لقائي بالمخلوق الغريب: درس في منتصف الطريق بين الرياض وحائل
لقائي بالمخلوق الغريب: درس في منتصف الطريق بين الرياض وحائل
كانت ليلة مظلمة بلا قمر،،،،
بدا الطريق الصحراوي الطويل بين الرياض وحائل وكأنه لا نهاية له، ولم يكن الطريق مضاءً إلا بالتوهج الخافت لمصابيح سيارتي الأمامية. كان الهواء ساكنًا، ثقيلًا بالصمت الذي غطى الصحراء المفتوحة. كنت أقود سيارتي عائدًا إلى حائل بعد رحلة عمل في الرياض، عازمًا على العودة إلى المنزل على الرغم من تأخر الوقت. بدا الطريق الفارغ الشاسع أمامي وكأنه ممتد إلى الأبد، لكن تلك الليلة كانت تحمل أكثر من مجرد وعد برحلة لا نهاية لها - فقد حملت لقاءً لن أنساه أبدًا.
لقد غادرت الرياض في وقت متأخر عن المخطط له،،،،
كان رئيسي في حاجة إلى اجتماع إضافي، وبحلول الوقت الذي انتهيت فيه، كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل بالفعل. كانت الرحلة طويلة، حوالي ست ساعات، لكنني اعتدت عليها. كان الطريق الصحراوي بين المدينتين هادئًا عادةً في الليل، ولا يوفر سوى القليل من حيث حركة المرور أو التشتيت.
وبينما كنت أقود السيارة، كان صوت المحرك المستمر وصوت الإطارات الإيقاعي على الأسفلت يهدني إلى حالة من الهدوء النسبي. ففتحت النافذة قليلاً، فسمحت لنسيم الصحراء البارد بالدخول، على أمل أن يساعدني ذلك على البقاء مستيقظاً. وبينما كنت أركز عيني على الطريق وعقلي منشغلاً بأفكار الليل المتأخر التي تبدو وكأنها تدعو إليها الرحلات الطويلة، لاحظت شيئاً غير عادي على الطريق أمامي.
وفي المسافة البعيدة،،،،،
تحت أضواء المصابيح الأمامية لسيارتي، كان هناك ما بدا وكأنه شخص يقف على جانب الطريق. في البداية، اعتقدت أنه قد يكون مسافراً آخر تقطعت به السبل ويحتاج إلى المساعدة. وكانت غريزتي الأولية هي التوقف. ففي نهاية المطاف، إنها قاعدة غير منطوقة للسفر في الصحراء ــ إذا رأيت شخصاً محتاجاً، فعليك أن تعرض عليه المساعدة. وهنا، في العدم الشاسع، تعتمد على لطف الغرباء.
ولكن عندما اقتربت، شعرت بشيء غريب في ذلك الشخص. لم يكن يتحرك مثل أي شخص عادي. كان واقفًا بشكل غير طبيعي، ولم يلوح حتى للمساعدة، بل كان واقفًا هناك في الظل. تقلصت معدتي من عدم الارتياح. حاولت التخلص من الشعور، وقلت لنفسي إنه مجرد عقلي المتعب يلعب بي. تباطأت وأنا أقترب من الشكل، وفتحت نافذتي لألقي نظرة أفضل.
ما رأيته بعد ذلك أرسل قشعريرة في عمودي الفقري.
كان الشكل طويلًا، طويلًا بشكل غير طبيعي، وكان جسده مغطى بما يشبه عباءة ممزقة. كان وجهه - أو ما كان يجب أن يكون وجهه - محجوبًا، لكنني تمكنت من رؤية عينين متوهجتين تتطلعان من الظلام. كانت عيون المخلوق لا تشبه أي شيء رأيته من قبل - ثاقبة، ومشرقة، وباردة، وكأنها تستطيع أن ترى روحي مباشرة.
تجمدت للحظة،،،،،
وقدمي تحوم فوق دواسة الفرامل، غير متأكد مما يجب أن أفعله. صرخت كل غريزة في داخلي لمواصلة القيادة، لكن شعورًا غريبًا بالالتزام دفعني للتوقف. "ماذا لو كان مجرد مسافر ضائع، فكرت؟ لكن في أعماقي، كنت أعلم أن هذا ليس بشريًا.
على عكس تقديري الأفضل، أبطأت السيارة حتى توقفت على بعد أمتار قليلة من ذلك الشخص. أبقيت المحرك يعمل، ويدي تحوم فوق ناقل الحركة، مستعدة للانطلاق بسرعة في أي لحظة.
"هل أنت بخير؟" صرخت من خلال النافذة المفتوحة، وكان صوتي يرتجف قليلاً.
لم يستجب الشخص. وقف هناك، بلا حراك، يراقبني بتلك العيون المتوهجة الغريبة. فجأة، أصبح الهواء من حولي أكثر برودة، وبدا صمت الصحراء يقترب، ويخنقني. تسارعت دقات قلبي، وكل خلية من كياني تصرخ الآن في وجهي لأغادر.
ثم، ببطء، بدأ الشخص في التحرك،،،،
لم يمش؛ بدا وكأنه ينزلق نحوي، وعباءته الطويلة تتدفق خلفه مثل الدخان. اجتاحني الذعر، وضربت قدمي على دواسة الوقود. كانت إطارات السيارة تصدر صريرًا على الأسفلت وأنا أسرع بعيدًا، وكان قلبي ينبض بقوة في صدري. وفي مرآة الرؤية الخلفية، رأيت ذلك الشخص يتوقف، ولا يزال يراقبني، وكانت عيناه المتوهجتان تحترقان في الجزء الخلفي من ذهني وأنا أقود السيارة في الليل.
خلال الساعة التالية، لم أستطع التخلص من الشعور بأن شيئًا ما كان يتبعني. ظللت أنظر إلى مرآة الرؤية الخلفية، متوقعًا أن أرى تلك العيون مرة أخرى، لكن الطريق ظل فارغًا. لكن الخوف لم يتلاشى. حتى عندما كنت على بعد أميال، شعرت وكأنني لست وحدي. أمسكت يداي بعجلة القيادة بإحكام، وقادت بسرعة أكبر من أي وقت مضى، يائسًا من وضع أكبر مسافة ممكنة بيني وبين ذلك الشيء.
عندما وصلت أخيرًا إلى حائل، كان الوقت قد تجاوز الفجر. شعرت أن المدينة، الصاخبة بالحياة، ملاذ آمن بعد رعب الليل. أوقفت السيارة وجلست هناك للحظة، ألتقط أنفاسي وأحاول فهم ما حدث.
هل تخيلت كل هذا؟
هل كان إرهاقي سبباً في حدوث نوع من الهلوسة؟
ولكن مهما حاولت أن أبرره، كنت أعلم في أعماقي أن ما رأيته كان حقيقياً.
وفي الأيام التي تلت ذلك، وجدت نفسي أعيد تمثيل هذه الواقعة مراراً وتكراراً في ذهني، محاولاً أن أفهمها. وسألت بعض السكان المحليين عن مشاهدات غريبة على الطريق بين الرياض وحائل، ولكن لم يسمع أحد منهم عن شيء يشبه ما وصفته. وقال لي البعض إنها مجرد هلاوس.
لقد كانت الصحراء مكانًا حيث يمكن للعقل أن يلعب عليك ألعابًا قاسية. لكنني لم أقتنع.
لكن كان هناك شيء واحد مؤكد:
لقد تعلمت درسًا قيمًا تلك الليلة. لن أتوقف أبدًا عن مساعدة أي مخلوق، مهما بدا بشريًا، في مثل هذه الظروف. الصحراء تحمل أسرارها، وبعض الأشياء من الأفضل تركها وشأنها.
إقرأ أيضاَ المزيد من قصص الرعب