حين قرر القدر أن يجمعنا

حين قرر القدر أن يجمعنا

0 المراجعات

كنت أظن أن قصص الحب التي تبدأ بالصدفة مجرد حكايات للأفلام والروايات، حتى جاء ذلك اليوم الذي غيّر حياتي.
كنت في محطة القطار بالإسكندرية، أنتظر القطار المتجه إلى القاهرة. الجو كان باردًا والسماء ملبدة بالغيوم، والناس يتحركون على عجل وكأن كل واحد منهم يطارد شيئًا ما. كنت واقفًا أحتسي قهوتي الساخنة، حين سمعت صوت كتب يتساقط على الأرض. التفتُّ فرأيتها…

فتاة ترتدي معطفًا رماديًا وشالًا أزرق، تحاول أن تجمع كتبها بسرعة قبل أن تدوسها الأقدام. اقتربت منها ومددت يدي، ناولتها كتابًا كان قد تدحرج بعيدًا، فقالت بابتسامة:
– "شكرًا… كنت هخسر الرواية دي للأبد."
ابتسمت أنا الآخر، وسألتها عن الرواية. ومن هنا بدأ حوار لم أكن أتوقع أنه سيطول أكثر من دقيقة، لكنه امتد حتى وصل القطار.

جلسنا في نفس العربة، بالصدفة أو ربما بتدبير خفي من القدر. كان بيننا مقعد فارغ، لكن الحديث جعل المسافة تتلاشى. أخبرتني أنها تُدعى مريم، وأنها تعمل في مجال التصميم الجرافيكي، وتعشق القراءة منذ كانت طفلة. أنا بدوري حكيت لها عن شغفي بالتصوير الفوتوغرافي، وكيف أبحث دائمًا عن لقطات تحمل مشاعر حقيقية.

طوال الرحلة، لم نشعر بالوقت. تحدثنا عن الكتب المفضلة، عن المدن التي نحلم بزيارتها، وعن لحظات الطفولة التي بقيت عالقة في الذاكرة. كان هناك شيء في صوتها وطريقة كلامها جعلني أشعر براحة غريبة، وكأني أعرفها منذ زمن بعيد.

حين وصلنا القاهرة، تبادلنا أرقام الهواتف. لم يكن الأمر مجرد مجاملة، بل رغبة صادقة في أن يمتد هذا الحوار إلى ما بعد حدود القطار. وبالفعل، بدأت الرسائل والمكالمات، ثم اللقاءات في مقاهٍ صغيرة وحدائق هادئة.

مريم لم تكن مجرد فتاة تعرفت عليها، بل كانت إنسانة أضافت لونًا جديدًا إلى حياتي. كانت تستمع بصدق، وتضحك من قلبها، وتشجعني على مطاردة أحلامي. وأنا بدوري حاولت أن أكون سندًا لها، أشاركها لحظات الفرح وأقف بجانبها في الأوقات الصعبة.

مرت الشهور، وأصبحنا جزءًا من حياة بعضنا البعض. كنا نلتقي كثيرًا عند الكورنيش، نجلس على المقاعد الخشبية ونراقب الأمواج وهي تتكسر على الصخور. وفي كل مرة، كان هناك صمت جميل بيننا، صمت مليء بكلمات لا تحتاج إلى أن تُقال.

وفي ذكرى مرور عام على لقائنا الأول، دعوتها إلى مقهى مطل على البحر. كنت متوترًا وأنا أضع يدي في جيبي حيث أخفيت علبة صغيرة. جلست أمامي وهي لا تعرف ما ينتظرها. ابتسمت وقلت:
– "من يوم ما وقعت كتبك في المحطة، وقع قلبي معاهم… ومش ناوي أقومه تاني. تتجوزيني؟"

عيناها امتلأتا بالدموع، وابتسمت وهي تهمس: "وأنا كنت مستنياك تسأل من أول يوم."

هكذا، بدأت قصتنا صدفة، لكنها استمرت باختيارنا كل يوم. والآن، حين أنظر إلى الوراء، أدرك أن أجمل اللحظات هي تلك التي لم نخطط لها، لكنها غيرت حياتنا للأبد. 

مختصر : قصة "حين قرر القدر أن يجمعنا" تحكي عن لقاء صدفة في محطة قطار بين شاب وفتاة أسقطت كتبها على الأرض. يبدأ الحديث بسؤال عن رواية، ويتحول إلى صداقة تمتد خارج حدود الرحلة. مع مرور الأيام، تتوطد العلاقة بينهما عبر لقاءات ورسائل، ليكتشف كل منهما أن الآخر أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياته. من جلسات على الكورنيش إلى لحظات صمت مليئة بالمشاعر، تتطور القصة حتى تنتهي بعرض زواج مؤثر. هي حكاية تؤكد أن أجمل ما في الحب أنه قد يبدأ في لحظة غير متوقعة، لكنه يستمر بالاختيار. السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

2

متابعهم

3

متابعهم

1

مقالات مشابة