حين يُصبح الحب لعنة: قصة قلبين فرقتهما الأقدار

حين يُصبح الحب لعنة: قصة قلبين فرقتهما الأقدار

1 المراجعات

قدر أم خذلان؟

 

image about حين يُصبح الحب لعنة: قصة قلبين فرقتهما الأقدار

المقدمة

في مدينة تعج بالحياة، حيث تختلط ضوضاء العربات بأصوات الباعة، كان هناك رجل يدعى "يوسف"، شاب بسيط يعمل في مكتبة صغيرة بوسط المدينة. لم يكن ثريًا، لكنه كان يملك قلبًا نقيًا وأحلامًا لا تعرف المستحيل. أما "سارة"، فكانت فتاة من عالم مختلف، ابنة تاجر ثري، تعيش حياة مرفهة لكن ينقصها شيء لا يستطيع المال شراءه: الحرية.

كانت المكتبة المكان الذي جمعهما، حين دخلت سارة ذات مساء باحثة عن كتاب نادر. كانت تمطر في الخارج، فوجدت نفسها تمسك برأسها حين سقطت عليها قطرات المطر من السقف المتهالك. أسرع يوسف نحوها معتذرًا، وناولها منديلاً وهو يقول بابتسامة خجولة:

— "عذرًا، يبدو أن السقف قد قرر مشاركتك القراءة."

ضحكت سارة، ونظرت إليه لأول مرة، فوجدت في عينيه شيئًا لم تره من قبل؛ الصدق.

ومن هنا بدأت القصة.

تصاعد الحب

لم تكن سارة تعرف كيف يتحول الاهتمام إلى تعلق، ثم إلى حب لا يمكن كتمانه. لكنها وجدت نفسها، دون وعي، تعود إلى المكتبة كل يوم، تسأل عن كتب قرأتها مسبقًا فقط لتسمع صوته يجيبها. أما يوسف، فقد أدرك منذ البداية أن قلبه وقع في حبها، لكنه لم يجرؤ على الاعتراف، كان يعلم أن حبه لها هو أشبه بالمشي فوق الجمر.

لكن ذات ليلة، تغير كل شيء.

كان يوسف جالسًا على درج المكتبة بعد الإغلاق، يتأمل السماء، حين وجدها تقف أمامه، تتنفس بسرعة، عيناها تائهتان.

— "سارة؟ ماذا تفعلين هنا؟"

— "يوسف… أنا لا أستطيع العيش هكذا بعد الآن، أشعر أنه يجب قول هذا قبل فوات الآوان"

بدا الخوف على ملامحه، وقف دون أن يعرف ماذا يقول، لكنها تابعت بصوت مرتجف:

— "أحبك."

كانت الكلمة كالزلزال، هزّت كيانه، لكنه لم يستطع الفرح. كان يدرك أن حبها له يعني الحرب مع عالمها، ومع والدها الذي لن يرضى بشاب مثله، مجرد بائع كتب، أن يكون زوجًا لابنته الوحيدة المدللة.

المأساة تقترب

قرر يوسف أن يقاتل من أجلها. ذهب إلى والدها في قصره الفخم، وقف أمامه بقلب يشتعل بالإصرار، وقال بثبات:

— "أحب ابنتك وأريد الزواج منها."

نظر إليه الرجل ببرود، ثم ضحك بصوت ساخر:

— "أنت تمزح، أليس كذلك؟ هل تعتقد أنني سأزوج ابنتي لبائع كتب؟"

لكن يوسف لم ينكسر، قال بهدوء:

— "قد لا أملك المال، لكني أملك قلبًا يحبها بصدق."

اقترب الرجل منه، نظر إليه بازدراء، ثم قال بصوت منخفض، كأنما يخاطب خادمًا:

— "انسَها، أو سأجعلك تندم."

لكن الحب لا يُمحى بالتهديد.

الخيبة والخذلان

في الليلة التي خططا للهروب فيها، وقفت سارة في غرفتها، قلبها ينبض بعنف، وهي تنتظر يوسف عند النافذة كما اتفقا. لكن الباب فُتح بعنف، ووقف والدها أمامها، عينيه تقدحان شررًا.

— "إياكِ أن تفكري في هذا مرة أخرى."

حُبست في غرفتها لأسابيع، لم ترَ يوسف، لم تسمع صوته. وحين أخيرًا تمكنت من إرسال رسالة سرية له عبر خادمتها، جاءها الرد الذي حطمها تمامًا.

"سارة، أنا آسف، لا أستطيع."

أحست كأن الهواء قد سُحب من حولها. يوسف استسلم؟ الرجل الذي وعدها بالقتال، استدار ورحل؟ لم تستطع التصديق، لكن الرسالة كانت واضحة، لم يكن هناك تفسير آخر سوى أنه قرر الابتعاد.

الحقيقة القاتلة

مرت السنوات، وسارة تزوجت رجلًا آخر، رجل اختاره والدها بعناية. لكن قلبها ظل معلقًا في مكان آخر، حيث المكتبة التي لم تزرها منذ الفراق.

وذات يوم، وبينما كانت تسير في السوق مع زوجها، رأت رجلًا يبيع الكتب على الرصيف، ملامحه مألوفة، رغم أنها أصبحت أكثر إنهاكًا. اقتربت ببطء، حتى وقفت أمامه.

كان يوسف.

رفع رأسه، وعيناه التقتا بعينيها. للحظة، عاد الزمن إلى الوراء، إلى الليالي التي كانا يحلمان فيها بحياة لم تتحقق.

تمتمت بصوت مختنق:

— "لماذا؟ لماذا تركتني؟"

تنهد يوسف، ثم قال بصوت خافت، يكاد لا يُسمع:

— "لم أترككِ، سارة... والدك جاء إليّ، لم يهددني هذه المرة، بل جعلني أرى الحقيقة... قال لي إن لم أبتعد، سيدمر حياتكِ، وسيرسلكِ إلى مكان لن أجدكِ فيه أبدًا. لم يكن لدي خيار... فاخترت أن أترككِ حتى تظلي قريبة، حتى لو لم تكوني لي."

شعرت سارة أن العالم يدور بها. كل هذه السنوات، وكل هذا الألم، بسبب كذبة؟

لكنه كان قد فات الأوان.

الخاتمة 

غادرت سارة، لكنها لم تعد كما كانت. عاشت حياتها مع رجل لم تحبه يومًا، بينما عاش يوسف بقلب لم يعد يعرف الفرح.

وفي النهاية، كانت الحقيقة القاسية أن الحب وحده لا يكفي، وأن أقسى أنواع الخيانة، هي تلك التي تُفرض علينا باسم الحب.

لم يكن هناك أبطال في هذه القصة، فقط قلوب تحطمت، وذكريات بقيت خلفها، كصفحات ممزقة من كتاب لم يكتمل.

العبرة:
أحيانًا، الحب ليس في أن نكون مع من نحب، بل في أن نختار ألم الفراق على أن نراهم يعانون. ولكن، هل كان يستحق؟ هذا السؤال، بقي بلا إجابة...

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

4

متابعين

2

متابعهم

1

مقالات مشابة