قطار الارواح المستحيل

قطار الارواح المستحيل

5 المراجعات

 **الجزء الأول: ** *"قطار الأرواح"*

كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل، والهواء البارد يملأ محطة المترو الخاوية. في تلك الليلة، كانت ندى تقف بمفردها في انتظار القطار. اعتادت العودة متأخرة من الجامعة بسبب ضغط المحاضرات والمذاكرة. المكان كان فارغًا تمامًا، إلا من صوت الرياح الصافرة التي تعبر الأنفاق المظلمة. بينما كانت تنتظر، سمعت صوتًا غريبًا خلفها، كأنه وقع خطوات خفيفة. التفتت بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد.

"لابد أنني أتخيل"، تمتمت ندى مع نفسها، محاولة تهدئة أعصابها. لكن الصوت عاد مجددًا، هذه المرة كان أقرب وأوضح. شعرت ندى بأن هناك من يراقبها. رفعت رأسها لترى الظل السريع الذي يختفي خلف عمود الإنارة البعيد. خفق قلبها بقوة، وبدأت تلتفت حولها محاولة فهم ما يحدث.

وأخيرًا، وصل القطار. لم يكن يشبه أي قطار آخر ركبته من قبل؛ كان مظهره قديمًا ومتهالكًا، كأنه خرج من حقبة زمنية قديمة. الأضواء في الداخل كانت خافتة، وأصوات المحركات كانت تصدر صريرًا مرعبًا.

ترددت ندى للحظة، لكن شعورًا غريبًا دفعها للدخول. كانت عربات القطار شبه فارغة، إلا من بعض الأشخاص الذين بدوا غريبين للغاية. جلست ندى بالقرب من الباب، محاولة الابتعاد عنهم قدر الإمكان. فجأة، انطفأت الأضواء بالكامل، وعم الظلام. حاولت ندى استيعاب ما يحدث، لكن قبل أن تفكر في الخطوة التالية، سمعت صرخة عالية مدوية تأتي من العربة الخلفية. ارتجفت كل خلية في جسدها، وبدأت تشعر بالرعب الحقيقي يتسلل إلى قلبها.

فتحت الأضواء مجددًا، لكن هذه المرة، كان المشهد مروعًا. رأيت أحد الركاب ملقى على الأرض، ودماؤه تغمر المكان. بدأ الركاب الآخرون يركضون في هلع، بينما كان القطار يستمر في السير بلا توقف، كأن قوة خارقة تتحكم فيه. حاولت ندى النهوض والخروج، لكن الأبواب كانت مغلقة بإحكام. لم يكن هناك مفر.

بينما كانت تحاول فهم ما يجري، ظهر رجل غامض من آخر العربة. كان يرتدي معطفًا أسود طويلًا، وملامحه غير واضحة بسبب الظلام. كان يمشي ببطء نحوها، ممسكًا بسكين كبيرة ملطخة بالدماء. صرخ أحد الركاب وحاول الهرب، لكن الرجل الغامض لحق به وطعنه بكل برود. ملأ صوت الصراخ العربة، بينما كانت ندى تشاهد المشهد وكأنها تعيش كابوسًا.

بدأت تدرك أن هذا القطار لم يكن عاديًا، وأنه لا يوجد مهرب من هذا الرعب. سمعت الرجل الغامض يهمس بكلمات غير مفهومة، وكان يبدو أنه يتحدث إلى شيء غير مرئي. حاولت ندى التحرك بهدوء نحو باب العربة، لكن خطواتها كانت ثقيلة والخوف يقيّدها. بينما كانت تحاول الابتعاد عن الرجل الغامض، لاحظت أن الركاب الآخرين كانوا يتصرفون بغرابة، كأنهم ليسوا بشرًا.

**الجزء الثاني: ** *"الهروب المستحيل"*

وسط حالة الفوضى، انطفأت الأنوار مرة أخرى، وصوت السكين الذي يخترق الهواء كان يمكن سماعه بوضوح. تلتقط أنفاسها في الظلام، تحاول ندى البقاء هادئة ولكن صوت خطوات الرجل يقترب أكثر. شعرت بالعرق البارد يتدفق من جبهتها، وبدأت تبحث عن مخرج.

تذكرت باب الطوارئ الخلفي في العربة. انطلقت نحوه بأسرع ما يمكن، وهي تحاول تجنب ملامسة أي من الركاب الذين بدؤوا يتحولون إلى كيانات مظلمة وغريبة. كانت الأصوات حولها تتغير؛ همسات خافتة وضحكات شريرة تتردد في الأرجاء. شعرت وكأنها تُسحب نحو الظلام، لكن إرادتها في البقاء كانت أقوى.

عندما وصلت إلى الباب، بدأت تسحب المقبض بكل قوتها، لكنه كان عالقًا. في تلك اللحظة، سمعت همسة باردة قرب أذنها. التفتت لتجد وجه الرجل الغامض قريبًا جدًا، وكان يبتسم ابتسامة مخيفة. "لن تخرجي من هنا أبدًا"، قال بصوت هامس كأنه يخرج من القبور.

في لحظة يأس، ضربت ندى الباب بقدميها بقوة، ونجحت في فتحه. اندفعت نحو الخارج، لتجد نفسها في نفق مظلم. كان النفق مظلمًا وباردًا للغاية، لكن كان هذا هو المخرج الوحيد. بدأت تجري بكل طاقتها، تسمع صوت الخطوات الثقيلة خلفها. لم يكن يلاحقها الرجل فقط، بل بدأت ترى ظلالًا تتحرك على الجدران، كأن الأرواح المحتجزة في القطار تلاحقها.

في نهاية النفق، رأت ضوءًا خافتًا ينبعث من فتحة صغيرة. كان ذلك أملها الوحيد. انطلقت نحو الضوء، لكن فجأة شعرت بشيء يلتف حول قدمها ويسحبها نحو الظلام. صرخت بكل قوتها، محاولة الإفلات، لكن الظلام كان يبتلعها ببطء.

فجأة، استيقظت على صوت صفارة القطار. كانت تجلس في محطة المنيب، وكان القطار العادي يقف أمامها، أبوابه مفتوحة بانتظار الركاب. نظرت حولها، كل شيء كان طبيعيًا. "هل كان ذلك حلمًا؟"، تمتمت لنفسها.

لكن عندما نهضت لتدخل القطار، لاحظت شيئًا غريبًا على معصمها. كانت هناك علامات حمراء، كأن شيئًا كان يلتف حولها في الظلام.

نظرت حولها مرة أخرى، والشعور بالرعب عاد يسيطر عليها. ربما لم يكن مجرد حلم…

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

14

متابعين

16

متابعهم

57

مقالات مشابة