
رواية " ظل الماضي الذي لم يمت " الجزء الاول
رواية ظل الماضي الذي لم يمت
- الصفعة الأولى

صمت القاعة كان أشبه بغطاء ثقيل لا يقطعه سوى صوت القاضي وهو يقرأ الحكم "براءة!" كانت الكلمة التي انتظرها عمر لثلاث سنوات كاملة لكنها عندما سمعها لم يشعر بالانتصار بل بشعور غريب من الفراغ .
خرج من قفص الاتهام رجلًا حرًّا في الظاهر لكنه لا يزال سجينًا في داخله .
تهمة قتل زوجته، سارة كادت أن تدمر حياته .
النيابة لم تستطع إثبات شيء والادلة كانت ظرفية ضعيفة لكن نظرات الشك من عائلتها وأصدقائه ستلازمه إلى الأبد .
في شقته الباردة التي بدت وكأن الوقت توقف فيها منذ ليلة اختفاء سارة حاول عمر أن يعود إلى حياته الطبيعية . لكن كل غرض كان يذكره بها صورتها على رف الموقد فنجان القهوة الخاص بها الذي لم يجرؤ على غسله، عطرها الذي لا يزال عالقًا في أريكة الجلوس. كان الجنون يتربص به على الحافة .
وفي ليلة مطيرة، بينما كان يفرش أكوامًا من الأوراق القانونية الخاصة بقضيته، انزلق مظروف بني اللون من بينها .
لم يتعرف عليه كان بداخله صورة واحدة فقط صورة قديمة لسارة في رحلة جامعية قبل عشر سنوات تقف بجانب شاب يلبس نظارة طبية سميكة يمسك بيدها ويبتسم ابتسامة عريضة .
كتب على ظهر الصورة بخط أنيق "لم تكن تعرف حقيقتك أبدًا. البحث في ماضيها سيكشف لك من قتلها حقًا .
ابدأ من “ الفراشة الزرقاء .”
لم يكن عمر يعرف هذا الرجل من قبل ومن أين أتت هذه الصورة؟ وما معنى "الفراشة الزرقاء"؟ كان الأمر بمثابة صفعة طوال فترة المحاكمة ركّز الجميع على دوافعه المفترضة ولم يبحث أحد في ماضي سارة البعيد .
شعر لأول مرة بأنه لم يكن يدافع عن براءته فقط بل كان مطاردًا للقبض على القاتل الحقيقي .
- في أعشاش الفراشات
"الفراشة الزرقاء" لم تكن كلمة عشوائية. بعد بحث مضنٍ تذكر عمر أن سارة كانت تتحدث أحيانًا عن مقهى صغير بهذا الاسم كانت تتردده عليه في أيام الجامعة كان ملتقى للفنانين والكتاب الصغار .
كان المقهى لا يزال موجودًا في زاوية ضيقة بمدينة الثقافة .

دخل عمر المقهى رائحة البن القديم والكتب العتيقة تفوح في الجو. جلس في ركن مظلم، يشيح بوجهه خوفًا من أن يُعرف. بعد أن شرح الأمر لمالك المقهى العجوز، الذي بدا متعاطفًا مع مأساته، أخبره الرجل العجوز بنبرة حزينة: "سارة كانت مختلفة جميلة وموهوبة مثل فراشة .
لكن حتى أجمل الفراشات تجذب العثّ المؤذي ."
أشار له العجوز نحو رفوف مليئة بدفاتر وزوايا للزبائن القدامى .
قال إن بعض الطلاب كانوا يتركون رسائل أو يومياتهم هنا كطريقة رومانسيه للتواصل .
بعد ساعات من البحث بين دفاتر مغبرة مليئة بقصائد حب وجد عمر دفترًا أسود صغيرًا عليه ملصق فراشة زرقاء
كان اسم سارة مكتوبًا عليه .
كان الدفتر مفخخة صفحاته كانت سيرة ذاتية لعلاقة حب عاصفة مليئة بالمشاعر الجياشة والوعود الأبدية ولكن أيضًا بالخوف والقلق .
كانت تكتب عن حبها لشاب اسمه "نادر"، الذي يطابق وصف الشاب في الصورة لكن النبرة تغيرت في الصفحات الأخيرة .
كتبت : "أخاف منه
اكتشفت جانبه المظلم يريد أن يسيطر على كل شيء في حياتي. يجب أن أهرب. هو قال إذا تركتُه سيدمر كل ما أحبه ."
نادر الاسم كان مثل صاعقة لعمر ، من هو هذا الرجل؟ وأين ذهب؟ ولماذا لم تذكره سارة أبدًا خلال زواجهما ؟
- الظل يتحرك

لم يكن البحث عن نارد مهمة سهلة .
لقد اختفى مثل الدخان من خلال أصدقاء قدامى في الجامعة اكتشف عمر أن نارد كان عبقريًا انطوائيًا في مجال التكنولوجيا غادر البلاد بعد تخرجه بوقت قصير .
كانت الشائعات تقول إنه كان يعمل في مشاريع أمنية سرية لشركات كبرى مما جعل من الصعب تتبع أثره .
لكن عمر لم يستسلم جنونه في البحث عن الحقيقة كان وقوده الوحيد من خلال خدعة تقنية بسيطة (تظاهر بأنه زميل جامعي قديم يريد تنظيم لقاء) تمكن من الحصول على بريد نادر الإلكتروني .
كانت رسالته قصيرة ومباشرة : “أعرف من أنت توقف عن البحث أنت لا تعرف في ماذا تتورط .”
التهديد لم يثنِ عمر، بل أقنعه أنه على الطريق الصحيح كان نارد يعرف كل شيء كان يراقبه .
بعد أيام بينما كان عمر يعود إلى شقته ليلاً شعر بأنه يُتْبَع خطوات خفيفة تتلاشى عندما يدور في مصعد المبنى رأى انعكاسًا سريعًا لرجل يقف خلفه يرتدي قبعة سوداء .
عندما التفت لم يكن هناك أحد لكن على حائط المصعد رسالة مرسومة برذاذ أحمر : “ الموت خيارك .”
الخوف تسلل إلى قلب عمر، لكنه اختلط بإحساس غريب بالانتصار. الظل خرج من مخبئه .
هو الآن يعلم أن نارد هنا في المدينة .
- الورطة الأعمق
لم يعد الأمر مجرد انتقام أو تبرئة للذمة أصبح معركة بقاء لجأ عمر إلى المحقق الخاص الذي ساعده خلال المحاكمة الرجل الذي لم يقتنع أبدًا بذنبه .

كان المحقق محمود رجلاً عمليًا متشككًا لكنه يمتلك موهبة غير عادية في رؤية ما لا يراه الآخرون .
عندما أخبره عمر بالقصة كاملة وبالرسالة التهديدية تجهم وجه محمود .
قال : “هذا ليس مجرد رجل غيور التخطيط هنا محترف ترك لك الصورة كطعم هو يريدك أن تبحث هو يستمتع باللعبة .”
من خلال قنواته الخاصة بدأ محمود في حفر أعمق في خلفية نادر ما اكتشفه كان مرعبًا نادر لم يكن مجرد مبرمج .
لقد كان هاكرًا عبقريًا ومتخصصًا في التلاعب النفسي وانتحال الشخصيات .
كانت هناك شكوك حول تورطه في عدة جرائم انتحار لشخصيات عامة لكن لم تكن هناك أدلة ملموسة أبدًا كان شبحًا .
الأخطر من ذلك أن محمود اكتشف أن نارد كان على علاقة بسارة حتى قبل زواجها من عمر بفترة قصيرة .
وكان هو من قدم لها عرض العمل في الشركة التي التقت فيها بعمر وكأنه كان يخطط لكل شيء من البداية .
قال محمود لعمر : “هو لم يقتلها لأنها تركته هو قتلها لأنها اختارتك والآن بعد أن برأتك المحكمة يريد أن ينهي اللعبة بطريقته أنت الفريسة الجديدة .”
الفصل الخامس الهاوية :ـ
قرر عمر ومحمود أن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع باستخدام يوميات سارة كدليل وخطة محبوكة حاولوا استدراج نادر إلى الفخ .
نظموا لقاءً مزيفًا في مقهي "الفراشة الزرقاء" حيث سيقابل عمر "شاهدًا جديدًا" مزعومًا لديه معلومات حاسمة عن القضية .
كان المقهى شبه خالٍ ذلك المساء التوتر كان يعتصر قلب عمر فجأة انطفأت الأنوار سمع عمر صوت خطوات متسارعة ثم صراخ محمود من الخارج يتبعه صوت اشتباك ثم صمت مطبق .

عندما عادت الأنوار كان المقهى فارغًا على الطاولة أمام عمر كان هناك هاتف محمول قديم رن الهاتف عندما أجاب سمع صوتًا معدنيًا باردًا صوت نارد : “لطيف جدًا تعتقد أنك الأذكى في الغرفة؟ كل حركة من حركاتك كل فكرة خطرت ببالك كنتُ أعرفها قبل أن تعرفها أنت محمود في مكان آمن في الوقت الحالي إذا أردته أن يعود عليك أن تأتي إلي بمفردك العنوان على الهاتف .”
كان عمر يعلم أنها فخ يعلم أنها نهايته المحتملة لكنه لم يستطع التخلي عن الرجل الذي خاطر بحياته من أجله .

نظر إلى صورة سارة على شاشة الهاتف المحمول ثم خرج إلى الظلام مصممًا على إنهاء ما بدأه ومواجهة الظل الذي سرق منه كل شيء .
يتبع..............!!
( لمعرفة ما إذا كان عمر سينقذ محمود ويدفع ثمن براءته؟ وكيف سيواجه العبقري الشرير نارد في عرينه؟ وكيف سيكشف الأسرار المظلمة التي دفنت مع سارة؟ تابع الرواية المثيرة في الجزء القادم التي ستكشف عن مفاجآت لا يمكن توقعها! )