في عمق الظلام
**في عمق الظلام: **
في إحدى الليالي المظلمة، كانت العواصف الرعدية تهز أركان السماء، وصوت الرياح يصرخ بين أغصان الأشجار العالية. جلس أحمد في بيته القديم، يتصفح كتابًا عن الأساطير القديمة، حينما انقطعت الكهرباء فجأة وغرق المنزل في ظلام دامس.
أشعل أحمد شمعة ووضعها على الطاولة، لتضيء الغرفة ببصيص من النور. بدأ يشعر بتوتر غير مبرر، خاصة عندما لاحظ أن الهواء أصبح بارداً بشكل مفاجئ، وكأن نافذة قد فُتحت رغم أنها كانت مغلقة بإحكام.
بينما كان يحاول العودة إلى القراءة، سمع صوت خافت يأتي من الطابق العلوي. صوت كأنه خطوات بطيئة تتحرك عبر الأرضية الخشبية. تردد أحمد قليلاً قبل أن يقرر الصعود ليتحقق من مصدر الصوت. حمل الشمعة وسار بحذر نحو الدرج، وكلما اقترب من الطابق العلوي، كان الصوت يزداد وضوحًا ورعبًا.
عندما وصل إلى الطابق العلوي، توقف لبرهة ليستجمع شجاعته، ثم تابع سيره نحو غرفة النوم. دفع الباب ببطء، ليكتشف أنه مفتوح على مصراعيه، والظلام يخيم على كل زاوية من زوايا الغرفة. وفجأة، شعر بيد باردة تلمس كتفه من الخلف. التفت بسرعة، لكن لم يجد أحدًا.
تراجع أحمد بضع خطوات، وإذا به يرى ظلاً غريبًا يتحرك في زاوية الغرفة. كان الظل يتشكل تدريجيًا ليصبح شبح امرأة ترتدي ثوبًا أبيض طويلًا، ووجهها مغطى بشعرها الأسود الكثيف. تراجعت عيناه بذهول، وعقله يحاول استيعاب ما يراه.
بدأت المرأة تتحرك ببطء نحوه، وعيناها الجاحظتان تتطلعان إليه بشدة. تلعثم أحمد في كلماته وهو يحاول نطق بعض الآيات من القرآن الكريم، إلا أن صوته كان يرتعش من الخوف. وكلما اقتربت المرأة، شعر بثقل على صدره وكأنه لا يستطيع التنفس.
في تلك اللحظة، بدأت الشمعة تذوب بسرعة غير طبيعية، وأضاءت الغرفة بوميض أخير قبل أن تنطفئ. غرق المكان في الظلام مرة أخرى، واختفى الشبح بشكل مفاجئ.
هرع أحمد نحو الطابق السفلي بأسرع ما يمكنه، قلبه ينبض بشدة، وأنفاسه تتلاحق. عندما وصل إلى الطابق السفلي، اكتشف أن الكهرباء قد عادت، والأضواء تملأ المنزل من جديد. وقف في منتصف الغرفة، يحاول استيعاب ما حدث.
هل كان ذلك مجرد وهم، أم أن هناك شيئًا حقًا يسكن في هذا البيت القديم؟ كان هذا السؤال يتردد في ذهن أحمد، لكنه قرر في النهاية أن يغادر المنزل في تلك الليلة الممطرة، ولم يعد إليه مجددًا أبدًا.
**النهاية**