قصة يوسف ورحلة العودة إلى الله

قصة يوسف ورحلة العودة إلى الله

0 المراجعات

للمتابعه اضغط : https://youtube.com/channel/UCEzCSy-3fhDvy7Mw_YYNm8Q?si=iMg3hHM6OHgaGD8p

قصة يوسف ورحلة العودة إلى الله

في إحدى القرى الصغيرة كان يعيش فتى اسمه يوسف، يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا. كان يوسف ذكيًا ومرحًا، لكنه لم يكن يهتم كثيرًا بأداء الصلاة في وقتها، وكان يؤجلها حتى تفوته، وأحيانًا يتركها من دون عذر. أما في رمضان، فكان يصوم مع أسرته، لكنه لم يكن يفكر في الحكمة من الصوم أو الفوائد التي تعود عليه منه.

كان أبوه دائمًا ينصحه ويقول له:
– يا بني، الصلاة هي عمود الدين، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين. والصيام مدرسة عظيمة لتربية النفس.
لكن يوسف كان يبتسم ويغيّر الموضوع، كأنه لا يريد أن يسمع.

مرت الأيام، وبدأ يوسف يشعر بفتور في قلبه. كان يغضب بسرعة، يشعر بالملل، ولا يجد راحة في قلبه رغم أنه كان يملك كل ما يتمناه من ألعاب وأصدقاء.

في يوم من الأيام، مرض جد يوسف مرضًا شديدًا، ودخل المستشفى. ذهب يوسف مع والده لزيارته، فوجد جده طريح الفراش، لكنه رغم ضعفه الشديد كان يبتسم ويقول:
– الحمد لله الذي أعانني على الصلاة طوال حياتي، والله إني أشعر بالسكينة رغم مرضي.

اقترب يوسف من جده وسأله:
– جدي، كيف تصبر على المرض وأنت في هذا الحال؟
ابتسم الجد وقال:
– يا بني، من يتعود على الصلاة يجد قلبه متعلقًا بالله في كل حال، فلا يخاف ولا يحزن. الصلاة يا يوسف هي التي تجعلنا نثبت وقت الشدائد. أما الصوم، فهو الذي يعلّمنا الصبر والتحمّل، ويذكّرنا بالفقراء والمحتاجين، حتى لا ننسى نعمة الله علينا.

كلمات الجد أثّرت في يوسف كثيرًا، لكنه ظلّ صامتًا.

بعد عدة أيام، توفي الجد رحمه الله. كان ذلك الموقف صادمًا ليوسف، فقد كان يحب جده كثيرًا. في تلك الليلة، جلس يوسف وحيدًا في غرفته، يتأمل في كلمات جده. شعر بشيء من الخوف في قلبه، وتساءل:
– ماذا لو جاءني الموت فجأة وأنا لا أصلي بانتظام؟ ماذا سيكون حالي؟

قرر يوسف أن يبدأ من جديد. في الصباح استيقظ قبل الفجر لأول مرة في حياته من تلقاء نفسه، توضأ وذهب مع أبيه إلى المسجد. شعر براحة غريبة وهو يقف في صف المصلين، يسمع الإمام وهو يتلو القرآن. وكأن الكلمات تنزل مباشرة إلى قلبه.

بعد الصلاة، شعر يوسف بخفة في صدره لم يعرفها من قبل. ابتسم وقال في نفسه:
– هكذا كان جدي يشعر بالسكينة!

مرت الأيام، وأصبح يوسف حريصًا على الصلاة في وقتها. ومع بداية شهر رمضان، عاهد نفسه أن يصوم صومًا حقيقيًا، ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل صومًا يحفظ لسانه من الكذب، ويبعده عن الغضب والجدال.

في أول يوم من رمضان، شعر بالجوع والعطش، وكاد أن يغضب من أحد أصدقائه، لكنه تذكر أن الصوم ليس جوعًا فقط، بل تهذيب للنفس. صبر على الموقف وقال:
– إني صائم.

وبمرور الأيام، بدأ يوسف يكتشف أن الصيام يعطيه قوة في التحكم بنفسه، ويقربه من الله أكثر. كما شعر بحال الفقراء حينما كان يجوع، فأصبح أكثر رحمة وعطفًا.

في العشر الأواخر من رمضان، جلس يوسف مع أبيه يتحدث عن التغيير الذي شعر به. قال يوسف:
– يا أبي، الآن فهمت كلام جدي. الصلاة تجعلني مطمئنًا مهما كانت الظروف، والصيام يعلّمني الصبر ويجعلني أرحم بالناس. لقد كنت غافلًا طويلًا.
ابتسم الأب وقال:
– الحمد لله الذي هداك، يا بني. تذكّر دائمًا أن الصلاة والصوم هما جناحان يرفعان المؤمن إلى رضا الله.

انتهى رمضان، لكن يوسف لم يعد كما كان. صار يحافظ على الصلاة دائمًا، ويشعر بفرق كبير في حياته. لم يعد يغضب بسرعة، وأصبح أكثر هدوءًا وحكمة. كان يساعد أمه في البيت، ويعامل إخوته بلطف، ويحترم والده.

وذات يوم كتب في دفتره جملة تذكّره دومًا:
"من ضيّع الصلاة فقد خسر قلبه، ومن استهان بالصوم فقد خسر صبره، ومن جمع بينهما ربح الدنيا والآخرة."


العبرة من القصة

الصلاة تعطي الإنسان طمأنينة وثباتًا في حياته، فهي صلة بين العبد وربه.

الصوم يعلّم الصبر والتحمّل، ويجعل القلب رقيقًا رحيمًا بالفقراء والمحتاجين.

من حافظ على الصلاة والصوم عاش سعيدًا مطمئنًا، ومن تركهما عاش قلقًا مضطربًا.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

3

متابعهم

1

متابعهم

2

مقالات مشابة