
الأرنب الصغير والشجرة الكبيرة
في صباح مشرق من أيام الربيع، استيقظ الأرنب الصغير "لولو" مبكرًا جدًا. فتح عينيه اللامعتين وهو يشعر بطاقة كبيرة ورغبة في اللعب والاستكشاف. خرج من بيته الصغير المحفور بين جذور شجرة قديمة، وألقى التحية على أمه التي أوصته أن ينتبه لنفسه وألا يبتعد كثيرًا في الغابة. هز لولو رأسه بحماس وقال:
– لا تقلقي يا أمي، سأكون حذرًا، وسأعود قبل غروب الشمس.
انطلق الأرنب يقفز هنا وهناك، فرحًا بزهور الربيع الجميلة التي تفتحت بألوان زاهية، وبالفراشات الملونة التي كانت ترقص في الهواء. وبينما كان يجري ويلعب، شعر أن الشمس بدأت تزداد حرارة، حتى صار العرق يتصبب من جبينه الصغير. توقف قليلاً وقال في نفسه:
– آه! لقد تعبت… الجو حار جدًا اليوم. أحتاج إلى مكان أستريح فيه بعيدًا عن هذه الشمس القوية.
بدأ لولو يبحث عن مكان للظل. اقترب من صخرة كبيرة، لكنه وجد أن ظلها صغير لا يكفي. ثم حاول الجلوس بين الأعشاب الطويلة، لكنها لم تكن تمنحه أي حماية. ظل يبحث ويمشي وقتًا طويلًا حتى لمح في آخر الغابة شجرة ضخمة جدًا، أوراقها خضراء كثيفة، وأغصانها تمتد كأنها أذرع مفتوحة للترحيب بكل من يقترب منها.
ركض الأرنب بكل سرور نحوها، وعندما وصل قال بصوت متعب:
– مرحبًا أيتها الشجرة الكبيرة، هل يمكن أن أجلس تحت ظلك قليلًا؟
ابتسمت الشجرة وقالت بصوت حنون:
– أهلاً بك يا صغيري، لقد خُلقتُ لأمنح الراحة لكل من يحتاج إليها. تعال اجلس هنا وستشعر بالانتعاش.
جلس الأرنب تحت ظلها الكثيف، وشعر بنسيم عليل يمر من بين أوراقها، فتنفس بعمق وقال بامتنان:
– شكرًا لكِ أيتها الشجرة الطيبة، لقد أنقذتني من الحر.
وبينما كان لولو يستمتع بالظل، جاءت عصفورة صغيرة تبحث عن مأوى. بدت متعبة من الطيران تحت أشعة الشمس. اقتربت بخجل وسألت:
– هل تسمح لي بالجلوس معك؟
أجابها الأرنب مبتسمًا:
– بالتأكيد، اجلسي هنا بجانبي، فالظل واسع لنا جميعًا.
جلست العصفورة وبدأت تغني بصوت جميل، فشعر الأرنب بسعادة أكبر. وبعد لحظات، ظهر قنفذ صغير يتقدم ببطء وهو يلهث من التعب. قال بصوت متقطع:
– هل… يمكنني… الانضمام إليكما؟
رحب به الأرنب قائلًا:
– نعم، تعال يا صديقي، الظل يكفينا جميعًا.
جلس القنفذ معهم، وبدأوا يتحدثون عن مغامراتهم في الغابة. ضحكوا كثيرًا، وغنت العصفورة لهم ألحانًا جميلة. أحست الشجرة بسعادة كبيرة وهي تراهم يجلسون بسلام تحت ظلها.
وفجأة، سمعوا صوتًا ضعيفًا قادمًا من بعيد. انتبه الجميع وقال الأرنب:
– هل سمعتم ذلك؟ يبدو أن هناك من يحتاج إلى مساعدة!
انطلقوا جميعًا يبحثون عن مصدر الصوت، حتى وجدوا سلحفاة صغيرة عالقة بين أغصان متشابكة سقطت عليها من شجرة أخرى. كانت تحاول الخروج لكنها لم تستطع. أسرع الأرنب والعصفورة والقنفذ لمساعدتها. قام الأرنب بشد الأغصان بقدميه، بينما القنفذ حاول دفعها من الخلف، والعصفورة شجعتهم بأغنيتها. وبعد جهد كبير، تمكنوا من تحرير السلحفاة.
قالت السلحفاة بصوت ممتن:
– شكرًا لكم يا أصدقائي، لقد أنقذتم حياتي. أنتم حقًا فريق رائع.
ضحك الأرنب وقال:
– لا شكر على واجب، فنحن أصدقاء، والأصدقاء دائمًا يساعدون بعضهم البعض.
عادوا جميعًا إلى ظل الشجرة الكبيرة، وجلست السلحفاة معهم. صارت المجموعة الآن أربعة أصدقاء، يلعبون ويضحكون معًا. قضوا وقتًا ممتعًا، وتعلم الأرنب درسًا جديدًا، وهو أن التعاون يمكن أن ينقذ حياة الآخرين.
مع مرور الوقت، بدأت السماء تتغير، وجاءت غيوم داكنة تنذر بمطر قريب. خاف الأرنب قليلًا، فقالت له الشجرة:
– لا تقلق يا صغيري، أوراقي ستوفر لكم المأوى من المطر. ابقوا قريبين مني وستكونون في أمان.
وبالفعل، حين بدأ المطر يتساقط، احتمى الجميع تحت أغصان الشجرة الكثيفة. كانت قطرات المطر تتساقط بلطف فوق الأرض بينما ظل الأرنب وأصدقاؤه في مأمن. شعروا بالدفء والأمان، وعرفوا أن هذه الشجرة ليست فقط مصدر ظل، بل أيضًا بيت يحميهم من المطر.
بعد أن توقف المطر وظهرت قوس قزح جميل في السماء، وقف الأرنب مبتسمًا وقال:
– كم أنا محظوظ لأنني وجدت هذه الشجرة، ولأنني التقيت بكم يا أصدقائي. لقد تعلمت اليوم أن الحياة أجمل حين نتشاركها مع الآخرين.
ضحك الجميع، وغنّت العصفورة أغنية عن الصداقة، وقالت السلحفاة:
– نعم، فكل واحد منا كان ضعيفًا وحده، لكن معًا أصبحنا أقوياء.
وعندما بدأ الليل يقترب، وقف الأرنب مودعًا وقال:
– يجب أن أعود الآن إلى أمي قبل أن تقلق عليّ.
ردت الشجرة بصوت حنون:
– وداعًا يا صغيري، عد متى شئت، فأنا دائمًا هنا.
عاد الأرنب إلى بيته وقلبه مليء بالحب والامتنان. أخبر أمه بكل ما حدث، وكيف أن التعاون والصداقة أنقذوا السلحفاة، وكيف أن الشجرة الكبيرة منحته الأمان. ابتسمت أمه وقالت:
– أحسنت يا بني، هذا هو المعنى الحقيقي للحياة: أن نساعد بعضنا البعض ونشكر نعم الله علينا.
نام الأرنب تلك الليلة سعيدًا، وحلم بمغامرات جديدة مع أصدقائه تحت ظل الشجرة الكبيرة