المنزل المهجور: التحذير الأخير والنجاة من الشبح الغامض
القصة: البيت المسكون
كانت ليلى فتاة شجاعة لا تؤمن بالخرافات أو القصص المرعبة. عندما سمعت عن منزل قديم مهجور في أطراف البلدة يُقال إنه مسكون، قررت استكشافه بنفسها. كان المنزل معروفًا بوجوده في قمة تل محاط بأشجار كثيفة ودوامة من القصص الغامضة. قيل إن أصحاب المنزل اختفوا فجأة قبل سنوات طويلة، وأن الأصوات الغريبة تظهر كل ليلة عند منتصف الليل.
وصلت ليلى إلى المنزل قبل غروب الشمس. كان الجو غائمًا والرياح تعصف بالأشجار من حولها. وقفت أمام بوابة الحديد الصدئة التي تصدر صريرًا مزعجًا عند فتحها، ودخلت إلى الحديقة الأمامية المهملة، حيث كانت الأعشاب تنمو بكثافة حول الأرضية المتشققة.
دفعت الباب الخشبي الثقيل للمنزل، فصدر صوت كأنين قديم. داخل المنزل، كان كل شيء مغبرًا ومتروكًا على حاله كما كان منذ سنوات. قطع الأثاث مغطاة بأقمشة بيضاء، والستائر الثقيلة تتأرجح برفق بفعل الرياح التي دخلت من النوافذ المكسورة.
بينما كانت ليلى تتجول في الغرف، بدأت تسمع أصوات خطوات خافتة تقترب منها، لكنها كانت وحيدة. تجاهلت الصوت معتقدة أنه مجرد خيال بسبب الجو المريب، واستمرت في استكشاف المنزل. وصلت إلى الطابق العلوي حيث غرف النوم. وجدت غرفة كبيرة كانت تبدو كغرفة رئيسية، بها سرير ضخم ومرآة قديمة متشققة.
في اللحظة التي دخلت فيها الغرفة، لاحظت شيئًا غريبًا في المرآة. كانت صورتها منعكسة بشكل غير طبيعي، كما لو أن شيئًا آخر يقف خلفها. شعرت بقشعريرة في جسدها، واستدارت بسرعة، لكنها لم تجد أحدًا. عادت لتنظر في المرآة، لكن هذه المرة، كانت الصورة أكثر وضوحًا. كانت هناك امرأة ترتدي فستانًا أبيض قديمًا، وجهها شاحب وعيناها خاويتان، تقف خلف ليلى مباشرة.
تجمدت ليلى في مكانها، عاجزة عن الحركة أو الصراخ. المرأة في المرآة بدأت تقترب منها، لكن بدون أن تتحرك قدمًا واحدًا في الواقع. كلما اقتربت المرأة في المرآة، شعرت ليلى بأنفاس باردة على رقبتها، وكأنها حقيقة.
في تلك اللحظة، سمعت ليلى صوت همس منخفض جدًا، كأنه يأتي من داخل رأسها: "أخرجي من هنا... قبل فوات الأوان..." كان الصوت مخيفًا وغامضًا، لكن ليلى شعرت أنه ليس تهديدًا بقدر ما كان تحذيرًا.
حاولت ليلى التراجع ببطء، لكن قدمها اصطدمت بشيء ما على الأرض. نظرت إلى الأسفل لتجد صندوقًا خشبيًا صغيرًا مغطى بالغبار. رفعت الصندوق ببطء، وأخذته معها خارج الغرفة.
عادت ليلى إلى الطابق السفلي، حيث كان الضوء الطبيعي يختفي تدريجيًا مع غروب الشمس. وضعت الصندوق على الطاولة، وفتحته بحذر. داخل الصندوق، كانت هناك مجموعة من الصور القديمة لعائلة تعيش في المنزل، وصورة خاصة لطفلة صغيرة كانت ترتدي الفستان الأبيض نفسه الذي رأته في المرآة.
كان مع الصور رسالة قديمة مكتوبة بخط يد رقيق: "إلى من يجد هذه الرسالة... نحن محاصرون هنا. إذا كنت تقرأ هذه الكلمات، فاخرج من هذا المنزل فورًا. الروح الغاضبة لا تزال هنا، تبحث عن الانتقام. احرق هذه الرسالة والصور معها... وإلا ستبقى حبيسًا هنا إلى الأبد."
فجأة، سمعت ليلى ضجيجًا قادمًا من الطابق العلوي، وكأن أحدًا يسير بسرعة نحوها. لم تنتظر لتعرف ما الذي يحدث، بل أخذت الصندوق وهربت من المنزل بأسرع ما يمكن. عندما وصلت إلى الخارج، تذكرت التحذير في الرسالة. أشعلت النار في الصور والرسالة، ثم نظرت إلى المنزل لترى شبح المرأة البيضاء يقف في النافذة، ينظر إليها بصمت.
اختفى الشبح عندما احترقت آخر صورة. شعرت ليلى بأن شيئًا ما قد انتهى، وأنها قد أنقذت نفسها من مصير مجهول. عادت إلى منزلها مرهقة، لكنها لم تستطع التخلص من الشعور بأن تلك الروح قد ارتاحت أخيرًا، بعد سنوات من العذاب.
منذ ذلك اليوم، لم يعد أحد يتحدث عن المنزل المسكون. ومع مرور الوقت، اختفت القصص تدريجيًا، ولم يعد أحد يجرؤ على الاقتراب من ذلك المكان مرة أخرى. أما ليلى، فقد تعلمت درسًا ثمينًا: أن بعض الأماكن يجب أن تظل مغلقة، وأن هناك أشياء لا ينبغي لأحد أن يبحث عنها.