اياك أن تغضبها!

اياك أن تغضبها!

2 المراجعات

عندما تزوجت هند، أخبرتني والدتها بصوت مشوب بالجدية والرعب: “لا تغضبها أو تحزنها لأي سبب كان، فهي ليست كأي فتاة.”

بالطبع، اعتبرت هذه النصيحة كأي نصيحة أم عادية لزوج ابنتها، ولم أفكر فيها كثيراً.

عشنا ثلاث سنوات من الحياة الزوجية العادية، حتى حدثت تلك الليلة المشؤومة. كان النقاش بيني وبين هند بسيطًا في البداية، لكنه تحول إلى جدال حاد.

أخطأت في النهاية وخرجت غاضبًا دون أن أعتذر منها. لم أكن أعلم حينها أن تلك اللحظة ستكون بداية سلسلة من الأحداث الغريبة التي ستغير حياتي إلى الأبد.

في اليوم التالي، بدأت ألاحظ تصرفات هند الغريبة. عندما عدت إلى المنزل في المساء، كانت تجلس في زاوية المطبخ، تحدق في السقف بنظرة خاوية.

لاحظت لأول مرة أن شعرها الأسود الطويل يصل حتى أسفل ركبتيها، وكان يلمع بطريقة غير طبيعية في الضوء الخافت.

حاولت التحدث معها، لكنها لم ترد. فقط استمرت في التحديق بنظرة جامدة، كما لو كانت ترى شيئًا لا أستطيع رؤيته.

مع مرور الأيام، ازدادت تصرفاتها غرابة. أحياناً كنت أجدها تحدق بي بطريقة مخيفة، وكأنها تعرف شيئًا مخيفًا عني.

وفي مرات أخرى، كنت أتركها في غرفة الجلوس وأذهب إلى الحمام، لألتفت فجأة وأجدها تقف خلفي بهدوء تام، تحدق بي بتلك النظرة المزعجة.

بلغت الأمور ذروتها في ليلة استيقظت فيها عند الساعة الثانية صباحاً بسبب العطش. عند دخولي المطبخ لأشرب الماء، صدمت بمشهد جعل قلبي يكاد يتوقف:

كانت هند تقف على الحائط، متكئة على قوائمها الأربعة كالعنكبوت، تحدق بي بنظرة خاوية ومخيفة. شعرت بأنني في كابوس، لكن الألم في صدري أكد لي أنني مستيقظ.

في تلك اللحظة، لم أستطع الاحتمال أكثر. نهضت من الفراش مرتجفاً، ومررت بجانبها بينما كانت تحدق بي بتلك النظرة المروعة.

التقطت الهاتف بيدي المرتعشة واتصلت بوالدتها على الفور. عندما أخبرتها بما يحدث، قطعتني بقولها: “ألم أخبرك ألا تغضبها أو تحزنها أبدًا؟”

أجبتها بارتباك: “كيف عرفتِ بمشكلتنا؟”

أجابتني والدتها بصوت خافت ومرعب: “زوجتك معي منذ يومين، لماذا لم تأتي لمصالحتها؟”

تجمدت في مكاني، غير قادر على تصديق ما أسمعه. إذا كانت هند مع والدتها، فمن تكون هذه التي في منزلي؟

نظرت إلى هند التي كانت تقف الآن في منتصف الغرفة، وتذكرت التحذير. بدأت تتغير ملامح وجهها ببطء، وظهر عليها تعبير شيطاني. فهمت حينها أنني في مواجهة قوة لا يمكن تفسيرها.

ببطء، بدأت هند تقترب مني. عيناها الواسعتان تلمعان بالجنون، وشعرها الطويل يتمايل حولها كأنه يمتلك حياة خاصة به. حاولت التراجع، لكن ساقي لم تستجب.

شعرت وكأنني مسمر في مكاني. كلما اقتربت، شعرت بالهواء يثقل أكثر حولي، وكأنها تسحب الحياة من الغرفة.

عندما وصلت هند إلى مسافة قريبة مني، توقفت فجأة. لمست وجهي بيدها الباردة، وقالت بصوت لم يكن صوتها: “لقد حذرتك.”

في تلك اللحظة، شعرت ببرودة شديدة تجتاح جسدي، وانهرت على الأرض مغشياً علي. عندما استيقظت، وجدت نفسي في غرفة المستشفى، محاطًا بأطباء وممرضين يحاولون إفاقتي.

أخبروني أنني كنت في غيبوبة لعدة أيام، وأنهم عثروا علي في منزلي بمفردي.

لاحقاً، علمت أن والدة هند جاءت لزيارتي وأكدت لهم أنني كنت تحت ضغط نفسي كبير. لكنني لم أستطع التخلص من الشعور بأن ما حدث لم يكن مجرد هلوسة.

تركت هند منذ ذلك الحين، ولم أعد إلى المنزل الذي شهد تلك الأحداث المروعة.

يقول الناس أنني فقدت صوابي، لكنني أعرف الحقيقة. هناك أشياء في هذا العالم لا يمكن تفسيرها، وأرواح قديمة تسكن الأماكن وتنتقم ممن يخالف تحذيراتها. تعلمت الدرس جيداً، ولن أنساه أبداً.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

6

متابعين

7

متابعهم

1

مقالات مشابة