رواية قرية العالين العجيبه

رواية قرية العالين العجيبه

تقييم 5 من 5.
1 المراجعات

 

سلسلة الروايات الممتعة 

 

image about رواية قرية العالين العجيبه

رواية عن قرية عالية القامة

كانت قرية "العالين" لا تشبه أي قرية أخرى على وجه الأرض. كل من فيها كانوا طوال القامة بشكل غير اعتيادي. بيوتهم كانت عالية، وسقوفها تصل إلى السماء، وأبوابهم ضخمة لدرجة أن الغريب يظنها بوابات حصون. أهل القرية، الذين كانوا يعرفون أنفسهم بـ "السامقين"، اعتادوا على هذا الطول. كانت حياتهم كلها مصممة لتناسب قاماتهم، من السلالم إلى الأدوات، لكن هذا الطول لم يكن مجرد ميزة فيزيائية، بل كان يمثل عبئًا روحيًا ثقيلًا. كان السامقون يشعرون بالوحدة بسبب بعدهم عن بقية العالم، حيث كانوا يرون العالم من منظور مختلف، مليئًا بالغيوم والنجوم، لكنه كان يفتقر إلى التفاصيل الصغيرة التي يراها الآخرون.

كان هناك شاب يدعى سام، كان أطول من الجميع. كان يرى قمة الجبل كمنظر عادي، ولكنه كان يشتهي رؤية ما يوجد تحت قدميه: الحقول الخضراء التي تمتد بعيدًا، والطيور التي تحلق تحتهم. كان يشعر بأن هناك شيء مفقود في حياته، شيء عميق لا يمكن الوصول إليه بالنظر من الأعلى.

image about رواية قرية العالين العجيبه

في أحد الأيام، قرر سام أن يغامر بالنزول إلى الوادي. كانت رحلته شاقة، ولكنه اكتشف أن هناك حياة أخرى، وأن هناك أناس يعيشون على مستوى مختلف تمامًا. تعلم منهم كيف يتحدثون عن الأشياء الصغيرة، وكيف يضحكون على النكات البسيطة، وكيف يشعرون بالفرح في الأشياء التي لم يكن يراها من الأعلى.

عندما عاد سام إلى قريته، كان قد تغير. عاد محملاً بالقصص، ليس عن الجبال الشاهقة أو الغيوم السابحة، بل عن رائحة الخبز الطازج من أفران القرويين، وعن أغنية قديمة كانت جدة صغيرة القامة تغنيها لأحفادها. في البداية، استمع أهل "العالين" إلى قصصه بشيء من الفضول الممزوج بالشك، ولكن سام لم ييأس. بدأ يزرع حقولاً صغيرة في قريته، مستخدماً ما تعلمه عن التربة من أهل الوادي. حقل الطماطم الأول كان إنجازاً عظيماً، فلون الطماطم الأحمر الزاهي أصبح نقطة جذب في القرية، وبدأ الأطفال يتذوقون طعمها الحلو للمرة الأولى.

لم يكن الأمر سهلاً، فقد كان البعض يرفض التغيير، ويرون أن هذا الانخفاض "المتزايد" في نمط حياتهم هو خيانة لتاريخهم الطويل. لكن تأثير سام كان يتجاوز الكلمات. كان يرى أن قاماتهم الطويلة لم تعد مجرد ميزة، بل أداة يمكن استخدامها بطرق جديدة. فبينما كان أهل الوادي يجدون صعوبة في قطف الفاكهة من أعلى الشجر، كان السامقون يفعلون ذلك بسهولة. بدأوا يتاجرون معهم، يتبادلون الفاكهة والنباتات التي يزرعونها في قريتهم، مقابل الحبوب والأدوات التي يحتاجها أهل "العالين".

شهدت القرية تحولاً بطيئاً وعميقاً. البيوت لم تعد تبنى فقط لأعلى، بل أصبحت لها شرفات تطل على الحقول، وبعضها كانت له أبواب تفتح على حدائق صغيرة. بدأ "السامقون" يدركون أن قاماتهم تمنحهم رؤية فريدة، ولكنها ليست الرؤية الوحيدة. تعلموا أن الحياة لا تكمن فقط في رؤية الأفق البعيد، بل في تقدير التفاصيل القريبة والعميقة. لم تعد قرية "العالين" معزولة، بل أصبحت محطة يمر بها المسافرون، يندهشون من قامات أهلها، لكنهم يبقون لأيام يستمتعون بكرمهم وقصصهم، ويتعلمون من حكمتهم التي تجمع بين الرؤية العالية والعمق الإنساني.

image about رواية قرية العالين العجيبه

كان سام، الذي كان يوماً ما يشعر بالوحدة بسبب طوله، قد أصبح الجسر الذي يربط بين عالمين. لقد اكتشف أن العمق الحقيقي لا يقاس بالمكان الذي تقف فيه، بل بما تراه بقلبك وتشاركه مع الآخرين.

كانت القرية تنمو وتزدهر، لكن في ليلة اكتمال القمر، بينما كان سام يتأمل الأفق من أعلى تلة في القرية، لمح في البعيد شيئًا غريبًا. كان وهجًا أزرق يتلألأ، قادمًا من أعماق الوادي الذي لم يزرّه أحد من قبل. لم يكن ضوء نار، بل كان يلمع وكأنه حجر كريم كبير. تسلل شعور غريب إلى قلب سام، شعورٌ بالخطر والإغراء في آن واحد. لقد كان يعلم أن ما يراه ليس من صنع الطبيعة، بل هو شيء لم يسمع عنه أحد من قبل.

ظل سام يحدّق في الضوء الأزرق الغامض، يشعر بأن شيئًا ما قد تغير للأبد. لم تكن هذه مجرد ظاهرة طبيعية يمكن تجاهلها، بل كانت دعوة صامتة لرحلة جديدة.

في الصباح التالي، جمع سام بعضًا من أصدقائه الموثوقين، وشاركهم ما رآه. كانت ردود أفعالهم متباينة؛ فالبعض كان خائفًا من المجهول، والبعض الآخر كان فضوليًا. لكن جميعهم وافقوا على شيء واحد: أن هذا الضوء ليس من أهل الوادي، ولا هو من أسرار قريتهم. كان شيئًا آخر تمامًا.

قرر سام أن يكتشف مصدر الضوء بنفسه. هذه المرة، لم يذهب بحثًا عن المعرفة، بل عن حقيقة غريبة تهدد السلام الذي صنعه في قريته. أخذ معه بعض الطعام والماء، ووضع في جيبه قطعة من الطماطم الحمراء التي زرعها بنفسه، كتذكير بجمال الحياة البسيطة التي يدافع عنها.

كانت الرحلة إلى أعماق الوادي أكثر صعوبة مما توقع. لم تكن المسارات واضحة، وكانت الأشجار تتداخل مع بعضها البعض، مما أجبره على استخدام قاماته الطويلة للعبور. بعد عدة أيام من السير، وصل إلى كهف مظلم يقع عند سفح جبل بعيد. كان الضوء الأزرق يتلألأ من أعماقه.

عندما دخل سام، وجد أن الكهف ليس فارغًا. كان مليئًا ببلورات زرقاء ضخمة، تنبض بالحياة وتشع نورًا. لم يكن هذا النور مجرد ضوء عادي، بل كان يهمس في عقله. كان يهمس عن قصة قديمة، عن شعب عاش في هذه الأرض قبل السامقين، وكان يمتلك قامات قصيرة جدًا.

اكتشف سام أن هذا الشعب كان يمتلك سرًا عظيمًا: قدرتهم على التحكم في هذه البلورات الزرقاء. لكنهم لم يستخدموا هذه القوة للخير، بل استخدموها للسيطرة على الطبيعة، مما أدى إلى كارثة أودت بحياتهم. البلورات، التي كانت مصدر قوتهم، تحولت إلى فخ، وحجزتهم داخل الكهف إلى الأبد.

أدرك سام أن الضوء لم يكن تهديدًا، بل كان تحذيرًا. كانت البلورات تطلب منه أن يحررها من لعنتها، وأن يعيد التوازن للطبيعة. كانت مهمته أعمق مما تخيل؛ لم تكن مجرد رحلة، بل كانت مهمة لإنقاذ كل من في الوادي، وكل من في قريته.

image about رواية قرية العالين العجيبه

هل سيتمكن سام من فك اللغز وتحرير البلورات من لعنتها؟ هذا ما سنعرفه في المقال الثاني تابعوني لتتعرفوا على عالمي .

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

3

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة
-