بيت في الصحراء
في ليلة مظلمة من ليالي الصحراء القاحلة، كان "سامي" يقود سيارته عائدًا من رحلة طويلة، حين تعطلت فجأة في وسط اللا مكان. تملّكه القلق مع حلول الليل، ولم يكن هناك أي إشارة على الهاتف، ولا أمل في المساعدة. بدأ يبحث في الظلام عن ملاذ حتى لاح في الأفق ضوء ضعيف، كأنه منزل وحيد في هذا الخلاء تردد قليلاً، لكن لم يكن أمامه خيار آخر، فبدأ يسير نحو المنزل. كان مهترئاً ومهجوراً بشكل مخيف، تحيطه نسمات صيف حارة تكاد تخنق الأنفاس، وتصدر من داخله أصوات غامضة. اقترب سامي بخطوات بطيئة، وأخذ يقرع الباب الذي كان يتأرجح كأن أحدهم دفعه قبله عندما دخل، شعر برائحة غريبة، كأنها مزيج من الغبار والعفن. عينيه تجولان في الغرفة، حيث لم يكن هناك سوى أثاث قديم متآكل. أخذ يتفحص المكان بحذر، فلاحظ وجود صور قديمة على الحائط لشخصيات تبدو كأنها تحدق فيه مباشرة. الأعين الباردة والمجمدة كانت تراقبه في صمت بينما كان يجول في أرجاء المنزل، شعر بشيء يراقبه. كلما أدار رأسه، كان يرى ظلًا يتبعه، حتى أنه سمع خطوات خفيفة تقترب منه. شعر بقشعريرة تسري في جسده، ورأى في طرف عينه امرأة طويلة ترتدي فستانًا أبيض، تقف عند باب الغرفة. كانت هادئة، لكن وجهها لا يظهر بوضوح في الظلام. حاول سامي أن يهدئ نفسه ويعتقد أنه يتخيل، لكنه لم يستطع منع نفسه من الارتجاف استدار بسرعة ليخرج من الغرفة، لكن الأبواب والنوافذ أُغلِقت فجأة، وكأن شيئًا يحاول إبقاءه داخل المنزل. حاول فتح الباب مجددًا بكل قوته، لكن صوتًا هامسًا قريبًا من أذنه جعله يتجمد في مكانه. همسات غامضة تتحدث بلغات قديمة غير مفهومة، وتزداد كثافة كلما حاول التحرك كانت تلك الهمسات تأتي من كل زاوية في المنزل، وكأن الجدران نفسها تنبض بالحياة وتحاصره. بدأ سامي يصرخ، لكن صوته كان يتردد كأن المكان يبتلع صرخاته. وفجأة، بدأت الأرضية تهتز تحت قدميه، والجدران تقترب ببطء، كأنها تسحقه بين قبضتها المرعبة. شعر سامي بقوة غريبة تجرّه نحو صورة لرجل على الحائط، يشبه إلى حد ما ملامحه، كأنه انعكاس لذاته لكن بعد سنوات وبينما كان يُسحب، لمح في الصور الأخرى وجوهًا تعبر عن ألم شديد، تخرج منها أرواحهم وتبقى عالقة بين الجدران. أدرك حينها أن هذا المكان ليس عاديًا، وأن من يدخل إليه لا يعود. كان المنزل يلتهم كل من يجده في طريقه، ليصبح جزءًا من كابوسه السرمدي وبينما كان سامي يغرق في الظلام، اختفى تمامًا، كأن شيئًا لم يحدث. وعندما انقشع الظلام في الصباح، عاد المنزل ليبقى وحيدًا في الصحراء، بانتظار ضحية جديدة تعبر الطريق.