الوعد الاسود(WAAD)
كانت وعد فتاةً شقية الطباع، تعيش في
منزل صغير بجوار الغابة الكثيفة. كانت
الغابة محل أساطير مخيفة، تُروى من
جيل إلى آخر، ولكن الأطفال كانوا
يحبون الاستماع إليها برغم الرعب الذي
تثيره في نفوسهم .في أحد الأمسيات،
وعد كانت تلعب في فناء المنزل، عندما
سمعت صوتًا غريبًا يأتي من عمق
الغابة. كان صوتًا مثل النحيب، يشبه
صوت الرياح المتعرجة بين أغصان
الأشجار. تج ّمدت وعد، وهي تستمع
بانتباه شديد، ثم اختفى الصوت فجأة كما
لم يكن .لم تعط وعد الأمر أكثر من
اهتمام، وكما يفعل الأطفال، تجاهلت
الصوت وعادت للعب. لكنها لم تن َس
الأمر تما ًما، وبدأت تسمع الصوت
المريب كل يوم في نفس الوقت، عندما
يغمر الظلام الغابة وتختفي أشعة الشمس
الأخيرة .في إحدى الليالي، كانت وعد
نائمة في سريرها الدافئ، عندما شعرت
بنفس الصوت الذي سمعته من قبل. كان
الصوت أقرب هذه المرة، كأنه يقترب
من منزلها ببطء. انتبهت وعد بحذر،
ولكنها لم تتجرأ على فتح عينيها لتفحص
المكان، خوفًا من ما قد تجده.
فجأة، توقف الصوت مجد ًدا، وساد
الصمت العميق في الغابة. لم تستطع
وعد أن تنام، بل ظلت تتذكر كل شيء
من حولها يبدو مختلفًا في الظلام، حتى
أن ذراع دميتها على الأرض أخذت تبدو
لها كظل يتحرك .في الصباح التالي،
تجمعت وعد بجرأة لتحدث أصدقاءها
عن الصوت الذي سمعته في الليلة
السابقة، لكن لم يصدقها أحد. "ربما
كانت مجرد خيالك، وعد،" قالت إلين،
صديقتها المقربة. ومع ذلك، لم تتخلص
وعد من الشكوك حول ما حدث حقًا في
تلك الليلة .مع مرور الأيام، أصبحت
وعد أكثر ترقبًا للصوت، ولكنه لم يعود
يظهر بنفس الوضوح كما في البداية. في
إحدى الليالي، حينما كانت الأمطار
تنهمر بغزارة على النوافذ، سمعت وعد
الصوت مجد ًدا. هذه المرة، كان أقرب
وأوضح، كما لو أن شخ ًصا ما كان يتنقل
في الظلام بحثًا عن شيء .خافت وعد،
لكنها قررت أن تكون شجاعة. قامت
بجمع شجاعتها معًا، وأخذت مصبا ًحا
صغي ًرا وخرجت إلى فناء المنزل.
تجولت حوله بحذر، تفتش في كل
زاوية، لكنها لم تجد أي شيء غير
الظلال المتحركة للأشجار .عادت وعد
إلى المنزل بلا فائدة، شعرت بالإحباط
لأنها لم تكن قادرة على رؤية ما كان
يصدر الصوت الغامض. أخذت نف ًسا
عميقًا وقررت أن تبقى مستيقظة حتى
كل ليلة، كانت وعد تستيقظ عندما يبدأ
الصوت في الظهور، وتبقى مستيقظة
تنتظر أن يعود، ولكنه لم يظهر إلا
بشكل متقطع. كانت تصرخ أحيانًا من
شدة الخوف، لكن لم تتأتأة من الاستمرار
في البحث عن حقيقة ما يحدث .في
إحدى الليالي، وعد كانت تجلس في
غرفتها تتأمل النجوم من نافذتها، عندما
سمعت صوتًا آخر هذه المرة، صوت
خفيف كالنسيم يهمس اسمها. "وعد...
وعد "...لم تستطع وعد أن تتحرك، كانت
تراقب بدهشة مصدر الصوت. ظهرت
صورة مخيفة لشخص يرتدي زيًا قدي ًما،
متلاشيًا في الظلام خارج نافذتها. كانت
عيناه مظلمتين ومخيفتين، ولكنها كانت
تشعر بالفضول أكثر من الخوف" .من
أنت؟،" سألت وعد بصوت مرتجف" .أنا
منذ زمن بعيد... لقد كان وعدي أن أعود
إليك"، أجاب الشخص بصوت ضعيف
ومتقطع" .ماذا تعني؟"، سألت وعد
بخوف، وهي تحاول جاهدة أن تميز
ملامحه" .لقد وعدت أن أحميك منذ زمن
بعيد... ولكن الظلام يأتي مجد ًدا..."،
قال الشخص بصوت متألم .ظلت وعد
تنظر إلى الشخص في الظلام، لا تعلم
ماذا تفعل
وعد لم تكن قادرة على تجاهل الصوت
الغامض الذي يُحدث ضجي ًجا في لياليها.
كانت تبقى مستيقظة لساعات طويلة،
تنتظر ذلك الصوت الذي يشبه نحيب
الرياح ولكنه أكثر غمو ًضا وقوة. كلما
اقتربت الظلام، كلما كان الصوت أكثر
وضو ًحا، يعلو ويهبط كأمواج في بحر
.هادئ
في إحدى الليالي، بينما كانت وعد تجلس
في غرفتها تحاول إقناع نفسها بأن الأمر
مجرد خيال، سمعت صوتًا هم ًسا يتسلل
"إلى غرفتها. "وعد... هل تسمعني؟
تجمدت وعد في مكانها، عيناها واسعتين
من الرعب والدهشة. "من أنت؟،" سألت
بصوت مرتجف، تحاول التمييز بين
.الظلمات لترى مصدر الصوت
ظهرت شخصية ضبابية في الظلام
خارج نافذتها، شخص بزي قديم يميل
رأسه نحوها. كانت عيناه مظلمتين
كالليل، وكانت تتلألأ بضوء خافت يتسلل
.من بين الأشجار المظلمة
أنا منذ زمن بعيد، وعد. لقد كنت "
أترقب اللحظة لأعود إليك،" قال
.الشخص بصوت ينبض بالحنين والحزن
ماذا تريد مني؟،" سألت وعد بتردد، "
.محاولةً جاهدة لفهم هذا الشخص الغريب
وعدت أن أحميك، لكني فشلت. الظلام "
يعود مجددًا، وأنا لست قاد ًرا على
حمايتك بمفردي"، أجاب الشخص
.بصوت يبدو مليئًا بالأسى
وعد شعرت بالرعب يسري في عروقها،
فمنذ طفولتها وهي تسمع أساطير الغابة
عن كائنات تعيش في الظلام، لكن الآن
كل هذا يبدو حقيقيًا بطريقة لم تتوقعها
.أبدًا
من أنت؟،" تكررت وعد السؤال، هذه "
المرة بصوت أقوى، محاولةً جمع
.شجاعتها لمواجهة هذا الوجود المخيف
أنا وعدت بأن أكون حارسك، وها أنا "
ذا أعود من جديد. لكن الظلام يتمدد،
وأنت بحاجة لي أكثر من أي وقت
مضى،" أجاب الشخص بصوت هامس،
.كلماته تعلو في الهواء البارد
ظلت وعد تنظر إلى الشخص، تحاول
جاهدةً فهم كلماته والمعنى الذي يحمله
وجوده في حياتها. لم تكن متأكدة مما
يجب عليها فعله، ولكنها شعرت بأن هذا
الشخص لا يحمل لها ضر ًرا، بل ربما
كانت حمايته لها ضرورية في وجه
.الظلام الذي يتمدد حولها
ماذا تريد مني؟"، تكررت وعد السؤال "
للمرة الثالثة، صوتها يظهر به جرأة
.خفيفة رغم الخوف الذي يتسلل إلى قلبها
أن توافقي على أن تكوني وعدًا أي ًضا، "
وتقفي إلى جانبي في وجه الظلام. أن
تكوني حارسة لنفسك ولمن حولك، ولن
يؤذيك الظلام ما دمت بجانبي،" أجاب
الشخص، كلماته تنطلق بثقة ملؤها
الإيمان
وعد تفكر للحظة، تبحث في عينيها
الظلمة عن إجابة، ثم ببطء، بينما
الأمطار مازالت تنهمر خارج النافذة،
أعطت ردًا بسي ًطا ولكنه معب ًرا، "نعم،
".سأكون وعدًا
ظل الشخص يبتسم ببطء، وكأنه يحمل
في عينيه الدموع، ثم اختفى تدريجيًا في
.الظلام الذي خيم حول النافذة
منذ تلك اللحظة، تغيرت حياة وعد. لم
تعد تسمع أصوات الظلام بمفردها، بل
كان هناك شخص يحميها ويقف بجانبها
في وجه كل شيء مخيف. كانت تعيش
الآن مع وعد أخرى، تما ًما كما وعدت
الظلام بأن تكون
بعد أن قبلت وعد أن تكون حارسة
للشخص الغامض الذي يظهر لها من
الظلام، بدأت تشعر بتغيرات في حياتها.
كانت الأصوات الغامضة التي كانت
تسمعها في الليالي تتلاشى تدريجيًا، بينما
بدأت تشعر بوجود حماية حولها تلوح
من بعيد
لكن، بدأت أحداث غريبة تحدث في
المنزل. كانت الأضواء تتوقف فجأة عن
العمل، والأشياء تتحرك بلا سبب،
وكانت أصوات غريبة تملأ المنزل في
الليالي. وعد كانت تشعر بأن هناك شيئًا
خاطئًا، رغم وجود الشخص الغامض
...الذي وعد بحمايتها
في إحدى الليالي، عاد الشخص الغامض
ليظهر لوعد مرة أخرى، وهذه المرة
بمظهر أكثر وضو ًحا. كانت عيناه
الظلماويتان تلمعان في الظلام، ووجهه
يبدو متعبًا وحزينًا أكثر مما كانت
.تتذكره
ما الذي يحدث هنا؟،" سألت وعد "
بصو ٍت هامس، تخشى أن تكون هذه
.الأحداث بداية لشيء أكثر رعبًا
الظلام يتزايد، والقوى الشريرة تتجمع "
حولنا. يجب أن نكون أكثر حذ ًرا"، أجاب
الشخص الغامض بصو ٍت هامس، يبدو
.وكأنه يحاول التحدث عبر جدران الزمن
وعد لم تكن تفهم تما ًما ما يحدث، ولكنها
شعرت بأنها ملزمة بالبقاء قرب هذا
الشخص، لأنها شعرت أنها الآن تحت
حمايته
بدأت وعد تبحث بنفسها عن إجابات.
بدأت تتجول في المنزل في أوقات
الظلام، تحاول رصد أي حركة غريبة أو
أي دليل يمكن أن يعطيها معلومات عن
ما يحدث. كانت تدون الملاحظات في
مذكرتها، تحاول تقديم قصصها
لأصدقائها، لكنهم كانوا لا يصدقونها،
.يعتقدون أن خيالها يلعب بها
ومع ذلك، لم تفقد وعد الأمل. كانت
تعرف أن هناك شيئًا غير عادي يحدث،
وكانت مصممة على كشف الحقيقة
في ليلة من ليالي الشتاء الباردة، حينما
كانت الرياح تعصف بأشجار الغابة
خارج المنزل، ووعد كانت تجلس في
غرفتها تستعد للنوم، شعرت بحركة
غريبة في الهواء. توجهت نحو النافذة،
ورأت الشخص الغامض يواجه كائنًا
ظلاميًا كبي ًرا خارج المنزل، يتقدم نحوه
.بخطوات ثقيلة
ما هذا؟،" صرخت وعد، تشعر "
.بالرعب والدهشة لما تراه أمامها
الشخص الغامض ألقى نظرة سريعة
على وعد، ثم عاد لمواجهة الظلام
الكبير. "هذا هو الشر الذي يأتي من
الظلام. علينا أن نقاومه معًا"، قال
.بصو ٍت هامس مليء بالقوة والإصرار
وعد شعرت بالخوف يتسلل إلى قلبها،
لكنها أخذت نف ًسا عميقًا وقررت أن تكون
شجاعة كما وعدت. لم تكن وحدها،
كانت الآن جز ًءا من شيء أكبر، وهذا
الشخص الغامض كان الركيزة التي
تحتاجها لمواجهة الظلام
في ليلة من ليالي الشتاء الباردة، حينما
كانت الرياح تعصف بأشجار الغابة
خارج المنزل، ووعد كانت تجلس في
غرفتها تستعد للنوم، شعرت بحركة
غريبة في الهواء. توجهت نحو النافذة،
ورأت الشخص الغامض يواجه كائنًا
ظلاميًا كبي ًرا خارج المنزل، يتقدم نحوه
.بخطوات ثقيلة
ما هذا؟،" صرخت وعد، تشعر "
.بالرعب والدهشة لما تراه أمامها
الشخص الغامض ألقى نظرة سريعة
على وعد، ثم عاد لمواجهة الظلام
الكبير. "هذا هو الشر الذي يأتي من
الظلام. علينا أن نقاومه معًا"، قال
.بصو ٍت هامس مليء بالقوة والإصرار
وعد شعرت بالخوف يتسلل إلى قلبها،
لكنها أخذت نف ًسا عميقًا وقررت أن تكون
شجاعة كما وعدت. لم تكن وحدها،
كانت الآن جز ًءا من شيء أكبر، وهذا
الشخص الغامض كان الركيزة التي
تحتاجها لمواجهة الظلام
وفي النهاية، عاشت وعد حياةً آمنة
ومحمية، بفضل الشخص الغامض الذي
أصبح جز ًءا من حياتها. كانت تعلم أنها
لن تكون وحدها مجددًا في مواجهة
الظلام، لأن وعد تعلمت أن وعدها
.بالشجاعة والصمود سيبقى قائ ًما دائ ًما