"المنزل المهجور: أسرار الماضي وأرواح لا تجد السلام"

"المنزل المهجور: أسرار الماضي وأرواح لا تجد السلام"

0 المراجعات

"المنزل المهجور"

كان هناك منزل قديم على أطراف المدينة، معروف بين السكان المحليين بأنه "المنزل المهجور". لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منه لسنوات، حيث انتشرت شائعات كثيرة حول أرواح معذبة تسكنه. كلما مرّ شخص بالقرب من المنزل، كان يشعر بقشعريرة تسري في جسده، وكأن شيئًا ما يراقبه.

في إحدى الليالي الباردة، قررت "سارة" و"أحمد" و"خالد"، ثلاثة أصدقاء فضوليين، أن يستكشفوا المنزل المهجور. كانت القصة المتداولة بين الناس تثير فضولهم؛ قيل إن العائلة التي عاشت هناك قُتلت في ظروف غامضة، وإن أرواحهم لم تجد السلام. لم يكن الأمر سوى خرافة بالنسبة للأصدقاء، ولم يكن أحد منهم يؤمن بالقصص التي تتحدث عن الأشباح. لذا، أخذوا قرارهم بالذهاب لاستكشاف المنزل بأنفسهم.

وصلوا إلى المنزل عند منتصف الليل، وكانت السماء ملبدة بالغيوم، والرياح تعوي كأنها تحذير. وقفت سارة مترددة عند الباب، لكن أحمد دفعه بقوة، فصرَّ الباب بصوت يشبه الأنين. داخل المنزل، كان الظلام دامسًا، ولم يكن هناك سوى ضوء القمر الخافت الذي تسلل عبر النوافذ المتربة. بدأت قلوبهم تنبض بسرعة مع أول خطوة داخله. كانت الجدران مغطاة بالغبار، وكان الأثاث المتحلل مرميًا في أرجاء الغرف.

فجأة، سمعوا صوت خطوات تأتي من الطابق العلوي. تجمدوا في أماكنهم. همس خالد، محاولاً الحفاظ على هدوء صوته، "ربما مجرد صوت الرياح". لكن الخطوات كانت ثقيلة، وكأن أحدًا يسير ببطء متعمد. حمل أحمد مصباحه الكشاف وسار باتجاه السلم الخشبي الذي قادهم إلى الطابق العلوي، بينما تبعه سارة وخالد بخطوات مترددة.

كلما صعدوا السلم، كانت الأصوات تزداد وضوحًا، وكانت رائحة كريهة تتسرب في الهواء، رائحة العفن والموت. فتحوا باب الغرفة الأولى، وكان كل شيء يبدو طبيعيًا في البداية، حتى لاحظوا صورة معلقة على الحائط. كانت صورة قديمة لعائلة، لكنها لم تكن مجرد صورة عادية. كانت وجوه أفراد العائلة مشوهة بطريقة غير طبيعية، وكأنهم ينظرون إلى شيء خارج الإطار، عيونهم غارقة في سواد غريب.

شعرت سارة بشيء يلمس كتفها، استدارت بسرعة، لكنها لم تجد أحدًا. ابتسم خالد بمزاح وقال: "هل بدأت الأشباح تلامسك؟". ضحكوا قليلاً لتخفيف التوتر، لكن الضحكة لم تدم طويلاً. بدأ المصباح الذي يحمله أحمد يومض فجأة، ثم انطفأ. عم الظلام مرة أخرى، ولكن هذه المرة، لم يكن هناك سوى صوت أنفاسهم المضطربة وصدى خطوات خفية.

تملكهم الخوف عندما سمعوا صوتًا هامسًا من خلفهم. "ارحلوا... لا مكان لكم هنا." كانوا متأكدين من أنهم ليسوا وحدهم. بدأ الباب الذي دخلوا منه يغلق ببطء خلفهم، وكأن قوة خفية تحاول إغلاقه. ركضوا نحو الباب محاولين فتحه، لكن دون جدوى. كان الهواء في الغرفة يزداد برودة، وبدأت أصوات غريبة تهمس في كل مكان، غير مفهومة، لكنها مليئة بالكراهية والغضب.

صرخت سارة: "يجب أن نخرج من هنا!". حاول أحمد دفع الباب بكل قوته، لكنه لم يتحرك. فجأة، سمعوا صوت ضحكة شريرة تتردد في أرجاء المنزل. كانت الضحكة عالية ومخيفة، وكأنها تأتي من عمق الظلام الذي أحاط بهم.

في تلك اللحظة، انفتح الباب بقوة غير متوقعة، وكأن أحدهم دفعه من الخارج. لم يترددوا للحظة، وركضوا خارج المنزل بأقصى سرعة. عندما وصلوا إلى الخارج، نظروا خلفهم ليروا المنزل، ولكن المفاجأة كانت أن النوافذ كانت مضاءة بنور أحمر خافت، وظهرت على الزجاج وجوه مشوهة تحدق فيهم.

تعهد الأصدقاء الثلاثة بعدم الاقتراب من ذلك المنزل مرة أخرى، لكنهم لم ينسوا أبدًا ما رأوه وما شعروا به في تلك الليلة. فقد عرفوا حينها أن القصص التي سمعوها لم تكن مجرد خرافات، وأن هناك بالفعل شيئًا مظلمًا يسكن ذلك المنزل، ينتظر ضحاياه القادمين.


بقلم / محمد عبد الحميد

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

4

متابعين

4

متابعهم

8

مقالات مشابة