من كتاب ألف ليلة وليلة.. حكاية ليلة في المقبرة ج1
تروي لنا صفحات كتاب ألف ليلة وليلة، واحدة من أكثر الحكايات إثارة، وغموض، وهي قصة ليلة في المقبرة، حيث جلست شهرزاد بشعرها الأسود الناعم ينسدل على كتفيها في دلال، وابتسامة مليئة بالحب للملك شهريار تروي له حكاية أحد التجار والذي قضى ليلة من الرعب والخوف داخل جدران مقبرة، فماذا حدث له؟ هذا ما سنعرفه الآن.
قالت شهرزاد بدلال: "يحكى أيها الملك العظيم، أنه كان هناك تاجر ثري بدمشق، يدعى أيوب، رزقه الله ولدًا ذكيًا اسمه غانم، وابنة ساحرة الجمال سماها فتنة، وتوفي التاجر أيوب تاركًا لأبنائه ثروة من الذهب، والمال، بالإضافة إلى بضاعة من الديباج والمسك، كان ينوي بيعها لتجار بغداد.
وأصاب الحزن العائلة بوفاة الأب، أيام، وشهور، بعدها استفاق الابن غانم، وشعر بمسؤوليته نحو والدته، واخته، وقرر أن يستكمل عمل أبيه، وأن يسافر بالبضاعة إلى بغداد لبيعها، لذا بدأ غانم في فحص الأحمال التي تركها أبيه، وودع أمه، واخته، وذهب بحمولته في قافلة كبيرة متجهة إلى عاصمة الدولة العربية في عهد الخليفة هارون الرشيد.
وكان من عادة التجار في هذا الزمان، استئجار دارًا يقيمون بها، ويودعون بضاعتهم، وعليه، فقد استأجر غانم دارًا للمناسبات، وفرشها بالبساط الثمين، والوسائد الغالية، وأنزل بضاعته، ثم اتجه إلى السوق لبيعها.
وعرض غانم بضاعته على التجار بضعف ثمنها، وباع الكثير منها، حتى امتلاء صندوقه الخشبي بالنقود الكثيرة، وفي أحد الأيام ذهب غانم إلى السوق ليجد جميع المحلات مغلقة، ولا يوجد أي أحد من التجار، وعندما سأل عن السبب عرف أن أحد التجار مات، وذهب جميع التجار للعزاء، والجنازة.
وقرر غانم الذهاب لمرافقة التجار في الصلاة، وحضور شعائر الدفن في المقبرة، ولكن بعد دفن الميت، وقراءة القرآن، أقبل المساء، ولم يعود التجار إلى ديارهم، بل أحضروا الطعام، واستمر الشيوخ في قراءة القرآن.
وخاف غانم على بضاعته الموجودة بالمنزل، وقرر العودة خشية من السرقة، وعاد وحده في الطريق كثيف الظلام، ولكنه وجد باب المدينة مغلقًا، ولم يرى أحد، ولم يسمع إلا نباح الكلاب تعوي، والذئاب تصرخ بصوتها المخيف، وقال غانم في نفسه: "كنت خائفًا على مالي، والآن أنا خائف على حياتي".
وأخذ غانم يبحث عن مكان يأويه حتى الصباح، فلم يجد سوى مقبرة مسورة بأربعة جدران، وبها نخلة عالية، ففتح الباب، ودخل المقبرة، وحاول النوم، ولكن كانت الأوهام، والمخاوف تطارده.
وفجأة شاهد غانم في المقبرة ضوءًا يقترب منه، فشعر بالرعب، وتسلق النخلة، واختبئ بين أوراقها العالية حتى يرى من القادم.
ولمعرفة ما حدث في المقبرة، انتظر عزيزي القارئ الجزء الثاني من حكاية ليلة في المقبرة من كتاب ألف ليلة وليلة.