البيت المهجور و الباب المفتوح
قصة البيت المهجور والباب المفتوح
في إحدى القرى البعيدة، كان هناك بيت قديم مهجور، يتجنب الجميع الاقتراب منه. كانت الأشجار المحيطة به ميتة، والنوافذ مكسورة، والباب الأمامي دائمًا مفتوحًا رغم أن أحدًا لم يره يتحرك.
حكت الجدات أن البيت كان مسكونًا بأرواح غاضبة. يُقال إن عائلة سكنت فيه قبل سنوات، لكنهم اختفوا جميعًا في ليلة واحدة دون أثر. منذ ذلك الحين، أصبح المكان ملاذًا للأحداث الغريبة.
ذات ليلة، تحدى أربعة شباب شجاعتهم وقرروا الدخول إلى البيت لاستكشافه. أخذوا معهم مصباحًا وبعض الأدوات، ودخلوا من الباب المفتوح الذي بدا كأنه يدعوهم للدخول.
داخل البيت، كان الجو باردًا بشكل غريب، والهواء مشبع برائحة العفن. الأرضية تصدر أصوات صرير عند كل خطوة. وبينما كانوا يمشون، لاحظوا أن الجدران مليئة برسومات غريبة وأسماء محفورة. فجأة، سمعوا صوت خطوات قادمة من الطابق العلوي، رغم أن لا أحد منهم صعد بعد.
قرروا الصعود ببطء، وكل خطوة كانت تزيد من دقات قلوبهم. عند وصولهم إلى الطابق العلوي، وجدوا غرفة واحدة بابها مغلق. وبينما كانوا يقتربون، فتح الباب ببطء من تلقاء نفسه. داخل الغرفة، كانت هناك مرآة كبيرة، ومنعكسة فيها صورة امرأة تقف خلفهم، لكن الغرفة كانت فارغة!
صرخوا جميعًا وركضوا للخروج من البيت، لكن الباب الذي كان دائمًا مفتوحًا أغلق فجأة بقوة. حاولوا فتحه، لكنه كان كأنه مغلق بإحكام. بينما كانوا يحاولون كسر الباب، بدأوا يسمعون همسات تأتي من كل زاوية في البيت، وكأنها تطالبهم بالبقاء.
واحد منهم قرر مواجهة المرآة مجددًا، ظنًا منه أنها المفتاح للخروج. عندما نظر فيها، سمع صوتًا هامسًا يقول: "أنت الآن جزء منا...". فجأة، سحبته قوة غير مرئية إلى داخل المرآة، واختفى تمامًا أمام أعين أصدقائه.
البقية أصيبوا بالذعر وبدأوا يصرخون ويبكون، لكن الباب انفتح فجأة، وكأن البيت يطردهم. ركضوا دون أن ينظروا خلفهم، ولم يتوقفوا حتى وصلوا إلى قريتهم.
في اليوم التالي، عاد بعض القرويين للبحث عن الشاب المفقود، لكن البيت كان مختلفًا. الباب مغلق بإحكام هذه المرة، والنوافذ مغطاة بالكامل. وعندما حاولوا كسر الباب والدخول، وجدوا فقط مرآة مكسورة وعليها كلمة واحدة محفورة: "ابق بعيدًا".
منذ تلك الحادثة، لم يجرؤ أحد على الاقتراب من البيت مجددًا. والشاب المفقود؟ لم يُعثر عليه أبدًا، لكن يُقال إن صوته يُسمع أحيانًا في الليل، يصرخ طالبًا النجدة…
عندما اختفى الشاب داخل المرآة وبدأ يصرخ طلبًا للنجدة، كان الصوت يأتي من جميع أرجاء البيت، وكأن الجدران نفسها تنقل صرخاته. أصدقاؤه، الذين كانوا واقفين عاجزين، شعروا بوجود غريب يحيط بهم. لم يكن الصوت مجرد استغاثة، بل كان مصحوبًا بهمهمات غامضة وصرير كأنه خطوات ثقيلة تقترب منهم.
واحد من الأصدقاء، الذي كان الأقرب إلى المرآة، قرر أنه لن يترك صديقه مهما كان الثمن. اقترب منها ببطء، رغم أن دقات قلبه كانت كأنها ستنفجر. وعندما لمس سطح المرآة، تجمدت يده في مكانها! كان السطح باردًا كالجليد، لكن شيئًا بدا كأنه يسحب روحه ببطء.
حينها، ظهرت صورة صديقهم المفقود داخل المرآة مرة أخرى. لكنه لم يكن كما كان قبل أن يُسحب. عيناه كانت سوداء بالكامل، ووجهه مشوه، وكأن روحًا أخرى سيطرت عليه. نطق بصوت غريب ومخيف: “لم يعد هناك خلاص... اتركوني واهربوا قبل أن تصبحوا مثلي.”
لكنهم لم يستطيعوا الهرب. فجأة، أغلق الباب بقوة، وانطفأت الأنوار التي كانت بحوزتهم. الآن، كانوا محاصرين في الظلام، وكل ما يسمعونه هو صوت صراخ صديقهم من المرآة، مختلطًا بضحكات مرعبة.
حاول الثلاثة الآخرون كسر المرآة، لكن كلما ضربوها، بدا أن أصوات الصراخ تزيد، وكأنهم يجرحونه بدلاً من إنقاذه. أخيرًا، قرروا تركه والبحث عن مخرج. وبينما كانوا يحاولون فتح الباب، ظهرت يد سوداء طويلة من داخل المرآة وسحبت واحدًا منهم بسرعة.
الآن، لم يتبق سوى اثنين. كانا يصرخان ويبكيان، حتى سمعا صوتًا غريبًا يقول: “إذا أردتما النجاة، عليكم أن تختارا... واحد يبقى والآخر يخرج.”
كان القرار أصعب من أن يُتخذ. تبادلا النظرات، وكل واحد منهما يأمل أن يضحي الآخر. لكن قبل أن يُجبروا على الاختيار، بدأت الأرضية تحت أقدامهم تتشقق. سقط كلاهما في حفرة مظلمة، واستيقظ أحدهما فقط خارج البيت، مرميًا على الطريق.
أما الآخر، فلم يُعثر عليه أبدًا، ولم يتحدث الناجي عن ما حدث داخل البيت مرة أخرى. لكن كلما نظر في المرآة، كان يرى وجه صديقيه المفقودين خلفه، ينظران إليه بصمت... وكأنهما ينتظران الفرصة لسحبه هو الآخر.