الكتاب الاسود الملعون
في إحدى المدن الصغيرة، كانت هناك مكتبة قديمة تقع في زاوية شارع مظلم. كانت المكتبة مشهورة بكونها تحتوي على كتب نادرة وغريبة، ولكن أحد الكتب داخلها كان يُعتقد أنه ملعون: "الكتاب الأسود".
كان هذا الكتاب مخفياً في ركن بعيد من المكتبة، مغلفاً بجلد داكن، وخالياً من أي عنوان أو اسم مؤلف. كان يُقال إن الكتاب يحتوي على تعاويذ قديمة وقصص عن طقوس غامضة قادرة على استحضار قوى شريرة. لم يجرؤ أحد على فتحه، لأن الأسطورة تقول إن كل من يقرأه لن يبقى كما كان.
ذات يوم، دخل شاب يدعى يوسف إلى المكتبة. كان شغوفاً بالقراءة والبحث عن الأسرار المجهولة. عندما سمع عن الكتاب الأسود، أصبح فضولياً للغاية وأراد معرفة ما بداخله. قرر البحث عنه رغم التحذيرات التي سمعها من صاحب المكتبة، الذي كان عجوزاً حكيمًا، وقال له: “بعض الأسرار يجب أن تظل مدفونة. لا تقرأ هذا الكتاب إن كنت تقدر حياتك.”
لكن يوسف لم يعبأ بالتحذيرات. بعد بحث طويل، وجد الكتاب الأسود مخفياً خلف صف من الكتب المهترئة. شعر بارتعاش غريب عندما لمس غلاف الكتاب البارد. حمله معه إلى منزله، ولم يلاحظ أن الجو من حوله أصبح أكثر برودة.
في تلك الليلة، جلس يوسف في غرفته تحت ضوء شمعة، وبدأ بفتح الكتاب. كانت الصفحات مليئة برموز غامضة ولغة لم يستطع فهمها. وبينما كان يقرأ، بدأت أصوات غريبة تتردد في الغرفة، وكأن هناك من يهمس في أذنيه بلغة غير معروفة. بدأ يشعر بالدوار، ولكن فضوله دفعه للاستمرار.
كلما تعمق في القراءة، كانت الظلال حوله تزداد طولاً وكثافة. بدأ يشعر بوجود شيء غير مرئي يتحرك في الغرفة. فجأة، انطفأت الشمعة، وامتلأت الغرفة بالظلام الدامس. كان يمكن ليوسف أن يسمع دقات قلبه المتسارعة.
عندما أعاد إشعال الشمعة، صُدم لرؤية أن الكتاب قد تغيّر. لم تعد الصفحات مجرد رموز غامضة، بل أصبحت تحوي صوراً مروعة لمخلوقات مظلمة وطقوس شيطانية. والأسوأ من ذلك، كانت هناك صورته بين تلك الصفحات، محاطاً بالظلال.
في تلك اللحظة، أدرك يوسف أنه قد فتح بوابة لم يكن يجب أن تُفتح. بدأ يسمع أصواتاً تزداد ارتفاعاً، وكأن هناك أرواح شريرة تسعى للخروج من الكتاب. حاول إغلاقه، ولكن لم يستطع تحريك يديه، وكأن قوة خفية كانت تمنعه.
أصبح الكتاب يزداد حرارة، والرموز بدأت تتوهج بلون أحمر دموي. شعر يوسف بيد باردة تمسك بعنقه من الخلف، بينما بدأت الظلال حوله تتحرك بشكل مريع. أدرك أنه قد وقع في فخ الكتاب الأسود.
في محاولة يائسة، تذكر يوسف ما قرأه عن طقوس الطرد واستدعى ما تبقى له من شجاعة. بدأ بترديد كلمات تعلمها من كتب أخرى كان قد قرأها سابقًا. ومع كل كلمة، كانت الظلال تتراجع ببطء، ولكن الأصوات كانت تزداد صخبًا، وكأنها تقاوم.
في اللحظة الأخيرة، تمكن من إغلاق الكتاب بقوة، وتوقف كل شيء فجأة. عادت الغرفة إلى هدوئها، لكن يوسف لم يكن كما كان من قبل. شعر بأنه قد فقد جزءاً من روحه في تلك التجربة. كان الكتاب ما زال أمامه، ولكنه قرر أخيراً التخلص منه.
في اليوم التالي، عاد يوسف إلى المكتبة، وأعاد الكتاب الأسود إلى مكانه، متعهداً بعدم لمسه مرة أخرى. غادر المدينة ولم يعد أبداً، ولكن الأسطورة استمرت. بقي الكتاب الأسود في المكتبة، ينتظر القارئ الفضولي التالي الذي قد يكون ضحيته القادمة.
ومنذ ذلك اليوم، كان الزوار الذين يأتون إلى المكتبة يتحدثون عن الشعور الغريب الذي ينتابهم عندما يقتربون من ركن الكتب النادرة. ولكن لا أحد يجرؤ على فتح الكتاب الأسود، فقد أصبحت قصته درساً لمن يتحدى المجهول.
هل لديك رغبة في سماع المزيد من القصص أخبرني بتعليق ؟
مع تحياتي : غريب عادل