مدرسه بدون طلاب

مدرسه بدون طلاب

0 المراجعات

كانت الساعة تقترب من منتصف الليل، حين قرر علي وأصدقاؤه الثلاثة—إيهاب، حسن، ومحمود—الدخول إلى المدرسة القديمة التي يقال عنها أنها مسكونة. المبنى كان مهجورًا منذ عشر سنوات، بعد حادثة غامضة راح ضحيتها أربع طالبات انتحرن في ظروف مجهولة.

منذ أن خطوا داخل البوابة الحديدية الصدئة، شعروا أن الهواء أثقل من المعتاد، وكأن المكان يتنفس ببطء. أضواء الشارع لم تصل إلى الداخل، وكل ما لديهم كان مصباحين صغيرين. تقدموا بحذر في الممرات المظلمة، والجدران مليئة بالكتابات القديمة والرسومات المخيفة.

"سمعتوا الصوت ده؟" همس محمود.

كان هناك صوت خافت يشبه خطوات تقترب ثم تختفي فجأة. بعد دقائق بدأوا يسمعون همسات غريبة، وكأن أحدًا ينادي أسماءهم من بعيد. علي شعر أن قلبه ينبض بقوة، لكن فضوله منعه من التراجع.

اتفقوا على أن يستكشف كل واحد منهم طابقًا مختلفًا، على أن يعودوا ويلتقوا في السطح. وهكذا تفرقوا. صعد علي إلى السطح وهو يشعر بالبرد يتسلل إلى عظامه، هناك وجد إيهاب ينتظره، لكن ملامحه كانت غريبة—شاحب الوجه، عيناه لا ترمش، وكأنه لم ينم منذ أيام.

“إيهاب… إنت كويس؟”

لم يرد إيهاب، بل أشار بيده نحو الدرج. قبل أن يسأل علي أكثر، دوى فجأة جرس المدرسة بصوتٍ مرتفع جعل قلوبهم تتوقف للحظة. كان الصوت حادًا وقويًا، وكأنه قادم من قلب المبنى، رغم أن الكهرباء مقطوعة عن المدرسة منذ سنوات.

ركض علي وإيهاب هابطين السلالم بسرعة، وهناك التقوا بحسن في الطابق الأول. كان حسن يلهث وهو يقول: “يلا نهرب! إحنا التلاتة نطلع فورًا!”

علي نظر حوله وقال: “إحنا اتنين بس… فين إيهاب؟”

حسن نظر بدهشة إلى جانبه وقال: “إيهاب أهو واقف ورايا!”

لكن علي التفت ولم يجد أحدًا. قبل أن يسأل أكثر، سمعوا صوت خطوات ثقيلة تقترب من الممر. وفجأة، ظهر من الظلام إيهاب آخر، قادم من الدور الأرضي، وملامحه طبيعية هذه المرة، لكنه كان مصدومًا تمامًا:

“أنا… أنا كنت تحت طول الوقت! أنتوا بتكلموا مين فوق؟!”

ساد الصمت للحظة، قبل أن تشتعل الأنوار في الممر من تلقاء نفسها، وتظهر على الجدران ظلال لأربعة فتيات يرتدين زي المدرسة، يراقبونهم من بعيد. إحدى الظلال تقدمت خطوة، والهمسات تحولت إلى ضحكات باردة، ثم انطفأت الأنوار فجأة.

لم ينتظر الثلاثة ثانية واحدة، ركضوا نحو الباب الرئيسي بكل ما لديهم من قوة. لكن عندما خرجوا، اكتشفوا أن البوابة الحديدية مغلقة من الداخل، وعبر الفراغ بينهم وبين الشارع، رأوا الفتيات الأربع واقفات في صف واحد، يبتسمن ابتسامة مرعبة، وعيناهن تلمعان في الظلام.

وعندما دوى جرس المدرسة مرة أخرى، أدركوا أن الليلة لم تنتهِ بعد…

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

3

مقالات مشابة