تيارت // استفحال ظاهرة البحث عن الكنوز و الدفائن

تيارت // استفحال ظاهرة البحث عن الكنوز و الدفائن

0 المراجعات

 

تمكن عناصر الشرطة القضائية لأمن دائرة قصر الشلالة، من توقيف شخصين في الثلاثينيات من العمر و بحوزتهما مواد حساسة و خرائط تخص التنقيب عن الكنوز و الدفائن، و هذا على إثر استغلال لمعلومات تفيد بإستعمال المعنيين للنصب و الإحتيال، ليتم تحديد هويتهما و توقيفهما بأحد أحياء المدينة، و بعد تفتيش مسكنهم العائلي بإذن من وكيل الجمهورية لدى محكمة قصر الشلالة، تم العثور على مخطوطات و خرائط للتنقيب عن الكنوز و الدفائن بالإضافة إلى حجز قارورة مملوءة بمادة الزئبق، أين تم تقديم المعنيين أمام النيابة العامة بمحكمة قصر الشلالة عن تهمة النصب و الإحتيال و حيازة مواد حساسة، ليتم إيداع أحدهما الحبس فيما تم وضع الآخر تحت إجراءات الرقابة القضائية، إذ أصبحت ظاهرة البحث عن الكنوز مستفحلة بشكل كبير بولاية تيارت، كون أن ولاية تيارت بها العديد من المواقع الأثرية أهمها المواقع البربرية و المواقع الرومانية و غيرها من الأماكن التي عرفت ظهور الإنسان بالعصر الحجري، مثلما توضحه الرسومات الصخرية بدوار كاف ميزاب ببلدية الدحموني، ويعتقد أغلب الناس أن مدينة تيارت اليوم مدفون بها المئات أو الألاف من الكنوز و التي ربما كان أنذاك الملوك و الأمراء يعمدون إلى دفن كنوزهم خشية من وقوعها بين يدي الغزاة و هي تعرف اليوم بالدفائن، كما كان يعمد أغلب الناس بالإستدلال بالخرائط المكتوبة على الجلد أو الحجارة أو الأخشاب قصد تحديد مكانها عند الحاجة، و غالبا ما يعمد أصحابها إلى وضع علامات أو إشارات في تحديد مراكز دفن الكنوز الخاصة بهم و بعائلاتهم أنذاك وتختلف رموزها، فمثلا الإشارات التي تدل على وجود الدفائن تعود أصلا إلى حضارة الإسكندر المقدوني و غالبا ما تكون عبارة عن علامات متجمعة في محيط واحد، و تنقسم الإشارات إلى عدة أقسام، منها الرومية بوجود الصليب بالقرب من الدفائن، اليهودية  بوجود رسم عقرب أو كبش أو قرد أو رأس غزالة، فضلا عن الإشارات العثمانية بوجود سيف أو نجمة أو قوس و سهم، أما الفارسي فتجد علامات قطف عنب و الله أعلم، لتبقى لأهل العلم لتحديد سبب وضع هذه العلامات التي يقال فيها أنها علامات و إشارات التي تحدد مواقع دفن الكنوز و التي ربما ما زالت تحتفظ الأرض بها لغاية اليوم بسبب الحروب الطاحنة التي فرقت كل الأمم أنذاك و بقيت كنوزهم تحت الأرض لغاية اليوم تنتظر أناسا يعرفون اليوم بصائدي الكنوز و هم يستخرجونها بأي ثمن و لو على حساب أرواح الأبرياء

 

روايات وجب علينا تصديقها من خلال الضحايا و البحث عن أسبابها

 

أصبحت أغلب ولايات الوطن تسجل العديد من حالات البحث عن الكنوز أو بما يعرف بالدفائن على اختلافها و زمانها و مكانها، إلا أننا إكتفينا بسرد هذه الحوادث لكونها تقترب من الحقيقة لعدة أسباب، من بينها وجود أثارها و شهود أصحابها ممن كانوا ضحايا جراء إستغلالهم، خاصة و أن مثل هذه الحوادث تتطلب أضحية حسب العارفين بخباياها، كما يشار أن تكون الأضحية من بقر أو غنم أو حتى آدمي، و قد لا يتقبل العقل مثل هذه الخرافات لكن الأغلبية تؤمن بها مثل ما يؤمن أغلبيتهم بالشعوذة و التنجيم و غيرها،  و إن كان هذا يحدث اليوم و نحن في زمن التطور، إلا أن مثل هذه الأمور لا تزال حية في ذهنيات المواطن التيارتي خاصة و الجزائري عامة و قد تعدى خطوطها الى دول أخرى مثل المغرب و التي تشتهر هي الأخرى بظاهرة البحث و استخراج الكنوز، و لعل ما يحدث اليوم من عمليات للوخز بالإبر ما هي إلا طرق و أساليب من الشعوذة حسب بعض العارفين، و التي تمس جزءا من الكف الأيسر و الكتف، أبطالها أشخاص يتنكرون وراء الجلباب والنقاب حتى لا يتم إكتشاف هويتهم، في إنتظار ما ستسفر عنه التحقيقات بعد توقيف بعضهم بكل من ولاية تيارت و ولاية وهران و عين الدفلى و غيرها

 

تخريب المقابر و المعالم الأثرية من أجل البحث عن الكنوز

 

لا يزال أغلب المواطنين من الباحثين على الدفائن، يعتقدون أن كنوز الرومان و كنوز البربر لا تزال مدفونة إلى يومنا هذا حسب بعض الروايات التي تتناقلها بعض المصادر، و خرافات إنتشرت مثل البرق أن فلانا إستطاع إستخراج الكنز المدفون بعدما ودع الفقر إلى الأبد، و أصبح اليوم ينعم بأموال طائلة لكن مع إستعمال أحد أقاربه في ذلك الأمر، مما يجعل الضحايا يعانون من الصرع الدائم و أحيانا يتحولون إلى مختلين عقليا، وعن أسباب إنتشار هذه الظاهرة بولاية تيارت تحديدا، يشير أحد العارفين لهذه القضية بأن مدينة تيارت مدينة أثرية و قديمة جدا، الشيئ الذي جعلها تحتوي على كنوز عمد أصحابها إلى دفنها خلال العصور الماضية، بحيث أدت هذه الظاهرة و التي استفحلت مشاهدها خلال السنوات الأخيرة على مستوى بلديات غرب ولاية تيارت إلى لفت الإنتباه خاصة و انتقالها ّإلى أماكن المقابر و المواقع الأثرية و السياحية التي تشتهر بها المنطقة الغربية للولاية، و هو الأمر الذي ذهب بعدد من الجمعيات إلى جانب الهيآت المهتمة بجانب البيئة و المناطق السياحية، إلى المطالبة بمراقبة مثل هذه الأماكن و التي تعبر عن هوية و تاريخ أهل المنطقة و العمل على محاربة مثل هذه الظواهر الغريبة ألا و هي البحث عن الكنوز المدفونة و التي في مجملها إمتدت بعين الطمع للعبث بكل شيئ، حتى بحرمان الموتى من مقابرهم مثلما وقع ببضع المقابر و حتى للمقابر المسيحية و التي وصلت بها درجات التخريب إلى ما لا يصدقه العقل،  كالذي مس مقبرتي سيدي سالم و أولاد يحي و ضريح الولي الصالح سيدي معمر و المحاذي لمقام الشهيد بغابة الشرفة الصغيرة ببلدية سيدي بختي منذ سنوات، إنتقالا إلى المقبرة المسيحية ببلدية عين الحديد و مقبرة و ضريح سيدي إسماعيل بفرندة و المواقع السياحية بسلسلة جبال القعدة المشتركة فيما بين بلديات عين الحديد و الرصفة و فرندة و المواقع الأثرية بتاوغزوت و خاصة منها مغارات إبن خلدون التي تبقى مهملة رغم صداها الضارب في أنحاء العالم و هي اليوم مفتوحة أمام العصابات التي تمتهن البحث عن الكنوز المدفونة بهذه المعالم الأثرية

 

لوز محمد أمين

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

5

متابعين

3

متابعهم

3

مقالات مشابة