أدب الطفل الجليس الأنيس للصغير الأنيس
ما هو أدب الطفل؟
أدب الطفل هو أحد الأنواع الأدبية المتجددة في الآداب الإنسانية، فالطفولة هي أولى مراحل بناء تكوين الإنسان وأهمها، فأدب الطفل وكل ما يتصل به يجب أن يحظى بعناية كافية، وأن تولى هذه الشريحة اهتمامًا كبيرًا، لأنها اللبنة الأساسية في بناء شخصية الإنسان، بناءً على ذلك تأتي أهمية أدب الطفولة، ودعوة للحرص عليه في تنشئة الجيل الناشئ، وبثه في بيئة الطفل المحيطة به في المنزل، والمدرسة، والمؤسسات التربوية الثقافية.
أدب الطفل هو مزيجٌ من دهشة الخيال، وبهجة الألوان، قصص تحلّق بروح الطفولة لتفتح لها عالمًا من الأبواب السرية، نلج منها عندما نقلّب الصفحات لنروي الحكاية، فنعيشها ونمضي في دروبها.
نقرأ فيها قصص منازل الفطر العجيبة التي سكنت الغابات البعيدة، والتي تعيش فيها تلك الكائنات الصغيرة وقد باتت الآن تستعد لاستقبال فصل الربيع، فالشتاء يا صديقي الصغير في الغابةِ قاسٍ، تأوي فيه الكائنات إلى مساكنها وتغط في سباتٍ طويل، فالربيع موسم مهم، وحدث يُرتقب، تكون فيه الغابة خضراء نضرة، والأبواب الصغيرة قد عُلّقت عليها أقواس الزهور، والأجراس رنانة، والنوافذ مشرعة، وعليها وضعت فطائر التفاح، وقطع الكعك، واختلطت الأجواء برائحة الزهور العطرية مع رائحة الكعك الزكية، ولو أرهفت السمع يا صاحبي لسمعت ضجيجًا يعلو، وصخباً يجلجل في وسط القرية، إنهم يجهزون حفلاً بهيًّا بهيجاً سيحضره الجميع.
ثم نقلب الصفحة فنرى منازل الحلوى، والساحرة الشريرة، وبطلنا الصغير يخوض العقبات، لكن لا بد أن يهزم الشر، وينتصر الخير.
في الصفحةِ الأُخرى سنرى الأرنب "بيتر" يلوّح بيده لنا.. "بيتر" الذي يعد كل سكان الغابة عائلته، ويسعى لمساعدة الجميع. وحتمًا سنقرأ في الصفحات الباقية عن الثعلب المكّار، والدب الكسلان، والعم فريد، والجدة سميحة، وستحدثنا الشجرة الحكيمة، وتهمس لنا الزهرة الرقيقة.
في أدب الطفل حيث لا حدود للمكان ولا للزمان؛ نثري العقول، ونبهج النفوس.
موضوعات أدب الطفل:
سيجيب أدب الطفل عن تساؤلات الصغار: من أنا، وماذا أريد، وماذا سأكون؟ وسيخرج من مُخيلات الصغار مكنوناتها ليبسطها في صفحات القصص. ستتوثق الصلة بينه وبين شخصيات الأبطال، لأنها تعكس شخصيته ورغباته، شغفه وطموحاته، آلامه وآماله، فالأبطال ليسوا مثاليين؛ فهم يخطئون ويفشلون، لكنهم يستمرون في المحاولة في سبيل تحقيق الأهداف.
سيزيد ارتباط الطفل بعائلته وبيئته بصحبة قصة "قبعة جدي" التي تتحدث عن العلاقة بين الجد والحفيد، حيث ستملأ أحداثُ القصة القلوب دفئًا، فتفيض حنانًا، وتثير العواطف الصادقة، ويتعلم الطفل معنى الحلم والمحاولة. وتمنحه الشجاعة لخوض تجارب جديدة برفقة "حكايا غصن ". ويكتسب بصحبة العديد من القصص معنى التفرد والاعتداد بالذات، وتقبّل الاختلاف، واحترام الآخرين أمثال قصة" البيضة والكعكة الذكية". ويتعلم الطفل أن يقرأ ويقرأ أكثر مع "الولد العجيب آكل الكتب". وستجد البسمة والسعادة محلها في قصة" تكشيرة"، وستعلو الضحكات معها ويعمّ السرور. كذلك ستحدثنا "ليلى والفيل" عن الصداقة والأصحاب، ونسافر عبر بساط سندباد لنعبر الأزمان ونزور الأمكنة، ونقطع المسافات لنتعرف على الشعوب والثقافات، ونقرأ أحاديث الأساطير ونأخذ العبر من التاريخ، ستخبرنا القصص بأننا أبطال خارقون للأبد إذا صدقت قلوبنا، ستدعونا لأن نتحلى بالأخلاق الفاضلة، وأن نتعامل باللطف، والتعاطف، والتكاتف، وستحذرنا من التنمر، والكذب، والخداع، والسلوكيات الخاطئة.
يتناول أدب الطفل العديد من المواضيع، وسيجد الطفل ضالته فيها، سينتقي من رياضها حكايةً يرويها بعذوبة بالغة ومتعة حاضرة.
تكوين قصص الأطفال:
تستند قصص الأطفال أولاً في تكوينها على الفكرة الملهمة لتطرح قيمًا هادفة، وتحمل رسالة سامية، يستنتجها الطفل من الأحداث الشيقة لا بالتوجيه المباشر، ثم تُحبك بلغة سليمة جزلة ميسرة، تمثلها شخصيات خيالية جذابة، لِتقدم خِتامًا جميلا في قالب فني ساحر.
أهمية أدب الطفل:
يهتم أدب الطفل بأن يترك أثرًا وبصمة ممتدة، وأن يرسم بسمة على محيا الأطفال، فهو يغرس البذرة الأولى التي تنمو فيهم يومًا بعد يوم، وعامًا بعد عام، ليتفيؤوا ظلالها، ويحصدوا قطافها، ويجنو ثمارها.
بالأدب نغوص إلى الأعماق لنستخرج اللآلئ الدفينة، والكنوز الثمينة، فتفتح لنا آفاقاً مديدة، وتجارب جديدة، ومدارك عديدة.
أدب الطفل يورث نماءً وبناءً، وفكرًا ومعرفة، ويثمر حصيلة لغوية أدبية، وذائقة فنية بديعة، وروحًا حالمة متجددة الإبداع.