شقة القلعة (قصة مستوحاة من أحداث حقيقية حدثت بالفعل." الجزء الاول.

شقة القلعة (قصة مستوحاة من أحداث حقيقية حدثت بالفعل." الجزء الاول.

0 المراجعات

شقة القلعة

(قصة مستوحاة من أحداث حقيقية حدثت بالفعل)

مقدمة:

      الاحداث الصغيرة التى نتخيلها تافهة و غير مؤثرة هى فى الحقيقة التى من الممكن أن تؤدى الى المراحل الفارقة فى حياتنا, مثل حجر اصطدم فى مياه النيل فيقوم بعمل فقاعات فتقوم هذه الفقاعات بدورها بجذب انتباه طفل صغير غير مدرك لقوة السحب القوية لمياه النيل, فيركض حتى يقوم بالنزول للمياه ليستكمل هذا المشهد الساحر من شكل الفقاعات على سطح المياه و فى هذه اللحظة تلمحه أمه فتقوم بالركض نحوه و تنزل للمياه حتى تقوم بسحبه و القاءه على الشط و لكن فى هذه اللحظة تستنفذ قواها مع قوة السحب العالية لمياه النيل و بذلك يقوم النيل بسحبها لقاعه و تطفئ شعلة حياتها للابد أو ك كلمة حلوة تقال فى وقتها لشخص كان قد اقدم على انهاء حياته فتمنعه و تظل عالقة فى باله كلما راودته هذه الافكار ..و الحقيقة ان  كل هذه الامور كانت شبيهة لانتقالنا للبيت العتيق, البيت الذى لم نكن نعرف عنه شيئا الموجود بمنطقة القلعة و ذلك بسبب الوعكة المادية التى أصابتنا أنا و أسرتى و ذلك بسبب الوباء المنتشر منذ عدة أعوام و الذى ادى بدوره لتسريح والدى من عمله  مما ادى الى تدهور حالتنا المادية.

 

 

و من هنا تبدأ أحداث حكايتنا..

  حيث لم تكن هناك اى حلول و كان هذا فى حد ذاته كارثة لان والدى كان سنه كبير و والدتى لا تعمل و انا لما اكن كنت قد تخرجت من الجامعة بعد و بهذا لم اكن امتلك شهادة جامعية و فرصتى فى الحصول على اى وظيفة توفر لى المال الكافى و لاسرتى كانت اشبه بالمستحيلة, و عندها قرر والدى بيع شقتنا القيمة نسبيا و بدأ يبحث على شقق اخرى فى مناطق شعبية بحيث يستطيع شراء شقة منهم و توفير بعض المال ايضا لكى نتمكن من العيش لحين انتهاء هذه الازمة و تسديد ديوننا, و لكن الوقت كان قد بدا ينزف و والدى لم يجد اى شقة تناسب مقدار المال الذى كنا حددناه و اثناء هذه الظروف كانت شقتنا القيمة قد بدا يأتى اليها اناس بالفعل رغبة فى ان يشتروها, و مع كل هذا لم نكن قد اخبرنا اى احد من الاقارب او الاهل بهذه الظروف المادية السيئة التى نمر بها و ذلك لتوقعنا لسيناريوهان بالفعل, الاول: و هو ان احد من اعمامى او اخوالى او اقاربى الابعد يعرض علينا ان يجمعوا مبالغ مالية من بعضهم البعض لتسديد ديوننا, و طبعا هذا الحل لم يكن مطروح لنا وقتها حيث اننا كنا نريد التخلص من الديون التى علينا لا ان نزيدها بديون اضافية, اما عن الحل الثانى: فهو ان لا يعلق منهم احد من الاساس لانهم عاجزين عن تقديم اى حلول لنا. و سواءا عن السيناريو الاول او الثانى فالاثنين كانوا مؤلمين لنا و غير مقبولين, و لذلك فنحن اردنا من البداية ان نختصر عليهم و علينا كل هذا وجع القلب و تكتمنا على الموضوع. و كانت النتيجة بانه قد جاء مشترى بالفعل لشراء شقتنا القيمة نوعا ما و اتفقنا على السعر المحدد و لكن المشكلة كانت انه و حتى هذه اللحظة لم نكن قد وجدنا شقة لننتقل بها.

  و لهذا السبب لم تستطع أمى الصمود اكثر من هذا فأنهارت و قررت بأن تشارك أخيها أزمتنا التى نمر بها, و الذى بدوره اتصدم من الحالة التى وصلنا عليها و كيف اننا لم نخبر احد من الاقارب او العائلة كل هذا الوقت, و مع ذلك حدث ما كنا نعلمه و خائفين منه فهو ايضا لم يكن يملك اى حلول لنا , فالوباء الذى انتشر كان قد سبب للجميع مشاكل مالية و الذى هو ايضا كان يعانى منها و لذلك قرر التزام الصمت. و بدات الدموع تتغلغل فى عينيه مع احساسه بالعجز تجاه أمى و هنا انتفض من مكانه..

 و قال: “ لا لا يا زينب انتى ليكى مكان تروحيه.”

فردت عليه أمى: “مكان ايه يا محمد؟”

ليستكمل هو حديثه و يقول لها: “مكان أبونا سابهولك قبل ما يموت مكان مكتوب باسمك.”

و هنا تفاجات امى و ردت: “ازاى يعنى؟ مكان ايه دا اللى مكتوب باسمى؟”

  • -“انتى عارفة ابونا كان غاوى شراء شقق و عقارات خصوصا ان الموضوع مكانش صعب زى دلوقتى, فكان كل ما يجمع شوية فلوس يروح يشترى بيهم شقة سواء فى البلد عندنا او هنا فى القاهرة, و دا اللى نجدنا خلال ضائقات مادية كتيرة مرينا بيها فكان كل ما يحتاج لفلوس يبيع عقار منهم و كانت الدنيا بتمشى لحد ما فضلت شقة واحدة منهم بس و لانها كانت شقة بسيطة و مفيش عليها اقبال نسيناها تماما, و دا لانها حتى لو كانت اتعرضت للبيع ياما مكانش حد هيشتريها او انها كانت هتتباع برخص التراب. الشقة دى مقفولة من زمن الزمن عاملة كدة زى علبة الكبريت فى مساحتها.”
  •  
  • ="الحقنا بيها الله يخليك احنا نقبل باى حاجة لاننا معندناش فرصة الاختيار اصلا."
  •  
  • -"طب تعرفى ان الشقة دى بقى يا زينب مكتوبة باسمك؟ بابا كان مدرس ايوة و يمكن دماغه مكانتش دماغ بيزنس مان يعنى لكنه بامكانياته البسيطة و ذكاءه قدر يامنا كلنا لفترة مش قليلة حتى بعد وفاته و اهو دلوقتى كمان هينجدنا, الله يرحمك يا حاج."
  •  
  • ="الله يرحمه يا رب, عندك حق بس قولى بقى الشقة دى فين ياخويا؟"
  •  
  • -"فى منطقة القلعة."
  •  

="حلو و ماله القلعة منطقة كويسة و اصيلة كمان."

-"طبعا منظر القلعة لوحده يرد الروح بس للاسف يعنى المنطقة بقيت مهملة حبتين و كمان قريبة من ال…." و هنا خالى صمت قليلا و كأنه قد قال شئ لم يكن من المفترض له ان يقوله او يذكره, و لكن امى اصرت فى السؤال و ارادت ان تعرف منه ماذا كان يقصد و ما هى اخر جملته و التى تردد فى قولها. ليستكمل خالى كلامه بصوت واطى و مهزوز: “قريبة من, من المقابر يا زينب.”

لتفاجئه امى بردها و تقول: “ياشيخ خضتنى! طب ما معروف ان هناك فى مقابر ايه يعنى الجديد! مفيش مشكلة ما احنا كلنا اموات, ميت بيتولد من ميت يعنى عادى هما السابقون و نحن اللاحقون.”

ليرد خالى و هو يهرب من عيون أمى: “ماشى خلاص اللى تشوفيه ياختى.”

وقتها أمى قالت بحماس: “ماشى خلاص احنا مستعدين نتنقل من بكرة.”

-"تمام و هو كذلك ياختى."

  كنت بتابع المشهد و انا ساكتة تماما من غير ما اعلق و لم اوجه اى كلمة لاحد فيهم, الحقيقة وقتها لم اكن استطيع بان احدد احساسى بعد, هل أنا سعيدة لان الازمة بدات تتحل و ها نحن وجدنا ماوى لنا اخيرا؟ لان هذا كان يعنى باننا سوف نستطيع ان نسدد ديوننا و حتى من دون ان نستقطع اى مبلغ مالى للشقة و التى هى باسم بامى و ذلك يعنى اننا سوف نعيش الى حدا ما عيشة كريمة لفترة من الزمن حتى استطيع ان انهى دراستى الجامعية و اجد الوظيفة المناسبة لااساعد اهلى فى مصاريف المعيشة و البيت.

ام هل أنا حزينة و محبطة و لكننى لم استطع ان اواجه نفسى بعد؟ و لكن لا لن اضحك على نفسى فنحن بهذا القرار كنا نعلم اننا ننزل طبقة من مستوانا المعيشى و التى ليست بقليلة, ففى هذه المرحلة كنا ننتقل من طبقة الاسرة المتوسطة المكافحة الى الطبقة الكادحة. و اذا لم نتصرف فى المال بحكمة فلن نجد حتى الطعام ولا الشراب ولن نستطيع حتى شراء الدواء للعلاج اذا حدث لاى احد منا شئ لقدر الله.

و لذلك قررت ان اكون اجابية من غير توقع السئ و الثقة قى تدابير الله و بانه سوف ينصفنا مثل ما نصفنا فى كثير من المرات و الازمات, و بهذه الروح ذهبت لمساعدة امى فى تجهيز الحقائب و الاثاث للاستعداد للانتقال للمرحلة الجديد من حياتنا و هى “شقة القلعة” .

انتهينا انا و امى من تجهيز كل شئ و جاء خالى لنقلنا لشقة القلعة و من ورائنا عربات نقل الاثاث و الامتعة الخاصة بنا, و صعدنا جميعا للشقة و التى كانت كما قال خالى من قبل فمساحتها كانت تشبه علبة الكبريت فكانت صغيرة جدا, و يوجد بها غرفتين نوم بجانب بعض و مساحتهم صغيرة جدا و التى بالكاد تستطيع ان تستوعب فرد واحد فقط, حتى اننى بدات اشفق على ابى و امى فكيف لهم ان يتشاركوا فى غرفة واحدة معا بهذه المساحة الضيقة, حتى اننى بدات اشفق على حالى ايضا حيث مع العيش فى غرفة بهذه المساحة كان يجب ان اظل محافظة على رشاقتى و مرونتى لكى استطيع ان اعبر من السرير لباب الغرفة, حيث ان سريرى كان يلامس الدولاب الخاص بى و حتى لا اتخبط خبطة شديدة تسبب لى عاهة او اعاقة مستديمة. و لكننى و مع كل هذا صبرت نفسى بانها لفترة مؤقتة ان شاء الله و سوف ينتهى هذا الكابوس.

و لكن مساحة الشقة الضيقة لم تكن الحاجة الوحيدة التى لفتت انتباهنا و انما البيت نفسه فكان قديم جدا و بحاجة للترمبم و الاغرب ان كل الشقق به لم تكن ساكنة و يبدو عليها انها مقفلة منذ زمن الزمن و بهذا لم يكن يوجد غيرنا فى هذا البيت.

لن انكر اننا كلنا اتصدمنا لبعض من الوقت عند رؤية كل هذا و دخول الشقة و لكن بدانا بالضحك و السخرية و التمثيل على بعضنا البعض باننا سعيدين لانتقالنا لمكاننا الجديد, و بدانا بالفعل فى ترتيب البيت و وضع الاثاث و تفريغ الحقائب, و لكن كانت هناك رائحة نافذة جدا فى كل ارجاء البيت و التى كانت رائحة مميزة جدا فلم تكن مثل اى رائحة اشممتها من قبل او عرفتها و هنا طلب منى والدى بان اذهب لاقرب محل عطارة و اشترى البخور و بالفعل ذهبت للعطارة و احضرت الكثير من البخور و لكن عند عودتى و دخولى البيت وجدت……

 

                                                                                                                                                                                                                                                                         تابع  الجزء الثانى..

  •  

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

1

متابعهم

1

مقالات مشابة