اوقعتها في الفخ

اوقعتها في الفخ
تبدأ القصة بمراد، وهو يقف بجانب فراش والده المريض، يتوعد مدحت وابنته جميلة بالانتقام.
كان الألم يشتعل في صدره وهو ينظر إلى والده طريح الفراش، يتمتم في نفسه:
"سأنتقم منك يا مدحت... سأجعلك تتألم كما جعلت أبي يعاني."
الفصل الأول: التعارف
تجلس جميلة وسط صديقاتها في المقهى، تتحدث إليهن بحماس عن آخر علاقة مرت بها.
"آخر واحد؟ حظرته خلاص، اكتفيت من كلامه الممل!" قالت وهي تضحك بخفة.
نظرت إليها صديقتها نور بجدية وقالت:
"يا جميلة، ألا يكفي هذا اللعب بالمشاعر؟ اللي بتعمليه ممكن يؤذي ناس، وصدقيني هيرجعلك يوم."
ضحكت جميلة بثقة وهي ترد:
"هم اللي بيفضلوا ورايا لحد ما أرد عليهم، يعني مش غلط أتسلى شوية، صح؟"
وفي اللحظة دي، كان مراد جالسًا على الطاولة اللي وراهم، يسمع الكلام بابتسامة خفيفة فيها تحدي.
تمتم لنفسه:
"غرورك ده... هعرف أكسره قريب."
فتح هاتفه، بحث عن صفحتها على الفيسبوك، وبدأ يتابعها في صمت، يحاول يعرف أكتر عنها ويدور على طريقة يقرب منها.
لكن قبل ما يغوص أكتر، سمع صوتها من وراه تقول له بثقة:
"بدل ما تتابع صفحتي في السر، بصلي على الأقل وأنا قدامك."
رفع نظره لها وقال ببرود:
"صفحتك ظهرتلي بالصدفة... مش أكتر. وبصراحة، إنتِ مش نوعي المفضل."
ثم قام ومشي من غير ما يديها فرصة ترد.
وقفت جميلة تتابعه بعينيها وقالت وهي تحاول تخفي ارتباكها:
"وسيم... بس فظ جدًا."
ضحكت نور وقالت:
"واضح إنه عرف يحرجك كويس!"
جميلة رفعت كتفها وقالت:
"أنا ما عملتش حاجة غريبة، هو اللي كان بيتفرج على صوري! يلا نكمل أكلنا، مش فاضية أفسد مزاجي بسببه."
وفي الخارج، كان مراد بيبتسم بخبث وهو يقول لنفسه:
"كادت تكتشفني... بس دي كانت بداية كويسة جدًا."
الفصل الثاني: البذرة الأولى للخطة
رجع مراد بيته وهو غارق في التفكير.
لازم يقابلها تاني، بس بحذر. ماينفعش تحس إنه بيتتبعها، لأن وقتها هتكون على استعداد وتبوّظ خطته كلها.
مسك الموبايل واتصل بصاحبه ممدوح، اللي دايمًا يوصفه بأنه "أستاذ في السوشيال ميديا".
رد عليه ممدوح ضاحكًا:
"أخيرًا سمعت صوتك! مختفي فين يا راجل؟"
ابتسم مراد بخفة وقال:
"موجود، بس تعب والدي خلاني بعيد شوية."
رد ممدوح:
"أنا دايمًا بتصل بيك، ما بتردش! بضطر أكلم البيت وأطمن على عمّي من هناك."
قطع مراد كلامه بسرعة وقال بنبرة جدية:
"اسمع يا ممدوح، أنا محتاجك في حاجة مهمة."
"خير يا سيدي، أنت تؤمر!"
"قابلني في الكافيه اللي جنب البيت بعد ساعة."
"تمام، جاي."
وفي بيت جميلة، كانت جالسة في غرفتها، شاردة.
تفكر في ملامح مراد الحادة، الرجولة اللي كانت دايمًا تفضلها.
تتذكر كلامه البارد اللي حطم غرورها للحظة، وتتمتم وهي تنظر في المرآة:
"كفاية يا جميلة... أول مرة حد يحرجك كده! وإنتِ بكل الجمال ده، يقول مش نوعي المفضل؟!"
تتنهد وتبتسم ابتسامة خفيفة فيها تحدي:
"هنشوف يا مراد... هنشوف إزاي هتقع في حبي."
الفصل الثالث: اللقاء
كانت السماء ملبدة بالغيوم، والهواء يحمل برودة خفيفة تسبق المطر.
جلست جميلة في المقهى الذي اعتادت الذهاب إليه كل صباح، كوب القهوة أمامها يبرد ببطء وهي غارقة في أفكارها.
كل شيء حولها عادي… إلا قلبها، كان مشوشًا.
منذ تلك المواجهة القصيرة مع مراد، لم تستطع أن تخرجه من رأسها.
شيء ما فيه أزعجها، وجذبها في الوقت نفسه.
رفعت نظرها نحو الباب الزجاجي، وفجأة تجمّد الزمن للحظة.
دخل مراد.
الهدوء الذي كان يسبق العاصفة انكسر بخطواته الواثقة، وعينيه التي بدت كأنها تعرف تمامًا إلى أين تنظر.
ترددت جميلة، تظاهرت بالانشغال في هاتفها، لكن قلبها كان يضرب بقوة.
اقترب منها بخطوات ثابتة، ابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيه، وقال بنبرة هادئة لكنها مشحونة بثقة:
"يبدو إن الصدفة بتحب تجمعنا يا جميلة."
سكتت، ثم قالت بسخرية:
"مش متأكدة إذا كانت صدفة… ولا انت اللي بتتبعني تاني؟"
جلس أمامها بدون استئذان، عينيه لم تتركها لحظة، وقال بابتسامة خفيفة:
"لو كنت بتتبعك، كنتِ عرفتي من زمان. بس يمكن القدر اللي قرر يخليني أشوفك تاني."
نظرت إليه جميلة باهتمام خفي، لم تفهم قصده، لكنها أحست أن وراء نظراته حكاية ثقيلة.
لم تعرف أنها في تلك اللحظة كانت تقع في الفخ الذي أعدّه بإتقان.
فلاش بسيط (ومضى سريع):
مراد يجلس في نفس المقهى قبل ساعات، ينتظر شخصًا. يدخل ممدوح، يضع أمامه ملفًا صغيرًا على الطاولة ويقول له بهدوء:
"كل حاجة جاهزة… بس خليك حذر، البنت دي مش سهلة."
ابتسامة باردة تعلو وجه مراد:
"ولا أنا يا ممدوح."
العودة إلى الحاضر
جميلة تبتسم ببراءة وتقول:
"مش غريبة… أول مرة أشوفك مبتسم كده، كنت دايمًا مكشر."
رد عليها بنبرة هادئة، لكن فيها غموض خفيف:
"يمكن لأن المرة دي أنا اللي في مكاني الصح."
صوت الرعد يعلو في الخارج، والمطر يبدأ يتساقط،
وفي عيون الاثنين... كانت بداية لعبة جديدة — لعبة فيها مشاعر حقيقية تختلط بالانتقام، ولا أحد يعرف من سيسقط أولًا.
الفصل الرابع: الخطة
المطر ما زال يهطل، والمقهى امتلأ برائحة البن الممزوجة بالبرد.
كانت جميلة تتابع مراد بعينيها، تشعر أن في كلامه شيء غامض، شيء لا يمكن تصنيفه.
سألته فجأة، وكأنها تريد أن تكسر الحاجز بينهما:
"مراد… إنت بتشتغل إيه بالضبط؟"
ابتسم ابتسامة غامضة، وقال:
"بحاول أصلح اللي اتكسر."
كلماته خرجت ثقيلة، لكنها لم تفهم معناها الحقيقي.
كان يقصد والده… وانتقامه.
ثم نهض فجأة، ترك ثمن القهوة على الطاولة وقال:
"مبسوط إني شوفتك، بس المرة الجاية هتكون مختلفة."
وقبل أن تسأله ماذا يقصد، كان قد خرج، تاركًا خلفه أسئلة أكثر من الإجابات.
نظرت من خلف الزجاج، تراقب خطواته تبتعد تحت المطر، وشعرت بشيء غريب…
انجذاب؟ قلق؟ لا تعرف، لكنها تأكدت أنه لن يكون مجرد صدفة أخرى.
فلاش باك – قبل ساعات
كان المقهى نفسه، نفس الطاولة، لكن المقعدين أمامها كانا خاليين.
دخل ممدوح، جلس أمام مراد وقال وهو يمد له ملفًا صغيرًا:
"كل اللي طلبته هنا. البنت دي اسمها كاملة جميلة مدحت… والدها رجل أعمال معروف، بس عنده شوية أعداء."
أخذ مراد الملف، قلب الأوراق بسرعة، توقّف عند صورة جميلة.
نظراته كانت باردة، لكنها تحمل شيئًا يشبه الألم المكبوت.
قال ممدوح:
"مراد، انت متأكد من اللي ناوي تعمله؟ البنت ملهاش ذنب مباشر."
رفع مراد نظره إليه بحدة وقال:
"كلهم ليهم ذنب. حتى لو معرفوش. اللي اتعمل في والدي لازم يتردّ."
سكت لحظة، ثم أضاف بصوت منخفض كأنه يحاول يقنع نفسه:
"جميلة هتكون طريقي لمدحت. هقرب منها، وهخليه يدفع التمن بكل لحظة هي فيها معايا."
ابتسم ممدوح بسخرية خفيفة:
"وبعدين؟ لما تِدخل حياتها وبعدين؟"
مراد أطرق رأسه، قال بصوت هادئ لكنه قاتم:
"ما فكرتش في بعدين."
العودة إلى الحاضر
في تلك الليلة، كانت جميلة جالسة على سريرها، تمشط شعرها أمام المرآة.
لكن كلما حاولت تركز، وجه مراد كان يزاحم تفكيرها.
نبرته، عيونه، طريقته لما قال "اللي اتكسر"... كلها كانت تدور في عقلها كأنها لغز.
تتحدث إلى نفسها:
"ليه حاساه مختلف؟ وكأنه بيخبي حاجة كبيرة..."
وفي نفس الوقت، كان مراد في شقته، واقف أمام نافذة تطل على المطر.
يمسك الهاتف، يفتح صورتها اللي كان ممدوح أرسلها له من الملف، ويتنفس ببطء.
لكن هذه المرة، النظرة اللي في عيونه لم تكن انتقامية بالكامل…
كان فيها تردد.
تمتم بصوت منخفض، بالكاد يُسمع:
"ما ينفعش أضعف دلوقتي… مش بعد كل اللي حصل."
ثم أطفأ الضوء، تاركًا الظلام يبتلع صوته —
والانتقام، الذي بدأ يتحول إلى شيء آخر... أخطر.
يتبع