بين نبضين :حكاية عمر وليلى الجزء الحادي عشر
الجزء الحادي عشر – “غيرة مش محسوبة”

الجو كان باين عليه يوم مش طبيعي، والناس في المدرسة كانت لسه بتتكلم عن الفيديو اللي انتشر.
الضحك والوشوش حوالين عمر وليلى ما بطلوش، وكل كلمة بتوجع أكتر من التانية.
عمر داخل من باب المدرسة بخطوات تقيلة، عيونه بتدور على ليلى، وهو حاسس إن الكلام اللي بيتقال وراه بيولّع الدنيا.
كريم جري عليه وقال:
«يا عم هدّي، سيب الناس في حالها.»
عمر رد وهو بيكتم غضبه:
«اللي بيضحك النهارده، بكرة هيتكلم عن غيرنا. بس أنا اللي يوجعني إنها اللي بتتأذي.»
كريم حط إيده على كتفه وقال:
«طول ما أنت واثق فيها، متخافش من الناس.»
دخلوا الفصل، ليلى كانت قاعدة في أول الصف، بتحاول تركز بس ملامحها باينة إنها مش بخير.
ملك قاعدة وراها، ماسكة الموبايل وبتبص عليهم بنظرة فيها شوية غيرة وشوية خبث.
ضحكت فجأة وقالت لصاحبتها بصوت عالي يكفي إن الكل يسمع:
«هو الحب بقى رسمي كده في المدرسة؟!»
الطلبة ضحكوا، وليلى وشها احمر وهي ساكتة.
عمر اتلفت وقال بحدة:
«ملك، لو عندك حاجة مفيدة قوليها، غير كده خلي سكوتك مفيد.»
ضحكت وقالت:
«أيوه يا أستاذ عمر، حاضر.»
خلصت الحصة والجو متوتر. عمر حاول يقرب من ليلى وقالها:
«ما تركزيش معاها، هي بتدور على وجعك.»
ردّت بصوت خافت:
«مش فارق، اللي وجعني أكتر إننا بقينا حكاية للناس.»
«ليلى، متخافيش، أنا وعدتك مش هسيبك.»
«بس يا عمر، كل وعد ليه تمن، وأنا بدأت أتعب من تمن الوعود.»
وهي بتتكلم، دخل عليهم ولد جديد اسمه باسل.
شاب طويل، لبسه شيك، وابتسامته واثقة.
قال وهو بيقرب منهم:
«صباح الخير، أنا باسل… جديدة هنا. ممكن أطلب مساعدتكم في الفيزياء؟»
ليلى ردّت بلُطف:
«أكيد، مفيش مشكلة.»
باسل: «شكراً جدًا، شكلكم كلكم شطار.»
عمر بص له بنظرة فيها توتر وقال:
«على قدنا يا باشا، لو عايز أي حاجة كلم الأستاذ مش إحنا.»
ضحك باسل وقال:
«تمام يا نجم، ما تزعلش.»
ملك من وراهم كانت بتتابع الموقف بعينين بتلمع، وقالت لصاحبتها وهي بتهمس:
«شايفة؟ أول شرارة غيرة.»
في الفسحة، ليلى كانت قاعدة مع سارة وكريم، بتحاول تنسى اللي حصل.
سارة قالت:
«بصراحة يا ليلى، باسل شكله مؤدب وهادئ.»
كريم ضحك وقال:
«هادئ إيه؟ ده شكله داخل بنية مريبة.»
ليلى ردّت:
«سيبوه في حاله، هو بس جديد وبيحاول يتأقلم.»
وفجأة باسل جه، بابتسامة هادية وقال:
– «ليلى، ممكن أشوف كشكول الفيزياء؟ كنت محتاج أراجع شوية ملاحظات.»
«آه طبعاً، خده.»
وقرب منها وهو بياخد الكشكول، مسافة صغيرة بس كفاية تخلّي عمر – اللي كان داخل عليهم – يقف مكانه متجمد.
صوته خرج غصب عنه:
«يا باسل، ممكن تبعد شوية؟»
باسل اتفاجئ وقال:
«ها؟ أنا بس بطلب الكشكول.»
عمر: «طلبته خلاص، مش لازم توقف كده.»
ليلى بصت له بنظرة زعل:
«عمر! هو ما عملش حاجة غلط.»
«ما عملش؟ هو لازم يلمسك علشان أتكلم؟!»
ملك كانت بتضحك في الخلفية:
«أهي الغيرة الحقيقية طلعت.»
الجو بقى سخن، والكل سكت.
ليلى قامت وقالت بعصبية:
«أنا مش هكمّل الكلام ده دلوقتي.»
وسابتهم ومشيت.
عمر حاول يلحقها بعد المدرسة، ناداها:
«ليلى، استني!»
لفتت له بعينين فيها دموع:
«هو إيه اللي حصل؟ كنت فاكرة بتحبني، مش بتحبسني!»
«أنا مش بحبسك، أنا بخاف عليكي.»
«الخوف ده هيخنقني، أنا عايزة حد يطمني مش يرائبني.»
«أنا بس… غيران، ومش قادر أتحكم.»
«غيرتك مش محسوبة يا عمر، الغيرة اللي مافيها ثقة بتكسر.»
سابت الكلمة دي ورجعت تمشي. عمر وقف مكانه، مش عارف يرد.
كل حرف منها كان زي سهم.
في الوقت ده، ملك كانت قاعدة في بيتها، ماسكة الموبايل، وبتبعت رسالة لباسل:
“اللي حصل النهارده عجبني. خليك قريب من ليلى شوية، هتشوف بعينك ازاي هيتجنن.”
باسل رد وهو متردد:
“ملك، إنتِ بتلعبي لعبة مش نظيفة.”
“يمكن… بس أوقات اللعب هو اللي بيكشف الوشوش الحقيقية.”
ضحكت وهي تبص في المراية وقالت:
«هخليهم يكرهوا بعض من غير ما ألمسهم.»
تاني يوم، ليلى كانت قاعدة في كافيه صغير مع سارة، بتحاول تفكر بعقلها.
سارة قالت:
– «عمر بيحبك، بس يمكن طريقته غلط.»
«اللي بيحب لازم يعرف يطمن مش يخوف. أنا حسيته بعيد أوي عني.»
وفجأة باسل دخل الكافيه.
«يا صدفة حلوة! ينفع أقعد؟»
«آه، تفضل.»
قعد جمبهم، واتكلم عادي جدًا، بس في لحظة قرب منها شوية علشان يشوف ورقة كانت في إيدها.
ملك، اللي كانت قاعدة في الكافيه بعيد، طلعت الموبايل وصورتهم خلسة.
ابتسمت وهي تقول لنفسها:
«خدنا اللقطة.»
في اليوم اللي بعده، الفيديو كان على الجروب.
العنوان: “ليلى في الكافيه مع باسل!”
الناس بدأت تتكلم، والكلام كالعادة زاد.
عمر شاف الفيديو، عيونه ولعت.
كريم قال له:
«أكيد صدفة يا عمر.»
«مافيش صدفة بالشكل ده يا كريم!»
«فكر بعقلك قبل ما تظلمها.»
«أنا مش ظالمها، بس ليه دايمًا الظروف بتجيبها في الموقف الغلط؟!»
خرج من المدرسة بسرعة، راح على بيت ليلى.
قابلها وهي خارجة من البوابة.
قال لها بنبرة متوترة:
«الفيديو اللي نزل ده إيه؟!»
«هو ده اللي كنت مستنّيه؟ تشوفني في لقطة وتصدق إنك كنت صح؟!»
«أنا بس بسأل!»
«ولا حتى سألتني بهدوء… أول كلمة في وشّي كانت شك.»
«أنا شوفت بعيني.»
«وشوفت قلبك فين؟ ولا خلاص؟ الغيرة غطت عليه؟»
«أنا… أنا اتجننت لما شوفتك معاه.»
«يبقى الغيرة دي مش حب، دي خوف.»
سكت لحظة، وبصت له نظرة مليانة وجع:
«أنت أول مرة غيرتك كانت محسوبة، المرة دي لأ… كسرتني.»
رجعت تمشي، ودموعها نازلة.
عمر وقف مكانه، مسك شعره بعصبية وقال:
«أنا السبب في كل ده.»
وفي اللحظة دي، صوت من وراه قال بهدوء:
«أيوه، إنت السبب فعلاً.»
لف ورا لقى ملك واقفة، ماسكة الموبايل، وبتبص له بنظرة باردة.
«هي اللي اختارت تمشي بعيد، مش كده؟»
«ملك، إنتِ إيه حكايتك؟!»
«أنا؟ ولا حاجة… بس كنت مستنية اللحظة دي من بدري.»
«ليه؟!»
«علشان كنت عايزة أشوفك لما تخسر اللي بتحبها.»
مشيت بعد الكلمة دي، وعمر وقف لوحده في ساحة المدرسة، والناس حوالينه بتمر عادي…
بس جواه كان في دوشة مشاعر، غيرة، ندم، ووجع.
رجع البيت بالليل، فتح الكشكول اللي بيكتب فيه دايمًا.
كتب بخط متوتر:
“الغيرة مش حب… الغيرة خوف من الفقد. بس اللي بيخاف زيادة… بيخسر برضه.”
وقف، وبص على صورته هو وليلى، وقال:
«هحارب الغلط اللي جوايا… حتى لو خسرت كل حاجة.»
نهاية الجزء الحادي عشر:
الغيرة كانت أول شرارة هزّت الثقة بين عمر وليلى،
بس اللي جاي… هيعلّمهم إن الحب الحقيقي مش مجرد وعد،
ده معركة مع النفس قبل ما يكون مع الناس.