القرية الملعونة (كيان الظلام)
الجزء الأول: البداية المظلمة
في قلب مدينة صغيرة تحيط بها الغابات الكثيفة والجبال الوعرة، كانت قرية "الظلال" تعيش في عزلة عن العالم الخارجي. قد تكون قرية الظلال مجرد نقطة صغيرة على الخريطة، ولكنها كانت تحوي بين طياتها أسرارًا مرعبة ومظلمة لم يكن أحد يرغب في الحديث عنها. كان سكانها يعرفون جيدًا أن الليل يحمل معه شيئًا أكثر من الظلام، شيئًا خفيًا يتحرك بين الأشجار ويمتد من أعماق الأرض إلى أعالي السماء.
قبل عدة قرون، كانت هناك إشاعات عن ظهور كيان مظلم غريب يُدعى "الظلال الجائعة". يُقال إن هذا الكيان يظهر في الليالي التي تخلو من القمر، ويتسلل إلى منازل القرية بهدوء ويجلب معه الهلاك. لم يكن يُعرف الكثير عن طبيعة الظلال الجائعة، سوى أنها تختار ضحاياها بعناية وتترك خلفها جثثًا بلا أرواح.
كان الحاج إبراهيم، الرجل المسن في القرية، أكثر من عرف عن الظلال الجائعة. كان يجلس دائمًا في زاوية السوق الصغيرة يحكي حكاياته القديمة للأطفال، لكن قصته عن الظلال كانت الأكثر رعبًا. يقول إنه شهد ظهورها مرة واحدة في شبابه، حين اختفت عائلته بالكامل في ليلة ممطرة. كان الحاج إبراهيم الوحيد الذي نجا، لكنه عاش طوال حياته حاملًا في قلبه خوفًا عميقًا.
في تلك الليلة المظلمة، جلس الحاج إبراهيم في منزله الصغير على أطراف القرية، يُعد نفسه لليل طويل آخر. كانت الرياح تصفر بين الأشجار، وتحرك أوراقها الكثيفة كما لو أن هناك شيئًا يختبئ خلفها. فجأة، بدأ يسمع خطوات ثقيلة تأتي من الخارج. في البداية، ظن أنها مجرد حيوانات تبحث عن مأوى، لكن الصوت أصبح أقرب، وأكثر وضوحًا. حين وقف الحاج إبراهيم لينظر من النافذة، رأى ظلاً غريبًا يتمايل بين الأشجار. كانت تلك اللحظة التي أدرك فيها أن الكيان المظلم قد عاد.
الجزء الثاني: الزائر المجهول
في صباح اليوم التالي، انتشرت شائعات في القرية عن رؤية غريبة. قال البعض إنهم رأوا شبحًا يتجول بين المنازل، بينما ادعى آخرون أنهم شعروا بنسيم بارد غير معتاد يلفح وجوههم في منتصف الليل. الجميع كان خائفًا، لكن لا أحد تجرأ على الاعتراف بالخوف. إلا أن ليلى، الفتاة الشابة التي تعيش مع والدتها في نهاية القرية، كانت تشعر بقلق مختلف.
ليلى كانت فتاة قوية، ولكن في تلك الليلة، شعرت بشيء غريب. لم تستطع النوم بسبب أصوات غريبة تملأ الهواء من حول منزلها، كما لو أن شيئًا ما كان يراقبها. استيقظت فجأة على صوت خطوات خفيفة بالقرب من نافذتها. ترددت قبل أن تنهض، لكن فضولها تغلب على خوفها. اقتربت من النافذة بحذر، وتنفست بعمق قبل أن تنظر إلى الخارج.
ما رأته جعل قلبها يتوقف للحظة. كان هناك شخص غريب يقف في الفناء. لم يكن بإمكانها رؤية وجهه بوضوح، لكن شكله كان مريبًا. ارتدى معطفًا طويلًا أسود، وكان رأسه مغطى بغطاء، مما جعله يبدو وكأنه جزء من الظلام المحيط. وقفت ليلى متسمرة في مكانها، غير قادرة على التحرك أو الصراخ. ولكن ما زاد الطين بلة، أن الغريب التفت إليها ببطء، كما لو كان يعلم أنها تراقبه.
ابتعدت ليلى عن النافذة بسرعة وأغلقت الستائر، محاولًة تجاهل ما رأته. لكنها لم تستطع النوم. كانت تشعر بوجوده في الخارج، وكانت تخشى أن يكون هذا الغريب هو الظلال الجائعة التي سمع عنها الجميع. بحلول الفجر، قررت ليلى التحدث إلى الحاج إبراهيم، فهي تعلم أنه الوحيد الذي قد يكون لديه الإجابة عن هذا الزائر الغامض.
عندما وصلت إلى منزل الحاج إبراهيم، وجدته جالسًا على كرسيه القديم، بدا شاحبًا وكأنه كان مستعدًا لما سيحدث. عندما أخبرته ليلى بما رأته، صمت للحظة، ثم نظر إليها بعينين مليئتين بالخوف. قال لها بصوت خافت: "لقد عاد. ولكن هذه المرة، يبحث عن شيء أكثر من الأرواح... إنه يبحث عن الحقيقة المدفونة."
الجزء الثالث: الحقيقة المدفونة
بعد حديثها مع الحاج إبراهيم، شعرت ليلى بوزن كبير على قلبها. كان حديثه غامضًا، لكنه أشار إلى شيء أكبر من مجرد أسطورة أو شبح يتجول في القرية. كانت تعرف أن هناك سرًا خفيًا، ربما مرتبطًا بماضي القرية أو حتى بعائلتها. بدأت تتساءل عن مدى تورطها في هذه الظواهر الغامضة.
في تلك الليلة، جمعت ليلى بعض الأغراض البسيطة وقررت التوجه إلى الغابة التي تحيط بالقرية. كانت تعرف أن الظلال الجائعة تأتي من تلك الأعماق المظلمة، لكنها شعرت أن الإجابة التي تبحث عنها مخبأة هناك. بينما كانت تمشي بين الأشجار المتشابكة، شعرت بالهواء يصبح أكثر برودة، والظلام يزداد كثافة. ومع كل خطوة، كانت تشعر بوجود شيء يراقبها من بعيد.
بعد عدة ساعات من السير، وصلت إلى كهف مهجور. كان هذا الكهف معروفًا بأنه مكان مخيف لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، لكن ليلى شعرت بجاذبية غريبة نحوه. عندما دخلت الكهف، رأت رموزًا قديمة محفورة على الجدران، وكأنها تحذيرات من شيء مروع. في قلب الكهف، وجدت صندوقًا صغيرًا مغلقًا. فتحت الصندوق بحذر، ووجدت بداخله مخطوطة قديمة.
بدأت تقرأ المخطوطة، وكلما قرأت أكثر، بدأت تكتشف الحقيقة المدفونة. كان الظلال الجائعة كيانًا تم استدعاؤه منذ قرون بواسطة قسيس شرير أراد استخدام قوته للسيطرة على القرية. لكن القسيس فقد السيطرة على الكيان، ومنذ ذلك الحين، كان يطارد أرواح الأبرياء.
أدركت ليلى أن الحل الوحيد لإنهاء هذا الكابوس هو مواجهة الظلال الجائعة وإعادته إلى مكانه الأصلي. ولكن كان عليها أن تكون مستعدة للتضحية بشيء ثمين للغاية... ربما حياتها.
عادت ليلى إلى القرية، وهي تحمل في قلبها مزيجًا من الخوف والإصرار. لقد علمت أن المواجهة ستكون قريبة، وأن الظلام لن يتوقف حتى يتم كشف الحقيقة كاملة.