يوسف و الجنيه
الحب شيء جميل جدا ، فهي علاقة تسبب السعادة و السرور وتجعل الحياة افضل مفعمة بالحيوية و الجمال ، في الواقع يمكننا القول ان الحياة بدون حب ليست حياة على الاطلاق ، ولكن هل هناك تفاصيل متعلقة بالحب ربما تبدو غامضة بل ومرعبة في بعض الاحيان ،
ثم تجد أشياء وأحداث غامضة تدور حولك دون مبرر واضح لحدوثها ، أشياء تظهر وأخرى تختفي ، كيانات مظلمة تراها بمفردك ، وفجأة يبدأون في مطاردتك أينما ذهبت ، وحتى كل قريب منك يبدأ لرؤيتهم ، والأوضاع تزداد سوءاً وأنت لا تعلم ، ما الأمر؟
يروي يوسف قصته ويقول: أنا
يوسف (19سنة) طالب في المرحلة الثانوية .. مقبول الشكل .. كثيف الشعر .. طوله متوسط .. بشرته تميل إلى البياض .. يتمتع بالمراحة وروح الشباب وخفة الظل .. والاهم من ذلك كله خامة الصوت التي أنعمها الله سبحانه وتعالى عليه …
كان يوسف مولعاً جداً بالغناء .. منغمساً في سماع الكثير الكثير من اغاني المطربين .. كان يطمح عند تخرجه من الثانوية أن يُبتعث للخارج لكي يدرس الموسيقى .. كان يمتع اقرانه بغناء صوته الجميل في أحد الاستراحات التي كانوا يترددون ويجتمعون فيها ..
“يوسف انتبه لنفسك جيداً فالبرد قارصا في البر”
هتفت بذلك أمه من خوفها عليه أثناء خروجه من البيت .. فقد اتفق يوسف مع اصحابه للاقامة لعدة ليالي في البر بأحد الصحاري التي تبعد من مدينته قرابة 200 كيلو متر ..
قطن يوسف وأصحابه في أحد الاماكن المختارة في الصحراء ونصبوا الخيام .. وقضوا أيام ممتعة تتخللها البهجة والسرور والشواء وأكل مالذ وطاب وبعض المقالب البسيطة التي أعتاد أحد أصحاب يوسف القيام بها .. فضلاً على ذلك كله .. صوت يوسف.. غناؤه الذي يتردد يومياً .. كان في آخر الليل حيث تحلى السهرة ..
بعد قضاء تلك الليالي الممتعة في الصحراء .. عاد يوسف إلى البيت .. وهنا بدأت الانتكاسه..أصبح ينتابه شعورا بالاكتئاب وضيق الصدر .. أصبح انطوائياً .. حاد الطباع .. سريع الغضب .. كثير القلق .. يقضي معظم اوقاته لوحده شارد الذهن .. لا يعلم ماذا جرى له ..
استمر يوسف على هذه الحال قرابة اسبوع حتى أتى ذلك اليوم كان فيه مستلقياً على فراشه لينام لكي يتهرب من يومه الكئيب .. فلم تمضي سوى دقائق إلا وغط في نوم عميق ..
فجأةً!! أخترق عقله ذلك الصوت الذي ينادي اسمه .. “يوسف” ..
صوت غريب.. مزيج بين الانوثة وفحيح الافاعي .. أصاب خالد برجفة شديدة في جسده.. ضربات قلبه أصبحت تزداد… برودة في جسمه .. شعر بالهلع من جراء هذا الصوت الذي ينادي اسمه.. فأطلق صرخة فزع كافية لاختراق جدران البيت..
“ لا ”
“مابك يابني”.. هتفت بذلك أمه بعد أن خرجت إليه من غرفتها مفجوعةً من صارخ ابنها..
“لاشي أمي..مجرد كابوس بسيط”..
“أمتأكد انت”..
“نعم يا أمي.. اطمئني”..
تكرر الحلم في اليوم التالي.. لكن هذه المرة بشكل مختلف..
ضربات قلبه بازدياد كالمرة السابقة وكذلك رجفة في جسده وخوف الخ.. وصوت يخترق عقله..”صوتك جميل ياخلودي” قالتها إمرأة ظهرت له بمظهر جميل وفاتن.. بفستان ناصع البياض.. يفوح منها رائحة العطر والبخور.. شعرها يميل إلى الشقار..وأصبحت تقترب منه تدريجياً..
“أعجبني صوت غنائك في الصحراء.. فلحقت بك إلى أن عرفت بيتك”.. ذُعريوسف من هذه المرأة.. لم يستطيع الرد عليها من صدمة مارآه.. “لاتخف ستعتاد علي”
بدت هذه الجملة الاخيرة الممزوجة بين الصوت الانوثة وفحيح الافاعي تتردد في ذهنه.. إلى أن خفت صوتها بشكل تدريجي..
استيقظ يوسف من نومه ولكن دون صراخ هذه المرة.. بدى له شعور بالخوف من هذا الحلم.. إلا أنه في نفس الوقت ينتابه بشعور من الارتياح لكلام هذه المرأة.. ولكن لاحظ بها شيئا غريبا .. فعيونها مشقوقتان طولياً!!
مضى يوسف يومين بعد ذلك اللقاء وهو على حاله الاخير.. كئيباً وانطوئياً.. لايخرج من البيت سوى المدرسة.. ولايخرج غير ذلك إلا بشق الانفس وبإلحاح شديد من والديه لزيارة أقاربه وأجداده.. إلى أن أتى ذلك اليوم وأشرفت الساعة إلى الواحدة ليلاً.. وكان مستلقياً على سريره وغط في نوم عميق واتاه ذالك الصوت الغريب مرة أخرى وظهرت له المرأة وتكررت حالته التي كانت تحدث له كالمعتاد.. خوف رجفة في الجسد الخ..
“أعلم أنك مندهش يا يوسف” “لاتخف لن أؤذيك”
انتابه الارتياح لحديثها معه.. وتشجع وقال.. “من أنتي”
“أنا عاشقة ”
تشجع مرة أخرى.. “ماذا تريدين مني”
“منذ اللحظة التي سمعت فيها صوتك انتابني شعور مختلف.. دخلت جسدك وفرضت سيطرتي عليه”
“لماذا دخلتي جسدي”
“إنه العشق يا يوسف”
كان يوسف متردداً بالرد على مشاعر هذه الجنية.. جزء منه كان خائفا منها.. والجزء آخر هو الشعور بالارتياح حيال هذه الجنية..
“سأجعلك أسعد إنسان على وجه الارض”
كان سكوت يوسف يوحي بالقناعة والرضى إزاء الاخيرة.. بدى له شعور بالاستلطاف تجاه هذه الجنية..
استمر لقاء هذين العشيقين عدة أسابيع.. تغير فيها يوسف.. أصبح يشعر بلهفة في لقياها كل يوم.. وأصبح ينتظر حلول منتصف الليل حتي ينام ويلتقي بها.. كان برنامجه اليومي فقط الذهاب إلى المدرسة والمكوث في البيت (لايخرج غير ذلك إلا في أضيق الحدود)..
يرجع ذلك إلى عشقه لهذه الجنية.. فقد كانت تسعده و تظهر بمنظر أجمل جميلات الانس وأشهر مشاهير النساء في العالم.. فخالد في سن المراهقة وهذا مما يزيد الطين بلّه..
في أحد الايام دبّ شجار بينه وبين أحد زملائه في المدرسة.. يُدعى فواز.. كان فواز صاحب مشاكل.. يمارس الفتوة بالمدرسة وكان معظم الطلاب تهابه.. كان كل يوم تقريباً يختار ضحيته من الطلاب ويتعارك معه.. فنظراً لحظ يوسف السيئ وقع الاختيار عليه.. أتاه فواز وكان يوسف جالساً في مكانه في الفصل شارد الذهن ..
“اسمع.. اليوم لدي حفلة مع أصحابي في الاستراحة.. نريدك أن تطربنا”
“لااستطيع”
“ماذا قلت”
“قلت لااستطيع”
“أعد ماقلت”
انفعل يوسف ازاء اسلوب فواز الاستفزازي ولكن بصوت أكثر حدة..”قلت لا استطيع”
مد فواز يده محاولاً لكم يوسف بلكمة قوية..إلا أنه حدث ماحدث.. فور أن مد فواز يده للضرب تعرض لنوبة صرع مفاجئة ألقت به على الارض!! انتفض يوسف من مكانه وكذلك بقية طلاب فصله من هول مارأوه, ونقل فواز إثرها إلى المستشفى..عاد يوسف إلى بيته من المدرسة مندهشاً من الحالة المفاجئة التي تعرض لها زميله فواز لم يجد لها تفسيراً..
في احدى المرات كان يوسف يقود سيارته بسرعة عالية بعد عودته من المدرسة متجهاً إلى البيت.. وأثناء مروره في التقاطع, خرجت أمامه سيارة بطريقة مباغتة من الشارع الفرعي..كبس يوسف على مكابح السيارة وهو مفجوعاً كي تتوقف السيارة ولكن كان متأخراً, وعندما أوشك على الاصطدام ..
[ الي اللقاء في الجزء الثاني ]