القاهرة وباريس بين قصه حب

القاهرة وباريس بين قصه حب

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

في شتاء عام 2009،

 كانت القاهرة مزدحمة كعادتها، وضجيج السيارات يملأ الشوارع، بينما كانت "ليلى" تجلس في مقهى صغير وسط البلد، تحمل بيدها كتابًا مترجمًا بالفرنسية، كعادتها حين تهرب من صخب الحياة. ليلى كانت شغوفة بالقراءة والسفر، رغم أنها لم تخرج من مصر يومًا. في نفس الوقت، وفي مدينة بعيدة على ضفاف نهر السين بباريس، كان "آدم" – شاب مصري يعيش هناك منذ سبع سنوات – يجلس أمام شاشة الكمبيوتر يكتب مقالًا عن "الحنين إلى الوطن". آدم كان عاشقًا للتاريخ والأدب، وكان يكتب في مدونة شخصية يتابعها بعض المهتمين في مصر.

image about  القاهرة وباريس بين قصه حب

 

الصدفة التي جمعت بينهما بدأت حين كتبت ليلى تعليقًا على مقاله قائلة: "أنت تكتب عن الوطن وكأنك تسكن في قلبي، رغم أني لم أرك يومًا." ابتسم آدم حين قرأ كلماتها، ورد عليها: "أحيانًا يكفي أن نتشارك الحنين، ليشعر المرء أنه يعرف الآخر منذ زمن بعيد." ومن هنا بدأت الحكاية…

تحولت التعليقات إلى رسائل، والرسائل إلى أحاديث طويلة عبر البريد الإلكتروني. ثم انتقلا إلى مكالمات طويلة عبر الهاتف. كانت ليلى تحكي له عن تفاصيل شوارع القاهرة، عن بائع الكشري في حارتها، عن الكتب التي تقرأها. بينما كان آدم يحكي لها عن باريس، عن المطر الذي لا يتوقف، عن الحنين لرائحة الخبز البلدي والفول. مرت شهور، وكان كل منهما ينتظر الليل بفارغ الصبر ليجلس أمام الشاشة ويسمع صوت الآخر. تعلما أن البعد الجغرافي لا يقتل الحب، بل أحيانًا يمنحه بُعدًا أعمق.

بعد عام كامل، قرر آدم أن يعود إلى القاهرة في إجازة. في يوم اللقاء، كانت ليلى ترتجف من التوتر، ترتدي فستانًا بسيطًا بلون أزرق داكن، تحمل حقيبتها الصغيرة، وتجلس على نفس المقهى الذي قرأت فيه كتابها ذات يوم. دخل آدم بخطوات مترددة، يبحث بعينيه عن الفتاة التي ملأت لياليه صوتًا وحروفًا. وحين التقت أعينهما، شعر كلاهما أن الانتظار الطويل لم يكن إلا اختبارًا لصبر قلوبهما. جلسا معًا، وتحدثا لساعات طويلة، وكأنهما يعرفان بعضهما منذ سنين.

لكن الحب الواقعي لا يخلو من الصعاب… آدم كان يعيش حياة مستقرة في باريس، وليلى كانت مرتبطة بأسرتها في القاهرة. الفارق بين عالمين، بين حلم السفر وحلم البقاء، بين عقل يقول "المستقبل هناك" وقلب يقول "الجذور هنا". مرت سنتان وهما يحاولان إيجاد الحل. مرة يفكران أن تعيش ليلى معه، ومرة يفكر أن يعود هو نهائيًا. كان القرار صعبًا، لكن الحب كان أكبر من المسافات.

في صيف 2012، تزوجا في القاهرة، في حفل بسيط حضره الأهل والأصدقاء. وبعد شهر، سافرا معًا إلى باريس. ليلى التي كانت تحلم بالسفر أصبحت تعيش الحلم، وآدم الذي كان يكتب عن الحنين، صار يكتب عن "الوطن الذي نحمله في قلوبنا". مرت السنوات، وما زالا حتى اليوم – كما يروي أصدقاؤهما – يجلسان مساءً على شرفة صغيرة في باريس، يتحدثان بالعربية، ويضحكان كما لو أن اللقاء الأول لم ينتهِ أبدًا
هذه القصة حقيقية من مئات القصص التي تحدث كل يوم، تثبت أن الحب ليس مجرد مشاعر عابرة، بل هو رحلة من الصبر، والإيمان، والقدرة على مواجهة التحديات.
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-