الطريق المهجور: عودة بلا رجعة
في ليلة شتوية باردة، كان "كريم" راجع من شغله متأخر كالعادة. الطريق كان فاضي، مفيش عربيات ولا ناس، بس صوت الرياح اللي بتصفر كان عامل جو رعب غريب. كريم كان سايق عربيته بسرعة عشان يلحق يوصل قبل ما المطر يغرقه. كان في باله إنه بس يوصل البيت بسرعة ويقعد قدام الدفاية، لكنه مكنش يعرف إن اللي مستنيه أخطر بكتير.
وهو ماشي في طريقه، لاحظ حاجة غريبة على جانب الطريق. شاف ستة واقفة لوحدها، لابسة هدوم سوداء من راسها لرجليها، وشها مكنش باين كويس، لكن واضح إنها كانت محتاجة مساعدة. كريم، على الرغم من إنه مكنش بيحب يوقف في أماكن زي دي، حس إن في حاجة بتشدُّه ليها. وقف العربية جنبها ونزل، وهو حاسس بجسمه بيقشعر بشكل غريب، كأن الجو بقى أبرد فجأة حواليه.
“حضرتك محتاجة مساعدة”
الست ماردتش
قرب منها أكتر وسألها تاني
“حضرتك كويسة”
هنا الست رفعت راسها، وشها كان شاحب بشكل غريب، وعينيها كانت سودا كلها من غير أي بياض. كريم اتراجع خطوة لورا، قلبه بدأ يدق بسرعة، حس إن في حاجة غلط، حاجة مش طبيعية. في اللحظة دي، الهواء اتقل وبقى صعب يتنفس، الجو حواليه بقى كأن في عاصفة صغيرة بتحيط بيه، لكنه حس إن الهروب مش هيكون حل سهل.
فجأة الست اتكلمت بصوت بارد ومخيف
“ساعدني... ارجعني بيتي”
كريم حس برجفة بتمر في جسمه، لكنه قرر يساعدها عشان يتخلص من الموقف بسرعة. فتح باب العربية ليها، وهي ركبت من غير ما تقول كلمة. الطريق كان صامت تمامًا، مفيش صوت غير صوت المطر اللي بدأ ينزل ببطء. وهو سايق، كان شايف عن طريق المراية إن الست بتبصله بشكل غريب، كأنها بتحاول تقرأ أفكاره أو تتأكد من حاجة هو مش فاهمها.
“فين بيتك”
سألها كريم وهو بيبص في المراية عشان يشوفها، لكنها كانت قاعدة سكتة. بعد لحظات، بصَّت له بنظرة ثابتة وقالت
“هتعرف لوحدك”
كريم حس بالخوف، لكنه مشي في الطريق اللي هي قالت عليه، كل ما يعدي على منطقة كانت بتحسسه إن في حاجة مش طبيعية، الطريق كان بيدخل أكتر وأكتر في منطقة مهجورة، الشوارع بقت ضلمة بشكل مخيف، البيوت حواليه كانت متهالكة، وكأنها متسابة بقالها سنين.
وأخيرًا، وصل لمكان كان أشبه ببيت مهجور. الست نزلت من العربية ببطء، وقالت له
“استناني هنا”
نزلت من العربية ودخلت البيت اللي بابه كان مفتوح نصه. كريم فضل قاعد في العربية، قلبه مش مطمئن، حس إنه مش لازم يستنى. فجأة، الباب اتقفل بصوت قوي ومرعب. كريم اتفزع ونزل من العربية بسرعة عشان يشوف اللي بيحصل. وهو بيقرب من البيت، حس إن الأرض بقت تقيلة تحت رجله، وكأنه ماشي على رمال متحركة.
حاول يفتح الباب، لكنه مكنش بيتفتح. فجأة، سمع صوت ضحكة خافتة ومرعبة جواه. لف بسرعة، ولقى الست واقفة ورا الباب الزجاجي، بصَّت له بنظرة كلها شر، وفجأة الباب اتفتح لوحده. كريم وقف لحظة، متردد يدخل أو يهرب، لكن فضوله كان أقوى، ودخل جوا البيت بحذر.
وهو بيمشي في الطرقات الضلمة، حس إن البيت بيضيق عليه، الأرضية كانت بتصرخ تحت رجله. كل ما يقرب من مصدر الصوت اللي كان سامعه، الضحكات كانت بتعلى. وأخيرًا وصل لغرفة في آخر الممر، الباب كان مفتوح، وفيه نور خافت طالع منها. فجأة، حس ببرودة شديدة بتمر من وراه كأن في حد واقف وراه، لكنه مكانش قادر يلف يبص، وكأن جسمه تجمد من الخوف.
دخل ببطء، ولما بص قدامه، لقى مشهد مرعب. الست كانت واقفة وسط الغرفة، لكن كانت متغيّرة تمامًا، وشها بقى مشوه، هدومها كانت مليانة دماء. وبصَّت له بابتسامة شريرة وقالت
“أنت اللي جبت نفسك هنا”
قبل ما يقدر يهرب، حس بحاجة تقيلة بتشد رجله لتحت، الأرضية كانت بتتشق، وخرجت منها أيدين سوداء بتسحبه لجوة. حاول يقاوم، يصرخ، لكن صوته مكنش بيخرج. في لحظة رعب مطلقة، الدنيا ضلمت قدامه واختفى.
وفي اليوم اللي بعده، الناس مروا من نفس الطريق ولقيوا عربية كريم واقفة، لكن هو مبقاش موجود.