قصه الظل الأسود
الظل الأسود
في إحدى القرى البعيدة، كانت هناك أسطورة تتداولها الأجيال حول ظل أسود يتجول ليلاً ويختفي عند بزوغ الفجر. قيل إن هذا الظل يطارد أولئك الذين يتجرؤون على الخروج بعد منتصف الليل، وينشر الرعب في قلوبهم حتى يعودوا إلى منازلهم. كان الجميع يخافون من هذا الظل، ولم يجرؤ أحد على تحدي الأسطورة.
في تلك القرية، كان هناك شاب يُدعى يوسف. كان يوسف معروفًا بشجاعته وفضوله. سمع كثيرًا عن تلك الأسطورة، ولكنه لم يصدقها واعتبرها مجرد خرافة قديمة. قرر يوسف ذات ليلة أن يتحقق بنفسه من صحة هذه القصة، ويكشف حقيقة الظل الأسود.
خرج يوسف من منزله بعد منتصف الليل، متسلحًا بمصباح يدوي وقلبه مليء بالتحدي. سار في أزقة القرية المظلمة، باحثًا عن أي إشارة تدل على وجود الظل. مرت دقائق دون أن يحدث شيء، وبدأ يوسف يشعر بالملل والضجر.
فجأة، شعر يوسف ببرودة تسري في جسده، وكأن الهواء حوله تجمد. التفت حوله، وإذا به يرى ظلًا أسود يتحرك ببطء نحو زاوية الشارع. لم يكن ظلًا عاديًا؛ كان كثيفًا وكأنه كتلة من الظلام المتحرك. تجمد يوسف في مكانه للحظة، ولكن فضوله تغلب على خوفه. قرر متابعة الظل ومعرفة إلى أين سيذهب.
سار يوسف خلف الظل على مسافة آمنة، متتبعًا خطواته بحذر. عبر الظل الأزقة الضيقة والممرات المعتمة، حتى وصل إلى أطراف القرية، حيث يوجد بيت مهجور يعرفه الجميع بقصصه المرعبة. توقف الظل عند مدخل البيت، ثم اختفى فجأة كأنه لم يكن.
تقدم يوسف نحو البيت المهجور، وهو يشعر بقشعريرة تسري في جسده. كان المنزل قديمًا ومتداعيًا، والأبواب والنوافذ مكسورة. دخل يوسف المنزل بحذر، محاولًا السيطرة على خوفه. كانت الغرف مليئة بالغبار والأثاث المهترئ، ولم يكن هناك أي ضوء سوى ضوء مصباحه اليدوي.
بينما كان يوسف يتجول في المنزل، سمع صوت خطوات خلفه. التفت بسرعة، لكنه لم يجد أحدًا. ارتفع نبض قلبه وشعر بالخوف يتسلل إلى قلبه. حاول أن يهدئ نفسه، واستمر في تفقد الغرف.
في الطابق العلوي، وجد يوسف غرفة مغلقة بباب خشبي قديم. دفع الباب ببطء، فإذا به يفتح بصعوبة وبصوت صرير مزعج. داخل الغرفة، وجد يوسف مرآة كبيرة مغطاة بالغبار. اقترب منها، ومسح الغبار بيده.
ما إن أزال الغبار، حتى رأى في المرآة انعكاس الظل الأسود خلفه مباشرة. ارتعب يوسف والتفت بسرعة، لكنه لم يجد أحدًا. عندما نظر إلى المرآة مرة أخرى، وجد نفسه محاطًا بالأشباح. كانت الأشكال مظلمة وغامضة، وعيونها تلمع في الظلام.
بدأت الأشباح تتحرك نحو يوسف ببطء، وشعر بأنفاسه تتسارع وخوفه يزداد. حاول التراجع، لكنه تعثر وسقط على الأرض. عندما رفع رأسه، كانت الأشباح تقترب أكثر وأكثر. حاول يوسف الصراخ، لكن صوته خانته.
فجأة، سمع صوتًا هادئًا يقول: "لا تخف يا يوسف، نحن لن نؤذيك". حاول يوسف أن يستوعب ما يحدث، وقال بصوت مرتعش: "من أنتم؟ وماذا تريدون مني؟"
أجابت أحد الأشباح: "نحن أرواح مضطهدة، حُبِسنا في هذا المكان منذ زمن بعيد. نحن بحاجة إلى مساعدتك لتحريرنا. إذا ساعدتنا، سنحررك من هذا الكابوس."
شعر يوسف ببعض الأمل، وسأل: "وكيف أستطيع مساعدتكم؟"
أجاب الشبح: "في الطابق السفلي، يوجد صندوق قديم يحتوي على مفتاح سحري. هذا المفتاح هو الذي سيحررنا. يجب عليك العثور على الصندوق وفتحه."
جمع يوسف شجاعته وقرر مساعدة الأشباح. نزل إلى الطابق السفلي بحذر، حيث كانت الظلمة تملأ المكان. بعد بحث طويل، وجد صندوقًا قديمًا مخفيًا بين الأنقاض. فتح يوسف الصندوق ووجد داخله مفتاحًا ذهبيًا صغيرًا.
عندما عاد إلى الطابق العلوي، كانت الأشباح تنتظره. أعطى يوسف المفتاح لأحد الأشباح، والذي استخدمه لفتح باب سحري في الجدار. خرجت الأشباح من الباب واحدة تلو الأخرى، وهي تشكر يوسف على مساعدته.
قال الشبح الأخير: "شكرًا لك يا يوسف. لقد حررتنا من عذابنا. الآن يمكنك العودة إلى منزلك بسلام."
شعر يوسف بالارتياح والخلاص. غادر المنزل المهجور بسرعة، وعندما وصل إلى منزله، كان الفجر قد بزغ. استلقى على سريره وهو يشعر بالتعب، ولكنه كان سعيدًا لأنه تغلب على خوفه وساعد الأرواح المضطهدة.
منذ ذلك اليوم، لم يعد الظل الأسود يظهر في القرية، وأصبح يوسف بطلًا في نظر الجميع. ولكن يوسف كان يعلم أن ما حدث تلك الليلة سيبقى محفورًا في ذاكرته إلى الأبد، وسيظل يتساءل دائمًا عن طبيعة تلك الأرواح وما إذا كانت حقًا قد وجدت السلام.