
: القضية الفلسطينية: جرح الأمة المفتوح
عنوان المقال: القضية الفلسطينية: جرح الأمة المفتوح
تُعد القضية الفلسطينية من أكثر القضايا تعقيدًا وألمًا في التاريخ الحديث، فهي تمثل صراعًا طويل الأمد بين الشعب الفلسطيني ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وقد أثارت هذه القضية اهتمام العالم لعقود طويلة. ترجع جذور النزاع إلى أوائل القرن العشرين، مع تزايد الهجرة اليهودية إلى فلسطين بدعم من القوى الاستعمارية، وبالأخص بريطانيا، التي أصدرت وعد بلفور عام 1917، والذي نصّ على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
قبل هذا الوعد، كانت فلسطين أرضًا يسكنها العرب من مسلمين ومسيحيين ويهود، يعيشون جنبًا إلى جنب. لكن مع بداية الانتداب البريطاني وازدياد أعداد المهاجرين اليهود، بدأ التوتر يزداد، وتوالت الثورات الفلسطينية الرافضة للاحتلال والاستيطان، أبرزها ثورة 1936 التي استمرت ثلاث سنوات.
في عام 1947، أصدرت الأمم المتحدة قرار التقسيم الذي يمنح اليهود 55% من أراضي فلسطين، رغم أنهم لم يكونوا يشكلون سوى ثلث السكان. رفض العرب والفلسطينيون القرار، بينما قبله اليهود. وفي عام 1948، أعلنت الحركة الصهيونية قيام دولة إسرائيل، ما أدى إلى اندلاع حرب مع الدول العربية المجاورة، وأسفرت عن نكبة الفلسطينيين، حيث تم تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من أراضيهم وقراهم، وتدمير مئات القرى.
منذ ذلك الحين، لم تتوقف معاناة الشعب الفلسطيني، فقد وقعت الأراضي المتبقية من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة) تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب 1967، وبدأت عمليات الاستيطان والتهويد. كما اندلعت انتفاضتان شعبيتان عام 1987 و2000، عبّر فيهما الفلسطينيون عن رفضهم للاحتلال وممارساته القمعية.
ورغم توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، والتي نصّت على إقامة دولة فلسطينية، إلا أن ذلك لم يتحقق حتى اليوم. بل استمرت إسرائيل في توسيع مستوطناتها وبناء الجدار العازل، وفرض الحصار على قطاع غزة الذي يتعرض باستمرار لغارات عسكرية مدمرة.
القضية الفلسطينية ليست فقط نزاعًا على الأرض، بل هي قضية حقوق إنسان، تتعلق بحق العودة للاجئين، وحق تقرير المصير، والعيش بحرية وكرامة. لا تزال القدس، التي لها مكانة دينية وسياسية كبيرة، نقطة توتر رئيسية، خاصة بعد اعتراف بعض الدول بها عاصمة لإسرائيل، مما يُعد مخالفة للقرارات الدولية.
اليوم، ما زال الفلسطينيون يناضلون بكل السبل الممكنة: دبلوماسيًا، شعبيًا، وثقافيًا، لإبقاء قضيتهم حيّة في ضمير العالم. ورغم المحاولات المستمرة لتهميش القضية، فإنها لا تزال حية بفضل صمود الشعب الفلسطيني، ودعم الشعوب العربية وأحرار العالم.
إن قصة فلسطين هي قصة صمود، وعدالة، ونضال طويل ضد الظلم والاحتلال، وستبقى حاضرة في الوعي الإنساني حتى تحقيق الحرية والعدالة والسلام العادل والدائم.