الصديق الأخير -"العوده"
: “الصديق الأخير - العودة”
البداية:
عاد عمر إلى القاهرة، لكن حياته لم تعد كما كانت. كانت الأحداث التي عاشها في نيويورك تطارده ككابوس دائم. كل ليلة، كان يرى وجه مايكل في أحلامه، يتحدث إليه بصوت غامض:
“لن تفلت مني، عمر... نحن مرتبطان الآن.”
الأمر الذي زاد قلقه هو دفتر اليوميات. كان يحتفظ به في درج مكتبه، لكنه كان يشعر بأن الدفتر ينبض بطاقة غريبة كلما اقترب منه.
قرر عمر أن يبحث عن تفسير لما حدث. كان يعلم أن هناك شيئًا غير طبيعي فيما مر به، ولم يكن مستعدًا للتخلي عن الإجابات.
البحث عن الحقيقة:
بدأ عمر بالتواصل مع متخصصين في الأمور الغامضة. وجد عبر الإنترنت شخصًا يدعى الدكتور "ألكسندر"، وهو عالم نفس ومحقق في الظواهر الخارقة. سافر عمر إلى الإسكندرية للقاء الدكتور، وأخبره بكل ما حدث منذ اللحظة التي تعرف فيها على مايكل وحتى عودته من نيويورك.
استمع الدكتور ألكسندر بعناية، وعندما انتهى عمر من الحديث، قال:
“مايكل ليس مجرد روح عادية. يبدو أنه مرتبط بك بطريقة خاصة. ربما كانت صداقتكما عبر الإنترنت هي الوسيلة التي سمحت له بالاتصال بك. الأرواح التي تعاني من الوحدة الشديدة أو الغضب أحيانًا تبحث عن وسيلة للتعلق بالأحياء.”
سأل عمر:
“ولكن لماذا أنا؟ لماذا لم يختفِ بعد أن ذهبت إلى نيويورك؟”
رد الدكتور:
“لأنك أخذت شيئًا يربطه بك: دفتر اليوميات. الأرواح تعلق نفسها غالبًا بأشياء مادية. هذا الدفتر هو مفتاح كل شيء.”
اكتشاف جديد:
طلب الدكتور من عمر إحضار دفتر اليوميات ليقوم بتحليله. عندما فتحا الدفتر، لاحظا أن الكتابات الغامضة التي كانت موجودة في الصفحات الأخيرة قد بدأت تتغير. كلمات جديدة تظهر كل يوم وكأن شخصًا ما يكتبها في الوقت الحقيقي.
كانت الجملة التي ظهرت في تلك اللحظة تقول:
“لا يمكنك الهروب. عد إلى نيويورك.”
شعر عمر ببرودة تسري في جسده. كان يعلم أن مايكل لن يتركه يعيش بسلام حتى يعود إلى حيث بدأ كل شيء.
العودة إلى نيويورك:
بعد تفكير طويل، قرر عمر العودة إلى نيويورك، رغم خوفه. أخبر الدكتور ألكسندر أنه بحاجة إلى مواجهة مايكل مرة أخرى وإنهاء هذا الكابوس بأي طريقة.
في ليلة 30 ديسمبر، وصل عمر إلى نيويورك للمرة الثانية. حمل معه دفتر اليوميات، الذي أصبح أثقل من قبل وكأنه يحمل سرًا كبيرًا.
توجه مباشرة إلى الحي الذي كان فيه منزل مايكل. المفاجأة كانت أن المنزل قد اختفى تمامًا. مكانه كان عبارة عن قطعة أرض فارغة مغطاة بالثلوج.
شعر عمر بالارتباك، لكنه لم يستسلم. فجأة، بدأت الأرض تهتز تحت قدميه، وظهر المنزل أمامه مرة أخرى وكأنه خرج من العدم.
المواجهة الثانية:
دخل عمر المنزل بحذر. هذه المرة، لم يكن مظلمًا كما كان في المرة الأولى. الأضواء كانت تعمل، وكانت هناك موسيقى هادئة تعزف في الخلفية.
سمع صوت خطوات قادمة من الطابق العلوي. هذه المرة، لم يتردد. صعد السلم بخطوات ثابتة، متجهًا نحو الغرفة التي رأى فيها المرآة من قبل.
عندما دخل الغرفة، وجد مايكل جالسًا على كرسي بجانب النافذة، ينظر إلى الخارج. لكنه لم يكن شبحًا هذه المرة. كان يبدو كإنسان طبيعي، بشعر مرتب وملابس أنيقة.
“أهلاً بك يا عمر. كنت أعلم أنك ستعود.”
قالها مايكل بابتسامة هادئة.
سأله عمر بغضب:
“ماذا تريد مني؟ لماذا تلاحقني؟”
رد مايكل بصوت مليء بالحزن:
“أنا لا أريد إيذاءك. أردت فقط أن أفهم لماذا حدث لي كل هذا. كنت أبحث عن شخص يستطيع مساعدتي، وأنت كنت الشخص الوحيد الذي شعرت بأنه يفهمني.”
“لكن كيف؟ أنت ميت منذ عشر سنوات!”
نهض مايكل ببطء، وأشار إلى المرآة.
“انظر بنفسك.”
الحقيقة المروعة:
عندما نظر عمر إلى المرآة، لم يرَ انعكاسه. بدلاً من ذلك، رأى مشاهد من حياة مايكل. كان مايكل شابًا وحيدًا، يعيش في عزلة بسبب مشاكل عائلية ونفسية. وفي أحد الأيام، قرر إنهاء حياته في ذلك المنزل.
لكن بدلاً من أن تنتهي معاناته، وجد روحه محاصرة في المكان. كل من حاول مساعدته من قبل اختفى بطريقة غامضة.
فجأة، تغيرت الصورة في المرآة. ظهر فيها عمر وهو يحمل دفتر اليوميات، لكن هذه المرة كان في وضع يشبه مايكل تمامًا: وحيدًا، خائفًا، ومحاصرًا.
“مايكل، ماذا يعني هذا؟”
“هذا يعني أننا الآن مرتبطان. إما أن تساعدني على التحرر، أو أنك ستأخذ مكاني هنا.”
التضحية:
في تلك اللحظة، شعر عمر بأن شيئًا يسحبه نحو المرآة. حاول المقاومة، لكن قوة غامضة كانت تجذبه إليها. كان يسمع صوت مايكل:
“الحل موجود في الدفتر. عليك أن تفهم النهاية لتعرف البداية.”
بقيت كلمات مايكل تتردد في ذهن عمر وهو يفتح الدفتر مرة أخرى. في الصفحة الأخيرة، كانت هناك جملة واحدة واضحة:
“اكسر السلسلة.”
نظر عمر إلى مايكل، الذي كان يقترب منه ببطء.
“ما معنى هذا؟ كيف أكسر السلسلة؟”
“عليك أن تحررني من الذكريات التي تربطني بهذا العالم.”
فهم عمر أنه بحاجة إلى التخلص من دفتر اليوميات، لكنه شعر بالخوف من أن يؤدي ذلك إلى فقدانه حياته هو الآخر.
النهاية:
في لحظة شجاعة، ألقى عمر دفتر اليوميات في المدفأة المشتعلة في الغرفة. بدأت الصفحات تشتعل، ومع كل صفحة تحترق، بدأ المنزل يهتز، وصرخ مايكل بصوت مدوٍ.
“لقد وعدتني أنك ستساعدني!”
تلاشى مايكل شيئًا فشيئًا، وبدأ المنزل يتفكك من حول عمر. خرج مسرعًا قبل أن ينهار كل شيء خلفه.
عندما نظر إلى الخلف، لم يجد المنزل. كان المكان فارغًا تمامًا كما رآه أول مرة.
شعر بشيء غريب في جيبه. أخرج يده ليجد آخر صفحة من دفتر اليوميات. كانت مكتوبًا فيها:
“انتهى كل شيء... أو ربما لا.”
شعر عمر بأن القصة لم تنتهِ بعد.
النهاية... أم البداية لجزء ثالث؟