تحضير الهلاك كاملة☠

تحضير الهلاك كاملة☠

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

image about تحضير الهلاك كاملة☠   

 تحضير الهلاك الكامل


حضرت روح أبويا علشان أعرف مكان الورث… بس اللي شوفته غير حياتي للأبد

"عمرك جربت تبص في عيون ميت وترجع تلاقيه قدامك؟
تخيل نفسك قاعد في أوضة ضلمة، ريحة بخور خانقة، وكفوف دم ناشف ماليه الحيطان… وفجأة وش أبوك اللي ميت من سنين يطلعلك بعينيه البيضا ووشه السواد!
القصة دي مش حكاية عادية… دي أول جلسة تحضير أرواح في حياتي، جلسة قلبت حياتي لجحيم، وفتحتلي باب لسر كبير… سر الورث اللي خباه أبويا، واللي علشان أوصله كان لازم أدفع تمن أغلى بكتير من الفلوس."
...........
قبل ما الجلسة تبدأ، سألتني الست بصوت بارد       عايز تحضر روح أبوك من تاني ليه؟
قولتلها: علشان الورث اللي مخبيه ومش عارف مكانه… وقالي قبل ما يموت إنه هيعرفني مكانه، بس ملحقش.
بصّتلي تاني وقالت:

هتوافق على الشروط كلها وتنفذها؟

تحت أمركم.

مهما شوفت أو سمعت… إياك تتكلم، ولو خوفت من اللي هيحصل ودي وشك الناحية التانية، وإحنا هناخد نص الورث.

أمرك."
....
كانت أول مرة في حياتي أحضر فيها جلسة "تحضير أرواح".المكان كان غريب جدًا: ريحة بخور تقيلة، حيوانات ميتة ومتحنطة متعلقة على الحيطان، والحيطان نفسها مليانة كفوف دم أحمر ناشف. الجو كان حر خانق رغم إن برّه الهوا كويس. قعدت مستني، لحد ما دخلت عليا واحدة ست في أوائل الأربعينات، لابسة جلابية سودا جديدة…

قعدت مستني، لحد ما الباب اتفتح ببطء، ودخلت واحدة ست في أوائل الأربعينات، لابسة جلابية سودا جديدة، إيديها مليانة دهب بيلمع وسط الضلمة.
قفلت الباب وراها من غير ما تنطق بكلمة، وقعدت قدامي على ترابيزة صغيرة في نص الأوضة.

الغريب إنها مكانتش مرعبة زي ما توقعت… بالعكس، كانت جميلة وهدية في حركتها، بس في نفس الوقت في حاجة في عينيها تخليك تتوتر.
على يمينها كان في خشبة طويلة، ومتعلق عليها عباية رجالي سودا، وليها "قلنسوة" نازلة وواطية لحد ورا الكرسي.

الست أخدت نفس عميق، وبصّتلي وقالت:

هات إيدك.

مديت إيدي وأنا حاسس برجفة، لقيتها بتحط تحتها صينية مدوّرة جواها تراب أسود، وحمامة ميتة متعفنة من غير راس، وثلاث زلاطات صغيرين، ورملة حمراء.
طلعت من جيبها سكينة صغيرة، ومررتها من أول كف إيدي لحد آخر دراعي. الدم نزل كتير جوه الصينية.

وهنا حصل أول شيء مرعب…

الحمامة الميتة اتحركت فجأة وارتفعت لفوق!
والتراب الأسود ارتفع معاها، والزلاطات طاروا في الهوا ووقعوا على الأرض.
الرملة الحمراء انفجرت، واتناثرت في المكان زي شرار نار.

رفعت عيني أبص، لقيت الحاجات دي كلها عاملة شكل دائرة واسعة في نص الأوضة…
وجوا الدائرة دي شفت وش أبويا.

وشه كان أسود، عينيه بيضا صافية، وباصصلي بنظرة غضب مرعبة… لحظة حسيت بكهربا شديدة ماشية في جسمي كله، ورجلي مش قادرة تتحرك.

الست ما اتكلمتش، بس عينيها كانوا بيتحركوا بسرعة كأنها بتقرأ تعاويذ من غير صوت.
وفجأة، نور الأوضة بدأ يهدى ويضعف، والحاجات اللي كانت طايرة وقعت على الأرض مرة واحدة.

سمعت أصوات كتيرة حواليا، أصوات مش مفهومة، متداخلة… كأن في ناس كتير بتهمس من كل ناحية.
وبصيت على الخشبة اللي متعلق عليها العباية، لقيتها بتتهز… وبتتحرك ناحية الترابيزة!

الخشبة اختفت، والعباية بقت واقفة لوحدها، كأن في جسم جوه. القلنسوة كانت مغطية الوش كله ما عدا الفم.
الست مدّت صوابعها وحطتهم على بقي، وقالت بصوت واطي متقطع:
– اسكت… مهما حصل متتكلمش.

سكت… بس قلبي كان بيدق جامد لدرجة حسيت إن الكل سامعه.
العباية فجأة ارتفعت لفوق، ولزقت في السقف، وبقت بتتهز، ولقيت جوه منها وش أبويا.
وشه زي ما هو: سواد كامل، عينيه بيضا، وغضب مرعب طالع منه.

الست بدأت تتكلم معاه بلغة غريبة، وأنا مش فاهم منها ولا كلمة.
وفجأة، عينيه رجعت طبيعية، وبصلي.
الست قالتلي:
– والدك غضبان عليك.

رديت وأنا جسمي بيرتعش:
– ليه؟
– علشان إنت اللي قتلته.

الكلمة نزلت عليا زي صاعقة. حاولت أنكر:
– أنا مقتلتش…
قبل ما أكمل، حسيت بحد ضربني كف جامد على وشي، رغم إن مافيش حد لمسني!

الست صرخت:
– متكدبش! قول الحقيقة لو عايز توصل للورث.

غمضت عيني بالعافية، وفجأة لقيت نفسي شايف مشهد كرهته طول عمري…
أنا واقف في أوضة أبويا، وبمد إيدي بكوباية لبن محطوط فيها السم اللي اشتريته من الصيدلية.
أبويا شرب اللبن، وبعد ثواني وقع على الأرض وهو بيتألم.
كان بيندهلي، عايزني أنقذه… بس أنا وقفت أتفرج عليه ببرود، لحد ما مات.

لما فتحت عيني تاني، لقيت وشه قدامي قريب جدًا… لدرجة حسيت روحي بتتخنق، والهواء مش بيدخل صدري.
الست اتدخلت، واتكلمت معاه بنفس اللغة الغريبة، فوشه رجع لورا، وقالتلي بسرعة:
– اسأله مكان الورث، دلوقتي!

بصيتله بخوف وسألته:
– فين الورث يا أبويا؟

قرب مني، وقال في ودني مكانه بصوت مبحوح… وبعدها ضربني تاني بقوة على وشي لحد ما وقعت على الأرض.
صرخ صرخة مدوية، وطار لحد السقف، وبقى يزعق ويصرخ زي مجنون.
الست فضلت ترد عليه بكلمات غريبة لحد ما اختفى فجأة، ورجعت الخشبة والعباية لمكانهم.

أنا كنت مرعوب… بس عرفت مكان الورث.
المصيبة إن الست بصّتلي بعنيها اللي بدأت تحمّر وقالت:
– قول… فين الورث؟
أنا حاولت أسيطر على نفسي وأقولها إني نسيت، يمكن تسيبني في حالي…
رديت عليها بصوت مهزوز:
– نسيت.
قامت قاطعتني بعصبية:
– بلاش الطريقة دي، إنت مش قدي ولا قد اللي ورايا.
– والله معرفش.
قربت مني أكتر، وصوتها بقى مخيف:
– لآخر مرة… فين مكان الورث؟

جسمي كان مشلول، كأني متخدر، ودماغي مش عارف يشتغل.
حاولت أمد إيدي على جيب الجاكت وأطلع المسدس اللي مخبيه، بس مقدرتش.
وقعت على الأرض، ولقيت الست مسكت سكينة كبيرة، وحطتها على رقبتي.
السكينة جرحتني جرح بسيط، والدم بدأ ينزل.

صرخت فيها:
– خلاص… خلاص، هقول!
اضطريت أقولها على المكان اللي أبويا قالهولي.
وبعدها عيني غابت…

صحيت لقيت نفسي مربوط من إيديا بحبل ورميوني في أوضة ضيقة، بابها خشب تقيل.
قدامي ترابيزة عليها زجاج كبير، وفوقه جمجمة شكلها مرعب.
حاولت أقف، جسمي كله كان موجوع، بس قومت بالعافية.
فضلت أخبط نفسي في الحيطة وأحاول أفك الحبل بأي طريقة، لكن ما نفعش.

لحد ما جات في دماغي فكرة…
بصيت على الترابيزة اللي عليها الزجاج، ضربتها برجلي بكل قوتي، الزجاج اتكسر، ونزلت عليه بجسمي.
مسكت كسر زجاج كبيرة بيدي، وفضلت أمررها على الحبل.
إيديا اتعورت، الدم نزل، بس في الآخر الحبل اتقطع.

طلعت المسدس بسرعة، وجرّبت أفتح الباب… مفيش فايدة.
ضربت طلقتين في القفل، وفتحته برجلي، وخرجت أجري برا الأوضة.

ركبت عربيتي وطرت بيها على المكان اللي أبويا قالهولي.
المكان كان في طريق سفر قديم، منطقة مهجورة.
بعد ساعة وصلت، لقيت مبنى قديم واقف لوحده.

وأنا بقرب، شُفت الست واقفة ومعاها راجل ضخم ماسك بندقية.
استخبيت ورفعت المسدس، أول ما رفعت إيدي… ضربته برصاصة في راسه وقع في ساعتها.
هجمت على الست، مسكتها من شعرها وصرخت:
– الورث هنا… بس مش جوه المبنى.

اتجمدت في مكانها، وقالت بخوف:
– إنت عايز إيه مني؟
– روح أبويا قالتلي عشان أوصل للورث لازم أضحي بواحدة ست.

صرخت:
– لأ… لأ، مش أنا. خد أي حد تاني!
بس أنا جرّيتها بالعافية ورميتها عند عربية قديمة واقفة قريب.
ربطتها، وجرحت رقبتها بالسكينة، الدم نزل كتير، وقصيت شعرها وحطيته جوه العربية.

ساعتها الأرض بدأت تهتز، وظهر سلم نازل لتحت التراب.
فضلت أحفر لحد الفجر، لحد ما السلم كله بان.

نزلت زي المجنون، لقيت أوضة صغيرة شبه المقبرة، وفي آخرها صندوق خشب.
جريت عليه، فتحته…

ولقيت كارثة.
فلوس كتيرة جدًا… بس كلها مقطّعة وممزقة.
فيران طالعة من الصندوق وبتجري في كل اتجاه.

فضلت أدور جوه الصندوق على دهب، أوراق، أي حاجة سليمة… ملقتش.
رميت الصندوق على الأرض وفضلت أضرب الفيران بالرصاص.

رجعت نازل تاني على السلم يمكن ألاقي حاجة، لكن رجلي اتكعبلت.
الأرض بدأت تنهار تحت مني، وقبل ما ألحق أرجع… رجلي اتسحبت تحت التراب.
الأوضة كلها اتردمت فوقيا.

طلعت عايش… بس برِجل واحدة.
خسرت الورث… وخسرت حياتي… وبقيت قاتل خايف يتقبض عليا في أي لحظة.

بعد شهور، وأنا بدوّر في شقة أبويا، لقيت كراتين تحت السرير.
شدّيتهم، ووراهُم كان في صندوق خشب صغير.
فتحته… لقيت 20 سبيكة دهب، الواحدة 100 جرام!
ولقيت ورقة بخط إيده:

"سامحني يا ابني… غلطت في حقك إنت وأمك.
بس جمعتلك كل ثروتي في السبائك دي.
لما أموت… هتشكرني."

وقتها عرفت إن كل اللي عشته ده كان لعبة شيطانية…
جلسة التحضير دي ما كانتش روح أبويا… كان شيطان بيلعب بيا.

خرجت من الأوضة وأنا مش عارف أنا عايش ولا ميت… الدم لسه سايل من جسمي، والخوف مالي قلبي.
اكتشفت متأخر إن اللي كنت بدوّر عليه مش ورث ولا فلوس… كنت بدوّر على هلاكي بإيدي.
أبويا كان سايبلي الخير كله… بس طمعي جرّني لشيطان لعب بيا وضحك عليا.
يمكن أكون قتلت أبويا بإيدي… بس الأكيد إني قتلت نفسي بروحي قبل جسمي.

وقتها بس سمعت صوت داخلي بيردد:

 ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الزمر: 15].
🫧 النهاية 🫧
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
mazen osama تقييم 0 من 5.
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.