذلك جيما تكرهك قولي له هذا جيما قولي”

لكن جيما لم تقدر ان تقول له شيئا فقد خرج

ولأيام بعدها لم يقترب اى منهم الى الشاطئ كارلا المكبوتة لم تكن تطالب فقد وبختها جيما بشدة بعد ان أغضبت عمها ثم تقوقعت في صمت دلت الطفلة على مدي الضرر الذي تسببت به لكن لا يمكن لوم كارلا لوحدها على الهوة بين جيما وراؤول فخطتها الماكرة أعطت رد فعل مخالف وكبرياء راؤول المتعجرف دفعته الى عزلة بعيدة عمن تسبب بسوء التفاهم هذا والذي لا يمكن لعذر او شرح ان يردم الهوة التى حصلت .

استلزم جيما جهدا كبيرا لترسم الابتسامه على وجهها وتقول لكارلا “ لنذهب الى الشاطئ اليوم فالجو حار في الداخل ولا بد من وجود هواء قرب البحر”

ابتسمت الطفلة بسعادة لكن جيما احست بالرعب حين قالت كارلا “ هل احضر ثوب السباحة ؟ لن اتاخر”

“ لا عزيزتي سنجلس نتشمس اليوم وربما في الغد ...”

كانتا مرتاحتين على الشاطئ لاكثر من نصف ساعة حين حذرتها حاستهاالسادسة بانهما لم تعودا لوحدهما فتطلعت الى فوق تحجب الشمس عن عينيها بيدها واضطرت الى الابتلاع حين احست بان قلبها وصل الى حنجرتها حين شاهدت راؤول يتقدم وكأنه احد الهة الشمس المهابة ليقف شامخا فرقها يرسل ظله على وجهها الذي بدا ذابلا خاليا من الحيوية

“ استعدت قواك ؟ ”

ارتجفت تدفن يدها في عمق الرمال لايقاف ارتجافها “ اجل شكرا لك”

“ جيد ..اذن سنتابع الدرس ”

اخفضت رأسها مضطربة “ لا اريد المزيد شكرا لك أفضل ان لا أسبح”

هز رأسه وكأنه يتوقع هذا الرد “ جئت اليوم لهذا السبب بالذات اذا لم تدخلي الماء الان فسيتطور الخوف في دتاخلك وسيطاردك لما تبقي من حياتك ولا استطيع التسامح بهذا لذلك يجب ان اصر ان ترتدي ثوب السباحة لنتابع الدروس فورا كارلا اذهبي الى الكازا واحضري ثوب سباحتك حبيبتي”

راقبتها جيما وهى تسابق الريح ثم قالت باصرار “ لن اذهب لا يمكنك اجباري”

ثم تذكرت شيئا فاخذت تتراجع تمد يدها كمن يدافع عن نفسه " راؤول دعني أشرح لك الامر في ذلك اليوم

“ لا تزعجي نفسك ”

“ مافعلته كان لاجلك ولأجل كارلا ”

لكنه ابتعد عن مسمعها يركز نظره الى قارب شراعي يبدو في الافق وسرعام ما عادت كارلا ترتدي ثوب السباحة وتلوح بثوب جيما الأخضر فوق رأسها

“لقد أتيت جئت لك بالثوب”

قال لها باقتضاب " اسرعي قد الامكان لدي وقت قصير فقط" أخذ الخوف يغمرها بموجات باردة ثم حارة وهى تتعثر في ارتداء ثوبها ثم خلعت الفستان قبل ان تتقدم لتنضم اليه اسنانها تصطك عيناها متسعتان قاتمتان وفمها مشدود طويل كخط رفيع من شدة الرعب أرسلت نظرة استعطاف اخيرة الى وجهه ثم أغمضت عينيها وتركته يقودها الى الماء

.

أصبح ينزل كل يوم يدربها ويدرب كارلا الى ان تغلبتا تماما على خوفهما وتمكنت جيما من السباحة دون خوف بعد ان اقتنعن باه لن يكون مدفنها لكن من الغباء تصور حدوث اى تنازل من جهته .. كان يأتي ليكمل واجبا اتمه بكفاءة مرة واحدةتجرأت ان تبدي امتنانها لكنه قاطعها متعجرفا رسميا انت جزء من عائلتي واعتبر نفسي مسؤولا عنك" "

أحست بالراحة والالم معا حين اعلن رضاه عن تقدمهما كانتا قد اعتادتا اخذ سلة فيها مالذ وطاب من خفيف المؤكولات والشراب الى الشاطئ لكن مع ان جيما وكلها امل كانت تحضر مايكفي لثلاثة الا انه كان يرفض الانضمام اليهما حتى اليوم الاخير كانت تصب حساءا باردا من الثوم والبصل والطماطم والفليلفة الخضراء الحلوة والخيار وقدمت له فقبلها معلقا “ اه غازباتشو لابد انك حزرت ما أفضل”

وابتسمت لرضاه وقدمت له الخبز من الزبدةواللحم المقدد بعدها الفراولة الطازجة المغطاه بطبقةمن الكريما المثلجة حافظت على تثليجها بواسطة تيرموس خاص ، بعدها جاء دور الاسترضاء والخنوع وكانت كارا لاول من نام متمددة تحت ظل شجرة وراقبتها جيما مبتسمة ثم استدرات ليحمر خداها بقوة حين اصطدمت بنظراته المتسائلة وقال بنعومة “ ليس هناك نوم اجمل من نوم البراءة اتنامين هكذا في براءتك يا طفلتي ام انك تحسين بالشوق وتنادين من يرافقك ويشاركك أحلامك ؟”

التهب جسدها مثل هذا الافتراض غريب عليها كيف له ان يعرف بالليالي العديدة التى بقيت فيها في سريرها الزوجي المظلم الفخم واسنه على شفتيها ؟ لا يمكنه ان يعرف ولا يجب ان يخمن

"انا احاول ان لا احلم سنيور فالواقع اكثر ارضاء لي كما وجدت مع ان الأحلام قد تجعلني اميرة جميلة كالليل ويأتي الصباح فلا يتملقني نوره" امسك ذقنها بأصابع قاسية “ لكن ضوء النهار يمكن له ان يتملق صغيرتي ربما يتملق الجمال التقليدي بل ذلك النوع من الجمال الذي يحتاج الى انعاش اصطناعي لكن ليس جمال الزهرة التى تنام بعيدا خلال ساعات الظلام وتستيقظ لتستقبل قبلة الشمس”

اخذت نبضاتها تتسارع بشكل خطير لن تتمكن من احتمال لمسة منه مع ذلك لم تستطيع ان تبتعد بل شهقت “ اتشبهني بالزهر سنيور ؟ اذا كان الامر كذلك فاى زهرة من زهراتك الغربية الاستوائية أشبه ؟”

تنهد “ زرت بلادكم مرة فقط لالعن جو العمل المحموم الذي يحيط بكل شيئ عندكم لكن في يوم وانا اسير في الريف اكتشفت زهرة فاتنه مارغريتا برية صغيرة زهرة خضراء الاوراق على جذع نحيل أوراقها بيضاء كالثلج فيما لطخات زهرية وفي وسطها قلب سري يظهر الذهب حين يمسكها من تغمره السعادة”

وقف بسرعة ليجذبها معه والتفت ذراعه على خصرها ثم جذبها اليه حتى حركت انفاسه رموشها وأسخنت خديها بدفئها وامتد بينهما صمت متوتر وكأن البحر توقف عن الهمس والطيور طوت اجنحتها والأرض توقفت عن الدوران والغرابة تمسكت بهذه اللوحة وتمتم “ قلب الذهب ..هل ستنامين بامان اكثر خلال ساعات الظلام لو أكدت لك ان الوفاء بالأحلام سيأتي مع الفجر ؟”

“ وماذا عنك راؤول هل سترقد امنا لمعرفتك انك قادر على التلاعب بنا جميعا الى اى حالة قد يفكر بها دماغك ”

ضحك لكن دون مرح بمرارة والتوى فمه “ هل يجب ان ارد على هذا صغيرتي والمعروف ان الشرير لا يجد الراحة أبدا ؟ ”

حين تركها وابتعد واستانف البرح همساته وتحركت الطيور وعاودت الأرض دورانها والشيئ البارد الفارع الذي عاشت عمرا كاملا من الامل في دقائق قليلة توقف كما كانت الأر قد توقفت

وصلت هلين ذلك المساء فهي ليست من النوع الذي يتردد في استغلال صاداقة " راؤول تلقينا العديد من الطلبات من السياح التواقين لزيارة قصر محلي قديم وتساءلت اذا كنت ستفكر بفتح أبواب الكازا لساعتين كل اسبوع وسأتاكد من اقل ازعاج لك وبالطبع سنأخذ الحيطة الكبري بان لا يلمس شيئ من محتويات القصر الثمينة

كان الجميع يجلس في الصالة الرئيسية يشربون العصير قبل العشاء ولمعت عينا راؤول بالاسترخاء وهو يقلب كوب العصير في يده بابتسامه تسامح أعلن “ انا واثق انك تعرفين ان ما تطلبيه مستحيل مع ذلك فانا مسرور لقدومك ولو لتعطينا فقط سعادة صحبتك وانت تتلقين الرفض ”

ارتجف فم هلين ولم تتمكن من الرد على ابتسامته “ أهذا ردك النهائي ؟ ”

تحرك دياغو قلقا في مقعده وقد أزعجه كالعادة طريقة تعامل هيلين مع راؤول وسارع يقول بحزم “ بكل تاكيد عائلة تيمبيرا لا تستعرض ممتلكاتها لتسلي الناس”

رمقته هلين نظرة كريهة لقد أصبح بالنسبة لها مستهلكا قلة منفعته لها ظهرت منذ اللحظات الاولي مما جعلها تصرف النظر عنه لصالح ابن اخته ركزن نظرها على راؤول ثم تنهدت كالمتأوهة " أظنك على حق كنت وقحة أكثر من اللازم لاطلب مثل هذا الطلب ..الامر أنني .....: وتحشرج صوتها ومسحت دمعة لمعت على رموشها وقفزت واقفة لتركض هاربة كي لا يلاحظ احد ضعفها “ ارجو عذركم ..”

" وقف راؤول فورا على قدميه “ ما الخطب عزيزتي ..ما سبب تكدرك ؟”

ذهلت جيما للتمثيلية الرائعة التى قدمتها هيلين وراقبتها تترنح ورأت ذراعه تلتفت على خصرها والتفتت اليه وجهها يكاد يلامس وجهه وتمتمت " كنت حمقاء راؤول واستحق كل عقاب اجد عملي متعبا يتطلب مني طاقة اكبر مما لدي ربما لم اعتد بعد على الطقس الحار او ربما لست قوية كما كنت اظن على اى حال في الأسبوع الماضي أحسست باعياء والتعب حتى اضطررت للراحة ساعات وحين اكتشف رب عملي هذا غضب وقال اذا كنت غير قادرة على الوفاء بعملي فعلي تركه لكنني احتاج الى العمل راؤول " وبدأت تبكي ثم أكملت بصوت متقطع “ لهذا تجرأت على طلب هذا المعروف منك ! فكرت انني لو وفرت لرب عملي مثل هذا التنازل فيضطر الى اعادة عملي لي ”

شهامته اندفعت على الفور “ يا الهي ؟ سأتكلم مع هذا الرجل الذي يجرؤ على معاملتك بهذه القسوى سأطرده من الجزيرة”

“لا راؤول ..لا يجب ان تتدخل .. فله نفوذ كبير .. كلمة منه واجد نفسي مطاردة مرفوضة من كل وكالة سياحية يجب ان تعدني ان لا تتفوه بكلمة مما قلته لك”

قال دون دياغو " يا للطفلة المسكينة " انخدع دون دياغو بتمثيلية هلين كان صدمة لجيما فاستدارت هلين نحوه متشوقة لتكسب عطف اى حليف من العائلة لها فسألها دون دياغو “ اليس هناك في عائلتك من يرغب في جعل نفسه مسؤولا عن مصالحك ؟ ”

“كم اتمني او أجيب بنعم على هذا السؤال سنيور لكن لسوء الحظ ليس عندي احد”

قال راؤول بغضب " هذا امر وحشي الفتيات الصغيرات يجب ان لايسمح لهن بأن يجبن العالم دون مرافق خاصة الصغيرات الخارجات حديثا من المدرسة ولا يعرفن ان الحياة ستقدم لهن الحقيقة الخشنة بدلا مما تعلمنه " فكر قليلا ثم عرض امرا بكثير من التردد “ زيارة القصر لا يمكن السماح بها لكن هناك أقبية قديمة واسعة في أسفل القصر يقيم فيها العملا عادة حفلاتهم اذا ظننت ان السياح سيهتمون بها نستطيع ترتيب زيارة اسبوعية وساجعل العمال يرتدون ثيابا تقليدية لتسلية الزوار شريطة ان تدفعوا لهم مبلغا لقاء هذا كما ان زوجاتهم ستكن مسرورات فغي تقديم حفل شواء يمكن ان تقدم في الخارج بعيدا عن الكازا اذا اعجبت الفكرة مخدومك اعلميني وسأبدأ بالترتيبات الضروررية”

“ تعجبه اوه راؤول سيطير فرحا بها وسأستعيد وظيفتي مجددا مؤكدا ”

“ عظيم اذا كان الامر كذلك يمكن الان ان نبدأ العشاء ”

ولما تبقي من الأمسية دار الحديث حول موضوع فتح اقبية القصر للسياح بعد العشاء اعتذر الدون دياغو ساخطا وغادر في وقت ابكر من المعتاد واحست جيما بسخط مماثل فحاولت التسلل الى غرفتها

“ أين انت ذاهبة طفلتي ؟ ”

طفلتي ! كم تتمني ان لا يدهوها هكذا خاصة امام هليلين “ الوقت متأخر ولم اعتقد انك ستمانع لو ذهبت الى الفراش ”

“ هذا صحيح واسف لابقائي لك صاحية حتى هذا الوقت ..هل تسمحي باستدعاء خادمة لاحضار معطف هيلين بينما احضر السيارة امام الباب لأوصلها ؟ ”

“ سأحضر المعطف بنفسي لقد صرفت الخادم منذ ساعات ”

كانت هلين لوحدها حين عادت جيما وابتسمت هلين “ يجب عليك ان تجربي التأقلم مع وضعك الجديد بقوة أكبر عزيزتي الخدم مستخدمون للعمل قدر ما يلزم وراؤول ليس معتادا على القيام بالأعمال المنزلية ولا أظنه سيوافق على ان تفعل زوجته هذا ، سمعت شائعات تقول انه كان خاطبا لفتاة امريكية تركته لتتزوج من شقيقه الم تعرفي هذا ؟ كما سمعت راؤول كان يخيفها فبامكانه ان يكون مرعبا حين يشاء وكان أخوه على عكسه تماما فقررت ان تتزوجه بدلا من أخيه المرعب لكنها اكتشفت بعد الزواج ان راؤول يمسك بخيوط ثروة العائلة وانها تركت هذه الثروة تتسلل من بين أصابعها من الغريب ان يلجأ اليم للمواساه من بين كل الناس ؟ ام ان الأمر ليس هكذا ؟ كان يجب ان يبحث عمن تكون مختلفة تماما ومما سمعته اقول ان والدة كارلا كانت جميلة جدا”

“ هل انت جاهزة ”

السؤال المنخفض الصوت فاجأ هلين وكان من المستحيل ان تعرف كم سمع راؤول من كلامها حين تجاوزته نحو السيارة تردد قليلا وكأنه يريد قول شيئ لجيما لكنه استدار بسرعة وتركها لتطلق لدموعها العنان. 

 

                                                   التكمله الجزء الثاني… . 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة