همسات الظلام رعب الغابات
في احد القوراة الصغيرة ، كانت تكتنفها الأساطير والخرافات، عاش أهلها في حالة من الخوف والترقب. كانت تُروى قصص عن جن يعيشون في الغابات المحيطة، يختطفون من يجرؤ على الاقتراب من أماكنهم المحرمة. ولكن كان هناك شاب يدعى سامي، شاب مغامر وشجاع، قرر أن يستكشف تلك الغابات رغم تحذيرات أهل القرية.
ذات مساء، قرر سامي أن يتوجه إلى الغابة. كان القمر متلألئًا في السماء، لكن الأشجار العالية حجبته، مما جعل الظلام يكتنف المكان. كان يرافقه مصباح يدوي وبعض الطعام، وعزيمته على اكتشاف الحقيقة وراء الأساطير. بينما كان يمشي، بدأ يسمع همسات خفيفة، كأنها تأتي من أعماق الغابة. حاول تجاهلها، معتقدًا أنها مجرد خيالات ناتجة عن خوفه.
مع تقدم الليل، أصبحت الهمسات أكثر وضوحًا، وبدأت تتشكل في عبارات غير مفهومة. "ابتعد عن هنا... لن يكون لك مكان...". شعر سامي بالقلق، لكنه أصر على المضي قدمًا. بعد بضع ساعات من التجول، وصل إلى مكان غريب، حيث كانت الأشجار أكثر كثافة، وبدت الأرض مبللة كأنها شهدت شيئًا غير طبيعي.
فجأة، أضيئت المنطقة من حوله بومضات غريبة، وكأنها أشباح تتراقص في الهواء. بدأ سامي يشعر بشيء يراقبه. استدار ليجد كائنًا غريبًا يقف خلفه. كان له شكل بشري، لكن ملامحه مشوهة، وعيناه تتوهجان باللون الأخضر. لم يكن هناك شك، لقد رأى جنًا!
"لماذا جئت إلى هنا، أيها الغريب؟" سمع صوته العميق يتردد في أذنه.
"أردت أن أكتشف الحقيقة"، أجاب سامي، رغم خوفه.
ضحك الجن بشكل مرعب، "الحقيقة؟ لا أحد ينجو من معرفة الحقيقة هنا. نحن نحمي أسرار الغابة، ولا مكان للبشر."
حاول سامي الهروب، لكنه شعر بقوة غريبة تشده إلى الأرض. "لا تظن أنك ستفر"، قال الجن وهو يقترب منه. "لقد اخترت القدر بنفسك."
تدور الأحداث في عقل سامي، فهل كان عليه أن يصدق الأساطير أم أن هذا الجن كان مجرد خيال؟ في تلك اللحظة، تذكر قصة جده عن أسطورة قديمة، حيث يُقال إن من يقف أمام جن عليه أن يواجه ظلاله الداخلية.
"أنا لا أخاف منك"، صرخ سامي، "لأنني أعلم أنني أملك القوة في قلبي."
توقف الجن، ونظر إليه بفضول. "هل تعتقد أن قلبك سيساعدك؟"
فجأة، تذكر سامي المواقف الصعبة التي مر بها، الأوقات التي واجه فيها مخاوفه وتغلب عليها. ومع كل ذكرى، بدأ يشع ضوءًا، وكأن قوة جديدة تنبض في داخله. "أنا إنسان، ولدي إرادة، وأنت لا تستطيع انتزاعها مني."
عندما رأى الجن الضوء، تراجع للوراء، وكأنه خائف من هذا التحول. "كيف تملك هذه القوة؟"
"لأنني أؤمن بنفسي، وبأنني لن أسمح لك بالتحكم بي"، رد سامي وهو يشعر بالقوة تتزايد.
ثم استخدم سامي ضوءه ليبهر الجن، وتبددت الظلال التي كانت تحيط به. "اذهب إلى عالمك، لا مكان لك هنا."
مع كل كلمة قالها، كانت قوة سامي تنمو، حتى أصبح الضوء حوله ساطعًا بشكل يفوق الخيال. في النهاية، تراجع الجن إلى الوراء، قبل أن يختفي في ظلمة الغابة، تاركًا وراءه صدى همساته الخافتة.
شعر سامي بالنصر، ولكنه أدرك أن المغامرة لم تنته بعد. فقد تركت له هذه التجربة درسًا عميقًا، بأن القوة الحقيقية تكمن في الإيمان بالنفس، وأن مواجهة المخاوف هي السبيل للتغلب على الظلام.
عاد إلى القرية، وعندما روا لهم قصته، بدأ الناس يتغيرون في نظرتهم إلى الغابة. لم تعد مجرد مكان مخيف، بل أصبحت رمزًا للشجاعة والإيمان. وعاش سامي بقية حياته كرمز للشجاعة، يُلهم الآخرين بمواجهة مخاوفهم وأخذ العبر من أساطير الماضي.