ظل فوق الجسر – سر الليلة المظلمة

ظل فوق الجسر – سر الليلة المظلمة

0 المراجعات

📖 رواية قصيرة: "ظل فوق الجسر"

الجزء الأول

كان الجسر الحجري القديم يربط بين طرفي القرية، فوق نهر هادئ يلمع تحت ضوء القمر.
في الليلة التي تغيرت فيها حياة "سليم"، كان الضباب يزحف ببطء، يخفي معالم الطريق، ويتركه وحيدًا أمام الظل الذي ينتظره.

كان سليم عائدًا من المدينة، يحمل حقيبة صغيرة ووجهه متعب من يوم طويل. لكن عندما خطا على الجسر، لاحظ شيئًا غريبًا… ظل إنسان، يقف في منتصف الطريق، لا يتحرك.

اقترب بخطوات حذرة، وصوت النهر يتعالى تحت قدميه.
قال بصوت مرتجف:
– "مين هناك؟"
لم يأتِه رد… سوى حركة بطيئة لرأس الظل، وكأنه يتفحصه.

عندما اقترب أكثر، رأى عيونًا لامعة في الظلام، تشبه عيون القطط لكنها أكبر. فجأة، اختفى الظل في الهواء، تاركًا خلفه رائحة غريبة وبردًا اخترق العظام.

لم يجرؤ سليم على العودة للوراء، فأسرع نحو نهاية الجسر، وعندما وصل، وجد على الأرض ورقة قديمة مكتوب فيها:
"عد قبل أن ينتهي القمر…"

منذ تلك الليلة، لم يجرؤ أحد من القرية على عبور الجسر بعد منتصف الليل، لكن سليم… لم يره أحد مرة أخرى.

📖 رواية قصيرة: "ظل فوق الجسر" - الجزء الثاني

مرت الأيام، وبدأت القرية تهدأ من أحداث الليلة التي اختفى فيها "سليم".
أصبح الجسر مهجورًا، حتى أن القرويين بدأوا يتجنبون المرور عليه بعد الغروب، لا سيما أن قصة "سليم" كانت تلوح في الأفق كغيمة ثقيلة، تتنقل بين الألسنة. لكن لم يكن أحد يعلم ماذا حدث له بعد تلك الليلة الغريبة.

فاطمة، شقيقة سليم، كانت قد قررت ألا تظل مكتوفة الأيدي. لم تستطع العيش في الظلام الدامس الذي خلفه غياب شقيقها، وكان قلبها يصرخ في كل لحظة بأنه لا يزال هناك شيء مفقود.
كانت قد قرأت في إحدى كتب جدتها القديمة عن "الجسر المسحور"، الذي يقال إنه يربط بين العالمين: عالم الأحياء وعالم الأرواح.
"إذا مرَّ شخصٌ على الجسر في وقتٍ غير مناسب، قد يظل عالقًا بين العوالم، ويصبح جزءًا من الظل" كان ما قرأته، وأخذت فاطمة تقلب الكلمات في ذهنها.

في تلك الليلة، قررت أن تذهب بنفسها إلى الجسر. كانت السماء خالية من السحب، والقمر يضيء الطريق كما لو كان يوجهها إلى مصيرها المجهول.
وصلت إلى الجسر في منتصف الليل، حيث كان الضباب يلتف حول الأعمدة الحجرية، والهواء يلفح وجهها ببرودة غريبة.
لكنها لم تترجل، بل وقفت هناك، تنظر إلى الظل الذي أصبح جزءًا من المكان.

"سليم!"، نادت بصوتٍ مرتعش، دون أن تنظر إلى الوراء.
ومع تلك الكلمة، تفتحت أمامها فجأة عينا شقيقها.
لكنه لم يكن هو، بل كان نفس الظل الذي رآه سليم في المرة الأولى.
"أنتِ لن تستطيعين إعادته"، قال الصوت، لكن هذه المرة كان أكثر وضوحًا، حتى إن فاطمة شعرت وكأن قلبها توقف عن النبض للحظة.

كان الظل يتقدم نحوها، لكن فاطمة وقفت بثبات، وتذكرت كلمات الكتاب:
"لكي تنقذ شخصًا عالقًا بين العوالم، عليك أن تتحد مع ظلك الخاص وتواجهه."

أغمضت فاطمة عينيها ببطء، ثم فتحتها، وحين فعلت ذلك، وجدت نفسها في مكانٍ آخر.
الجسر اختفى.
استبدلته غرفة مظلمة، يتوسطها مرآة عملاقة عاكسة ظلالًا غريبة لعدد من الأشخاص العالقين.
بينهم كان سليم، يبتسم بحزن وكأنّه يعرف شيئًا أكثر مما تخيلت.

"سليم!"، همست.
لكن سليم اكتفى بنظرة شاردة، قبل أن يقول بصوت مبحوح:
"لا يمكنك إنقاذي إلا إذا كنت مستعدة لتظل معي هنا…"
 

 

أعملي متابعة علشان تقرأ الأجزاء القادمة
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

4

متابعهم

7

متابعهم

5

مقالات مشابة