حارس بوابة النور
حارس بوابة النور
قصة “حارس بوابة النور” — من أيام المملكة السبئية
في القرن السابع قبل الميلاد، حين كانت سبأ إحدى أغنى ممالك الجنوب، وتفيض طرقها بالقوافل العائدة من الهند وشرق أفريقيا، عاش شاب يُدعى مالك بن نشوان. كان مالك ابنًا لحارس مخزن البخور الملكي، لكنه كان يطمح لما هو أكبر من مجرد وظيفة تورث من الآباء إلى الأبناء. كان يحلم أن يصبح واحدًا من حُرّاس بوابة النور، وهي وحدة خاصة من الجنود لا يُقبل فيها إلا من يثبت إخلاصه وشجاعته.

البداية: لغز النقش المفقود
في إحدى ليالي الصيف، عاد مالك من السوق ليجد أباه ينتظره بوجهٍ شاحب. سلّمه قطعة حجرية صغيرة، نقش عليها رسم لنجمة سداسية تحيط بها خطوط كأنها أشعة شمس.
قال الأب بصوت مرتجف:
“هذه أمانة… وجدوها في قافلة عادت من حضرموت. قالوا إن من يملكها قد يغيّر مصير المملكة.”
لم يفهم مالك معنى النقش، لكنه شعر بأن وراءه سرًّا خطيرًا، خاصة بعدما سمع همسات تتحدث عن تحركات غريبة لقبيلة مجاورة كانت تسعى للسيطرة على طرق البخور.
المؤامرة: اجتماع الظلال السبعة
بعد أيام، انتشر خبر سري بأن سبعة من كبار التجار يجتمعون ليلًا بعيدًا عن نظر الملك. كان هؤلاء يُعرفون بـ الظلال السبعة — جماعة تتحكم في طرق التجارة، ولا تتردد في استعمال قوتها للضغط على الحكم.
سمع مالك أن النقش الذي يملكه قد يكون المفتاح لخريطة تدل على مخزن بخور أسطوري سيمنح صاحبه نفوذًا لا يضاهى. لذلك صار هدفًا لهم.
الرحلة إلى وادي النور
هرب مالك ليلاً، متجهًا إلى وادٍ منسي يُدعى "وادي النور"، قيل إنه المكان الذي نُحت فيه النقش لأول مرة. هناك التقى شيخًا عجوزًا يعيش بين أطلال معبد قديم.
قال الشيخ وهو يقلب الحجر بين يديه:
“هذه ليست خريطة… إنها ختم لحماية المملكة. إذا وقعت في يد الظلال السبعة… سيسقط حكم الملك.”
وأخبره أن الختم يجب أن يُعاد إلى بوابة النور، وهي بوابة حجرية ضخمة تقع في وسط صحراء "رمادان"، ولا تُفتح إلا مرة كل خمسين عامًا مع شروق شمس يوم معين.
ولسوء الحظ… ذلك اليوم هو بعد ثلاثة أيام فقط.
المطاردة عبر الرمال
انطلق مالك نحو الصحراء، يرافقه ابن عمّه “عمرو”، فيما كان رجال الظلال السبعة يطاردونهم بلا هوادة.
اجتازا كثبانًا تحجب الشمس، وعواصف رملية تكاد تقتلع الأنفاس، حتى وصلا عند حجر أسود ضخم يشبه فم نمر مفتوح.
هناك كانت بوابة النور.
النهاية: البوابة التي لا تُفتح إلا بالصدق
عندما وضع مالك الختم في مكانه، بدأت الشمس ترسل خيوطها الأولى. تحركت الحجارة الثقيلة وظهرت خلفها غرفة تحوي نقشًا آخر يقول:
> “من يحكم سبأ… يجب أن يحكم بالعدل قبل القوة.”
لم يجد مالك كنزًا ذهبياً… بل وجَد رسالة تُثبت أن المملكة كانت قائمة على قيم لا على تجارة فقط.
وعندما وصل رجال الظلال السبعة، انغلقت البوابة فجأة، تاركةً إياهم عاجزين عن الوصول لسرها.
عاد مالك إلى العاصمة، فأخبر الملك بكل شيء. أعجب الملك بشجاعته وإخلاصه، فعيّنه في اليوم ذاته ضمن حراس بوابة النور، وبذلك صار أحد أصغر الرجال الذين دخلوا هذا السلك عبر تاريخ سبأ.