ظلام البيت المجهور
“البيت المهجور”
كان هناك منزل كبير مهجور يقف في ضواحي قرية نائية. لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منه بسبب القصص المرعبة التي كانت تحيط به. كانت الأبواب والنوافذ مغطاة بالألواح الخشبية، والجدران متهالكة ومتصدعة. القرويون كانوا يروون حكايات عن أصوات غامضة تظهر في الليل، وأضواء غريبة تلمع من بين الشقوق المظلمة.
في أحد الأيام، قرر شاب مغامر يدعى يوسف أن يستكشف هذا المنزل المهجور. كان يوسف معروفًا بشجاعته وحبه للمغامرة. توجه إلى المنزل في ليلة مظلمة وعاصفة، مجهزًا بمصباح يدوي وكاميرا لتوثيق ما قد يجده هناك.
عندما وصل يوسف إلى المنزل، شعر ببرودة غريبة تسري في جسده. كانت الرياح تعوي من خلال الثقوب والشقوق، مما أضاف جوًا من الرهبة والغموض. قرر أن يبدأ بالاستكشاف من الطابق الأرضي. كانت الأرض مغطاة بالغبار والعناكب تملأ الزوايا. بدأت الأضواء تنعكس بشكل غير طبيعي على الجدران، مما جعله يشعر بأن هناك عيون تراقبه.
في وسط الغرفة الرئيسية، وجد يوسف بئرًا قديمًا. كانت هناك حبال متهالكة معلقة بجانبه، وكأنها استخدمت منذ زمن بعيد لرفع شيء ما. فجأة، سمع صوت خطوات خلفه. استدار بسرعة ولكن لم يجد أحدًا. كانت ضربات قلبه تتسارع، لكنه تماسك وقرر مواصلة البحث.
صعد يوسف الدرجات المتهالكة بحذر. في الطابق العلوي، كانت الغرف مليئة بالأثاث المهجور والمكسور. مرّ بجانب مرآة قديمة مغطاة بالغبار، وعندما مسحها، رأى انعكاسه. لكن فجأة، ظهر وجه امرأة شاحبة خلفه في المرآة. استدار بسرعة، لكن الغرفة كانت فارغة. بدأ يشعر بأن المنزل ليس كما يبدو عليه.
في إحدى الغرف، وجد يوسف دفتر يوميات قديم. عندما فتحه، اكتشف أنه يعود لعائلة كانت تعيش في المنزل منذ عقود. كانت الصفحات مليئة بذكريات سعيدة، حتى وصل إلى الصفحة الأخيرة التي كانت مشوهة بالحبر الأحمر. كانت الكلمات مكتوبة على عجل، وتحكي عن ليلة مروعة عندما اختفت ابنة العائلة الصغيرة دون أثر. تبع ذلك أحداث غامضة، واختفت الأسرة بأكملها بعد فترة وجيزة.
بدأ يوسف يسمع أصوات بكاء خافتة تأتي من أسفل المنزل. تبع الصوت حتى وصل إلى قبو مظلم. كانت الأجواء مشحونة بالخوف، لكن فضوله دفعه للاستمرار. عندما دخل القبو، وجد غرفة صغيرة فيها لعب أطفال قديمة وصورة لفتاة صغيرة. فجأة، أُغلقت باب القبو بقوة، ووجد نفسه محبوسًا في الظلام.
بدأ المصباح اليدوي يضعف ببطء، وأصبح الظلام كثيفًا من حوله. سمع يوسف صوتًا هامسًا ينادي باسمه، وشعر بأنفاس باردة على رقبته. بدأت الأضواء تنطفئ وتضيء بشكل متقطع، وفي كل مرة تضيء، كان يرى ظلالًا تتحرك من حوله. شعر بالرعب يتملكه.
في لحظة من الشجاعة، استجمع يوسف قوته ودفع الباب بكل ما أوتي من قوة، ونجح في فتحه. ركض بسرعة خارج المنزل دون أن ينظر خلفه. عندما وصل إلى الخارج، شعر بالراحة لكنه أدرك أنه قد لامس شيئًا لم يكن عليه أن يقترب منه.
عاد يوسف إلى القرية، وقص عليهم ما رآه. لم يعد أحد يجرؤ على الاقتراب من ذلك المنزل مرة أخرى. وأصبح يوسف يدرك أن بعض الألغاز يجب أن تظل دون حل، وأن بعض الأماكن مليئة بأسرار لا يمكن للبشر فهمها.
بقيت حكاية البيت المهجور حية في ذاكرة القرية، وتناقلتها الأجيال كتحذير لكل من يفكر في استكشاف المجهول. ومع مرور الوقت، غُمر المنزل بالنباتات البرية، وابتلعه الزمن، لكنه ظل دائمًا رمزًا للرعب والغموض في قلوب القرويين.
7of30