قصه الليل المظلم

قصه الليل المظلم

0 المراجعات

الليل المظلم

كان الجو باردًا والرياح تعوي بين الأشجار كما لو كانت تحذر من خطر قادم. كانت ليلة مظلمة في قريتنا الصغيرة المعزولة، حيث لم تكن الكهرباء متوفرة بعد منتصف الليل، مما يجعل المكان يبدو مخيفًا وأكثر هدوءًا مما ينبغي. كنا نجلس في المنزل القديم الذي كان قديمًا جدًا بحيث يصدر كل ركن فيه صوتًا مرعبًا كلما هبت الرياح.

قررنا أن نقضي تلك الليلة معًا، أنا وأصدقائي الثلاثة: سليم، أحمد، ونورا. كنا نروي قصص الرعب ونتحدّى بعضنا البعض بعدم الخوف. جلسنا حول شمعة صغيرة وضوءها الخافت يزيد من رهبة الأجواء. بدأ أحمد في رواية قصة قديمة عن بيت مهجور في طرف القرية، كان يقول إن أحد سكان القرية قُتل هناك منذ سنوات طويلة وأن روحه لا تزال تجوب المكان بحثًا عن الانتقام.

بينما كان أحمد يتحدث، بدأت أسمع أصواتًا غريبة تأتي من الطابق العلوي. تجاهلتها في البداية، ولكن الأصوات أصبحت أكثر وضوحًا كما لو أن هناك شخصًا يتنقل بين الغرف. نظرت إلى أصدقائي وأدركت أنهم سمعوا نفس الشيء، حيث بدا الخوف على وجوههم.

قال سليم بصوت مرتجف: "هل سمعتم ذلك؟"

أجبت بنبرة قلقة: "نعم، يبدو أن هناك شيئًا في الطابق العلوي."

نورا اقترحت: "ربما يجب أن نذهب ونرى ما هناك، ربما يكون مجرد فأر أو شيء آخر."

رغم الخوف الذي كان يجتاحنا، قررنا أن نصعد للطابق العلوي معًا. كانت السلالم تصدر أصواتًا مخيفة تحت أقدامنا. عندما وصلنا للطابق العلوي، كانت الرؤية محدودة بسبب الظلام. توجهنا إلى الغرفة التي تصدر منها الأصوات. كانت بابها نصف مفتوح، دفعناه بحذر ودخلنا.

كانت الغرفة مليئة بالغبار والأثاث القديم المغطى بالأقمشة البيضاء. فجأة، رأينا شيئًا يتحرك في الزاوية. تسمرنا في مكاننا، ولكن بعد لحظات أدركنا أنه كان مجرد قطة تسللت إلى المنزل. تنفسنا الصعداء وبدأنا نضحك على خوفنا الذي لا أساس له.

عدنا إلى الطابق السفلي وأكملنا رواية القصص. لكن لم يكن الجميع مرتاحًا، كان هناك شعور غريب يسيطر على المكان. نورا كانت تبدو أكثر قلقًا من البقية. سألتها إذا كانت على ما يرام، فأجابت: "لا أعرف، هناك شيء يجعلني أشعر بعدم الارتياح، كما لو أن هناك عينًا تراقبنا."

حاولنا تهدئتها وأخبرناها أن الأمر مجرد خيال وخوف لا أكثر. لكن بعد لحظات، انطفأت الشمعة فجأة، وانغمسنا في الظلام الدامس. بدأنا نشعر بالذعر، خصوصًا عندما سمعنا صوت خطوات بطيئة تقترب منا.

أضاء أحمد ولاعته ليكشف لنا عن شيء مروع، كانت هناك يد بيضاء تظهر من العدم، تتحرك ببطء نحو نورا. صرخت نورا بصوت مرتفع، وقفزت مبتعدة. تراجعنا جميعًا نحو الحائط ونحن نرتجف من الخوف. لكن اليد اختفت فجأة كما ظهرت، تاركةً وراءها هالة من البرد.

لم نكن نعرف ما نفعل، هل نخرج من المنزل ونترك نورا وحدها أم نبقى ونحاول مواجهة ما يحدث؟ قررنا أن نخرج ونبحث عن مساعدة، لكن عندما فتحنا الباب الأمامي، وجدنا أنفسنا في نفس الغرفة مرة أخرى. كانت الأبواب والنوافذ تختفي وتظهر وكأن المنزل يلعب بنا.

بدأت الأصوات الغريبة تتزايد، وصار الهواء أثقل وأبرد. حاولنا تذكر القصص القديمة عن هذا المكان، وبدأت الأمور تتضح لنا. قال سليم بصوت خافت: "هذا ليس منزلًا عاديًا، هناك شيء مظلم وقوي هنا."

بينما كنا نحاول فهم ما يحدث، ظهرت أمامنا صورة شبحية لرجل، كانت عينيه مليئة بالغضب والألم. تحدث بصوت مرعب: "اتركوا هذا المكان فورًا، وإلا ستكون نهايتكم هنا."

حاولنا الهرب ولكن دون جدوى. كان كل شيء مغلقًا وكأن المنزل يرفض أن يتركنا نذهب. بدأت أشعر باليأس والخوف يتسلل إلى أعماقي. ولكن فجأة، تذكرت شيئًا من قصة أحمد، قال إن الروح تحتاج إلى شيء ما لكي تهدأ. سألت أحمد بسرعة: "ما الذي كانت الروح تبحث عنه؟"

أجاب أحمد: "كان يبحث عن خاتم مفقود، يقال إنه إذا أعيد له سيهدأ ويرحل."

بدأنا نبحث بشكل محموم في كل مكان عن هذا الخاتم. كان الوقت يمر بسرعة والشبح يقترب منا أكثر فأكثر. فجأة، وجدت نورا صندوقًا صغيرًا مخبأ تحت الأرضية. فتحناه ووجدنا داخله الخاتم المفقود.

رفعته بيد مرتجفة نحو الشبح، قلت بصوت عالٍ: "لقد وجدنا خاتمك، اتركنا بسلام."

تغيرت ملامح الشبح وبدت عليه الراحة، اختفى ببطء تاركًا وراءه شعورًا بالسلام. فجأة، عادت الأنوار وفتحت الأبواب والنوافذ كما كانت. خرجنا من المنزل بأسرع ما يمكننا، وقررنا ألا نعود أبدًا إلى هذا المكان.

تلك الليلة كانت آخر ليلة نقضيها في رواية قصص الرعب، فقد علمتنا أن بعض الأشياء يجب أن تظل مدفونة في الماضي، وأن بعض الأرواح تحتاج إلى السلام قبل أن ترحل.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

28

متابعين

10

متابعهم

21

مقالات مشابة