اسرار اللعبه الملعونه
اكتشاف اللعبة
كانت نور تتجول في أزقة المدينة القديمة، تلك الأزقة التي لم تكن تظهر على الخرائط، حيث لا يتردد الناس غالبًا. الهواء كان مشبعًا برائحة الرطوبة والتراب، وضوء القمر بالكاد يلمع على الحجارة المتهالكة. جذبها متجر قديم يُغطيه الغبار من الخارج، ولا يبدو كأنه مفتوح لبيع أي شيء. الواجهة كانت مليئة بألعاب من حقب زمنية بعيدة، بعضها يحمل وجوهًا مشوهة وأخرى تبتسم بطريقة غير مريحة.
دخلت نور المتجر وهي تشعر بشعور غير مريح، وكأن شيئًا ما يتابعها. صاحب المتجر العجوز، بملامحه المتجعدة وأعينه الغائرة، كان يراقبها بصمت. رائحة الخشب العتيق والغبار كانت تغمر المكان، وألعاب خشبية منحوتة تبدو كما لو أنها نظرت إليها مباشرة. في ركن مظلم، تلمح نور صندوقًا خشبيًا، يختلف تمامًا عن بقية الألعاب، وكأنه لا ينتمي لهذا العالم.
"ما هذا؟" سألت نور بصوت منخفض، وهي تشعر بالخوف. "هذا الصندوق" قال العجوز بصوت مبحوح، "يحمل لعنة قديمة، لعنة تطارد من يفتحها."(لعبه ملعونه )
ورغم ذلك التحذير، شعرت نور بأن يدها تتحرك نحو الصندوق دون إرادتها. دفعت ثمنه بسرعة وخرجت من المتجر، لكن كان هناك شعور ثقيل يرافقها وكأن شيئًا غير مرئي يتبعها.
بداية الغموض
في مساء عيد ميلاد مريم، تجمع الأصدقاء في منزلها الضخم. الأضواء الخافتة والرياح التي تعصف بالخارج تضفي جوًا مريبًا. عندما أخرجت نور الصندوق، شعر الجميع بشيء غريب، وكأن الجو قد تغير فجأة، وكأن البرد اخترق الغرفة على الرغم من النوافذ المغلقة.
"وجدت هذه اللعبة في متجر غريب. كان صاحب المتجر يحذرني من شيء ما، لكنه لم يكن واضحًا." قالت نور وهي تضع الصندوق بحذر على الطاولة.
مريم فتحت الصندوق ببطء، وكأنها تعرف أن ما بداخله ليس مجرد لعبة. اللوحة كانت قديمة بشكل مرعب، خشبها مهترئ كأنه عاش لآلاف السنين، والقطع الصغيرة المترصعة بأحجار تبدو كأنها تنبض بالحياة. الكتابة على اللوحة كانت غريبة، مليئة برموز لا أحد يفهمها، وكأنها لغة منسية.
"ربما يجب ألا نلعبها." قالت سارة بقلق.
لكن كان الوقت قد فات، إذ تحركت أول قطعة بشكل غامض عندما وضعتها مريم على اللوحة. في تلك اللحظة، تومض الأضواء، وسُمع صوت همس خافت من جهة لا يعرف أحد مصدره. النسيم البارد الذي دخل فجأة من النافذة المغلقة جعل الجميع يرتجف، ولكنهم كانوا مستمرين في اللعب، كما لو أن هناك قوة تدفعهم لذلك.
بداية اللعنة
في اليوم التالي، بدأ الجميع يشعرون بأشياء غريبة، لكن مريم كانت الأكثر تضررًا. لم تستطع النوم؛ كوابيس متكررة تعذبها. كل ليلة كانت ترى أشكالًا غامضة تتحدث بلغة غير مفهومة، تقترب منها وتراقبها من زوايا الغرفة. وعلى مدار النهار، بدأت تسمع همسات تتكرر بصوت باهت، تلاحقها في كل مكان تذهب إليه.
"أشعر وكأن شيئًا يراقبني دائمًا." قالت مريم بقلق وهي تشعر بأن هناك عيونًا خفية تتربص بها.
وبعد أيام قليلة، اختفى أحد الأصدقاء فجأة، دون أن يترك أثرًا. بدأ البقية في القلق، وفي منزل مريم بدأت تظهر رموز غامضة على الجدران، تشبه تلك الموجودة على الصندوق. كانت النقوش تتوهج في الظلام، وكأنها تريد أن تنقل رسالة، لكن أحدًا لم يكن يفهمها.
البحث عن الحقيقة
عندما أدركت مريم أن اللعبة أكثر من مجرد لعبة، بدأت بالبحث في التاريخ. وجدت مقالات قديمة في أرشيفات غير معروفة عن ألعاب ملعونة تعود إلى حضارة قديمة، حضارة قيل إنها كانت تتواصل مع قوى غامضة في عالم آخر. هذه اللعبة لم تكن للترفيه، بل كانت أداة لفتح بوابات لعوالم لم يكن من المفترض للبشر الوصول إليها.
"يبدو أن كل حركة نقوم بها تفتح تلك البوابة أكثر." قالت نور وهي تقرأ بصوت مرتجف.
"إذا لم ننهِ اللعبة، ستدخل تلك الأرواح إلى عالمنا، وستطاردنا إلى الأبد."
الذروة
في هذه اللحظة، أصبحت مريم ونور مجبرتين على إنهاء اللعبة. الظلال بدأت تتحرك في المنزل كأنها كائنات حية. لم يعد الضوء يدخل المنزل، وكأن الظلام قد تغلغل في كل ركن، ملأه بأصوات غير مريحة. كلما اقتربتا من النهاية، زادت تلك الأصوات، وتحولت إلى صرخات تأتي من بعيد. كانت الأشكال المظلمة تقترب، وأحيانًا تظهر وجوه مشوهة تطل من الزوايا.
"إنها تقترب أكثر." قالت مريم بخوف وهي تحرك القطعة الأخيرة على اللوحة. الأصوات صارت أعلى، وكأن هناك شيء ينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض.
التضحية والنهاية
مع كل خطوة على اللوحة، تدرك مريم أن اللعبة تتطلب تضحية نهائية. لم يكن إنهاء اللعبة ممكنًا دون فقدان شيء ثمين. كل خطوة كانت تأخذ منها جزءًا من روحها، إلى أن وصلت إلى النقطة التي أدركت فيها أن عليها التضحية بذكرياتها عن والدتها الراحلة، تلك الذكريات التي كانت تربطها بالعالم الواقعي.
"لا يوجد خيار آخر." تمتمت مريم وهي تضع القطعة الأخيرة على اللوحة. فجأة، ساد صمت عميق، تلاشى كل شيء، واختفت الأصوات والظلال. لكن شيئًا آخر حدث. مريم شعرت بفراغ داخلها، كأن جزءًا من روحها قد اختفى للأبد.
ورغم أن اللعبة انتهت، كان هناك شعور داخلي ثقيل لدى الجميع. الصندوق كان لا يزال في مكانه، مغلقًا بإحكام، لكنه لم يكن ينتمي إلى هذا العالم. "ربما... يومًا ما، سيفتحه شخص آخر."