ليلي و البيت المهجور

ليلي و البيت المهجور

0 المراجعات

البيت المهجور

كانت ليلى تعشق المغامرات، ودائمًا ما كانت تبحث عن كل ما هو غامض وغريب. في إحدى الأمسيات، سمعت قصة عن بيت قديم يقع على أطراف قريتها، يقال إنه مهجور منذ أكثر من خمسين عامًا، ولم يجرؤ أحد على الاقتراب منه بسبب ما يشاع عن كونه مسكونًا بالأرواح الشريرة. كان الحديث عن هذا البيت يجذب فضولها، فقررت أن تقوم بزيارة له لتكتشف الحقيقة بنفسها.

في ليلة مقمرة، توجهت ليلى إلى البيت المهجور برفقة صديقيها، سامر ولينا. كانت الأشجار المحيطة بالمنزل تتمايل بهدوء بفعل الرياح الباردة التي تعصف بالمكان. وبالرغم من أن الجو كان ساكنًا، إلا أن شعورًا بالخوف تملّكهم جميعًا منذ اللحظة التي اقتربوا فيها من البوابة الصدئة. كانت البوابة تئن بصوت مخيف كلما حاولوا دفعها للدخول.

نظر سامر إلى ليلى وقال: “أنت متأكدة من أنك تريدين فعل هذا؟”

ابتسمت ليلى بشجاعة مصطنعة وقالت: “نعم، لن يحدث شيء. إنها مجرد قصص.”image about ليلي و البيت المهجور

دخلوا المنزل بخطوات بطيئة ومترددة. كان كل شيء في الداخل يغطيه الغبار، الأثاث القديم المتهالك متناثر هنا وهناك. بدا وكأن الزمن قد توقف في هذا المكان. الجدران كانت مغطاة برسومات قديمة، بعضها كان مشوّهًا بشكل يثير القشعريرة.

بينما كانوا يستكشفون الطابق الأرضي، سمعوا صوت خطوات خفيفة تأتي من الطابق العلوي. توقفوا جميعًا في مكانهم، وتجمدت الدماء في عروقهم. لم يكن أحد منهم يريد أن يعترف بما سمعه، لكنهم جميعًا سمعوه بوضوح.

قالت لينا بصوت مرتجف: “ربما كان ذلك مجرد صوت الرياح أو شيء آخر.”

لكن ليلى، مصرة على اكتشاف الحقيقة، صعدت السلم بهدوء، متجاهلة المخاوف التي بدأت تسيطر عليها. تبعها سامر ولينا على مضض. في الطابق العلوي، كانت الأبواب كلها مغلقة ما عدا بابًا واحدًا في نهاية الممر. كان هذا الباب يفتح ويغلق ببطء كما لو أن هناك أحدًا خلفه يدفعه.

عندما اقتربوا من الباب، شعروا فجأة ببرودة شديدة تغمر المكان، وأصوات غريبة بدأت تتردد في الهواء. فتح سامر الباب بحذر، ليكتشفوا غرفة مظلمة لا يُرى فيها سوى سرير قديم ومرآة كبيرة مكسورة على الجدار.

قالت لينا وهي ترتجف: “هذا المكان... يبدو وكأنه ليس فارغًا.”

فجأة، انعكست صورة غامضة في المرآة. كانت امرأة شاحبة الوجه بملامح مشوهة تنظر إليهم بنظرة باردة. تجمدت ليلى في مكانها، غير قادرة على الحركة أو الكلام. ثم، وبصوت مخيف، قالت المرأة: “لماذا أتيتم إلى هنا؟”

لم يستطع أحد منهم الرد. أخذت المرأة تقترب من المرآة، وبدأت ملامحها تتغير بشكل مرعب، وأصبحت أكثر تشوهًا. فجأة، تحطمت المرآة إلى ألف قطعة، وانتشرت الرياح الباردة في كل مكان.

صرخ سامر: "يجب أن نخرج من هنا!" وركض بسرعة نحو الباب، تبعته لينا وليلى.

ولكن قبل أن يصلوا إلى السلم، أُغلقت جميع الأبواب بقوة، وكأن قوة خفية تمنعهم من الخروج. بدأوا يسمعون أصوات همسات تأتي من كل زاوية، وكأن الأرواح التي سكنت المنزل بدأت تطاردهم.

صرخت ليلى بصوت مرتجف: "نحن آسفون! لم نكن نعلم!" ولكن الأصوات لم تتوقف، بل أصبحت أعلى وأكثر تهديدًا.

فجأة، ظهر كيان غامض في نهاية الممر، كان يقترب منهم بسرعة. لم يكن لديهم خيار سوى الاختباء في إحدى الغرف المغلقة. دخلوا الغرفة وأغلقوا الباب خلفهم. كانوا يتنفسون بصعوبة، والخوف قد شلّ حركتهم.

داخل الغرفة، لاحظوا وجود صندوق قديم. وبفضول رغم الخوف، فتحت ليلى الصندوق، لتجد بداخله رسائل قديمة وصورًا لعائلة كانت تعيش في هذا المنزل. كانت الصور تظهر رجلاً وامرأة وطفلة صغيرة. لكن هناك رسالة واحدة كانت غير عادية. كانت مكتوبة بخط يد مرتجف وتقول: “لن ندع أحدًا يأخذ منزلنا.”

أدركوا حينها أن الأرواح التي تسكن هذا المنزل كانت عائلة ماتت هنا في ظروف غامضة، وربما لا تزال تطارد كل من يدخل.

بدأت الأصوات تتزايد بالخارج، والكيان يقترب من الغرفة. لم يكن هناك مخرج، ولا مكان للاختباء. تجمعت ليلى ولينا وسامر معًا في وسط الغرفة، ينتظرون مصيرهم المحتوم.

ولكن فجأة، هدأت الأصوات، وانفتح الباب ببطء. خرجوا بحذر، ليجدوا المنزل هادئًا مرة أخرى. لم يكن هناك أي أثر للأرواح أو الكيان الذي كان يطاردهم.

ركضوا بسرعة خارج المنزل دون أن ينظروا خلفهم، متعهدين بعدم العودة أبدًا.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة