قصة البيت الملعون
البيت الملعون
في ضواحي مدينة قديمة، كان هناك بيت مهجور منذ سنوات. هذا البيت، المعروف بين السكان المحليين باسم "البيت الملعون"، كان محاطًا بالغموض. شائعات كثيرة تدور حوله: صرخات في الليل، أضواء غامضة، واختفاءات غامضة لأولئك الذين اقتربوا منه. لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب من هذا المكان، حتى جاء ذلك اليوم.
كانت ليلى طالبة في كلية الآداب، ولديها شغف خاص بالقصص الغامضة والمرعبة. كانت تبحث دائمًا عن مغامرات جديدة، وكانت تشعر بأن حياتها تحتاج إلى تحدٍ جديد. عندما سمعت عن "البيت الملعون"، قررت أنه سيكون مغامرتها القادمة.
جمعت ليلى مجموعة من أصدقائها، وعرضت عليهم فكرة استكشاف البيت. في البداية، كان الجميع مترددًا، لكن ليلى استطاعت إقناعهم في النهاية. في ليلة مظلمة، اجتمعوا جميعًا أمام بوابة المنزل المتهالك. كان الهواء باردًا بشكل غير عادي، وكان الصمت يلف المكان بشكل مخيف.
دخلوا المنزل بحذر، وكانت الرائحة الكريهة تملأ الجو. بدت الأرضية تحت أقدامهم وكأنها تصدر أنينًا. الجدران كانت مغطاة بالغبار والعفن، وكانت العناكب قد نسجت خيوطها في كل زاوية. الأضواء الخافتة لمصابيحهم اليدوية كانت تضفي على المكان جوًا مشحونًا بالخوف.
أثناء تجولهم في المنزل، بدأت الأشياء الغريبة تحدث. أبواب تُغلق ببطء من تلقاء نفسها، وأشياء تتحرك على حواف الرؤية فقط. سمعوا أصوات همسات لم يستطيعوا تحديد مصدرها. كانوا يشعرون وكأن شيئًا ما يراقبهم، لكنهم لم يروا شيئًا بوضوح.
بينما كانوا يستكشفون الطابق العلوي، لاحظوا بابًا مغلقًا بإحكام. كان يبدو مختلفًا عن باقي الأبواب، وكأن شيئًا ما خلفه. بعد بعض الجهد، تمكنوا من فتحه. كانت الغرفة مظلمة تمامًا، وعندما أضاءوا مصابيحهم، صُدموا بما رأوه.
كانت الغرفة مليئة برسومات غريبة على الجدران، كأنها طلاسم قديمة. في وسط الغرفة، كانت هناك مرآة كبيرة، لكن سطحها كان مغطى بطبقة كثيفة من الغبار. اقتربت ليلى من المرآة ومسحت الغبار بيدها. للحظة، لم يحدث شيء، لكن فجأة، انعكست صورة لم تكن تخص أيًا منهم. كان هناك رجل واقف خلفهم في المرآة، ينظر إليهم بعيون فارغة.
تجمد الجميع في مكانهم. التفتوا بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد. عندما نظروا مرة أخرى إلى المرآة، كانت الصورة قد اختفت، لكنهم شعروا بوجود شيء خلفهم. في تلك اللحظة، انطفأت جميع المصابيح، وعم الظلام المكان.
بدأت أصوات غريبة تتصاعد من الجدران، وكأن هناك أرواحًا محبوسة تصرخ طلبًا للمساعدة. حاولوا الهروب، لكن الأبواب كانت مغلقة. شعروا بأنفاس باردة على رقابهم، وكأن هناك شيئًا غير مرئي يقترب منهم. بدأت أقدامهم تتراجع للخلف وهم يحاولون الوصول إلى الدرج.
بينما كانوا يركضون باتجاه الدرج، شعرت ليلى بيد باردة تمسك بكتفها. نظرت إلى الخلف ورأت عينين حمراء تلمع في الظلام. في لحظة يأس، صرخت بأصدقائها للهروب دونها، لكنهم رفضوا تركها. بفضل شجاعتهم، تمكنوا من كسر نافذة والهروب إلى الخارج.
خرجوا من المنزل مرعوبين، لكنهم لم يجرؤوا على النظر خلفهم. عندما وصلوا إلى مسافة آمنة، توقفوا لالتقاط أنفاسهم. كانت ليلى تشعر بأن شيئًا ما قد تبعهم. وعندما استداروا ليلقوا نظرة أخيرة على البيت، رأوا ظلًا غامضًا يقف عند النافذة المكسورة، يراقبهم بصمت.
منذ ذلك اليوم، لم يعودوا أبدًا إلى "البيت الملعون"، وبقيت تلك الليلة محفورة في ذاكرتهم. لكن ليلى لم تستطع التخلص من الشعور بأن شيئًا ما قد علق بها من تلك التجربة، وكأن المنزل لم يتركهم يذهبون بسلام.