صياح من بين الشواهد

صياح من بين الشواهد

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

حارس المقابر

image about صياح من بين الشواهد

فيه لعنة مُخيفة نزلت على بلد كاملة، لعنة اتسببت في ٢٠ جريمة . لحد دلوقتي، وكل الجثث بتشترك في حاجة واحدة، الجثث بتبقا مقطوع منها الدراعين والرجلين، ومرمية في قلب المقابــ,,ـــــبر، المنظر بيبقا في قمة البشاعة والرعب لما كل كام يوم نسمع صياح من ناحية المقابــ,,ـــــبر عشان نلاقي حد طالع وبيصرخ ويقول إن فيه جــ,,ـــــثه جديدة..

مرة واتنين وخمسة وعشرة لحد ما بدأت منطقة المقابــ,,ـــــبر تتحط في نطاق المنطقة المحظورة اللي ممنوع حد يقرب منها، حتى بعض العائلات بقت بتروح تدفــ,,ـــــن في بلاد تانية عشان ميدخلوش المقابــ,,ـــــبر خالص..

بس الأسوأ بدأ يحصل لما اتطور الموضوع وبقا فيه ناس بتروح للمقابــ,,ـــــبر بالليل وكأنها مُجبرة على كدا، عشان نصحى الصبح على صراخ من بيت في القرية، وتقع القلوب من مكانها، وده لإن فيه شخص مفقود، وبنبقا عارفين إننا هنلاقيه جــ,,ـــــثه متقطعة في المقابــ,,ـــــبر، وبيكون فيه شهود بيقولوا إنهم شافوه بالليل ماشي ناحية المقابــ,,ـــــبر..

بعض الناس وصل بيها الحال إنها بقت تربط نفسها بسلاسل من حديد في السرير عشان ميصحوش بالليل ويروحوا ناحية المقابــ,,ـــــبر، البلد وصل بيها الحال لدرجة مُخيفة، ريحة المــ,,ـــــوت بقت ماشية مع الهوا في الجو، البهايم أُصيبت بحالة من النحافة غريبة والأرض بقت بتطلع محصول قليل..

وبقا واضح إن اللعنة دي هتفضل تاكل في البلد وأهلها زي السرطان لحد ما تبقا خراب في خراب، وأنا كنت بشوف كل ده، وكنت بمــ,,ـــــوت من الخوف لمجرد التفكير إني ممكن أشوف حد من أهلي جــ,,ـــــثه متقطعة في يوم من الأيام..

واستمر الحال من سيء لأسوأ، كل شهر تقريبًا نلاقي جــ,,ـــــثه جديدة في المقابــ,,ـــــبر، جــ,,ـــــثه من غير رجلين ولا إيدين، العين بتبقا متشـ .. ـاله من مكانها واللسان مقطـ .. ـوع، حتى إن الشرطة مقدرتش توصل لأي حل وبقا حضورها شرفي عشان التحقيق ودفــ,,ـــــن الجــ,,ـــــثه..

لحد ما وصل العدد لعشرين جــ,,ـــــثه، البعض ساب البلد كلها والبعض مقدرش، لأنه معندوش أي مأوى تاني، لحد ما جت الليلة اللي قرر الجحيم يحط اسمي جواه..

يومها حصلت مشكلة كبيرة عند عمتي واتصلوا بيا عشان أروح، كان جوزها عامل خناقة كبيرة معاها وبما إن أبويا راجل كبير فقررت أروح أنا، كنت فاكر إني ساعة وهحل المشكلة، بس للأسف فضلت لحد الساعة ١٢ بالليل بتكلم معاهم وبحاول استوعب عمتي اللي كانت عاملة زي الفرن المولع..

في النهاية ربنا قدرني على حل المشكلة، عرضوا عليا أبات عندهم بس مقبلتش وقررت إني أروح، طلعت على الطريق الساعة ١٢ بالليل مش لاقي عربية واحدة، ساعة كاملة مستني عربية تعدي لحد ما فين وفين لقيت عربية نقل كبيرة، شاورت لصاحبها وفعلًا وقفلي..

قولتله إني رايح القرية الفلانية وقالي في طريقي تعالى، قعدت في الكابينة الضخمة وسرحت بأفكاري، شوفت عبير قدامي وبتخيل إننا بقينا متجوزين، هل هعمل معاها مشاكل زي جوز عمتي كدا، لا طبعًا مستحيل، دنا أقطع لساني قبل ما أزعقلها حتى..

يا سلام يا واد يا رومانسي..

ما تنشف ياض شوية..

ياعم أنت مش عايز تسبني في حالي أنا زهقت منك..

بقولك بحبها يا جدع..

ابتسمت من كتر الأصوات اللي بتتردد في راسي عشان بعد ثواني ألاقي العربية بتقف والراجل بيقولي:

ـ وصلنا يا أستاذ..

بصيت حوليا ووقع قلبي بين إيديا، هو أنا سرحت لدرجة إني مخدتش بالي إن الراجل هينزلني على مدخل البلد اللي ناحية الغيطان مش المدخل الرئيسي..

بصتله بخوف وقولتله:

ـ أنت مطلعتش ليه ع الطريق الرئيسي؟!

ـ ما هو ده أقرب ليا وبعدين ما مدخل البلد أهو برضه..

شكرته ونزلت وأنا بترعش من الخوف، وده ببساطة إني هعدي الغيط دي وهلاقي نفسي في قلب المقابــ,,ـــــبر، ولازم أعديها عشان أوصل لقلب البلد، الله يخربيتك يا عمتي أنتي وجوزك..

وتخيلت وقتها مشهد الجثث اللي شوفناها متقطعة اللسان والعين، وافتكرت إني قلت في نفسي إني هقطع لساني لو زعقت لعبير، ياخوفي أحسن حد تاني اللي يقطعهولي..

طلعت موبايلي وملقتش شبكة خالص، المكان كله ضلمة والغيط قدامي عامل زي أرض الأشباح، قرأت آية الكرسي وكام دعاء وقررت أمشي من الطريق الوحيد اللي قدامي ده واللي ربنا كاتبه هيكون..

القمر كان مختفي والجو برد، والغيط ضلمة مش عارف حتى أشوف مكان خطواتي، بس واحدة واحدة عنيا بدأت تاخد على الضلمة، وصلت لآخر الأرض الفاضية عشان أواجه شواهد القبور الضخمة، ومكنش قدامي غير إني أمشي بينها عشان أوصل للبلد نفسها..

خدت نفس عميق وخطيت للمدخل، لحظات بس ولقيت عن يميني وشمالي شواهد القبور عاملة زي الحراس العمالقة، الجو كان كئيب ورغم البرودة حاسس إن مفيش هوا اتنفسه، قبــ,,ـــــضة غريبة مسكت صدري وحسيت إني متراقب، بس طبعًا مكنش ينفع استسلم لأي هاجس مُخيف، لازم أكمل مشي لحد الآخر..

ولمحت القبــ,,ـــــر ده عن يميني واللي كان ملوش باب، وحسيت برغبة قوية إني أبص فيه، بس قاومتها وكملت مشي، كنت عمال أردد المعوذتين وإحساس إني متراقب عمال يزيد جوايا، وفجأة جالي الجواب لما لمحت جسم ماشي بين القبور..

استخبيت بسرعة ورا قبــ,,ـــــر وفضلت أراقبه وأنا كاتم أنفاسي وإن كان صوت ضــ,,ـــــربات قلبي هيفضحني من قوته، بصيت لقيت الجسم ده دخل حارة من الحارات، قربت من الحارة وبصيت من ورا مقبــ,,ـــــرة، ومن خلال ضوء النجوم البسيط لمحت جسم تاني..

كانت واحدة ست واقفة وتقريبًا متسلسلة بسلاسل حديد، كانت واضحة أوي، وكان الجسم التاني بيقرب منها بهدوء شديد، وفي لحظة لقيت الجسم التاني وقع على الأرض وصرخ بكل رعب الدنيا، وشوفت الست من فوقه بتقـ .. ـطع فيه بسنانها وإيديها، كان بيصيح ويتألم وهي من فوقه بتفتـ ـرسه زي الحيوان المفترس، وصوتها كان مُخيف، بتزوم بصوت أعلى من صوت صراخه..

وقتها أنا كنت بتنفض، فقدت السيطرة على جسمي كله، وقلبي كان بيدق بهيستريا، رجليا مبقتش شايلاني وأنا بحاول أبعد عن المكان كله، لفيت و و … وفي اللحظة دي اتكعبلت في حجر كان على الأرض..

واتألمت من قوة الوقعة، وأول ما لفيت وبصيت ناحيتها لقيتها رفعت راسها وبصتلي، كل اللي لمحته كانت عينين مشقوقة بالطول زي التعابين ولونها أصفر مُخيف، جسمي كله اتنفض مرة واتنين لحد ما قمت من مكاني وجريت..

ومن ورايا سمعت صرخة رهيبة، صرخة واحدة ست في ميتم وجوزها مات، مستنتش لحظة أبص عليها وجريت بأقصى سرعة ناحية المخرج، كان بيني وبينه تلت دقايق بس، من ورايا كنت سامع صوت خطواتها، كانت بتزوم وكأن كلب هو اللي بيجري ورايا..

ووصلت وقتها لمخرج المقابــ,,ـــــبر، بصيت ورايا لقيتها جاية من بعيد وبتجري على أربع زي الحيوانات، كملت جري وخرجت من المقابــ,,ـــــبر عشان

عشان

يادي المصيبة..

أنا لقيت نفسي في قلب المقابــ,,ـــــبر من تاني، وبالأخص كنت فوق الجثـ ـة اللي كانت بتاكل فيها، بصيت بفزع رهيب ناحية الجثـ ـة ولقيت رجليها مقطوعة بطريقة بشعة..

بصيت لوشه وعرفته، ده محمد أبو مسعود، بصيت ورايا ناحية أول الحارة وشوفت اللي خلى قلبي وقف، كانت نفس العنين المشقوقة بالطول بتبصلي بشراسة..

بصيت ورايا لقيتها حارة مسدودة، وعرفت إني وقعت، وإن نهايتي هتكون زي الجثـ ـة اللي تحت رجليا دي، حاولت اتشاهد عشان أقابل ربنا على شهادة مقدرتش..

رجعت لنهاية الحارة ولقيتها بتقرب مني وهي ماشية زي الحيوانات، صوتها وصلني وخلى جسمي كله ينهار، وقعت على الأرض وبصتلها بصة واحد بيودع الدنيا..

وقتها كان بيني وبينها نص متر بس، ولمحت وشها كله، وبكل ذهول الدنيا رددت بلسان مشلول

ـ م م م م منيرة..

………………

بداية اللعنة..

هرج ومرج وناس بتزعق برة في الشارع بطريقة غريبة، طلعت أشوف في أيه لقيتهم شايلين طفل مهروس تحت عجل جرار وعمالين يتشاهدوا، وعرفت إن دي جثـ ـة معاذ اللي من عيلة مسعود، عيل عنده تسع سنين بالكتير..

أول ما جثته وصلت لبيته أبوه وأعمامه طلعوا بالسلاح فورًا، عيلة بتاعت مشاكل واستحالة يتفهموا إن ده قدر وأكيد . خطأ، وكان صاحب الجرار هو عم حسن، راجل ملوش عيلة وشغال باليومية..

أول ما عيلة مسعود عرفوا اللي حصل جريوا على بيته عشان ي.وه، جريت معاهم أنا وناس كتير من أهل البلد عشان نحاول نهديهم، بس كانوا مُصرين على . اللي . ابنهم..

عم حسن وقتها كان في بيته بيجيب كفنه عشان يقدمه لعيلة مسعود، وأول ما شاف الناس جايين لبيته رمى نفسه من فوق السطح عشان يفدي أهل بيته والناس يبعدوا عن مراته وبنته..

بس حتى الراجل لما وقع وجسمه اتكسر محدش رحمه، ونزلوا على جسمه بالعصيان عشان يفرموه، ووسط الهرج ده ومحدش قادر يحوش عن الراجل واحد منهم كسر باب بيته ودخل جاب بنته الصغيرة عشان ي.ها قدام أبوها اللي بيحتضر، من باب واحدة بواحدة..

نص أهل البلد كانوا واقفين محدش فيهم كان قادر يتدخل، ومسك الراجل الخنجر عشان ي. البنت قدام أبوها، في اللحظة دي خرجت الأم من بيتها بسكــ,,ـــــينة وغرزتها في صدر اللي كان هي. بنتها، ووقع الراجل سايح في دمه..

وزاد غضب عيلة مسعود اللي كان معاهم سلاح كتير، مسكوا الست ربطوها بسلاسل من حديد وسحلوها في الأرض، في الوقت ده أنا بس اللي اتحركت، الكل كان واقف وملامح الذل عليه، محدش كان قادر يرفع عينه، حاولت أشد الست منهم بس نزلت عصاية على جسمي زي عمود الخرسانة، وقعت وأنا بصرخ من الوجع، قمت تاني عشان ألحق الست بس عصاية تانية على دماغي خلتني أقع من طولي ودماغي تسيح بالدم..

ونزل الدم على عنيا عشان أشوف اللي خلاني اتنفض، البت اتدبحت، وأمها اتضــ,,ـــــربت بالبلطة في رقبتها، لحظتها بصتلي وعنيها خارجة من مكانها، بصتلي بنظرة ذهول ورعب ونهر من الدم نازل من رقبتها..

وبعد لحظات همد الجسم كله، بس اللي خلى الناس كلها تصرخ وترجع هو إن جسم الست قام وقف من تاني، وقف والبلطة في رقبته وبص للكل بصة غضب، بصة طاردت كل الموجودين في نومهم أسابيع طويلة، وفي النهاية وقعت جــ,,ـــــثه هامدة..

في الوقت ده أبويا جه هو وأهلي خدوني على المستشفى، ومن صُلح لصُلح واعتذار عيلتي قبلت الاعتذار عشان منكبرش المصيبة، المصيبة اللي كانت خلاص وقعت وات.ت عيلة كاملة للأسف..

………………

ـ م م م م منيرة..

لقيتها بتزوم وبتبصلي، كنت بتنفض مش قادر اتحرك، حسيت بيها بتشم في جسمي مرة واتنين وبتبص في عنيا بعنيها المخيفة، فضلت لأكتر من دقيقة مبحلقة فيا وأنا عمال أشهق واتنفض، في النهاية جريت بعيد زي الحيوان، في اللحظة دي قمت زي السكران وخرجت من المكان كله وفيه غيبوبة عمالة تدور فوق راسي..

جريت على بيت جدتي اللي بعد المقابــ,,ـــــبر بشارعين، خبطت عليها بقوة عشان تفتح وهي مخضوضة، أول ما شافتني خدتني في حــ,,ـــــضنها وفضلت تهدي فيا كتير، دخلت عندها واترميت على الكنبة من كتر الإجهاد والرعب..

تاني يوم صحيت وأنا لسة أعصابي بايظة، قعدت مع جدتي وحكيت لها كل حاجة بالتفصيل، فضلت ساكتة مبتتكلمش، وفي النهاية قالت:

ـ الله يرحمك يا منيرة..

ـ بقولك شوفتها يا جدتي، الست ممتتش..

ـ اللي شوفته هو حارسها يا ولدي..

ـ مش فاهم حاجة؟!

ـ منيرة يا ولدي كانت من العباد اللي ربك اختارهم وبعتلهم حماية كبيرة من عنده، ولما ماتت مظلومة اللي بيحرسها قرر ينتقم لها..

ـ اللي بيحرسها؟!

ـ أيوة يا ولدي كانت من العباد اللي ليهم حماية من عباد الله اللي عايشين تحت الأرض..

ـ وعرفتي منين يا جدتي؟!

ـ كانت بتجيني يا ولدي كتير وتقعد معايا..

ـ طيب وطالما هي محمية كدا، اللي عليها مدافعش عنها ليه وقت مــ,,ـــــوتها..

ـ بلاء يا ولدي، زي ما سيدك زكريا وسيدك يحيى ماتوا مقتولين وكانوا أنبياء من عند الله..

ـ واللي بي. ده هيفضل كدا كتير؟!

ـ هو مش ظالم يا ولدي، هي. كل اللي ظلــ,,ـــــم، اللي ارتكب، واللي شاهد الظُلم وما دافعش بإيديه ولا رجليه ولا بلسانه..

وقتها بس نور عقلي أوي، افتكرت كل اللي ماتوا، كلهم أما من عيلة مسعود أو من أهل البلد اللي شافوا الواقعة ومحدش دافع عن الست وجوزها، أنا الوحيد اللي شافتني وم.تنيش عشان أنا اللي دافعت عنها، وفهمت ليه بتقطع الرجلين والإيدين وبتشيل العين من مكانها وتقطع اللسان، عشان مفترض الحواس دي تستخدمها لرفع الظلــ,,ـــــم..

بصيت لجدتي وقولتلها:

ـ والحل؟؟

ـ الظالم لازم يتعاقب يا ولدي، وربك اسمه العدل، سيب الحارس ينتقم من اللي ظلــ,,ـــــم ومتخافش، طول ما أنت ماظلــ,,ـــــمتش حد، إياك تخاف، الظالم بس هو اللي يخاف، والحارس هيخلص مهمته وهيختفي، ودلوقتي أشرب الشاي بتاعك..

وقتها بس ابتسمت، وافتكرت الآية اللي بتقول:

[وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] سورة البقرة

ياريت عيلة مسعود كانت خدت القصاص زي ما ربنا قال..

(اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ) صحيح مسلم

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Mohamed Farg تقييم 5 من 5.
المقالات

14

متابعهم

28

متابعهم

132

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.