منزل الرعب المسكون

منزل الرعب المسكون

1 المراجعات

رحل أحد السكان إلى مكان جديد حيث أن المنزل الذي كان يسكن فيه قد ضاق عليه وعلى أبنائه كثيرا، كانت لديه زوجة وستة من الأبناء الذكور، وبالفعل وصل لمكان يبعد عن مكانه الأول أكثر من تسعمائة كيلومتراً، وهناك استحوذ على قطعة أرض كبيرة وكان بها مجموعة من الرجال مثله في المكان يحاولون إعمارها، قرروا جميعا إنشاء بلدة خاصة بهم في أقصر وقت ممكن.

كان الرجل من صغره متعودا على العمل الجاد، فلم يؤثر فيه شيئا إذ كان يعمل ليلا نهارا في تقطيع الأشجار واستخلاص الحطب منها وبناء منزل لأبنائه، وبالفعل قبل انتهاء العام الأول من وصوله تمكن من بناء منزل ضخم متألف من دورين، وكان يحب الاختلاط بالآخرين والحديث معهم، لذا كان وعائلته من أكثر العائلات شهرة على الإطلاق.

وبعد انتهائه من بناء منزله وجد طلبات كثيرة من الباقيين ببناء منازل لهم، فجعلها تجارته، ومن بعدها قام بتصنيع أكثر من مركب وجعلها تجارة مع أبنائه لجلب جميع مستلزمات الساكنين وبيعها لهم، وهكذا ازدهرت الحياة معه ومع أبنائه، لم يكتفي بذلك وحسب بل قام بزراعة جميع الأراضي الشاسعة التي كانت حول منزله؛ وفي يوم من الأيام سمع صوتا غريبا في حقول الذرة فاقترب من مصدر الصوت ليجده كلبا أسوادا عظيما بملامح مخيفة للغاية وكأنه قد أصيب بحادث حطم جميع عظام وجهه، كان الكلب يثبت نظره على الرجل والذي كان لا يرهبه أي شيء، اقترب شيئا فشيئا من الكلب الأسود الغريب فشعر حينها بشيء غريب بداخل نفسه، وأخيرا أطلق نارا من السلاح الذي يحمله بين يديه فاختفى الكلب من أمام عينيه هربا، وعندما وصل الرجل للمكان الذي كان يرقد فيه الكلب، كان من الطبيعي حينها أن يرى الذرة وقد خربت ولكنه وجدها عادية بطريقة مخيفة وجه نظره للأرض يريد دليلا لآثار أقدام الكلب وهذا أيضا لم يجده!، رسمت ألف علامة استفهام بداخل دماغه عما حدث، عاد للمنزل ولكنه في حالة يرثى لها.

عاد لمنزله ولكنه لم يستطع إخراج ما رآه أمام عينيه بحقول الذرة من تفكيره، وبنفس الليلة بالمنزل كان هناك من يأتي ويطرق على باب المنزل وما إن يجيبه أحد من أهل المنزل يجدونه قد اختفى، تكررت هذه الحادثة في كل ليلة ولدرجة أنهم باتوا يقسمون أنفسهم ليعلموا من الفاعل ولكن دون جدوى؛ بات القلق يربك جميع من بالمنزل حتى أتتهم الغرابة الثانية وأنهم ما إن ينامون يسمعون شخصا يتنهد بصوت ضعيف أسفل السرير وكأنه يفارق الحياة، وما إن ينزلوا أقدامهم على الأرضية ليعلموا مصدر الصوت لا يجدوا شيئا البتة، كل هذه الأمور كانت تزعجهم كثيرا وتجعل الحياة بالنسبة لنفوسهم ثقيلة، وعلى الرغم من كل الأشياء الغريبة التي كانوا يجدونها بالمنزل إلا إنهم لم يقرروا يوما مغادرته.

بات الرجل من غريبي الأطوار فبعدما كان رجلا يعشق الحديث للآخرين بات منعزلا حتى عن أهل بيته، وكان على الدوام يجلس في غرفة نومه ينظر لحائط بها بعينه، قل أكله وقل حديثه وبات جميع أهله قلقين عليه؛ وفي يوم من الأيام بينما كانت ابنته الكبرى خرجت لفناء المنزل لتجمع البيض في السلة كعادتها اليومية رأت امرأة جميلة للغاية من الخلف فصارت الابنة تلاحقها لتعلم ماذا تريد، ولكنها وجدت جسدها بالكامل تثاقل عن المرور بجوارها، ورغم صوت الابنة العالي إلا إن هذه المرأة الجميلة الغريبة لم تنتبه لها، وما إن مرت بجوارها وجدت شعرها الجميل منسدل على وجهها لدرجة أنها لم تميز ملامحها من قريب، ركضت الابنة للمنزل وأحكمت غلقه من خلفها، وصعدت للدور الأعلى لتتفقد حقيقة المرأة وإذا بها تجدها مخيفة الملامح وما إن صارت عيني الابنة الكبرى في عيني المرأة حتى جن جنونها فصارت تشد شعرها وتقطعه وتلقيه في الأرض أسفل قدميها والابنة الكبرى صارت تصرخ من هول ما ترى من أفعال هذه المرأة الغريبة، ركضت تجاهها شقيقتها وإذا بها ترى كل ما تراه شقيقتها الكبرى.

وجاء للمرأة ثلاثة من الأبناء أمسكوا بها وتوجهوا لشجرة عملاقة بفناء المنزل وصاروا يتأرجحون عليها، جاء للمنزل الابن الأكبر فأشارت إليه شقيقته لتريه ما يحدث بمنزلهم ولكن المفاجأة أنه لم يستطع رؤية المرأة وأبنائها إلا الابنتان وحسب!

وفي يوم من الأيام أصر الأب على الخروج من المنزل، وإذا به يأخذه ابنه الأكبر على كرسي متحرك من كثرة ما به من أوجاع ويأمر ابنه ليتوجه به لنفس المكان الذي رحل إليه الكلب الغريب، وهناك تحدث للرجل تشنجات في كامل جسده والذي بات هزيلا منذ الحادثة التي رآها، إثر التشنجات فتحت عينيه وجحظت من مكانهما وصار يشير بيده على شيء يراه أمامه وتوقف قلبه عن الخفقان حينها.

المنزل بأكمله بات كابوسا، وبعد خمسة عشر عاما قرر الأبناء والأم أخيرا الرحيل عنه دون عودة، كان الجميع يشعر بشيء عجيب حيال المنزل وكأنه صار مليئا بالأرواح الشريرة التي لن يهدأ لهم بالا إلا برحيل ساكنيه كما حدث مع الأب، تركوه وتركوا المكان بأكمله توجهوا لمنزلهم القديم، ولم يعلم أحدا إن كانوا قد أكملوا حياتهم بشكل طبيعي بعدها أم لا!

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

7

متابعين

6

متابعهم

24

مقالات مشابة