رحلة سلمى مع الفراشة الزرقاء

رحلة سلمى مع الفراشة الزرقاء

0 المراجعات

في صباح مشرق، كانت سلمى، الطفلة الصغيرة ذات السبعة أعوام، تستيقظ على زقزقة العصافير القادمة من حديقة بيتها. كانت تحب هذا الصوت كثيراً، فهو يذكّرها أن يوماً جديداً مليئاً بالمرح قد بدأ. ارتدت فستانها الوردي المزيّن برسوم الزهور، وخرجت مسرعة إلى الحديقة.

كانت الحديقة عالمها الخاص؛ الأزهار المتفتحة بألوانها الزاهية، الأشجار الطويلة التي تلمس أغصانها السماء، والفراشات الصغيرة التي تطير هنا وهناك. لطالما شعرت سلمى أن الحديقة مكان سحري يخفي أسراراً لم تكتشفها بعد.

وبينما هي تلعب وتقطف زهرة صغيرة لتضعها في مزهريتها، لمحت شيئاً غريباً. كانت هناك فراشة زرقاء لامعة، أجنحتها تشع كالنجوم، وكأنها قطعة من السماء نزلت لتلعب معها. لم تكن مثل أي فراشة رأتها من قبل، فقد كانت أكبر قليلاً وأكثر إشراقاً.

اقتربت سلمى ببطء، وهي تقول بصوت خافت:
– "يا لها من فراشة جميلة! أتمنى أن تبقى معي."

لكن الفراشة لم تبقَ مكانها، بل طارت في دوائر حول سلمى، ثم اندفعت للأمام كما لو أنها تدعوها للّحاق بها. توقفت الفراشة بعد خطوات، وكأنها تقول: "هيا، تعالي معي."

شعرت سلمى بالفضول وقررت أن تتبعها. عبرت بين الأزهار الحمراء والصفراء، مرّت بجانب شجرة الجميز الضخمة، وسمعت خرير ماء خفيف. فجأة، وجدت نفسها أمام بركة صغيرة لم تنتبه لوجودها من قبل. كان الماء صافياً يعكس صورة السماء والسحب البيضاء، والأسماك الملونة تسبح بداخله بسعادة.

جلست سلمى على العشب الأخضر الناعم، وأخذت تتأمل المكان. أما الفراشة، فاستقرت على زهرة بنفسجية قرب البركة، وبدأت ترفرف بجناحيها ببطء. شعرت سلمى أن شيئاً سحرياً سيحدث.

وفجأة، سمعت صوتاً رقيقاً يشبه الهمس:
– "مرحباً يا سلمى."

تلفّتت حولها، لكنها لم ترَ أحداً. زادت دهشتها عندما أدركت أن الصوت قادم من الفراشة نفسها! قالت الفراشة بصوت ناعم:
– "أنا لست فراشة عادية، بل حارسة هذه الحديقة. كنت أراقبك منذ زمن، وأرى أنك تحبين الطبيعة وتلعبين معها بلطف."

فتحت سلمى عينيها دهشة، وقالت:
– "أيمكنك التحدث حقاً؟ هذا أمر عجيب! كنت أظن أن الفراشات لا تفعل سوى الطيران."

ضحكت الفراشة وقالت:
– "الأغلب صحيح، لكنني مختلفة. جئت اليوم لأعلمك شيئاً مهماً. الطبيعة تحتاج إلى أصدقاء حقيقيين يحمونها."

اقتربت سلمى بحماس وسألت:
– "وكيف أكون صديقة للطبيعة مثلك؟"

أجابت الفراشة:
– "هناك ثلاث وصايا بسيطة، إذا التزمتِ بها ستصبحين حارسة صغيرة مثلّي:

لا تقطفي الأزهار كلها، بل اتركي بعضها للفراشات والنحل.

لا تتركي القمامة أبداً في الحديقة أو في أي مكان.

ازرعي شجرة أو زهرة كلما استطعتِ، فالنباتات تمنح الحياة للجميع."

ابتسمت سلمى وقالت بحماس:
– "أعدك أن أتبع هذه الوصايا، وسأخبر أصدقائي بها أيضاً!"

أضاءت الفراشة بضوء ساطع للحظة حتى كاد يغمر المكان، ثم رفرفت عالياً واختفت بين الأشجار. بقيت سلمى جالسة تتأمل السماء وتفكر: "لقد حصلت اليوم على سر جميل سأحمله معي دائماً."

حين عادت إلى البيت، روت القصة لوالدتها. ابتسمت الأم وقالت:
– "ربما كان خيالك الواسع هو من نسج هذه الحكاية، لكن ما تعلمته مهم جداً يا سلمى."

أجابت الطفلة بثقة:
– "حتى لو لم يصدقني أحد، سأظل أحافظ على الطبيعة، لأنني أعلم أن الفراشة الزرقاء تراقبني."

ومنذ ذلك اليوم، بدأت سلمى تغير عاداتها. لم تعد تقطف الأزهار كلها كما كانت تفعل، بل تكتفي بزهرة واحدة فقط. صارت تجمع القمامة الصغيرة من الحديقة وتضعها في سلة خاصة. حتى أنها زرعت زهرة بنفسجية صغيرة قرب البركة، وقالت لنفسها: "هذه هدية للفراشة الزرقاء."

مرت الأيام، وصارت سلمى أكثر حباً للطبيعة. وكلما رأت فراشة تحلّق حولها، شعرت أن الفراشة الزرقاء عادت لتطمئن عليها وتشجعها على الاستمرار.


الدروس المستفادة من القصة

الطبيعة أمانة يجب الحفاظ عليها.

عدم قطف كل الأزهار يجعل للحياة توازناً أجمل.

النظافة جزء أساسي من حماية البيئة.

زرع شجرة أو زهرة عمل بسيط لكنه يصنع فرقاً كبيراً.

الطفل الذي يحب الطبيعة يصبح قدوة لأصدقائه.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة