"ضائع في الصحراء"
"ضائع في الصحراء"
في إحدى ليالي الصيف الحارة، قررت أن أروي لكم قصة حدثت لي ذات يوم في الصحراء الكبرى. أنا عادل، شاب عربي مغامر، وأحب استكشاف الأماكن النائية، لكن تلك الرحلة كانت مختلفة تمامًا.
في ذلك الصباح، قررت أن أذهب في رحلة إلى الصحراء. كانت لدي سيارتي الرباعية الدفع، وكنت متحمسًا لاستكشاف جمال الطبيعة والهدوء بعيدًا عن ضغوط الحياة. قمت بتجهيز كل شيء: زجاجات الماء، الطعام، والكاميرا الخاصة بي لتوثيق المغامرة.
انطلقت في وقت مبكر من اليوم، وكان كل شيء يبدو رائعًا. القيادة في الصحراء كانت تجربة مذهلة، حيث كانت الرمال تتلألأ تحت أشعة الشمس، وكانت المناظر الطبيعية جميلة بشكل يفوق الوصف. لكنني لم أكن أعلم أن هذا الهدوء كان يخبئ وراءه ما هو أسوأ.
بعد عدة ساعات من القيادة، قررت أن أبتعد قليلًا عن الطريق الرئيسي لاستكشاف منطقة جديدة. أوقفت سيارتي تحت ظل صخرة كبيرة، وجلس لأخذ قسط من الراحة. ولكن عندما نظرت حولي، بدأت أشعر بشيء غير طبيعي. كان هناك سكون غريب في الهواء، وكأن كل شيء حولي قد توقف. بدأت الرياح تهب بشكل مفاجئ، وكأنها تحمل أصواتًا بعيدة.
حاولت تجاهل ذلك، لكن همسات غريبة بدأت تتسرب إلى مسامعي. كانت تتحدث بلغة غير مفهومة، وكأنها نداءات تحثني على العودة. شعرت بشيء من الخوف يتسلل إلى قلبي، لكنني قررت أن أواصل رحلتي.
بدأت أستكشف المكان، لكن مع مرور الوقت، أدركت أنني فقدت الاتجاه. كانت الكثبان الرملية تبدو متشابهة، وكلما حاولت العودة، زاد شعوري بالضياع. بدأت الشمس تغرب، وأصبح الظلام يحيط بي.
تملكني حالة من الذعر عندما وجدت أن الأضواء في سيارتي بدأت تومض. حاولت تشغيل المحرك، لكن السيارة لم تستجب. خرجت من السيارة وأنا أشعر بالخوف يتسلل إلى عروقي. الصحراء كانت مظلمة، وصمت الليل كان مروعًا.
بدأت أركض في اتجاه ما، محاولًا العثور على أي معلم يدلني على الطريق. لكن كلما مشيت، كانت الرمال تتجرف تحت قدمي، وكأنها تحاول أن تسحبني إلى الأسفل. ومع كل خطوة، كانت همسات الأصوات تزداد وضوحًا. "اذهب، اترك المكان."
في تلك اللحظة، شعرت بوجود شيء يراقبني. استدرت بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد. بدأت أركض مجددًا، وقلبي يدق بعنف. وفي خضم ذلك الخوف، لمحت شيئًا في الظلام. كان كائنًا غريبًا، شبه إنسان، بأعين تتلألأ كالجمر.
ركضت بكل ما أملك من قوة، ولكن الكائن كان يتبعني. تسارعت دقات قلبي، وصوت همساتهم كان يملأ أذني. حاولت استخدام هاتفي المحمول للاتصال بالنجدة، لكن لا إشارة كانت هناك.
شعرت باليأس وأنا أركض، وعندما وصلت إلى نقطة انهيار، تذكرت شيئًا مهمًا: يجب أن أواجه ما يحدث. لم أعد أستطيع الهروب. وقفت في مكان واحد وصرخت: "من أنتم؟ ماذا تريدون مني؟"
وفي تلك اللحظة، ظهرت صورة شبحية لامرأة أمامي. كانت عينيها تحملان حزنًا عميقًا، ولكنها أيضًا كانت مليئة بالقوة. "لماذا جئت إلى هنا؟" سألتني بصوت عميق ومخيف.
"كنت أبحث فقط عن مغامرة، ولم أكن أعلم أن هذا المكان يحمل أسرارًا" أجبت بارتباك.
"لقد عبثت في أماكن لا يجب أن تعبث بها، والآن عليك دفع الثمن." كانت كلماتها واضحة.
فجأة، بدأت الرمال تتشكل حولي، وكأنها تحاول أن تحبسني. لكنني استجمعت شجاعتي وركضت مرة أخرى، هذه المرة دون أن أنظر للخلف. تذكرت ما قالته لي جدتي عن الاحترام الذي يجب أن نكنه للأماكن القديمة.
بعد جهد مضنٍ، رأيت ضوءًا بعيدًا. كان ضوء الشمس الذي بدأ يشرق في الأفق. كان يجب أن أكون قريبًا من الطريق. استمريت في الركض نحو ذلك الضوء، وعندما وصلت، وجدت سيارتي!
الحمد لله! قمت بتشغيل المحرك، وانطلقت بسرعة بعيدًا عن تلك الرمال المخيفة. بينما كنت أقود، أدركت أن تلك الرحلة كانت أكثر من مجرد مغامرة. كانت درسًا قاسيًا حول الاحترام والخوف.
عندما عدت إلى قريتي، قررت أن أشارك قصتي مع الآخرين. علمت أنه في بعض الأماكن، هناك أسرار قديمة وأرواح محاصرة، وأننا يجب أن نحترم تلك الأماكن. من تلك اللحظة فصاعدًا، أصبحت مغامراتي أكثر حذرًا، وأنا أحمل درس تلك الليلة في قلبي.