قصه حب بدأت بصمت

قصه حب بدأت بصمت

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

قصه حب بدأت من صمت 

image about قصه حب بدأت بصمت

في أحد شوارع المدينة الهادئة، حيث تمر الحياة ببطء يشبه خطوات الصباح الأولى، لم تكن هناك موسيقى رومانسية ولا مشاهد لافتة للنظر. فقط مقهى صغير عند ناصية الطريق، وطاولات خشبية تطل على نافذة كبيرة يدخل منها ضوء الشمس دون استئذان. هناك، بدأت القصة دون تخطيط، ودون أن يدرك أيٌّ منهما أن هذا المكان العادي سيصبح شاهدًا على شيء مختلف.

كانت تأتي كل صباح تقريبًا في الموعد نفسه، تحمل كتابها وتجلس في الزاوية القريبة من النافذة، تطلب قهوتها دون سكر، وتغرق في صفحاتها كأنها تهرب من العالم. لم تكن تبحث عن شيء، فقط عن هدوء يكفيها لبداية يوم جديد. أما هو، فكان يمر من المكان ذاته في طريقه إلى العمل، يلاحظها دون أن يتعمد، يبتسم ابتسامة خفيفة، ثم يكمل طريقه.

لم يكن بينهما حديث في البداية، فقط صمت مشترك، ووجود متكرر يخلق ألفة غير معلنة. ومع مرور الأيام، تحولت الابتسامات العابرة إلى اهتمام صامت، ثم إلى تحية خجولة، فحديث قصير عن الطقس، وعن زحمة الطريق، وعن أشياء بسيطة لا تحمل أي وعود. لكنها، دون أن يشعر أحد، كانت تزرع شيئًا أعمق من الكلمات.

الحب لم يأتِ فجأة، ولم يطرق الباب بقوة، بل تسلل بهدوء، مثل ضوء الصباح حين يدخل الغرفة دون أن ننتبه. بدأ في التفاصيل الصغيرة؛ في ملاحظته لكوب القهوة الذي تتركه يبرد، وفي انتباهها لتأخره يومًا عن الموعد المعتاد. أشياء لا تُقال، لكنها تُشعر.

مع الوقت، أصبح اللقاء عادة جميلة، وصار الجلوس في المقهى جزءًا من اليوم لا يكتمل بدونه. صار الغياب يومًا واحدًا كافيًا ليترك فراغًا واضحًا في القلب. لم يكن الحب هنا صاخبًا، بل كان آمنًا، يشبه الشعور بالراحة حين تجد من يسمعك دون أن يقاطع، ومن يفهمك دون أن يطلب تفسيرًا لكل شيء.

بدأت الأحاديث تطول قليلًا، عن الكتب التي تحبها، وعن العمل الذي يرهقه، وعن أحلام مؤجلة لم تُحكَ لأحد من قبل. لم تكن هناك وعود كبيرة، فقط مشاركة صادقة، وشعور بأن الوقت يمر بشكل مختلف عندما يكونان معًا.

لكن مثل أي علاقة حقيقية، لم تكن القصة خالية من الصعوبات. جاء سوء فهم بسيط، كلمة قيلت في وقت غير مناسب، وصمت طال أكثر مما ينبغي. فرضت ظروف الحياة مسافات مؤقتة، واختبرت المشاعر التي ظن كلٌ منهما أنها ما زالت في بدايتها.

في تلك اللحظة، أدركا أن الحب لا يُقاس بقوة بدايته، بل بقدرته على الصمود. عاد الصدق ليكون طريق العودة، جلسا في المكان نفسه، وتحدثا دون دفاع، واعترفا بالخوف قبل الحب. تعلما أن المشاعر الحقيقية لا تحتاج إلى مثالية، بل إلى شجاعة.

مع مرور الوقت، تغيّر معنى الحب لديهما. لم يعد مجرد شعور جميل، بل شراكة هادئة في مواجهة الأيام الصعبة قبل السعيدة. أدركا أن الحب ليس وعدًا دائمًا بالفرح، بل التزام بالبقاء، حتى عندما يصبح الطريق معقدًا.

وفي النهاية، لم تكن قصتهما استثنائية في أحداثها، ولا مليئة بالمفاجآت، لكنها كانت صادقة في مشاعرها. قصة حب بدأت من الصمت، وكبرت بالاهتمام، واستمرت بالاحترام، لتثبت أن أجمل العلاقات هي تلك التي تُبنى بهدوء، وتدوم بإخلاص.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
asser Ahmed تقييم 0 من 5.
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.