فكّ الشيفرة – الجزء الخامس | غرفة المراقبة وكشف سر التوأم

فكّ الشيفرة – الجزء الخامس | غرفة المراقبة وكشف سر التوأم

Rating 0 out of 5.
0 reviews

فكّ الشيفرة – الجزء الخامس: غرفة العيون التي لا تنام.

تجمّدتُ في مكاني، عيناي مثبتتان على تلك النقطة السوداء الصغيرة خلف إطار الصورة.

أكتشاف الكاميرا

كانت تراقبني. كل حركة، كل همسة، كل دمعة… لم يكن "رائد" وحده من يراقب، ولا "ليلى" وحدها من تتجسس. كان هناك عين ثالثة، باردة وصامتة، تُسجّل كل شيء كما لو أنّ حياتي صارت عرضًا في غرفة مظلمة.

الباب السري وغرفة التحكم

صوت الهاتف المشفّر ما زال يتردّد داخلي:
"ما تشوفيش الفيديو. أفتحي الباب اللي ورا الصورة. بس افتحيه بهدوء..."

أقتربت من اللوحة المعلقة بيدين مرتجفتين، أزيحت ببطء كما تزيح الغطاء عن سر قديم. خلفها كان باب حديدي صغير، مدفوع بالغبار وكأنه يُخبئ لعمره سرًا. لكنه لم يكن مقفلاً. فتحتُه ودخلت الممر الضيق، والرطوبة علّقت على شعري كأنها وصمة.

الضوء هناك خافت، ينبعث من شريط أزرق باهت على أطراف السقف، يجعل المكان كغرفة تحكّم مسروقة من فيلم جاسوسي. وفي الزاوية، صفٌّ من الشاشات يحدّق بي دون رحمة: عشرات النوافذ المصوّرة تُظهر الصالة، الممرات، غرف الضيوف، وحتى زاوية الحمّام الصغير.

شهقتُ، ووضعت يدي على فمي: كيف يتحول بيت إلى شبكة، وكيف يصبح آدمٌ في داخله مراقَبًا على مدار الساعة؟ سؤالان تكرّرا في رأسي بلا جواب: من؟ ولماذا؟

image about فكّ الشيفرة – الجزء الخامس | غرفة المراقبة وكشف سر التوأم

ظهور التوأم

ثم أضاءت الشاشة الوسطى بخطوة درامية، وبدأ مقطع مسجّل. ظهر فيه وجه مألوف إلى حد التطابق. كان يشبه "رائد"، لكن عينيه كانت جليديتين، ونبرته لا تعرف الدفءَ.

"مرحبًا يا جميلة…" قال بصوتٍ هادئٍ لكنه ثاقب.

تجمّدت. لم أنطق. ثم قال ببرودٍ واضح:
"أنا مش رائد. أنا أمير. توأمه."

أرتجفت. كانت الكلمة كجرح عميق. توأم؟ كيف لم يخبرني أحد بهذا؟ كيف جاء الشبح الذي لم أعرفه ليحوّل كل ما عرفته إلى ظلال؟

تابع مبتسمًا بخبث:
"هو أختار الحياة، وأنا أخترت الظلام. وهو أعتقد أن كل شيء سيكون له، لكني عدت لأستعيد حقي — حتى أنتِ."

أنقلب عالمِي داخليًا. ذكرياتي معه، صوته ليلاً، لمسات يديه — هل كانت كلها جزءًا من لعبة متقنة؟ أم أنني وقعت في حب رجلٍ مقسوم إلى نصفين؟

توقّف الفيديو فجأة، وكأن أحدهم ضغط زر النهاية على مصيري. الشاشات سكنت، والباب الذي دعيت لدخول الممر أغلق بشدةٍ خلفي، فأحسست بصوت المعدن يطبّق مصيرا.

خُيّل لي أن الصمت صار أحمق، وأن الغرفة نفسها تهمس باسمي بخبث. لكن مع الخوف نما فيّ شيءٌ آخر: رغبة جامحة في كشف الحقيقة. لم أعد أقبل أن أكون عابرةً في قصةٍ كتبها آخرون. رغبت أن أقرأ الشيفرة بنفسي، حتى لو كانت تمامًا ما يخيفني.

فتحت درجًا صغيرًا بجانب لوحة التحكم، ووجدت ظرفًا يحتوي على صورٍ قديمة لي — طفلةً في حديقةٍ مهجورة، صورة في سوق قديم، وختم صغير من ورق به تاريخ مكتوب بخطٍ دقيق. لم أفهم من أين جاءت تلك الصور، لكن وجودها في غرفة المراقبة جعلني أشعر بأن شيئًا أعمق بكثير من مجرد نزاعٍ عائلي يجرى على السطح.

القرار المصيري.

رنّ هاتفي من رقمٍ مجهول. رفعت السماعة مرتجفة. جاء صوت مكتوم، عميق: "الشفرة ليست ما تظنين." ثم أنقطع الخط.

وقفتُ وسط غرفة العيون التي لا تنام، وحدي أمام قرارٍ لم يعد يحتمل التردّد: الهرب لكي أعيش بعناءٍ مهيأ سابقًا، أم الغوص في قعر الشيفرة لأعرف من كتب حكايتي ومن كان يجلس خلف العدسات طوال هذا الوقت.

أختَرت أن أستمر. وضعتُ يدي على لوحة الأزرار، وأغمضت عينيّ للحظة، أستجمع شتات شجاعتي. كانت تلك بداية فصل جديد — فصل فيه الصمت لم يعد خيارًا، والسر لم يعد يملك حصريته على الحقيقة.

خاتمة مؤقتة.

كنت أعلم أن الخطوة التالية لن تعود بي كما كنت. هناك سرّ أكبر من "أمير" و"رائد"، سرّ يتربّص بي خلف الأزرار والشاشات، ينتظر لحظة ضعفي. شعرتُ أن القادم ليس مجرد كشف، بل مواجهة ستعيد رسم حياتي من جديد...

✨ نهاية الجزء الخامس — يتبع...

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

5

followings

0

followings

1

similar articles
-