رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ١٨

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ١٨

0 المراجعات

تلك لحظات لن تُنسي في يوم شعرت و كأنه ليس من أيام الدنيا التي نحياها بل خارج إطار الكون كله، حيث كان إجتماع رئيسة الدير الأم دميانة مع أخريات من طالبات الرهبنة اللاتي سيتم رسامتهن و كنت أنا من ضمن هؤلاء، و كان الإجتماع عبارة عن قُدَّاساً خاصاً يحضره البابا و أساقفة و قساوسة و راهبات الدير، حيث استلقيت أرضاً بجانب طالبات الرهبنة الأخريات نرتدي جميعاً الزي الرمادي، و يغطينا غطاء أحمر من رأسنا حتى أقدامنا طوال أربعين دقيقة تقريباً من مدة القُدَّاس، و لقد صلوا علينا «صلاة الموتى» في دلالة على موتنا عن الحياة الماضية وبدء حياة جديدة، ثم وقفنا جميعاً نردد قسم الرهبنة:
«أتعهد أمام الله وأمام ملائكته وقديسيه، وأمام المذبح المقدس وقديسى هذا الدير، وأمام أبينا البابا البطريرك و أمام أمي رئيسة الدير، وأمام آبائى الكهنة والراهبات، بأن أثبت على الإيمان الأرثوذكسى إلى النفس الأخير، وأن أحترم قوانين الكنيسة الجامعة الرسولية، كما أتعهد بأن أسلك حسب قوانين الرهبنة، معترفًا بأنها موت عن العالم، وأن أبدأ حياة الشركة فى الدير، وأبتعد عن محبة المال، وأتعهد بألا أدخل في معاملات مالية مع أحد حتى لو كان مع أسرتى وأقاربي إلا بموافقة رئيسة الدير، وأبتعد عن محبة النصيب الأكبر، وأتعهد بأن أعيش فى حياة العفة، وكذلك في حياة الطاعة، محترمًا ناموس الدير وأنظمته احترامًا كاملًا، سالكًا بأمانة والتزام فى أداء كل واجباته، وما يعهد إلي من مسئوليات، وأن أكون أمينًا فى اعترافاتي، ولا أسلك حسب هواي ومشيئتي، ولا أترك لنفسي أن أشترك في تذمر أخرين، كما أتعهد بالمواظبة على القراءة الشخصية في الكتاب المقدس والتأمل فيه، وكتب الآباء، والمواظبة على الأسرار الألهية، والمزامير والتسبحة وصلاة مجمع نصف الليل، والغروب، وارتباطي بحياة السكون والتأمل، وعند رغبتي في حياة الوحدة لا يكون ذلك إلا بموافقة رئيسة الدير، والتزم بالعمل الذي يوكل إلي، وأن أحب الكل وأخدم الجميع، ولا يعلو صوتي فى الدير، ولا أستقبل علمانيًا في قلايتى، ولا أكون محبًا للترف، ولا أسعى نحو النزول إلى المدن والريف بغير ضرورة مرض أو مهمة يكلفنى بها الدير، والتزم في هذه الحالة أن يكون محل إقامتى بمقر الدير بعيدًا عن الخلطة بالعلمانيين، كما أتعهد بالخضوع الكامل لرئاسة الكنيسة العليا ممثلة فى قداسة البابا البطريرك».

بعدها أمسك البابا المقص ليقص خصلات من شعر كل واحدة منا على شكل صليب، ثم دعانا بأسمائنا الجديدة المختارة من أسماء سيدات من الكتاب المقدس أو قديسات في المسيحية، والتي نختارها بأنفسنا و نبلغ البابا أو يختارها هو بنفسه، و تنتهى الصلاة بتلبيسنا القلنسوة الرهبانية و هي عبارة عن غطاء رأس أسود اللون مرسوم عليه 12 صليباً دلالة على عدد تلاميذ السيد المسيح، و نرتدي بعدها الجلباب الأسود.
و لقد قمت بقص شعري تمامًا انا و كل من معي بعد انتهاء رسامتنا كما هو متبع عند الراهبات، فالشعر مجد المرأة ونحن أصبحن لا نحتاجه فكل ما طال بعد ذلك نقصه مرة أخرى، و وجدتني لم أتأثر وأنا أفعل ذلك، ثم استبدلت ثيابي الرمادية بخمسة جلاليب سوداء، و أخرى ثقيلة للشتاء لنرتديها أثناء نزولنا إلى ساحة الدير، كانت بجانب جلاليب أخرى ذات ألوان فاتحة خاصة بأعمال التنظيف والنوم، حينها أعطيت ثيابي التي تخص حياتي قبل الدير للفقراء لأني تأكدت أنني استقريت في طريقي الذي لا رجعة عنه، و أصبحت كل أيامي بعد ذلك واحدة، أولها صلاة التسبحة وآخرها فترة صمت ....
وجوه محرمة حتي علي المرايا ..

تابع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

613

followings

116

مقالات مشابة