قصة دراكولا الأسطورية

قصة دراكولا الأسطورية

Rating 0 out of 5.
0 reviews

دراكولا… بين الواقع والأسطورة وصناعة الرعب

 

لا تزال شخصية دراكولا إلى اليوم أيقونة خالدة في أدب الرعب، ورمزًا لكل ما يرتبط بالغموض والأساطير والحكايات التي تتجاوز حدود الواقع. فمنذ ظهوره الأول في نهاية القرن التاسع عشر، استطاع دراكولا أن يحافظ على مكانته بوصفه الشخصية الأكثر حضورًا وتأثيرًا في ثقافة الرعب العالمية، رغم التطور الهائل في هذا النوع الأدبي والسينمائي.

تعود جذور شخصية دراكولا إلى رواية الكاتب الأيرلندي برام ستوكر الصادرة عام 1897، والتي حملت اسم Dracula. قدّم ستوكر عملًا مختلفًا عن السائد في ذلك الحين، إذ جمع بين الأدب القوطي، والأساطير الشعبية الأوروبية، والعناصر النفسية، ليضع أساسًا لشخصية مصاص الدماء الحديثة كما نعرفها اليوم. وقد نجح في خلق شخصية تحمل كل أسباب الفزع: رجل نبيل، عريق، غامض، يعيش وحيدًا في قلعة معزولة محاطة بالأساطير والظلام، لا يتحرك إلا ليلًا، ويعتمد على دماء البشر للبقاء.

ورغم أن الرواية خيالية، فإن الكثير من الباحثين يرجّحون أن ستوكر استلهم ملامح دراكولا من شخصية تاريخية هي فلاد الثالث، حاكم ولاشيا في القرن الخامس عشر، والمعروف باسم “فلاد المخوزِق”. اشتهر هذا الحاكم بقسوته وعنفه، وقد رُويت حوله قصص مروّعة جعلته مادة مثالية للتحول إلى أسطورة مخيفة. غير أن ستوكر لم يقدّم دراكولا بوصفه نسخة من فلاد، بل عزّز الشخصية بخيال واسع وقدرات خارقة ومفاهيم رمزية عميقة.

تبدأ أحداث الرواية عندما يزور المحامي جوناثان هاركر قلعة دراكولا لإنجاز معاملة بيع، ليكتشف تدريجًا أنه وقع في فخ لا يستطيع الخروج منه بسهولة. وتتسع دائرة الرعب عندما ينتقل دراكولا إلى لندن بحثًا عن دماء جديدة، فتنطلق رحلة مطاردته بقيادة الطبيب الهولندي الشهير فان هيلسنغ. تعتمد الرواية أسلوب الرسائل والمذكرات، وهو ما منحها طابعًا واقعيًا جعل القارئ يعيش الأحداث لحظة بلحظة.

تميزت قصة دراكولا بأنها لا تقدم الرعب فقط بصورة مباشرة، بل تمنح القارئ مساحة لاستشعار الخوف النفسي. فدراكولا ليس مجرد وحش خارق، بل كائن يحمل جانبًا إنسانيًا مأساويًا؛ فهو يملك القوة والخلود، لكنه محروم من الحياة الطبيعية والضوء والدفء، يعيش في عزلة أبدية لا تنتهي. هذا الصراع بين القوة والحرمان منح الشخصية عمقًا جعلها مختلفة عن أي شخصية رعب أخرى.

ومع دخول القرن العشرين، أصبحت شخصية دراكولا مادة أساسية لصناعة السينما، وظهر في عشرات الأفلام والمسلسلات، كل منها يقدم رؤية جديدة. وفي كل مرة يعود فيها دراكولا إلى الشاشة، ينجح في اكتساب جمهور جديد، وكأن الأسطورة تتجدد تلقائيًا مع كل جيل. فقد تحول من مجرد شرير كلاسيكي إلى رمز ثقافي متعدد المعاني: مرة يمثل الخوف من الغريب، ومرة يُجسّد لعنة الخلود، ومرة أخرى يظهر ككائن تراجيدي يبحث عن الخلاص.

إن قصة دراكولا اليوم ليست مجرد رواية، بل إرث ثقافي أثّر في الأدب والفن، وأسّس لنمط كامل من الحكايات التي استلهمت شخصية مصاص الدماء بطرق لا حصر لها. وما دام الإنسان مفتونًا بالغموض وما وراء الطبيعة، ستظل أسطورة دراكولا حاضرة وقادرة على إثارة الرعب والدهشة في آن واحد.

 

image about قصة دراكولا الأسطورية
comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
David Sameh Rating 0 out of 5.
articles

1

followings

0

followings

1

similar articles
-
Privacy Notice
VPN/Proxy Detected

It looks like you’re using a VPN or Proxy. To enable ads and the full browsing experience, please disable your VPN/Proxy and reload the page.