مجنونة شاليه مرسي مطروح

مجنونة شاليه مرسي مطروح

0 المراجعات

بعد فترة طويلة من الضغط في الشغل قررت أسافر يومين مرسى مطروح أفصل فيهم، خاصة إن مش متجوز وعايش لوحدي بعد موت أبويا وأمي، يعني معنديش مسئوليات كتيره غير في شغلي بس... خلصت كل حاجتي وسافرت بعربيتي، ووصلت هناك على بليل، وكلمت سمسار شاليهات أعرفه من زمان، طلبت منه يشوفلي شاليه على البحر شبه الفيلل الصغيرة، وليه جنينة، وفعلا خلال ساعة بالكتير، جابلي شاليه على البحر، وكان رهيب الحقيقة.

الشاليه كان واسع وفيه ٤ أوض، وصالة وحمام ومطبخ، ومكون من دور واحد بس، بلكونته ليها باب إزاز كبير وشفاف، وأنا اخترت أقرب أوضة فيه وحطيت شنطة هدومي الصغيرة، واللاب، وبدأت أحضر نفسي زهنيًا علشان أفصل خالص من كل حاجة، واتصلت بمطعم قريب بتاع سمك، واتفقت معاه يبعتلي عشا محترم.. قعدت وأكلت وكنت بقرأ الجرايد كعادتي وقت الأكل، وعيني وقعت على حادثة حصلت هنا من كام شهر ولسه موصلوش للقاتل، تجنبت الخبر ده، وقفلت الجرنال كله، علشان مش ناقصة قلق... لما خلصت قولت هقعد في البلكونة أشوفلي فيلم على اللاب، وكانت ساعتها الساعة ١١ بليل. وقدامي البحر، وجو عظيم

شوية وحسيت إن عايز أدخل أنام، قفلت باب البلكونة الإزاز ولسه بقفل الستارة لاقيت خبط جامد بيحصل على الإزاز من بره، بصيت وشوفت بنت في العشرينات من عمرها، لابسة شيك وباين عليها إنها محترمة، وقالتلي بصوت عالي: 
-في حد بره عايز يموتني أفتح الباب أرجوك.

قلقت منها بصراحة لتطلع حرامية ولا وراها حد، الواحد اليومين دول مبقاش حاسس بالأمان، ففضلت واقف مكاني، لاقيت الرعب زاد عليها أكتر وطلعلتي من شطنتها كارنيه نقابة الأطباء وقالتلي: 
-أنا دكتورة مش نصابة أرجوك افتح ودخلني بسرعة. 
لما دققت أكتر لاقيت واحد جاي من الشاطئ بتاع البحر، كان ضخم وباين عليه القوة المفرطة، ففتحت الباب الإزاز بسرعة ودخلتها للبيت وقفلت تاني، وقولتلها:
-استخبي جوه بسرعة قبل ما يجي ويشوفك هنا.
-شكرا لحضرتك، شكرا.

سابتني ودخلت جوه أوضة من الأوض، والراجل الضخم اللي كان بيجري وراها جالي وخبط على الباب، فتحتله بتردد، فقالي بنبرة صوت خشنة وسنوات عمر بتقرب من الأربعين: 
-مشوفتش بنت كده كانت بتجري هنا ؟

شوفت بشرته اللي لونها أسود، وشعره اللي كله لونه أبيض، وعينيه القوية، ورديت: 
-لا مشوفتش، في حاجة معاك ولا إيه ؟ 
-أيوه في واحدة دخلت عليا الشالية وكانت عايزه تسرقني، جريت وراها، فخرجت وفضلت تجري وأنا وراها، وديني ما هسيبها إلا لما أسلمها للشرطة. 
-عامة أنا مشوفتش حد قريب من هنا خالص.

قرب مني وشميت ريحة عرقه الصعبة، وقالي:
-متأكد ؟ 
-أيوه. 
-لسانك بيترعش وأنت بتتكلم، وجسمك بيقول عكس اللي بتقوله بلسانك، بس عامة هصدقك، ولو لاقيت البت دي، عرفني. 
-أنت هتفتح معايا تحقيق ؟ قولت مش عندي، واتفضل بقى من هنا. 
-حلو، هتفضل بس أقسم بالله لو عرفت إنها عندك مش هرحمك.
-شرفتني يا أستاذ، بعد إذنك بقى علشان الكلام مسخ أوي.

قفلت في وشه الباب الإزاز وكان بيبصلي بكل تحدي، كأنه عايز يخنقني، وبعدها فضل واقف بره شوية، فقفلت الستارة في وشه، والدنيا بره بدأت تمطر جامد والجو كان تلج حرفيا، وأنا كنت حاسس بالقلق الشديد، فروحت وأكدت على إن البيبان متقفلة كلها هي والشبابيك.... لما خلصت تأمين روحت للأوضة اللي كانت فيها البنت، فتحت بابها وقولتلها:
-ممكن تفهميني بقى أنتي مين والراجل ده بيجري وراكي ليه ؟ ما هو أنا مش مضطر أبدًا أخبيكي في الشاليه بتاعي وأعرض نفسي للخطر ومافيش بيني وبينك أي سابق معرفة.

البنت بصيلتي وهي باين عليها القلق الشديد، حسيت بسخافتي في الكلام، فقولتلها:
-أسف إن سخيف، بس قدري موقفي، عامة أنتي كويسة ؟ كلتي طيب ؟

البنت قعدت تعيط شوية، ولما خلصت قالتلي:
-أسفة إن عرضتك لموقف سخيف زي ده، بس الراجل ده كداب وهو بلطجي ومعروف في المكان هنا، مبيرحمش حد، أنا كنت جاية إجازة في الشاليه اللي جنبك، قولت هقعد يومين، تلاته، فلاقيت الراجل ده جالي وهددني، وطلب مني مبلغ مالي، اتصلت بصاحب الشاليه حكيلته، فقالي كبري دماغك منه، ومتديهوش حاجة، سمعت كلامه وقولت خلاص هطنش، لاقيته بيجيلي كل يوم، وصوت عالي، وتهديدات، أنا مليش حد ممكن أعرضه للشخص ده...

فقولتله هديك اللي أنت عايزه بكره، ولميت النهاردة حاجتي وقولت همشي بسرعة، بس لاقيته واقفلي قدام الشاليه كان بيراقبني ومعاه كام واحد من أتباعه، خوفت وقلقت جامد منهم، ولما خلاص هما فهموا إن ماشيه اضطريت أرجع حاجتي تاني للشاليه، وأهرب منهم، فضلت أجري على الشاطئ، الشاليهات كلها فاضية ومفهاش حد، لحد ما أنت فتحتلي ودخلتني، حقيقي أسفة.
-متعتذريش، بس هو أنتي ليه مدفعتيش ليه الفلوس وكنتي خلصتي من زنه ؟

البنت لما سمعتني اضايقت جدًا، وزعلها اتحول غضب وقالتلي:
-يعني أنت موافق أدفع إتاوة ؟ أدفع تمن حاجة مستفدتش بيها ؟ شايف إن ده طبيعي وعادي ؟

حسيت بمدى الهرتلة اللي هرتلتها دلوقتي، فاعتذرتلها:
-أنا أسف مش قصدي، قصدي بس إنك مكنتيش عرضتي نفسك تهربي بالشكل ده، كان ممكن يحصلك حاجة منهم، خاصة إن المكان هنا مقطوع وفاضي، بس عامة أن...

ملحقتش أكمل كلامي لأن لاقيت البنت وقعت قدامي على الأرض وفضلت تدبدب برجليها وإيديها زي الأطفال وتصرخ بصوت عالي:
-مافيش دم ولا نخوة تخلي راجل زيك وفي سنك يقول كده، بدل ما تدافع عني وتلحقني وتروح تضربه ولا تبلغ البوليس تقولي ما كنتي دفعتي، فين رجالة زمان، وقوتهم، فين ؟

صراخها زاد أوي ونامت بضهرها على الأرض وفضلت تتهز جامد كأن في حد بيعذبها وخرج من بؤها رغاوي كتيره، ومن قوة صوتها كنت خايف للبلطجي اللي مراقبها يسمعها ويجي يخلص علينا، فقولتلها:
-أهدي.. أهدي.. أنتي عيانة طيب ؟ أجيبلك علاج ؟ عندك كهربا في المخ صح ؟ قوليلي وهنتصرف، وطي صوتك أبوس إيدك، الراجل ممكن يقتلنا.

لا حياة لم تنادي فضلت البنت تسوء تسوء، ومع الكارثة دي لاقيت نور الشاليه كله قطع، الجو كان مرعب، السما بره بتمطر ورعد وبرق، والبنت اللي معايا دي، وبره في مجنون عايز يخلص علينا، أنا عايز أهرب بأي شكل من الكلام ده، بس الحمدلله البنت سكتت خالص وجسمها هدي بعد شوية، وقالتلي بصوت منخفض:
-أسفة، عندي كهربا في المخ، وكل فترة بتجيلي الحالة دي، أنا همشي، حقك عليا، همشي، سلام.
-مش هينفع تمشي دلوقتي، اس...

ملحقتش أكمل كلامي لأن لاقيت الباب الإزاز بتاع الشاليه بيتكسر بحاجة قوية، خرجت بسرعة من الأوضة وبصيت لاقيت في حد رمى طفاية حريق وكسر الباب، وفي ثواني الشاليه بدأ يغرق تدريجيًا من ماية المطر، فضلت واقف مكاني ومش شايف الراجل خالص، لحد لما لاقيته جاي من بعيد لوحده وماسك مسدس في إيده اليمين، وبيزعق وقالي:
-بتضحك عليا وهي عندك ؟ سمعت صوتها العالي المزعج، أنا مش هسيب الحرامية دي، ولا هسيبك خالص إلا لما أسلمكم للشرطة.

كلامه كان مرعب وتقيل على قلبي، فدخلت بسرعة للأوضة وقفلت بابها وبعدها حطيت ورا الباب الدولاب الخشب اللي في الأوضة، وحطيت وراه السرير، وقولت في بالي هنهرب من الشباك اللي في الأوضة ده، وقولت للبنت:
-يلا لازم نهرب من هنا بسرعة.

البنت مردتش عليا، ملقتهاش أصلاً في الأوضة وكنت سامع بره الراجل البلطجي بيقرب مني برجليه وعمال بيزعق زي المجنون، قلبت الدنيا على البنت بس مكنش ليها أثر، عرفت إنها هربت أكيد، فكرت ثواني وقولت مدام هي مش موجودة، يبقى هطلع للراجل وأخليه يفتش الشاليه وأديله قرشين علشان يمشي، ويا دار ما دخلك شر... شيلت السرير والدولاب وفتحتله الباب، وقولتله بقوة:
-فتش الشاليه كله زي ما أنت عايز، أنا معنديش حد، وبعد ما تخلص شوف عايز كام وقولي.

الراجل بصلي بقرف وفضل يدور في الشاليه وفعلاً ملقاش حد، فبصلي بندم واعتذرلي:
-أسف على اللي حصل، والباب اللي اتكسر ده هيتصلح، بس إزاي هي مش عندك ؟ أمال صوت الصراخ اللي جيه من الشاليه عندك، جيه منين ؟
-ممكن من الفيلم اللي كنت بتفرج عليه.
-ممكن... ممكن.

-طيب أنت عايز كام وتسيبني في حالي ؟
-كام إيه يا أستاذ أنا مقاول كبير في المنطقة هنا، والحمدلله مستورة معايا ومشغل تحت إيدي كتير، عيب اللي بتقوله ده أنا مش بلطجي ولا حرامي.

بصيت للمسدس اللي في إيده وقولتله:
-لا ما هو باين فعلاً، عامة أنا اللي أسف ليك ولا يهمك.
-هبعتلك حد بكره يصلح الباب، وليك عندي عزوم...

مكنتش مركز في كلامه لأن بصيت على الجرنال اللي كنت بقراه من كام ساعة وشوفت فيه صورة البنت اللي كانت معايا جوه في الأوضة دلوقتي تحت خبر جريمة القتل اللي اتأيدت ضد مجهول، وعرفت إن البنت دي هي اللي اتقتلت من كام شهر في جريمة  غامضة حصلت هنا، فجريت على الجرنال ومسكته، بعدها أديته للراجل اللي معايا، وسألته:

-هي دي اللي شوفتها صح ؟
مسك الجرنال وبص فيه، بان عليه الصدمة وقالي:
-اللهم أحفظنا، يعني البنت دي مقتولة من كام شهر أصلاً ؟
-أيوه، وعلى فكرة أنا شوفتها وخبطت عليا، ودخلتها للأوضة اللي جوه، يعني مش أنت بس اللي شوفتها.

-قصدك إيه يابني ؟ قصدك إنها ميتة ولا حية ولا حكايتها إيه ؟ 
-كل اللي فهمته إنها اتقتلت في جريمة هنا من كام شهر، بس مش عارف بقى هي إزاي صحيت تاني وإحنا شوفناها، وليه ظهرتلك بعدها جاتلي ؟ حقيقي مش فاهم. 
-دي حاجة مرعبة، اللهم أحفظنا، اللهم أحفظنا. أنا أسف على اللي عملته، أسف، أنا همشي ومش هدور عليها تاني، اللهم أحفظنا.

الراجل بان عليه الرعب الشديد، وسابني ومشي وهو عمال يردد نفس الكلمتين، وأنا ليلتها خدت حاجتي ورجعت تاني للقاهرة، وحلفت ماروحش لشاليهات تاني في الشتا والدنيا فاضية، ولا افتح لأي حد غريب بيخبط على بابي أبدًا، وبعد حوالي شهر من القصة دي عرفت عن طريق الأخبار إنهم قبضوا على القاتل، واللي اعترف إنه قتل البنت تحت تأثير المخدرات وهرب، واتنشر كمان إن المكان اللي البنت اتقتلت فيه وهو قريب من الشاليه بتاعي بتحصل فيه ظهورات غريبة زي اللي شوفتها، بعضهم بقى قال إن سبب ده إن المكان ممكن يكون اتعلن من جريمة القتل، أو أيا يكن، بس أنا مش هروح تاني...... 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة