قصه الفتاه الشبح
الفتاة الشبح
هل كل ما نراه حقيقة ؟ هل يرى بعضنا أشياء لا يراها سواهم فقط ؟ لعل الشعرة الفارقة بين الوهم والحقيقة تكمن في رؤية نفس الشيء في نفس الوقت من أكثر من شخص داخل المكان الواحد ، ولكن هناك ما يعرف بالهلاوس الجماعية أو العقل الجمعي ، الذي قد تقوده هيستيريا جماعية ، تضع عددًا من الأشخاص في تجربة واحدة وهمية . ولكن أن ترى شيئًا أو أشخاصًا على وجه لتحديد ، ثم تكتشف أنهم ليسوا حقيقيين ، وأنت فقط من لا يعرف ، فتلك تجربة أخرى . البداية : يقول الراوي وهو سائق يدعى إبراهيم في العقد الثالث من العمر ، أنا سائق لدى إحدى الشركات الإنتاجية الكبرى ، وأعمل في ورديات أسبوعية فتارة أخرج على الطريق في منتصف الليل حيث تبدأ ورديتي ، وتارة أخرى أذهب ساعيًا للرزق في الصباح الباكر ، وأيًا كانت ساعات عملي ، فأنا حريص جدًا وملتزم ولا أتعاطى أية أشياء من التي تذهب العقل . في أحد الأيام من فصل الشتاء ، تم تكليفي بمهمة الذهاب لإحدى القرى الواقعة على الطريق ، إلى جانب المدينة التي أعمل بها ، كانت مهمة صعبة بعض الشيء نظرًا لصعوبة الطقس الذي نخرج فيه ، وهطول الأمطار بكثافة على الطريق المؤدي لتلك القرية تحديدًا . ووفقًا لمتطلبات عملي لا يمكنني أن أرفض أية مهمة تم توكيلها إليّ ، فاستعنت بالله وتركت خلفي زوجتي وطفلاي وذهبت لجلب بعض المواد الخام ، تلك القرية التي تم التعاقد بينها وبين الشركة التي أعمل بها مؤخرًا . التجربة المرعبة : يستكمل الراوي قصته ، انطلقت على الطريق السريع المؤدي إلى القرية ، وكان الطقس بارد بشدة ، أشعلت الراديو الملحق بالسيارة من أجل سماع بعض البرامج وتسلية نفسي على الطريق ، حتى لا أخلد إلى النوم فقد كنت مرهقًا بشدة . مرت نصف الساعة على انطلاقي ، وفجأة وأثناء سيري شاهدت طفلة أعتقد أنها تبلغ حوالي خمسة أعوام فقط ، انحرفت بالسيارة وأنا مندهش بشدة ، لم تخرج طفلة في هذا العمر بهذا الوقت المتأخر من الليل ، فقد كانت الساعة حوالي الواحدة بعد منتصف الليل ! توقفت بالسيارة وترجلت لأنظر إلى الفتاة ، ودون مبالغة أنظر متلفتًا حولي في قلق ، فقد تكون الطفلة فخ لعصابة ما ، ولكني لم أستطع أن أتفاداها أو أهملها فأنا أب ، وكانت الفتاة مبللة بشدة نتيجة الأمطار ، وصلت إليها فوجدتها تنظر لي بنظرة باردة وغريبة ، ليست نظرة طفلة ولكني قلت في نفسي قد تكون بسبب تلك الظروف التي تقف فيها ، فسألتها من أين أتت فطلبت مني أن أوصلها إلى المنزل ، لأنها أضلت الطريق وتريد العودة إلى منزلها. حملتها إلى السيارة ، ثم صعدت واستكملت طريقي ، ظلت الفتاة قابعة إلى جواري وأنا أختلس النظر إليها بين الحين والآخر وأعطيتها معطفي علها تشعر بالبرد ، هي طفلة ولكن ما تلك النظرة الباردة ، ليس بها أي شيء من الخوف ، وكان من الطبيعي أن تصرخ خوفًا وبردًا ، ولكني لم أر أيًا من هذا! عجيب حقًا أمرها. أشارت الطفلة إلى منزل صغير على جانب الطريق ، فتوقفت وهبطت الفتاة مسرعة وهي تركض نحو المنزل ، واختفت في الظلام سريعًا . استكملت طريقي ، وإذا بي تذكرت المعطف وبه هاتفي المحمول وبعض الأوراق ، فاستدرت عائدًا بالسيارة حتى أحصل على معطفي ، وتوقفت أمام المنزل وطرقت الباب ، بالتأكيد سوف أجد أهلها وأعرفهم بنفسي وأحصل على معطفي ، ومع طرقاتي خرجت سيدة عجوز وتساءلت من أكون ، فعرفتها سريعًا بنفسي وقلت لها أنني من أوصلت الطفلة إليهم .
اندهشت السيدة وقالت لي أنها تعيش وحدها ، ولا يوجد بالمنزل أية أطفال ، هبطت كلماتها على كالصاعقة فاستندت بيدي على الجدار ، وهنا لمحت صورة فوتوغرافية معلقة على الجدار وعليها شريطة سوداء ، فأشرت بيداي في رعب وقلت لها ، هذه هي الطفلة ، فاستدارت السيدة والتفتت إلي بألم مرة أخرى وقالت أن طفلتها قد توفت في حادث على الطريق منذ ثلاثة أعوام . انطلقت في طريقي وقد استبد بي الرعب ، الآن وقد فهمت لم كانت نظرتها باردة إذًا فهي شبح ، بلغت مقصدي على بزوغ الفجر ، وذهبت لأتناول فطوري مع بعض الزملاء ، وبينما نحن نتناول الطعام رويت لهم ما حدث لي على الطريق . وفاجئني أحدهم قائلاً بقلق ، أن المنزل الذي تحدثت عنه ذلك خاويًا تمامًا ليس به أي شخص ، فقد توفى كل أفراد تلك الأسرة بما فيهم المرأة العجوز ، في حادث سير منذ أكثر من سبعة أعوام ، وبقي المنزل في كمانه لا تطأه أية أقدام ، منذ أن وقع الحادث . بالطبع سرت في جسدي رعشة رعب رهيبة ، فقد قابلت أشباحًا منذ ساعات قليلة ولا أدري إلى أين كان من الممكن أن أصل ؟ فهل كنت سأختطف إلى عالم سفلي أو أمر بتجربة تلبس ما ، إذا ما كنت قد أطلت الحديث معهما ؟ لا أدري حقًا ولكنها بالتأكيد تجربة لن تُمحى من ذاكرتي إلى الأبد .